البراءة

حماد صبح

سنبني بيتنا إن شئت يا حبيبي آية حسن

لنقضي فيه الصيف والشتاء ،

وننظر حوله الماء جاريا حين تذوب الثلوج ،

واخضرار الشجر بعد اصفراره .

وهناك تمر أيام ألفتنا ، وفصول سعادتنا

على جنبات الدروب الوضيئة ،

ونندفع في بهجة متشابكي اليدين

مثل صبية حسان الوجوه

يلهون في سُرَب ضاحكة ،

وتكبر شجرة ورد تحت نافذة بيتنا

لتعمد نهارنا بالطل الرقيق والعبير الفواح .

ويبث قطيع الماشية الذي يزجيه الراعي الصغير

صوب المرعى ؛ براءته ووداعته في الحقول .

وتبدي الشمس اللعوب ، والبدر _البادية على محياه سيما التفكر _

اللذان ينساب شعاعهما على سيقان شجر الحور الملساء ؛

صورتيهما في نفسينا سواء أكنا لاغبين أم نشيطين وفق

ما تكون أوقات الظهيرة المنيرة والأمسيات التي ألفناها .

وسنجعل قلبينا بسيطين كثيرا ، وساذجين كثيرا

حتى لتعود الأرواح الساحرة في حكايات الماضي

لتسكن ثانية في بناديل الساعات العتيقة بألحانها السرية ،

وخلال ذلك نكون مهذبين ، مؤدبين ، منصرفين عما يشين .

وفي أمسيات الشتاء ، سنحاول أن نصاب نحن الاثنان بقليل من البرد

لنضاعف التذاذنا بدفء لهب النار ،

وسترقص نفسانا في صفاء حين نلمح الغابات

التي ستبدو في ناظرينا مرحة ،

وسنحلم في أبريل أحلاما يمازجها القلق والحيرة

حين ننفعل برقة الربيع وسحره ،

وسيلهو الحب وقورا فوق باب بيتنا ،

ونحصي أيامنا بالحصا الأبيض الصافي اللون .

للشاعرة الفرنسية أنَا دو نويه ( 1876 _ 1923 )

وسوم: العدد 723