المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي: استمروا بإطلاق النار على الأطفال الفلسطينيين

جدعون ليفي

جنود الجيش الإسرائيلي يطلقون النار على الأطفال، أحياناً يصيبونهم وأحياناً يقتلونهم، أو يصبح الأطفال مشلولين أو مقعدين. يرشق الأطفال الحجارة على الجنود وأحياناً يلقون الزجاجات الحارقة نحوهم، وأحياناً يجدون أنفسهم بالصدفة في مواجهة معهم. تقريباً لم يشكلوا أي خطر على حياة الجنود في أي حالة. وأحياناً يطلق الجنود النار على الأطفال بشكل متعمد، وأحياناً بالخطأ، وأحياناً يطلقون النار على رؤوسهم أو على الجزء العلوي من الجسم، وفي حالات يطلقون النار في الهواء، فيخطئون ويصيبون رؤوسهم. هذا ما يحدث عندما يكون الجسم صغيراً.

أحياناً يطلق الجنود من أجل القتل. وأحياناً من أجل العقاب. أحياناً يطلقون النار الحي أو الرصاص المعدني المغلف بالمطاط. أحياناً من بعيد وأحياناً من كمين وأحياناً من مسافة قصيرة. أحياناً بسبب الخوف والغضب والإحباط والشعور بعدم وجود خيار أو بسبب نفاد الصبر، وأحياناً بهدوء. الجنود لا يشاهدون ضحاياهم بعد فعلتهم، ولو أنهم شاهدوا ما فعلوه لربما توقفوا عن إطلاق النار.

مسموح لجنود الجيش الإسرائيلي إطلاق النار على الأطفال، فلا أحد يعاقبهم عندما يطلقون عليهم. فعندما يتم إطلاق النار على فلسطيني، إذن فالذي أمامهم لا يكون طفلاً، بل سيكون شاباً، فتى أو إرهابياً. عندما يصاب فلسطيني فهذا ليس بقصة، ولا فرق بين دم طفل فلسطيني صغير ودم فلسطيني بالغ، فكلاهما دم رخيص. عندما يصاب طفل يهودي تهتز إسرائيل. وعندما يصاب طفل فلسطيني تدخل إسرائيل مرحلة التثاؤب. ودائماً ما تجد مبرراً لإطلاق جنودها النار على الأطفال الفلسطينيين، وليس لديها متسع من الوقت لتبرر للأطفال الذين يرشقون الحجارة على هؤلاء الجنود الذين يقتحمون قراهم.

يرقد الطفل عبد الرحمن شتيوي في مستشفى التأهيل في بيت جالا من نصف سنة. وفي مستشفى هداسا عين كارم يعالج منذ عشرة أيام أحد أبناء عائلته، الطفل محمد شتيوي، وهما من قرية كفر قدوم. جنود الجيش الإسرائيلي أطلقوا النار على رأسيهما. أطلقوا النار الحي على عبد الرحمن من مسافة بعيدة، في الوقت الذي كان يقف فيه على مدخل بيت صديقه. وأطلقوا على محمد رصاصة معدنية مغلفة بالمطاط من فوق تلة، في الوقت الذي كان يختبئ منهم في منحدر. قال الجيش إن هذا الشاب قام بإشعال إطار.

عبد الرحمن (10 سنوات) يظهر أصغر من سنه. ومحمد (14 سنة) يظهر أكبر من سنه. هما طفلا الحياة الفلسطينية، وكلاهما يراوح الآن بين الحياة والموت. حياتهما وحياة عائلاتهما دمرت. والد عبد الرحمن ينقله بسيارته في كل أسبوع من بيت جالا إلى كفر قدوم لقضاء نهاية الأسبوع في القرية. ووالد محمد لا يغادر غرفة الانتظار في قسم العلاج المكثف للأعصاب في مستشفى هداسا عين كارم، وحده يواجه ابنه ومصيره. لم يكن إطلاق النار على الطفلين ضرورياً. وكان محظوراً إطلاق النار على رأسيهما، بل ومحظور إطلاق النار الحي عليهما.

بعد إطلاق النار على عبد الرحمن، قال المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، إنه “خلال الحادثة أصيب قاصر فلسطيني”. وبعد إطلاق النار على محمد قال المتحدث إنه “علم بإصابة فلسطيني بالرصاص المطاطي”. المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي هو صوت الجيش الإسرائيلي. الجيش الإسرائيلي هو جيش الشعب. لذلك، فإن المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي هو أيضاً صوت إسرائيل.

من برج المكاتب الجديد في “رمات افيف” الذي انتقل إليه مؤخراً، ينشر المتحدث بلسان الجيش البيانات التي تقشعر لها الأبدان. “قاصر فلسطيني” عن الطفل ابن الـ 10 سنوات. “ادعاء معروف عن فلسطيني”، عن طفل يصارع الموت لأن الجنود أطلقوا النار على رأسه. نزع الإنسانية عن الفلسطينيين وصل أيضاً إلى المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي. أصبح الأطفال غير قادرين على إثارة أي مشاعر إنسانية مثل الندم أو الرحمة. وتحديداً في أوساط الجيش الإسرائيلي.

المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي يقوم بدوره جيداً. يعكس روح العصر والمكان من خلال بياناته. لا يوجد مكان لإبداء الأسف على إطلاق النار على رؤوس الأطفال، ولا يوجد مكان للشفقة والاعتذار والتحقيق والعقاب، وبالطبع لا يوجد مكان للتعويض. إطلاق النار على طفل فلسطيني يعتبر أقل أهمية من إطلاق النار على كلب ضال، بل ويمكن فتح تحقيق بسبب إطلاق النار على الكلب.

وسوم: العدد 863