نيران العنف يضرمها أصحاب العقائد التكفيرية وتصب عليها الزيت العلمانية الغربية

تلتهم نيران العنف المنطقة العربية  بشكل غير مسبوق ،وقد خلفت دمارا شاملا ومهولا ، وهي  نيران يضرمها أصحاب العقائد التكفيرية ، وتصب عليها الزيت العلمانية الغربية. ومعلوم أن العقائد التكفيرية عبارة عن إرث تاريخي مقيت حيث خرجت أول مرة من تحت عباءة السياسة ، واتخذت من الدين  مطية لإضفاء الشرعية على صراع سياسي محض . ولم تغادر تلك العقائد السياسة منذ نشأتها الأولى وظلت كذلك ، وستبقى كذلك إلى نهاية العالم  ، وقد سجل التاريخ العربي والإسلامي ملازمتها للسياسة لتبرير ممارستها بطريقة ماكرة  عن طريق توظيف  الدين والشرع ، وبأسلوب قوامه  استخدام عنصر التكفير وهو أخطر سلاح يستعمله الخصوم المتنافسون على كسب رهان السياسة . وتطفو العقائد  التكفيرية على السطح أو تظهر كالجرب كلما سنحت لها الفرصة . ولقد كان غزو العراق من طرف العلمانية الغربية  بذريعة منع النظام العراقي من امتلاك واستعمال ما يسمى أسلحة الدمار الشامل فرصة سانحة لينشط التيار التكفيري الشيعي ، ويبعث من جديد أحداث  وشخصيات ماضوية ،ويستغلها لأهداف سياسية مكشوفة . وبدا  مقتل الإمام علي وابنه الحسين رضي الله عنهما كأنه حدث بالأمس القريب ، وكأن التاريخ لم يبارح عصرهما بل ظل يستنسخ أشخاص وأحداث تلك الفترة التاريخية ، ويوزع أدوارها على بشر يحيون في القرن الواحد والعشرين الميلادي . ونصب التكفيريون الشيعة أنفسهم أوصياء على مقتل الإمام ونجله ، ولا حق لغيرهم في مجرد الحديث عنهما أو الترضي عليهما بل يعتبر كل من يرفض عقيدة التكفير الشيعية مسؤولا عن دم الإمام ودم ابنه . واجتهدت المرجعيات التكفيرية الشيعية على تنويم أتباعها مغنطيسيا كما يفعل الأطباء النفسانيون، فصار هؤلاء الأتباع يسافرون عبر الزمن، ويشهدون تحت تأثير التنويم مقتل الإمام ومقتل ابنه بل يشمون رائحة دمهما من خلال ما يردده النائحون في مناحات  يحاول أصحابها إيقاف عجلة التاريخ ليبعث من ماتوا وبادوا، وصاروا أمة لها ما كسبت لا تسأل عما فعل غيرها ،و لا يسألها غيرها عما فعلت . وخلافا لهذه السنة الإلهية في الخلق تحرص العقيدة التكفيرية الشيعية على أن يظل المقتول والقاتل حيان يرزقان لتستمر هذه العقيدة في الوجود ، وتوظف و يرتزق بها ، وتستغل من أجل المآرب السياسية المكشوفة والصارخة . ووزعت التكفيرية الشيعية الجغرافية البشرية  في العالم العربي إلى إمامية  وأموية ،فبعث الإمام علي ونجله  في عباءة آيات الله من جديد، كما بعث معاوية وابنه  من جديد  في عباءة  دعاة أهل السنة ، وصار عوام التكفيرية الشيعية يرون في كل سني معاوية ويزيد ، ويجعل التحريض التكفيري غضبهم يتضاعف فيوقد نيران العنف المستعرة التي تأتي على الأخضر واليابس ،وتهلك الحرث والنسل والإنسان والعمران . و هكذا عرف العراق مذابح رهيبة راح ضحيتها أهل السنة لأن  العقيدة التكفيرية الشيعية حملتهم دم الإمام وابنه ،وجعلتهم كلهم يزيد ومعاوية  ومن غصبوا الإمامة والخلافة على حد زعمها من أصحابها الشرعيين .  ولقد أعمل ما يسمى الحشد الشعبي التكفيري الشيعي القتل الفظيع  في الأبرياء من أهل السنة حتى بلغ الأمر الحكم بالإعدام والقتل على من يحمل مجرد اسم تراه التكفيرية الشيعية محرما ، فجنت  بعض الأسماء على أصحابها وويل لمن حمل اسم معاوية أو يزيد أو أبا بكر أو عمر أو عثمان أو عائشة أو حفصة أو هند ...ولقد صبت العلمانية الغربية الزيت على نيران العنف التي أضرمتها العقيدة التكفيرية الشيعية ، الشيء الذي غير وضع العراق السياسي والذي صار حيرة من جديد تدين بالولاء للأمبراطوية الساسانية . وهكذا موهت الساسانية الجديدة على  هدفها السياسي المكشوف في الحيرة الجديدة ،وهي تعتمد العقيدة التكفيرية  سلاحا إيديولوجيا . وفي الجهة المقابلة نشطت العقيدة  التكفيرية الخوارجية  حيث بعثت العلمانية الغربية من جديد الخوارج ، فكونوا عصابات إجرامية ترتكب الفظائع  باسم الدين وبذريعة التكفير ، وهكذا صبت العلمانية الغربية الزيت على نيران العنف باستخدام خوارج هذا العصر الذين وفروا لها الفرصة لتعيث فسادا في البلاد العربية ، وتهدر دماء المسلمين. وتموه العلمانية الغربية على استهداف من تريد استهدافه تحت شعار محاربة  التكفيرية الخوارجية التي صنعتها هي  . وإلى جانب التكفيريتان الشيعية والخوارجية  تساهم التكفيرية الوهابية في إضرام نيران العنف في الوطن العربي  بذريعة محاربة التكفيرية الخوارجية من جهة ، ومن جهة أخرى لمواجهة الأطماع الساسانية  المقنعة بالتكفيرية الشيعية ، و التي رسخت قدمها في الحيرة الجديدة ، وتحاول السيطرة على سبأ وعدن وحمراء اليمن ، كما تحاول السيطرة على مشارف الشام و بلاد الروم . وتتراشق التكفيريتان الشيعية والوهابية تهمة التكفيرعن طريق الفضائيات والمواقع على الشبكة العنكبويتية  والهواتف الخلوية  وحتى على منابر المساجد، وصفحات الجرائد ، و في صفحات الكتب والكرسات ،و في كل وسيلة ممكنة لخوض حرب التكفير الشرسة  .  وتساهم العلمانية الغربية  الماكرة في تأجيج الصراع بين العقيدتين التكفيريتين  لحماية ما تسميه مصالحها الاستراتيجية،  وعلى رأسها ضمان أمن التكفيرية الصهيونية ،وهي تكفيرية لها طريقتها الخاصة في التكفير حيث  تنصب  نفسها وصية على  أنبياء الله  من بني إسرائيل موسى وهارون  وداود وسليمان عليهما السلام وتتولى أمر قيادة  شعب الله المختارتماما كما تنصب التكفيرية الشيعية نفسها وصية على علي و فاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهما وشيعتهما التي هي بمثابة شعب الله المختار ، و تماما كما تنصب التكفيرية الوهابية نفسها وصية على الصديق والفاروق وبنتيهما  وذي النورين  ومعاوية  رضي الله عن الجميع . ولا تخص التكفيرية الوهابية بالتكفير غريمتها التكفيرية الشيعية بل تطرد تكفيرا من أهل السنة والجماعة  الأشاعرة والماتريدية ، والصوفية ، فتكفر الأشعري  والماتريدي ، والنووي ، والعسقلاني ، والقرطبي ، والبيهقي ، والباقلاني ، والرازي ... ولايشفع لهؤلاء وأمثالهم  عندها لاعلمهم ولا تصانيفهم  ولا شهادة التوحيد .وكما بعثت التكفيرية الشيعية  الأحداث  و الشخصيات الماضوية،  فجعلت لها ما يقابلها في عالم اليوم ، كذلك فعلت التكفيرية الوهابية،  فصار على سبيل المثال  الطاهر بن عاشور التونسي ، والقرضاوي ، وجماعة الإخوان المسلمين ... بمنزلة الأشعري ، كما صار دعاة  الفضائيات والمواقع الإلكترونية من السلفية الوهابية بمنزلة الإمام أحمد وابن تيمية ... وخلف عباءة كل تكفيرية توجد مصالح سياسية مكشوفة وفاضحة . و هكذا عاد الخلاف السياسي الذي بدأ أول مرة في التاريخ الإسلامي من جديد تؤجج ناره المذهبية التكفيرية والصراع الطائفي ، وتصب عليهما الزيت العلمانية الغربية  الماكرة  للحصول على الثروات والأسواق .

وسوم: العدد 685