طفل فلسطيني ثائر

عبد الله يوركي حلاق

شعر: عبد الله يوركي حلاق

عـربيٌّ  عـربيٌّ عـربـي   ولـيَ الفـخر بـهذا الـنسبِ

مـذهب الـفرقة لا أعـرفه    فاخشعوا إن تسألوا عن مذهبي

أنـا صـبّ تيّـمتْني  لـغةٌ    صـانها الـقرآنُ أسنى الكتب

وجهة المحراب عندي  هيكلٌ    فـيه عـيسى  والنبيُّ العربي

      

كم  عصرنا من عناقيد المُنى    وشـربنا نـخـبَ صيدٍ نجُب

ومـلأنا  أكـؤساً مـن أدب    وأدرنـا أكـؤساً مـن طرب

لم تـزل في كل كأسٍ جرعةٌ    يتـشهاهـا الـذي لم يشرب

يسـتقي الـتاريخ من شّلالنا    ويـروِّي كـلَّ عصرٍ مجدب

      

دمنا يصرخُ  في أعمـاقـنا    مـا لكمْ في  صممٍ عن عتبي

يا أباةَ الضيم، قد طال المدى    واسـتبدَّ الشوقُ  بالحرِّ الأبي

بـيتُ لـحمٍ ولِدَ  الفادي بها    وجبال القدس  مِـعراج النبي

أوَ نرضى  أن نراها مسرحاً    لـلبغايـا  وعبـيد الـذهب

في عرين  الليث يثوي ثعلبٌ    لا يـضيرُ الليثَ مكرُ الثعلب

      

نحن في شوقٍ إلـى وثبـتنا    ياجبال القدس ثوري واغضبي

وارقدي يا بنت صهيونِ على   أمــلٍ واه وزنــدٍ أجـربِ

هل يمرُّ الأردنُ  السمحُ على   عـصبة الغـدرِ  ورمل النقَب

مـاؤه دمـع اليتامي فأثاروا   للـيتامـى يـا أبـاة الـعرب

      

أنـت مـثلي عربيٌّ  تـائقٌ    لـوغـى، لـلثأر، لا للخُطب

جبنَ الحقُّ فيا حـقُّ انـتحرْ    إن تـلذ  بالصمت أو بالهرب

لـم أعـد أؤمـن إلا بالقوي   فـهي أجدى من سلاح الأدب

ألفُ شـعرٍ لايوازي طـلقةً    أفـرغت في مهجة المغتصب

فاضرب البغي  ومزق شمله    خـائنٌ  أنـتَ إذا لم تضرب

لم يعد  يـجديك سيفٌ قاطع    فـتسـلمْ بـاصـقاتِ  اللهب

قـلعةُ الطـغيان لايـهدمها    غـير صـاروخ وزندٍ يعربي

      

يـبحث الـلاجئ  عن منقذه    فـي متـاهـات الوعود الخلَّب

كوخه المرميُّ في بـأسائـه    سقـفُ قـشٍّ مـسندٌ بـالقصب

يتهاوى، كلما الـريح  عدَت    في الليالي السود، واهي العصب

رُبَّ طفلٍ  صاح  من أعماقه    أيـن حيـفا؟ أيـن يافا ؟ يا أبي

أين سهل اللدِّ ؟ هل يـرجعه    جـيشنا يـوم النـضال الأشيب

أين تربُ القدسِ، هـل تلثمهُ    شـفتي فـي غـدِنـا المرتقب

من تُرى يقطف من "بيارتي"    ومَـنِ الطـفل الذي  في ملعبي

وهـل البـيت الذي كان لنا    خـربٌ أم صـامدٌ لـم  يخرب

وهـل الـكرمة فـي باحته    لـم تـزل تعـطي شهيَّ العنب

جـدتي قالت  إذا لم ترجعوا   وطـني، حـلَّ علـيكم  غضبي

يـا أبـي إني  مشوقٌ للحمى  ولغـسلِ الـعار يـومَ الطـلب

      

أعـطني ما شئت من أسلحةٍ   يـا أبي، وامضِ إلى الهيجاء بي

إنـني طـفلٌ ولـكن  باسلٌ   مـرحباً بـالموتِ  إن لم لأغلِب

سـوف  تغدو "تل أبيبٌ" تلّةً   مـن رمـادٍ، رغم أنف الأجنبي

      

هـذه آمـالُ طـفلٍ  ثـائر   يـا يـمينَ المجدِ ما شئتِ اكتبي