النساء والسر

حماد صبح

حكاية /

ما من شيء أثقل حملا على النساء من السر ، وأعرف  عددا كبيرا من الرجال الذين يشبهون النساء في هذه الصفة . قال رجل ذات ليلة لزوجته قاصدا اختبارها : رباه ! ما هذا ؟! أستطيع وضع المزيد منها ! إنني أتمخض ! وضعت بيضة !

فسألته : بيضة ؟!

فرد : أجل . هي ذي ! جديدة ! حديثة الوضع ! احذري البوح بسرها ! سيقول الناس إنني صرت دجاجة . لا تتحدثي عنها بتاتا !

وصدقته المرأة التي لم تسمع يوما بمثل هذه الحادثة الغريبة ، ولا بكثير من الأمور ، ووعدته بأغلظ الأيمان أنها لن تبوح بالسر إلا أن أيمانها تلاشت مع تلاشي ظلام الليل ، فهي بطبعها لا تحفظ لديها ولا حصافة ،  فما أن طلع الفجر الصادق حتى بارحت سريرها ، وركضت إلى جارتها ، وقالت لها حالما وصلت بيتها : أيتها الثرثارة ! لا تبوحي بما سأبوح لك به ؛ لأنك عندئذ تعرضينني للضرب المبرح ! وضع زوجي بيضة في حجم أربع بيضات ! وباسم الله احذري بث هذا السر كل الحذر !

فقالت لها جارتها : تسخرين يا امرأة  ؟! لا تعلمين مدى شفاء نفسي  بهذا السر العجيب .امضي ! لا تخافي شيئا !

فرجعت إلى بيتها مطمئنة لحفظ جارتها للسر ، وكانت هذه في أحر من الجمر الملتهب للبوح به ، فأسرعت تذيعه في أكثر من عشرة أماكن مُصيرة  البيضة ثلاثا . وليس هذا كل ما حدث . صيرت ثرثارة أخرى البيضة أربعا . وضاءلت إشاعة الخبر من التزام الحذر بعد أن ما عاد سرا يُحتَذر . وترابى عدد البيض لانتقال الإشاعة من شخص إلى آخر ، وما وافى المساء حتى أربى على مائة .

*للكاتب والشاعر الفرنسي جان دو لافونتين ( 1621 _ 1695) .

وسوم: العدد 875