قراءة إسرائيلية في تأثير اضطرابات كازاخستان على تل أبيب غزة

أحمد صقر

تحدثت صحيفة عبرية، عن تأثيرات الاضطرابات الجارية في كازاخستان على الاحتلال الإسرائيلي، باعتبارها "زبونا مهما" لشركات تصنيع السلاح الإسرائيلية وأحد كبار موردي النفط إلى تل أبيب.

وأكدت صحيفة "هآرتس" العبرية في تقرير أعده الكاتب الإسرائيلي ديفيد روزنبرغ، أن "القيادة الإسرائيلية تتابع بتوتر القتال وصراعات القوى الجاري في كازاخستان؛ تلك الدولة التي تقيم مع إسرائيل علاقات سرية ذات أهمية استراتيجية كبيرة، وهي متشعبة، منها ما هو في مواضيع النفط والسلاح". 

زبون مهم

ونوهت إلى أن "إسرائيل غير معتادة على نشر معلومات عن الدول التي تستورد منها النفط، لكن المصافي الكبيرة في الدولة نشرت عن استيراد من البحر الأسود وبحر قزوين، وعن طريقهما يصل النفط من كازاخستان ومن مصادر أخرى في وسط آسيا إلى الأسواق في حوض البحر المتوسط". 

وقدر غبرئيل ميتشل، المختص في مجال السياسات في المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية "متفيم"، أن "نحو 10- 20 بالمئة من النفط الذي تستورده إسرائيل يأتي من كازاخستان التي تأتي في الترتيب 12 في قائمة الدول المصدرة للنفط في العالم، وفي فترات وصلت النسبة إلى 25 بالمئة"، معتبرا أن "الطاقة هي نقطة البدء في العلاقة مع كازاخستان ودول آسيا الوسطى، بالاضافة إلى النفط". 

ولفتت الصحيفة، إلى أن الاضطرابات التي وقعت في كازاخستان، أدت إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط في العالم.

وفي كل ما يتعلق ببيع السلاح، فإن "كازاخستان هي زبون مهم، ومداخيل النفط فيها تمكنها من إنفاق أموال طائلة، وإسرائيل وكازاخستان وقعتا في 2014 على اتفاق دفاع سري لم تكشف تفاصيله، لكنه كما يبدو يتعلق ببيع السلاح، وهي لا يوجد لها حدود مع إيران، لذلك فإن أهميتها الاستراتيجية تهبط".

وأوضحت أن كازاخستان اشترت في السابق معدات مثل؛ طائرات بدون طيار، صواريخ دقيقة ومنظومات رادار من الشركات الأمنية الكبيرة الإسرائيلية، وفي أيار/ مايو الماضي، بدأ مشروع ومركز خدمات، تتم إدارتهما من قبل الصناعات الجوية في كازاخستان بإنتاج طائرات بدون طيار استنادا لترخيص من شركة "البيت"، كما أن شركة السايبر الإسرائيلية "NSO" (صاحبة برنامج التجسس "بيغاسوس") تعمل في كازاخستان، وفي الشهر الماضي اكتشف أن "بيغاسوس" تم زرعه في الهواتف المحمولة لأربعة نشطاء يعارضون حكومة كازاخستان.

وذكرت أن شركات إسرائيلية من بينها شركة "منظومات فيرنت" وشركة "نايس"، باعت أنظمة رقابة لأجهزة الأمن لدول في وسط آسيا بما في ذلك كازاخستان، منوها إلى أن شركة "بيت ألفا" للتكنولوجيا التابعة لكيبوتس "بيت ألفا" وقعت في بداية 2006 على اتفاق مع وزارة الأمن الداخلي في كازاخستان لتزويدها بـ 17 سيارة لتفكيك الألغام. 

متاهة كازاخستان

وبحسب الاتفاق، فإن "الشركة كانت ستركب أجهزة حماية على سيارات تجارية من إنتاج "مرسيدس" قبل عشر سنوات، أضافة للمعدات التي تستخدم للمراقبة والمتابعة". 

ونوهت "هآرتس"، إلى أن "بيع السلاح وبرامج السايبر للنظام الديكتاتوري في كازاخستان، يمكن الآن أن يضع إسرائيل في وضع محرج بشكل خاص، لأن النظام في كازاخستان يمكنه أن يستخدم هذه التكنولوجيا ضد المتظاهرين"، لافتة إلى أن "إسرائيل في هذه الاثناء تحافظ على الصمت، وجاء الرد الرسمي الوحيد، أن إسرائيل "تأمل أن يعود الهدوء والاستقرار في كازاخستان مثلما كان". 

وزعم الخبير ميتشل، أن "تل أبيب تحاول الحفاظ على مصالحها الأمنية والاقتصادية في وسط آسيا، دون التدخل في السياسة الإقليمية المعقدة"، معتبرا أن "وجود روسيا يضيف لبنة أخرى على هذه المتاهة". 

وبينت الصحيفة، أن "كازاخستان طوال سنين حاولت الحفاظ على توازن هش بينها وبين روسيا والصين والولايات المتحدة، وفي الأسبوع الماضي، عند دخول الجنود الروس لشوارع كازاخستان، اخترق هذا التوازن، ويتوقع أن تصبح العلاقات بين كازاخستان وروسيا متينة أكثر مما كانت في السابق".

ونبه ميتشل، إلى أن "إسرائيل لا تنظر لهذا التطور بارتياح، وشراكة تل أبيب مع موسكو ظرفية فقط، وتقوم على مصالح مشتركة"، مؤكدا أن "تمركز روسيا في منطقة أخرى، مناقض لمصلحة إسرائيل، وهذا أيضا صحيح بخصوص كازاخستان". 

تداعيات واسعة 

أليكس مليخشفيلي، الخبير في تحليل الأخطار في دول وسط آسيا من معهد المعلومات "آي.أش.أس. ماركت"، رجح أن رئيس كازاخستان، قاسم جومارت توكاييف، "سيفضل الحفاظ على مسافة بينه وبين روسيا، ودخول القوات الروسية هو أمر مصطنع كليا"، منوها إلى أن "بدون لبرلة المنظومة السياسية، يتوقع حدوث غليان سياسي منظم أكثر فأكثر، وعنيف أكثر وله تداعيات واسعة".

أما توين ليم، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في معهد "آي.أتش.أس.ماركت"، بين أنه "من ناحية دبلوماسية، فإن حاجة كازاخستان إلى إسرائيل ليست كما كانت، ففي التسعينيات لعبت إسرائيل دورا مهما في جهود كازاخستان، التي حصلت للتو على الاستقلال، وذلك لترسيخ نفسها في المجتمع الدولي، بسبب علاقة إسرائيل مع الولايات المتحدة، وبسبب قوة مجموعة رجال الأعمال فيها".

وأضاف: "أما بالنسبة لإسرائيل ربما غطت "اتفاقات إبراهيم" (التطبيع) على دول وسط آسيا في كل ما يتعلق بالحضور الإعلامي وأهميتها كدول إسلامية صديقة لإسرائيل، لكن بالتأكيد ليس من ناحية أهمية استراتيجية جوهرية". 

ورأى ليم أن "كازاخستان وأذربيجان، ما زالتا هما العمود الرئيسي لعلاقات إسرائيل مع العالم الإسلامي في دول الاتحاد السوفييتي سابقا".

وأشارت "هآرتس"، إلى أنه "يمكن عزو حقيقة أن إسرائيل لم توسع ولم تطور علاقتها التجارية في كازاخستان للتوقعات التي باءت بالفشل"، موضحة أن "الكثير من رجال الأعمال في إسرائيل سعوا وراء فرص تجارية هناك، لكنهم اصطدموا بفرص محدودة".

وبينت "جهود كازاخستان لتوسيع اقتصادها ليشمل مجالات غير مرتبطة بالنفط، كان لإسرائيل فيها قدرة على الاندماج، مثل مجال التكنولوجيا الزراعية، فشلت".

وأفادت أن "بيانات صندوق النقد الدولي، توضح أن التجارة الثنائية بين الطرفين في السنة الماضية بلغت 370 مليون دولار مقابل 1.6 مليار دولار في 2014؛ معظمها جاء من تصدير النفط".

وسوم: العدد 964