أليس منكم رجل رشيد ؟

نعمان فيصل

لم يعد عجيباً وأنت تختلط بالناس في قطاع غزة، وتتطلع بعيون شاخصة وقلوب مفتوحة وآذان واعية أن ترى وتسمع حديث التذمر والريبة والخوف الذي شمل الجميع تقريباً جراء الواقع المؤلم والأوضاع البائسة لمستوى حياة المواطنين في قطاع غزة على اختلاف طبقاتهم وفئاتهم، وشعورهم الجارف بالحرقة لفقدان النصير من القادة والفصائل في ظل استمرار الحصار الخانق والانقسام البغيض وغياب المصالحة الحقيقية على أرض الواقع واخفاق حكومة الوفاق الوطني، وعدم قدرتها على الوفاء بكل ما يتطلبه وجودها في الحكم بما يحسّن خدمة المواطن، ويكفل لهم العزة والكرامة، وفي ظل اهواء الفصائل والمنازعات الحزبية العنيفة المعطلة لقوى ومقدرات البلاد، ومطامع الرؤوس الكبيرة والأيدي الطويلة، وتفاقم معاناة سكان البيوت المهدمة بفعل العدوان الإسرائيلي في صيف عام 2014 على غزة، وعدم وجود آلية واضحة لإعادة الاعمار، والفشل الذريع في إيجاد آلية لحل مشكلة الكهرباء التي تضرب أطنابها على جميع مناحي الحياة منذ سنوات، وابتزاز المسافرين عبر معبر بيت حانون، وإلى غير ذلك من المشاكل والأزمات حتى وصل حال الناس إلى ما نراه عليه اليوم دون أحلام ودون آمال على وجه الضبط.

ولعل أغرب ما في الحالة الفلسطينية التي نعيشها اليوم حالة اللامبالاة التي اجتاحت قادة الشعب الفلسطيني على وجه التحديد تجاه الأزمات والمشاكل التي تعصف بالمواطنين في قطاع غزة، ومع ذلك ظلوا في غيهم سادرين، وباعتقادي أنه، ما لم يتوفر للمواطن المحروم الحد الأدنى من مستلزمات العيش الكريم، فلا يمكن أن يثق بقادته وفصائله، أو أن يشعر بروابط مادية تشده إلى وطنه ليدافع عنه وينهض به.

أليس من حقنا نحن الفلسطينيين وجود رجل رشيد، يطوي صفحة مظلمة من تاريخ شعبنا؟ وأن يجعل هذا الشعب المتعب شعباً جديراً بالحياة، جديراً بالتقدم، وأن يسير نحو هذا الهدف بدون مواربة وبدون مناكفات، وأن يصلح ما أفسده الدهر، ويسجل في سجل أعماله الوطنية الظفر بالمغلوبين على أمرهم من أبناء غزة، وتحطيم الأغلال التي تكبلهم بقيود ثقيلة، وأن يسعى إلى تحقيق وحدة الصف الفلسطيني، وأن يزهد في المال والمنصب والجاه، ويسير في حياته الخاصة سيرة المؤمنين المجدين الصادقين على غرار الخلفاء الراشدين في صدر الإسلام في حكم الرعية بالعدل، وفي السهر على مصالحها، وفي تحقيق هذه المصالح بأسرع وأحسن الطرق بأعز ما ترجوه، حتى لا يجد حاسده مغمزاً في نزاهته ولا في وطنيته ولا في جهده المتواصل في خدمة وطنه. ويكون مثار اعجاب الجميع واطرائهم، وموضع احترامهم وتقديرهم؟.

وسوم: العدد 625