لماذا لا يريدون أن يسألوا : لماذا سقطت حلب !؟ لأنهم يعرفون ولا يجرؤون

زهير سالم*

العجيب في أمر المعارضة السورية ، في كل الدوائر طبقا عن طبق ، ولدى كل المرجعيات ، وعلى المستوى السياسي والفصائلي أيضا أنه لا أحد يسأل : لماذا سقطت حلب ؟ ولا كيف سقطت حلب ؟

الكل يغمغم بكلمات إدانة للجريمة لا معنى لها ، ولا طائل ينتظر منها . ثم ينغمسون أو يتلاشون في غياهب الصمت المذل كعملية السقوط نفسها ، في عالم سهل فيه الهوان على الكثيرين .

هل يعرفون ، أو لا يريدون أن يعرفوا ، أو لا مصلحة لهم أن يعرفوا ؟!

لماذا سقطت حلب ؟ وكيف سقطت حلب ؟

أسئلة لا يراد منها إدانة أحد ، أو الحكم عليه ، أو تدافع المسئولية بأن يلقيها فريق على فريق ، ككرة النار، التي تعود أن يتقاذفها المتقاذفون ، وإنما يراد منها المعرفة المبّصِرة ، التي تفيد رؤية وعبرة وعظة ، وتجنبنا من شرب كأس السم مرة أخرى ، وتحول بيننا وبين أن نلدغ من الجحر الواحد مرة ومرة ومرات ..

صحيح أن خسارتنا لحلب كانت الفاقرة ، ولكننا والحمد لله ما زلنا نملك ما يجب علينا أن نعمل على حمايته . يجب أن نعرف كيف سقطت حلب لنحول دون سقوط مدن أخرى . ولكي لا تكون ثورتنا ومستقبل أجيالنا أوراقا على موائد الآخرين ؛ في عالم تتقدم فيه الأولويات الذاتية على كل صعيد . بقدر ألمنا على حلب يجب أن يكون إصرارنا ألا يتكرر ما حدث على أهلها في أي مدينة أو بلدة أخرى .

المطلوب في الموقف الذي نحن فيه تحليل موضوعي سياسي واستراتيجي عملي يضع النقطة على الحرف في مأساة حلب، التي يمكن أن تتحول بسياسة التغابي والتعامي والتجاهل والاسترسال إلى مأساة سورية كلها . مطلوب إعادة ترتيب الأحداث والمواقف والتحولات في سياقاتها الدولية والإقليمية ، وانعكاساتها على جريمة ذبح حلب بالروح الموضوعية وليس بروح الباحث عن الإدانة أو المتعلل بالعلل .

يجيب بعض الناس على المطالبة بالمعرفة : ( إنما سيد قومه المتغابي ) ولا أدري إن كانت هذه الحكمة تسوغ في ميدان تنعكس ثمراته المرة على ثورة شعب قدمت مليون شهيد ، وأصاب لهيبها عشرة ملايين إنسان ؟!!

حين نراجع المشهد الذي صار واقع سورية إليه ، وكان لسقوط حلب وللذين صافقوا عليها دور كبير فيه ؛ نجد أنه أصبحت لبوتين القاتل المجرم المدمر ولحلفائه الشيعة المنتشرين كالبومان والغربان على الأرض السورية الكلمة الأولى والأخيرة فيما يجري على أهل حلب 

أيها السوريون جميعا ...

إن حجم التحولات الإقليمية أخطر مما تصورون . وإن ما يتشكل في العالم والمنطقة من محاور كلها ليست في صالح مشروعكم وثورتكم . الدول ليست جمعيات خيرية . ولكل سياسي في هذا العالم أولوياته الخاصة الشخصية أو الوطنية . وآن الأوان أن نملك البصيرة التي نميز بها بين قلوب الناس وسيوفهم .

لكي لا تضيع معالم المسئولية التاريخية لما جرى في حلب وعليها، ولكي لا يضيع بعد حلب المزيد والمزيد من المدن والبلدات ، فنودعها على طريقة حلب غارقة بالدماء مجللة بعار الاغتصاب والإخراج ، ويتحول أبناؤها إلى أكداس إضافية من اللاجئين الضائعين الهائمين على وجوههم..

يجب أن تتوقفوا فتسألوا : لماذا ؟! وكيف ؟! فإذا عرفتم ، يمكنكم على ضوء المعرفة أن تحددوا الموقف العاقل مما جرى ومما يمكن أن يجري . الذي تختارون ، مما يمكن أن يقي ثورتكم وأهلكم ، أو أن يجنب ثورتكم وأهلكم ...

حق الله عليكم أن تكون أولويتكم الأولى في كل حساباتكم لثورتكم ولأهلكم ولوطنكم كما هي أولوية الآخرين.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 699