اسمي أحمر

عبد القادر عبداللي

أوهان باموق

ترجمة : عبد القادر عبداللي

رواية تبحث واقع الفن التشكيلي في تركيا والعالم الإسلامي ، في القرن الثالث عشر الهجري . وقد افتتحت بجريمة قتل لأحد النقاشين بيد مجهول ، إلى أن اكتشف الأمر في الصفحات الأخيرة ؟! وهذا الأسلوب عرّض مختلف الشخصيات بشكل مباشر للاتهام ؛ إذ كان القتيل فناناً يعمل في النقش خانة (دار النقش) مع ثلاثة آخرين تحت رئاسة الأستاذ عثمان ! وتدعيماً لهذا البناء تمَّ وضع الشخصيات جميعاً في بؤرة (صراع) . قسمهم إلى جانبين ، الأول مع الأستاذ عثمان ، وعملهم علني في كتاب (سرنامه) الذي يحكي وقائع احتفال بختان ابن السلطان ، ويتم العمل فيه وفق الأساليب الفنية الشرقية المعروفة ، والاخر يعمل بشكل سري في كتاب يتولى الإشراف عليه سفير سابق للسطان في البندقية بإيطاليا وكنّته الرواية بـ (زوج الخالة) وقد وفّر له السلطان الأموال اللازمة لإغراء الفنانين المهرة للمشاركة فيه ، كل منهم بشكل فردي ، على أن يتم الرسم وفق أسلوب (البورتريه) الغربي ؟!

وإذا كان الرسم والنقش في الكتاب الأول يأتي مصاحباً لحكاية يشرحها ، فإنه في الكتاب الثاني يجسد الأشياء والأشخاص ! وبقدر ما كان الكتاب الأول يندرج في سياق مألوف متوارث يبيحه الإسلام ، كان الكتاب الثاني يشخص الأشياء ، ويدخل في حدود الحظر ، وتتصاعد الأحداث وتتفاقم حين يُقتل المسؤول عن الكتاب السري ، وتختفي آخر اللوحات ، فيتدخل السلطان ويمهل رئيس النقاشين ثلاثة أيام للكشف عن هوية القاتل الذي ترك أثراً دون أن يدري ، يمكن أن يستدل منه على شخصه ، فكان من الضروري أن يرجع إلى رسوم الأساتذة القدماء ؛ للاهتداء إلى ما يوصله إلى القاتل ، وقد وافق السلطان ، وأمر بفتح المخازن التي تحتوي على كنز من الكتب واللوحات وأدوات الفنانين القدامى ، وهو ما أعطى الرواية مبرراً فنياً لاستعراض ثراء تلك الكنوز بشكل طبيعي .

وقد واكب هذا الحدث حكاية حب بين (شكورة) ابنة السفير السابق وابن خالتها (قرة) الذي صرح بما يعتمل في نفسه ، فحرم منها ، واضطر إلى الاغتراب اثني عشر عاماً ، ولم يعد إلا بدعوة من السفير لتكليفه بمهمة تحضير حكاية تناسب الصور التي رسمها الفنانون ؛ كلٌّ بشكل منفرد ، لكتاب السلطان السري ، وكانت شكورة قد تزوجت وأنجبت خلال هذه الفترة ، وذهب زوجها إلى الحرب ولم يُعرف له مكان أو عنوان منذ أربع سنوات ، فهام بها (حسن) شقيقه مما دفع حماها لإرسالها إلى بيت أبيها ، وحين رآها قرة تحرك حبه القديم ، وسعى للزواج منها ، ليدخل الأمر في حيز خلاف فقهي عن المدة التي يعدُّ فيها الزوج الغائب مفقودا ؟!

وتتسابق الأحداث فيقتل السفير السابق ، وتسعى شكورة مع قرة لأتمام الطلاق ، لكنها تشترط عليه ألا يكون الزواج إلا بعد أن ينتهي عمله في كتاب السلطان السري ، بناء على وعد قطعته لأبيها قبل وفاته ، وتتصاعد الأحداث وسط الصراع مع (حسن) الذي أصر على التمسك بشكورة ، بحجة أن كل ما قامت به مع قرة من إجراءات يعد باطلاً ؟! وتنتهي الرواية أخيراً ، وقد ظللهما الحب بأجنحة سعادته (مجلة العربي الكويتية ، العدد 530 ـ كانون الثاني 2003م ـ حسين عيد) .

نثر الكاتب رحيق خبراته واستبصاراته حول الحياة بين طيات الرواية ، فتحدث عن الألم والوحدة والسعادة ، والبراءة التي تتجلى في أمرين : الإحساس بهموم الآخرين ، واليقين بمقدور الله ، ومآل الأشياء وهو ما توصل إليه قرة ، واستنتجه زوج الخالة ، وتذكره مقولة أستاذ النقاشين بأن كل ما تحويه الخزائن وما تعب الآخرون من أجله مهما كان جميلاً ، زائلٌ لا محالة ، وأن البقاء لله وحده .

وقد اعتمد الكاتب على تعدد الأصوات وهو ما منح الرواية ثراء وتنوعاً فتكونت من تسعة وخمسن فصلاً ، توزعت بين شخصيات محوري العمل اللذين تضافرا وشكلا حبكتها البوليسية والعاطفية . وتشبه هذه الرواية إلى حد ما رواية (اسم الوردة) للإيطالي امبرتو إيكو في التسمية ، وقتل الفنانين ، والبحث عن القاتل الغامض ، والتقارب الزمني ، وهي لا تخلو من ملامح إسلامية كما في انتظار الزوج الغائب ، وفي الموقف من رسوم الأحياء ، وفي التسليم بالجمال المطلق وزوال ما سواه.