الأسدُ إذْ يُوغِلُ في الخصومة
كلَّما انتهت موجةٌ من موجات العنف؛ تنفس الناسُ الصُعداء، و حمدوا الله على ما لحقَ بهم من الخسائر في الأنفس و الممتلكات؛ غير أن الرئيس ( الطبيب ) يكون بصدد الإعداد لموجة أخرى أشدَّ إيلامًا، و أبلغ أثرًا.
لم يدخر الأسدُ في مواجهة السوريين أداة في ترسانته العسكرية، إلاَّ و جرَّبها في مجابهتهم، بدءًا من الصواريخ المحشوة باليورانيوم المُنضَّب ( الجنوب أفريقية )، مرورًا بالغازات الكيماوية، و ببراميل الموت، و مؤخرًا الصواريخ البالستية ( العنقودية الحرارية ).
إنّ ما شرع به من التدمير الممنهج للمرافق العامة، و البنى التحتية، التي تقدّر المؤسسات الدولية تكلفة إعمارها بما يزيد على ( 300 ) مليار دولار، أمرٌ لا يشي بأنّه يعي خطورة ما يفعل؛ فليس من السياسة إيغال في الخصومة إلى هذا المستوى.
فالدولُ و الجماعات المتخاصمة، تترك مجالاً للحلول الدبلوماسية، و الجلوس على طاولة المفاوضات، و الجيوشُ تبني لخصومها جسرًا من الذهب؛ إلاَّ هذا النظام فهو نسيج وحده، فهو يتعهّد لبوتين في رسالة التهنئة التي أرسلها له: بأنه ماضٍ في طريقه حتى سحق المعارضة، وأنه لن يوقف القتال في حلب.
و يردّ له بوتين التحية بحفل أوركسترالي في تدمر الأثرية، عزفت فيه الفرقة الروسية مقطوعات ( باخ )؛ في ذات الوقت الذي كان فيه الأسد يقصف مخيم الكمونة للنازحين في سرمدا، و يذهب ضحيته أكثر من ثلاثين مدنيًا.
قد يكون ما يقوم به الروس و الإيرانيون في سورية، مبررًا بحماية مصالحهم خارج أراضيهم، أخذًا بمبدأ الحرب الاستباقية، و لكن ما هو المبرر له فيما يُقدم عليه من هذا التدمير الممنهج لها: أرضًا، و شعبًا؟
ـ ألا يدرك حماة هذا النظام فداحةَ ما يقوم به صاحبهم، من أجل البقاء في قصر تشرين، غير آبهٍ بعار الدهر الذي سيلحق به و بهم؟
ـ هل يرضون أن يغلبَ عليهم شُذاذُ آفاقهم، و يصبحوا رهينةَ سياساتهم الضيقة؟
ـ ألا يجدر بهم أن يتبصروا فيما هو ماضٍ فيه من العَسْف و الجَوْر؟
ـ ألا يجدر بهم أن يتساءلوا: لِمَ هذا الإيغال في الخصومة، و لِمَ هذا الفُجُور بحقّ أبناء جلدتهم من السوريين؟.
وسوم: العدد 667