إسرائيل تطبع ختمها الرسمي على ورقة الإبادة والترانسفير.. والعالم: نندد ونستنكر

جدعون ليفي

للمرة الأولى في تاريخ دولة إسرائيل، يتخد الكابنت السياسي الأمنيقراراً بشأن الإبادة. خطة نتنياهو لاحتلال قطاع غزة، التي لن يحتج أحد عليها في الكابنت، تعني قتل آلاف الأشخاص وتدمير ظروف عيش لأكثر من 2 مليون شخص، وتدمير المنطقة المكتظة بالسكان، التي عاش فيها أشخاص، ولكنهم الآن لم يعودوا موجودين.

إذا تم تنفيذ الخطة بالكامل، فسيتم تذكر هذا اليوم كيوم أعطي فيه أمر الإبادة. ربما سيتعلمون عن هذا اليوم في كتب التاريخ، مثلما تعلموا عن تواريخ أخرى تقرر فيها مصير شعب ما. أسماء الذين سيتخذون القرار سيخلدون بالسوء إلى الأبد.

هذه المرة ستتم إزالة القناع الأخير. لا أحد سيتعامل بجدية بعد الآن مع أقوال الهراء عن تدمير حماس أو تحرير المخطوفين. أمر الإبادة الذي سيعطى اليوم سيحكم بالإبادة، لكن ليس لحماس. سيكون الضحايا الفوريون حفنة المخطوفين الأحياء، وسيتبعهم مصير جميع الأشخاص العاجزين في قطاع غزة.

إذا بقي أعضاء حماس في قطاع غزة، فسيكونون آخر المتضررين. مواجهاتهم العسكرية مع الجيش لم تعد موجودة منذ زمن. عندما تنطلق الدبابات الإسرائيلية بسرعة نحو أنقاض غزة، وتقصف الطائرات الأنقاض في رفح، ويصاب الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى والمعاقون ومبتورو الأطراف، فإن من نجحوا في البقاء على قيد الحياة حتى الآن لن يكون لهم أي ملاذ من نيران المدافع والمسيرات التي لا تميز. إذا بقي أي أحد من مقاتلي حماس، فسيبقون في أماكنهم السرية التي لم ينجح الجيش الإسرائيلي في الوصول إليها خلال 22 شهراً، وهناك شك في أن ينجح في الوصول إليها الآن، بماذا يهم ذلك.

حماس هزمت عسكرياً وقويت سياسياً. الجولة القادمة لن تغير هذه الحقيقة الخالدة. عندما كتب يهودا عميحاي في قصيدة “ليلة السبت” عن حرب لن تتوقف، ربما لم يتخيل انها ستستمر إلى هذه الدرجة. لا يكفيها 60 ألف قتيل في قطاع غزة، ولا 20 ألف طفل غزي ولا 1000 رضيع قتلوا وجاعوا حتى الموت هناك.

لم يكفها 1000 جندي قتلوا، ولم تكفها معاناة المخطوفين وأبناء عائلاتهم. لم يكفها التدمير والتجويع ونقل مئات آلاف الأشخاص اليائسين من جهة إلى أخرى، لم يكفها هي ومن شنها: نتنياهو وشركاؤه، رئيس الأركان والضباط. الدلائل على ذلك ستطرح اليوم في الكابنت.

الأمر اليوم للجيش سيكون “تحرك، تحرك، انتهى”. تحرك، تحرك إلى نهاية قطاع غزة كمكان يمكن العيش فيه للجيل القادم على الأقل. هكذا ستبدأ خطة التطهير العرقي تتحقق. قرار اليوم سيبشر بالترانسفير. سيقرر الكابنت اليوم إعادة الاحتلال والتطهير العرقي للمناطق المحتلة.

سيكون هذا أيضاً القرار الأول من نوعه في تاريخ إسرائيل. خلافاً للتطهير العرقي في النكبة السابقة، ثمة حاجة إلى تفتيش الأرشيف لسنين من أجل البحث عن أمر صريح كهذا. هذا الأمر سيعطى اليوم، حتى لو بصورة غير مباشرة. في ظروف العيش في قطاع غزة، وقرار إعادة الاحتلال، سيضع أمام السكان الاختيار بين الموت أو الطرد. هذا ما تهدف إليه الحكومة، بدعم الولايات المتحدة وجزء واسع من الجمهور الإسرائيلي.

سيقرر الكابنت وسيصادق، والحكومة في أعقابه. لم يولد بعد الضابط الجريء في الجيش الإسرائيلي الذي سيضع رتبته إزاء الجرائم القادمة. وسائل الإعلام ستصفق، وستغطي أيضاً المعركة القادمة بمسرحية التصريحات. السؤال الوحيد العالق هو: ماذا سيفعل العالم؟ هل سيستمر في تنديداته و”الاعتراف بفلسطين” بدون أن يحرك ساكناً من أجل وقف حملة التدمير؟ العالم وحده هو القادر على وقفها، لا أحد في إسرائيل سيفعل ذلك. وماذا عن نتنياهو؟ ربما يشتاق إلى فترة محاكمته السعيدة في قاعات القاضية رفقة فريدمان – فيلدمان.

وسوم: العدد 1130