أحجار شطرنج

د. جمال البكر

عند هذا الصباح يكشف لنا البحث الخطير كيف أن معظم حكام العالم الثالث ماهم إلا أحجار شطرنج من قصة شاه ايران الذي تصرف بكل بلاهة بما أوحاه اﻷمريكيون والبريطانيون بحسن التعامل مع الخميني وألا يخرج عن النص وتخديره لاستكمال مخططهم بازاحة الشاه الصنيعة اﻷمريكية بمن هو أكثر خدمة لهم نظام الملالي ثم يأمرانه بالخروج ﻷن مهمته انتهت ، ولكن أين الروس مما حصل ؟ فهذه الدول كانت اقطاعيات ، فقد كان الشاه مأمورا وخادما لهؤلاء كما الكثير من الحكام العرب فإنهم لايستطيعون حتى الدفاع عن أنفسهم وهم مع القرار اﻷمريكي أينما ذهب ، فقد انتهى دور حسني مبارك وزين العابدين وعليهم أن يرحلوا وبكلمتين رحلوا ، أما القذافي قبل أن يرحلوه أن يسلبوه ويسلبوا من ليبيا مئات المليارات ، وبشار دنب الكلب أن يكون أداتهم للتقسيم والتفتيت بالسيناريو اﻷسوأ تدمير سورية وقتل الشعب السوري ولازالوا يدعمونه والروس هنا شركاء وليسوا أعداء ﻷمريكا ، ومن ثم الدور على من ؟!!! 

تابعوا هذا البحث فهو يروي قصة حكامنا ونهايتهم

أسرار جديدة عن الثورة الإيرانية.. بقلم أنور عبدالرحمن رئيس تحرير جريدة أخبار الخليج البحرين..يقول ..

الأسبوع الماضي، قضيت ساعات طوالا مستغرقا تماما في قراءة كتاب جاد رصين باللغة الفارسية صدر عن دار نشر «كتاب كوربوريشن» في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية.

الكتاب من تأليف الدكتور حسين حقيقي ويحمل عنوان «شاهد على السقوط الثلاثي»، ويقع في 550 صفحة. والكتاب يناقش عبر فصوله التاريخ الإيراني في حقبه المختلفة.

وقد توقفت مطولا بصفة خاصة عند فصل من الكتاب يناقش الأحداث والتطورات التي سبقت سقوط شاه إيران، ويكشف الكثير من الأسرار عن الشخصيات التي لعبت دورا خفيا خلف الستار في تأجيج ودفع الأحداث «الثورية»، ولعبت دورا محوريا حاسما في التطورات التالية التي شهدتها إيران.

على الرغم من أن القراء بشكل عام يعرفون تفاصيل ما جرى في إيران خلال عامي 1978 و1979، فإن الحقيقة الكاملة لم تتكشف بعد، وكثير من أسرار ما جرى خلف الكواليس مازال غير معروف.

يعود بنا الكتاب إلى سنوات ما بعد الثورة، وتحديدا إلى 14 سبتمبر عام 1997، في ذلك التاريخ قام الصحفي الإيراني المعروف ايرج اريان بور، وكان صحفيا كبيرا في صحيفة «طوس» الإيرانية اليومية، بإجراء حوار مطول مع الرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان.

بمجرد نشر الحوار، قام الحرس الثوري باعتقال اريان بور وإغلاق الصحيفة، معتبرا أن ما جاء به من حقائق يقلل من شأن الخميني ودوره ويكشف الدور الأمريكي البريطاني في إسقاط الشاه.

الصحفي الإيراني سأل الرئيس الفرنسي: هل ناقشت مع الشاه قضية وصول الخميني إلى فرنسا ورغبته في البقاء فيها؟

الرئيس الفرنسي كشف أن الخميني حين وصل من العراق إلى باريس كان يملك جواز سفر إيراني صالحا، وبمجرد وصوله طلب منحه حق اللجوء السياسي. وكان السؤال المطروح وقتها هو: من الذي منح الخميني تأشيرة الدخول؟

ويقول ديستان: لقد قمت بالاتصال بالشاه عبر سفيرنا في طهران، وشرحت الموقف بالتفصيل لجلالته. وقد أعرب الشاه عن تأييده للإجراءات التي اتخذناها، وطلب منا أن نعامل الخميني بمنتهى الاحترام وأن نوفر له الأمن والحماية.

وأضاف الرئيس الفرنسي: في الحقيقة، فإن جلالته قال لسفيرنا بمنتهى الحسم إنه لن يغفر لفرنسا إن هي تصرفت مع الخميني بشكل مغاير.

وفي تفسيره لموقف الشاه على هذا النحو، قال ديستان: إنه يعتقد أن الشاه كان يظن أن الخميني لو توفرت له الإقامة المريحة الآمنة في باريس، فإنه سيلعب دورا في تحييد الضغط الذي تمارسه المعارضة في طهران.

السؤال الثاني الذي سأله الصحفي اريان بور للرئيس الفرنسي كان: ما الذي حدث بالضبط خلال الاجتماع السري الذي عقد بتاريخ 1 يناير عام 1979 في جواديلوب؟ (وهي أرض فرنسية تقع في جنوب البحر الكاريبي).

أجاب ديستان: «لقد شارك في الاجتماع كل من الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، ورئيس الوزراء البريطاني جيمس كالاهان، والمستشار الألماني هيلموت شميت، وأنا».

وأضاف: مما قاله الرئيس كارتر، كان واضحا أن هناك اتفاقا مسبقا بين البريطانيين والأمريكيين. كان الموقف الأمريكي البريطاني هو أن الشاه انتهى، وأن الولايات المتحدة لن تقدم له أي مساعدة كي يبقى في الحكم. وذهب كارتر أبعد إلى من هذا وقال: إننا نخطط لقيام نظام عسكري، وكان يقصد بالطبع أنهم يخططون لانقلاب عسكري في إيران.

ويمضي ديستان قائلا: كنت أنا وهيلموت شميت في حالة ذهول مما يقوله كارتر، ووجدنا أنفسنا في حالة جهل تام بالتطورات السياسية الوشيكة الحدوث في إيران. كان واضحا تماما أن البريطانيين والأمريكيين كانوا يخططون للإطاحة بالشاه».

الوقائع التاريخية تشير إلى أن جيسكار ديستان لم تكن لديه الرغبة ولا النية للتورط في هذه المؤامرة. وما فعله في ذلك الوقت أنه أرسل مسئولا من وزارة الخارجية إلى الخميني ليطلب منه التقيد بشروط اللجوء السياسي، وألا يصدر أي بيانات ضد إيران. كما قام بإبلاغ الشاه عن عزمه أن يطلب من الخميني مغادرة فرنسا وأن يتوجه إلى الجزائر.

الرد الذي تسلمه الرئيس الفرنسي من الشاه كان سلبيا جدا إلى درجة أنه جعله مترددا. كان رد الشاه هو: أنتم أسياد بلادكم. والقرار المتعلق بكيفية معالجة هذه المسألة هو قراركم أنتم وحدكم.

لم تكن هناك أي توجيهات حاسمة لا من الرئيس ولا من الشاه. هذا في الوقت الذي تسارعت فيه الاحتجاجات والاضطرابات في طهران بالشكل الذي جعل أيام الشاه في الحكم معدودة.

بالطبع، كان البريطانيون والأمريكيون في ذلك الوقت نشيطين للغاية، بحسب الاتفاق المسبق بين البلدين. وسافر الجنرال روبرت هايزر الذي كان يرأس حلف الناتو سرا إلى طهران، وقام بصحبة السفير الأمريكي في إيران وليام سوليفان بزيارة الشاه وأبلغاه أنه يجب أن يعد نفسه لمغادرة البلاد.

وفي الوقت نفسه بدأت المفاوضات السرية مع الجنرالات الإيرانيين وطلب منهم أن يبقوا على الحياد، وأن يتركوا التاريخ يأخذ مجراه.

في ذلك الوقت، كانت محطة البي بي سي الناطقة بالفارسية تقوم حرفيا بدور الإذاعة الخاصة الناطقة باسم الخميني وتسخر برامجها وخدمتها الإخبارية لخدمته، وكانت تسهم عمليا في توجيه الغوغاء في شوارع طهران.

في أحيان كثيرة يكون من المهم جدا أن نعود إلى الماضي كي نفهم فهما كاملا الأحداث والتطورات التي تجري اليوم.

وحين نتأمل هذه الحقائق التي كشف عنها الكتاب فيما يتعلق بإيران، ونتأمل ما جرى في العالم العربي في عام 2010 - 2011، نكتشف أن ما جرى في دولنا العربية يكاد يكون استنساخا لما جرى مع إيران من زاوية المؤامرات السرية التي تجري خلف الستار.

وعلى الرغم من أنه ليس بمقدور أحد أن يتنبأ بالمصير الذي ينتظر باقي العالم العربي، فإن كل دولة عربية بلا استثناء يجب أن تكون على وعي تام بأن اللعبة لم تنتهِ بعد.. لعبة البوكر السياسية الخطيرة لم تنتهِ.

وفي كل الأحوال، هناك أمر واحد مؤكد هو أنه بعد كل ما جرى لدولنا في 2010-2011، ليس هناك زعيم عربي واحد، وتحت أي ظرف أيا كان، على استعداد لأن يتخلى عن مسؤولياته وواجباته تجاه بلده وشعبه.

لا بد في النهاية أن نتوقف عند هذه المفارقة التاريخية. في 31 ديسمبر عام 1977 كان جيمي كارتر ضيفا على شاه إيران في قصر نياوران، وخاطب الشاه قائلا: أهنئك يا صاحب الجلالة على أنك حافظت على إيران جزيرة مستقرة هادئة في هذا العالم المتلاطم. بعد نحو عام فقط، كان كارتر هذا نفسه هو الذي بعث بالجنرال هايزر والسفير سوليفان حاملين طلبه للشاه بأن يغادر إيران.

بعد كل هذه الحقائق، هل من الممكن لأي سياسي أن يعتمد على أمريكا او يثق فيها كحليف ؟ مودتي للجميع ..

وسوم: العدد 687