حكاية شعرية / البستاني وشجرة الكمثرى الهرمة

حماد صبح

كان لبستاني في حديقته شجرة كمثرى ما عادت

تثمر منذ حين لهرمها ،

وهذا هو مآلنا نحن البشر .

فقرر البستاني منكر الفضل قطعها صباح يوم ،

وحمل فأسه ، وضربها بها ، فقالت له :

وقر سني العالية ! وتذكر الثمار التي وهبتُكها كل عام !

أنا على كل حال أدنو من الموت ، ولم يبقَ لي في الحياة

سوى زمن قصير . لا تقتل ميتة جعلت منك يوما رجلا محسنا !

فأجابها : أقطعك والألم يعتصر قلبي لحاجتى إلى خشبك .

هنالك قالت له  مائة بلبل كانت تغرد فوق الشجرة :

لا تقطعها ! ما لنا سواها .

وقدمت زوجته لتتفيأ ظلالها ،

فتابعت البلابل : إننا نطرب زوجتك بعذب غنائنا ، وهي دائما وحيدة ،

ونحن الذين نزيل سأمها بغنائنا !

فصادها البستاني ، وضحك ساخرا من رجائها ،

وضرب الشجرة ضربة ثانية ،

فانبثق فورا سرب نحل من جذعها ،

وقال له : قف ! اسمعنا أيها القاسي المتوحش !

إذا تركت لنا هذه الشجرة فسنهبك كل يوم عسلا شهيا

تحمله إلى المدينة لتبيعه  مشعا صافيا  ، موافق ؟!

فأجابها البستاني الطماع الجشع : إنني أبكي حنانا على الشجرة ،

كيف أقصر في حق هذه المسكينة التي غذتني بثمارها في شبابها ؟!

ألفت زوجتي أن تأتي إليها لتسمع غناء عصافيرها ،

وحسبي أن هذه العصافير تغنينا وقت راحتنا ،

أما أنتِ أيتها النحل ، يا  من ستكرمينني  بزيادة حياتي نعمة ويسرا فسأزرع

لك كل هذه المنطقة زهورا !

وانصرف بعد ما قال ذلك مطمئنا إلى مثوبته السخية التي عرضها عليه سرب النحل  ،

وترك شجرة الكمثرى تعيش ما بقي من حياتها .

احفظ جميل الآخرين إذا   * حثتك منفعة على نكرانه !

حفظ الجميل خليقة محمودة * من حازها رفعت له من شانه

*الشاعر الفرنسي جان بيير دو فلوريان ( 1755 _ 1794 ) .

وسوم: العدد 871