الطفل السيء الطالع

حماد صبح

ذهبت شابة في عشية خريفية مطيرة  

إلى بقعة مقفرة حاملة بين يديها المرتجفتين  

الثمرة السرية لحب تعس . 

كان كل شيء ساكنا ،  والتلال والغابة  

هاجعة  في ظلمة الليل البهيم . 

وتلفتت الشابة حولها في رعب ،  

ثم نظرت متنهدة إلى الطفل البريء ،  

وخاطبته : " نائم أنت يا طفلي ، يا أساي ! 

أنت لا تعلم شيئا عن هذا الأسى .  

ستفتح عينيك بعد قليل ،  

لكنك لن تتعلق بثديي مشتاقا  بعد اليوم     

ولن تقبلك  أمك التعيسة في الغد .  

ستدعوها دون أن تجيبك ، يا عاري الأبدي ، 

يا خطيئتي الكبيرة !  

ستنساني إلى الأبد إلا أنني لن أنساك يا وليدي . 

سيضمك الغرباء إليهم إلا أنهم سيقولون : " لست ابننا " ، 

فتسأل : " أين إذن أبواي ؟! إلا أنك لن  

تلفي بينهم وليا حميما .  

أيْ أنت يا سيء الطالع !  

سترى ، وحيدا بين لِداتك ، أمهات محبات لأبنائهن  بينما  

أنت مفعم القلب أسى ، 

ومتكدر الروح غما . 

ستهيم وحيدا يا ولدي في كل مكان  

تلعن حظك في كل الأوقات  ،  

وستسمع من الناس تأنيبا مريرا قاسيا  

، فاغفر لي عندئذ ! اغفر لي خطيئتي ! 

أيْ أنت أيها الغافي ، يا سيء الطالع ! 

دعني أضمك إلى صدرى مرة واحدة وإلى الأبد ! 

فالقانون الجائر المرعب قدر علينا الأسى الأبدي . 

نم يا حبيبي قبل أن تمضي سنوات عمرك ، 

وأيام فرحتك البريئة ! 

لا تدع  أي أحزان مريرة تفسد حياة طفولتك الوادعة ! 

                       *** 

ولكن انظروا ! هو ذا البدر يُبين كوخا قريبا وراء الغابة ! 

وها هي الأم تذهب إليه حزينة ، شاحبة الوجه ، 

ترتجف ، وها هي تنحني وتضع الطفل في رفق  

على عتبة الكوخ ، وتشيح بعينيها مرتاعة القلب ، 

وتختفي في ظلمة الليل البهيم .  

*الشاعر الروسي أليكساندر بوشكين ( 1799 _ 1837 ) . 

وسوم: العدد 972