حوار مع الأديب عبد الله الطنطاوي

عبد الله زنجير

clip_image001_8a7bd.jpg

للأستاذ الأديب د. عبدالله الطنطاوي أكثر من ثمانين مؤلفاً في القصة والنقد والسير والسيناريو والطفولة وغيرها، وهو الآن رئيس رابطة أدباء الشام التي تضم مئات الكتاب والمبدعين. كان في السابق رئيسا لتحرير مجلة (النذير) التي صدرت عن جماعة الإخوان المسلمين في سورية، ويتميز بالثقافة المتنوعة والأسلوب النثري الشائق الشبيه بالشعر.

وفي هذا اللقاء نستضيفه ونتعرف على جديده في الفكر والموقف والكلمة..

س 1 / يتهمك البعض بأنك تمثل الكلاسيكية المحافظة، وأن أولويتكم - في مدرسة الأدب الإسلامي - الترويج للقديم، فكيف تفندون هذه الشبهة وتردون على مردديها؟

ج 1- سبق لأحد النقاد أن اتهمني واتهم رابطة الوعي الإسلامي التي أنشأناها نحن الثلاثة: محمد منلا غزيل، ومحمود كلزي، وعبد الله الطنطاوي في مدينة حلب عام 1955 وكنا جميعاً في المرحلة الثانوية اتهمنا واتهم سائر أعضاء الرابطة بالكلاسيكية، واستدل على ذلك، بجزالة أسلوبنا، وبحرص شعرائنا على العروض الخليلي، وبحرصنا على النحو السيبويهي، ومعايشتنا لكتب التراث، وبوضوح أفكارنا، وببعدنا عن الغموض.

وفي سبعينيات القرن الماضي، اتهمنا أحد الصحفيين السوريين بأننا في الجمعية العربية المتحدة للآداب والفنون في حلب، نمثل الكلاسيكية العربية، وأن جمعيتنا هذه هي قلعة الكلاسيكية.

إذا كانت الكلاسيكية كما يقولون، فأنا كلاسيكي للعظم، فأنا أحرص على الجزالة في مواطن الجزالة، وأبدو شديد الحرص على اللغة الفصيحة، وعلى النحو، واقرأ كتب التراث بعشق ونهم، وعندما أنقد غيري أشتد عليه في اللغة والنحو والصرف..

أما إذا كانت الكلاسيكية تقليداً بلا تجديد ولا تطوير، فأنا لست كلاسيكياً، ولست رومانسياً، أنا عربي، وأسلوبي عربي فصيح، وأقدم أفكاري بوضوح، وأحرص على موسيقا اللفظة وموسيقا الجملة.

س 2 / من هي الشخصية الأدبية الملتزمة التي تعتبرها مصدرا لإلهامك؟ و لماذا؟

ج 2- شخصية الشهيد سيد قطب، تغمده الله بفيض رحماته، فهو أستاذي في الأدب، وفي الحياة، وفي التنظيم، وفي الثبات على المبادئ حتى الشهادة، حياته، وأدبه، وفكره، كل ذلك أثر فيّ.. أحب من يحبه وأكره من يكرهه، ولا أبالي..

س 3 / كنت مع الأديب محمد الحسناوي ومحمد منلا غزيل وإبراهيم عاصي وعبد الله عيسى السلامة، تمثلون فريقا أدبيا لافتا في حمل مشعل الدعوة وتسخير الأجناس الأدبية لقضايا التدين والتغيير.. لماذا لم نعد نجد مثل جيلكم وخضرمتكم؟ و ما هو تعريفكم - الشخصي - لفكرة الأدب الإسلامي؟

ج 3- أرجو أن تضم إلى هذه القافلة الكريمة الشاعر المبدع محمود كلزي.. ويا لهؤلاء الأشاوس.. كنا نسهر الليالي، نتدارس شؤون الأمة، وشؤون الفكر والأدب والسياسة، وكنا – وما زال الأحياء منا – نحس بالمواجع، ونحن نرى الحال البئيسة التي صارت إليها الأمة، سياسياً، وفكرياً، وأدبياً، فكنا نفكر ونخطط، والألم يعتصر نفوسنا.. كنا نحس الخراب، ونرى المخربين من الساسة والأدباء والمفكرين.. أنشأنا – في وقت مبكر من أعمارنا – رابطة الوعي الإسلامي، ولعلها أول رابطة أدبية تثير موضوع الأدب الإسلامي، وتدعو إليه، ولكنها لم تعمر، لأن (رائد القومية العربية) أمر بحل الأحزاب والجمعيات شرطاً لقيام الوحدة بين سورية ومصر، وعشق الشعب السوري عامة، والإخوان المسلمين خاصة، للوحدة، جعل الدكتور الشيخ مصطفى السباعي – أول مراقب عام للإخوان المسلمين في سورية – يبادر إلى حل الجماعة، وكذلك فعلت الأحزاب الأخرى، ما عدا الحزب الشيوعي البكداشي الذي رفض الوحدة، وهرب زعيمه خالد بكداش إلى الاتحاد السوفياتي البائد.

الأحداث المتسارعة بقسوة، والعمل السري، وسياسة القمع والاضطهاد التي قهرت الشعب السوري وأرعبته – لم تمكنا من تحويل ندواتنا إلى تيّار، ولكن بعض تلاميذنا تأثروا بحركتنا وأدبنا، ولم تسعفهم الظروف القاسية ليتجاوزوا العقبات التي اعترضتهم كما اعترضتنا. ولكن المستقبل يبشر بالخير.

أما تعريفي للأدب الإسلامي، فأقول ببساطة: إنه الأدب الذي يعبر بصدق فني عن قيم الإسلام، ليكون الإسلام منهج حياة، فكراً وسلوكاً، وأخلاقا.. إنه الأدب المنتمي إلى هذه الأمة، إنساناً، وأرضاً، وقيماً، ويدافع عن الإنسان كإنسان، ويتبنى قضاياه..

س 4 / في صيف 2003 م ظهر موقع رابطة أدباء الشام للنور، والآن بعد كل هذه السنين كيف تقومون دور الرابطة و تأثيرها على مسار الحركة الفكرية والأدبية في بلاد الشام؟ وأين موقع الرابطة في المشهد الثقافي للثورة السورية اليوم لاسيما وأن السلطات السورية بادرت بحجبه منذ أمد؟

ج 4- ولدت رابطة أدباء الشام في ظروف صعبة، فالمؤسسون في المهجر، وليس لديهم الحرية التي ينبغي أن يتمتعوا بها، فلا مقر، ولا مال، ولا كوادر، ومع ذلك ضغطنا على أنفسنا، وشققنا طريقنا، وحققنا من النجاحات ما كان فوق طموحنا – بدأت ميزانيتنا بمئتي دينار، ثم ارتفعت ووقفت عند خمس مئة دينار شهرياً لا غير، ولله الحمد والمنة.

لم تتمكن الهيئة التأسيسية من عقد اجتماع واحد، لأن أعضاءها موزعون في سائر الأقطار، في العديد من البلاد العربية، إلى أوربا، إلى كندا، إلى تركيا، إلى أمريكا، إلى ماليزيا.

أما عن الرابطة والثورة السورية المظفرة، فقد تماهت الرابطة بالثورة منذ انطلاقتها، وقد نشرنا عشرات القصائد، وعشرات المقالات، والقصص حول الثورة، بل إن كثيراً مما ننشره في موقع الرابطة’ أصداء لما يجري في سورية الحبيبة، وفي كل أقطار الثورات العربية.. وقد تعرض الموقع لقرصنة القراصنة، ولحجبه قبل الثورة وأثناءها، وقد تغلبنا عليهم بمساعدة الأعضاء الناشطين في داخل القطر السوري وخارجه.

نبني آمالاً عريضة على هذه الرابطة التي نشرت للمئات من أعضائها، عشرات الآلاف من القصائد والقصص والروايات والمقالات، وكنا وما زلنا نأمل في إصدار مختارات شعرية وقصصية وروائية ومسرحية ونقدية، من الأعمال المميزة المنشورة في الموقع.

س 5 / كم هو متوسط زوار موقعكم شهريا؟ وهل ترفضون استقبال نصوص من خارج بلاد الشام الطبيعية؟

 ج 5- يتراوح زوار الموقع حوالي مئتي ألف زائر شهرياً، وتنشر في كل عدد حوالي ثلاث مئة مادة للأدباء والشعراء العرب وغير العرب من كل أنحاء العالم، إذ ليس شرطاً أن يكون العضو العامل في الرابطة من بلاد الشام كما يوحي اسم الرابطة، بل هم من جنسيات مختلفة، من بلدان المغرب العربي، إلى بلدان المشرق العربي، ومن الأكراد، والأتراك، والإيرانيين، ومن سواهم.

س 6 / ما هو المقياس في تقويم العمل الأدبي شعرا أو نثرا أو رواية بأنه مميز ومقبول أو أنه لا يصلح للنشر؟

ج 6- ننشر كل الأجناس الأدبية المكتوبة بالعربية الفصيحة، عربية أو مترجمة، ما دامت تلتزم بالمعايير الفنية لكل جنس أدبي، وما دامت لا تغادر القيم العربية والإسلامية، وهي قيم إنسانية، وأخلاقية، فإذا خرج العمل عن القيم الفنية والأخلاقية، أو عن أحدهما، اعتذرنا عن نشره.

س 7 / هل أنت راض عن حجم ودور الأقلام النسوية العربية داخل الرابطة وخارجها؟

 ج 7- لا.. وأنا حزين جداً لغياب تلك الأقلام، أو لتغييبها.. مع الأخذ في الاعتبار، الظروف الصعبة للمرأة عندنا.. فهناك الزوج العتل الزنيم، وهناك الأب، والأخ، كل أولئك يقفون في وجوه صاحبات المواهب الأدبية، لعقد يعانون منها، وهناك الحياء الذي يغلب على الأديبات الملتزمات، وكأن الالتزام يحول دون الإبداع، وهناك مشاغل المرأة في بيتها، وإرضاء زوجها، وتربية أولادها،.. وياما حاولت مع العديد من أديباتنا – وفيهن مبدعات في الشعر والقصة والرواية والنقد – وحاولت مع أزواج المتزوجات، ومع الآباء والأقرباء، ولكن الاستجابة ضعيفة.. كانتا معنا في جامعة دمشق في خمسينيات القرن الفائت، أخت طالبة أديبة، لها أسلوب شاعري تتفوق فيه علينا كلنا، وعلى غادة السمان نفسها.. تزوجها شاب ما عرفنا أنه متزمت إلى درجة القرف إلا بعد زواجه منها.. منعها من الكتابة ومن العمل في التدريس أو أي وظيفة أخرى، وأمرها بلزوم بيتها، وقضى بذلك على قلم مبدع واعد بالكثير.. وأقول: يا حسرة على نسائنا وبناتنا، وعلى أقلامهن وإبداعهن، وعلى ما يلقين من عسف، وعنت، وتخلف..

س 8 / هل تتوقعون بأن يلعب المثقفون دورا جديدا بعد الثورات؟ وكيف ستنعكس مرحلة الربيع العربي على أقلام الأدباء في بلدان الشام الأربعة والوطن العربي؟

 ج 8- يتماهى الاستبداد والفساد والتخلف تماهياً كاملاً، والمثقفون شريحة مهمة من شرائح المجتمع العربي، كان المأمول منهم أن يكونوا قادة الفكر والمجتمع، وأن يكونوا رادة النهوض والثورة، ولكنهم انكفؤوا انكفاء أزرى بهم وبفكرهم وأدبهم ومجتمعاتهم، فكان منهم المنافقون السائرون في ركاب الحكام الفاسدين المستبدين الظالمين.. هؤلاء مردوا على النفاق، ورضوا أن يكونوا مطايا ذليلة ذلولة للحكام.

وفريق ملتزم، لقي الألاقي من الحكام الفاسدين، فكانت حيواتهم بين السجن، والتعذيب، والقتل، والملاحقة، والهجرة القسرية إلى أوطان غير أوطانهم، ليعانوا من القهر والظلم والتضييق شيئاً كثيراً، وهذا الفريق كان المأمول منهم أن يكونوا الرواد والقادة، ولكن حيل بينهم وبين ما كان الوطن ينتظره منهم.. قدموا جهد المقل، وقضى كثير منهم في ديار الغربة، حتى كان لنا في كل بلد كوكبة.. ومن بقي في الداخل، بقي في سجن صغير أو كبير..

وعندما يتحرر الوطن من الاحتلال الداخلي الاستيطاني بامتياز، سيكون لمن بقي حياً من هذا الفريق المجاهد بقلمه ولسانه وماله وحركيته سيكون لهم دور مشرف بإذن الله وعونه، بفكرهم وأدبهم، وسلوكهم الجهادي الذي لا يعرف إلا التضحية والبذل والعطاء في سخاء، سيكونون معالم على طريق النهوض، بعد عطالة وطنية قاربت الخمسين عاماً في بعض الأقطار العربية، في بلد كبلدي الحبيب سورية التي احتلها الأوباش.

س 9 / كيف هو تفسيركم للعزوف عن القراءة؟ هل هو بسبب غياب الحرية والانشغال بلقمة العيش أو لتعدد وسائل المعرفة وتقنيات التوصيل؟

ج 9- كل ما ذكرت أسباب وجيهة، ولكن الأوجه: خمول الروح، وإيثار البطالة العقلية والدونية النفسية، والتطلع إلى الرفاه المادي، والتنائي عن أشواق الروح، والتسامي العقلي والإنساني، وافتقاد المربي، بدءاً من البيت والمدرسة، وانتهاء بوسائل الإعلام مطية الحكام إلى إجهاض الإبداع في كل مجالي الحياة الكريمة.. دائماً فتش عن الحاكم الفاسد المفسد في الأرض.

س 10 / كيف ترون المستقبل الأدبي.. هل هو للأدب المكتوب أو للأدب المرئي، خاصة وأنكم أسهمتم بمئات الحلقات الإذاعية والتلفزيونية؟

ج 10- الكتاب هو الأساس، كان وسوف يبقى.. ومع هذا أدعو إلى إتقان الوسائل المعرفية كافة.. التلفزيون وما فيه من برامج متنوعة، ومسلسلات جادة بدلاً من هذه المهلهلات التي تأكل الأوقات أكلاً لمّاً.. وكذلك السينما والإذاعة، والمسرح، والنيت ومشتقاته.. وقد قيل: رحم الله امرأً عرف زمانه، واستقامت طريقته.

س 11 / بصفتكم من المبادرين في الكتابة للطفل ونشرتم العديد من مجلات الأطفال، ما هي برأيكم معايير الكتابة الناجحة لطفل اليوم؟ ومن هم أبرز كتابه الذين يلفتون نظركم على المستوى العربي؟

ج 11- هناك أدب يكتبه الكبار للصغار، وهذا جنس أدبي صعب، يحسبه بعض الكاتبين سهلاً، وهو في الحقيقة وعند الأطفال عظيم.. نرى بعض الكاتبين يظنون أنهم إذا كتبوا قصة أو شعراً أو.. وأخرجوا ما كتبوا في كتاب من القطع الكبير جداً، وبحروف كبيرة أو من القطع الصغير جداً، أنهم يقدمون أدباً للأطفال، وهذا ما نراه لدى العديد من الكتاب الذين لا يميزون بين الكتابة للكبار والكتابة للصغار.

قبل أن تكتب للأطفال عليك أن تعايش الأطفال، أن تدرس نفسياتهم، وتقف على طموحاتهم.. أن تدرس سلوكياتهم.. أن تتعرف على مداركهم، ثم تضع خطة لما تريد أن تقدمه لهم، وهذا يعني أن تعرف ما تريد تقديمه، وبأي جنس أدبي.. شعراً، قصة، سيناريو، مسرحية، رواية، مسلسلاً... وهل ستقدمه للقراءة، أو للإذاعة، أو للتلفزيون؟ وما الفئة العمرية التي تكتب لها؟ لمرحلة ما قبل المدرسة أو للصف الأول؟ للصفوف التالية؟ للفتيان؟ للفتيات؟ لكلا الجنسين؟ فلكل سن ولكل مرحلة معجمها أو قاموسها، وأسلوبها..

وهناك الأدب الذي يكتبه الصغار.. وكما نهتم ونحتفل بالنوع الأول الذي يكتبه الكبار للصغار، يجب أن نشجع وندرب الصغار، حتى يكتبوا لنا ولمراحلهم العمرية، ما يمكن أن نطلق عليه أدب الأطفال بأقلامهم وعقولهم ونفسياتهم وتطلعاتهم، وأخيلتهم.

س 12 / وأنتم من سورية ومن مدينة حلب الشهباء، والثورة السورية في هذا المنعطف الحقيقي، ما هي رسالتكم لأبنائكم وأصدقائكم الأدباء السوريين والعرب؟؟

ج 12- أقول لأحبائي وزملائي الأدباء والفنانين السوريين والعرب في كل مكان:

أنتم شهود على ما ارتكبه ويرتكبه النظام الأسدي الطائفي في سورية الحبيبة، من جرائم في زمن الوحش الأب (حافظ الوحش.. هذا لقبه ولقب جده سليمان الوحش الذي طرأ على بلدة القرداحة.. جاء من المجهول.. وطرده وجهاء القرداحة، وحماه أحد وجهائهم من بيت الصارم، واستبقاه عتالاً في القرداحة، حتى جاء حفيده حافظ وصار ضابطاً فاستبدل الأسد بالوحش، اسماً، أما فعلاً فوحش ابن وحش وأبو وحش، نعم.. ارتكب الأب الوحش جرائم زادت على مئة ألف ضحية، وارتكب ويرتكب الوحش الابن جرائم زادت على مئة ألف بين شهيد وجريح وفار بعرضه وأطفاله إلى الأردن وتركيا ولبنان وسواها.. فعلوا ما لم تفعله العصابات الصهيونية في فلسطين، قتلاً، واعتقالاً، وتعذيباً، وانتهاكاً للحرمات، دمروا المساجد، قصفوا المآذن، هدموا البيوت والعمارات على رؤوس سكانها الأبرياء، انتهكوا الأعراض، قتلوا الأطفال بعد ما عذبوهم وقلعوا أظافرهم، وثقبوا أجسامهم بالمثاقب (الدريلات) وبالنار.. نعم كووا بنت أربعة أشهر بالنار حتى ماتت، ثم سلموها إلى عمها ميتة، ولم يسلموها إلى أمها وأبيها لأن الأوباش قتلوهما تحت التعذيب.. فعلوا من الجرائم ما سوف تكشف عنه الأيام القابلة، بعد سقوط مملكة القرامطة الجدد.

أدعو الأدباء والفنانين أن يرصدوا هذه الجرائم، وأن يكتبوا سيناريوهات تراجيدية.. مسلسلات تبكي الحجر.. فتراجيديا سورية في عهد حافظ وبشار ورفعت وماهر وتابعهم آصف زوج بشرى وأمهم أم سليمان وأعوانهم أجرائهم لا تشبهها تراجيديا ولا في العصور الحجرية، ولا في الغابات.. والثورة السورية ربانية مباركة، لا تشبهها ثورة، وخسئ وخاب وخسر من يحسب أن لها شبيهاً و خسئ وخاب وخسر الزنيم الذي يمسها بكلمة.

أيها الأدباء والفنانون:

اكتبوا عن ثورة الأبطال في عاصمة الثورة: حمص، وتلكلخ، والرستن، وتدمر اكتبوا عن مفجري الثورة في درعا وبلدات حوران وقراها وبلداتهم الباسلة.. بصرى الشام، بصر الحرير، انخل، داعل، الصنمين..

اكتبوا عن دمشق المحتلة من الأغراب.. عن المدينة الباسلة: دوما وعن الزبداني ومضايا والكسوة ورنكوس وحمورية وسقبا والتل وسواها من الريف الباسل، وعن أحياء دمشق الأبطال: الميدان، والشاغور، والقابون، وبرزة، وكفر سوسة، والحجر الأسود، وركن الدين وسواها..

اكتبوا عن المدينة المجاهدة حماة وريفها الباسل.

اكتبوا عن اللاذقية وبانياس وجبلة والبيضا وطرطوس الأبطال.

اكتبوا عن دير الزور وشحيل والغورية والميادين والبوكمال البواسل. وعن عشائرها الميامين.

اكتبوا عن أبطال إدلب وجبل الزاوية وجسر الشغور والمعرة وكفرنبل وجرجناز وكل أبطالها الذين رووا سهولها الخضراء، وجبالها الشماء، وبساتينها الفيحاء، بدمائهم الزكية.

اكتبوا عن الرقة وعشائرها الحرة الأبية، ولا تنسوا قبيلة الموالي التي أنجبت الأبطال، وعن أبطال عين العرب.

اكتبوا عن ميامين حلب في الصاخور، وصلاح الدين، والأعظمية، وسيف الدولة، والمرجة، وحلب الجديدة، وميسر وسواها وأبطال عندان، وتل رفعت وإعزاز، والباب، ومنبج ومارع ومنغ وعفرين ودارة عزة، والسفيرة وبيانون وسواها.

اكتبوا عن القامشلي الباسلة، وعن شهيدها البطل تمو، وعن أبطال الدرباسية والحسكة وعامودة وأبطالها الشجعان.

اكتبوا عن عرين سلطان باشا الأطرش، عن السويداء العصية على الظلم والقهر أبناء وحفدة الثورة السورية الكبرى عام 1925.

اكتبوا عن عشائر سورية الذين رفضوا إغراءات القتلة، وأبوا إلا أن يكونوا مع إخوانهم في ريف إدلب، والرقة، ودير الزور، وبادية الشام، والجزيرة، وحمص وحلب، وحماة، وحوران وسواها.

ولا تنسوا خنساوات سورية المجاهدات الماجدات، وتعرّضهنّ للأذى على أيدي همج المافيات الأسدية، وحوش القرن الحادي والعشرين، أحد خلق الله من البشر والوحوش.. عبيد العائلة الأسدية المنحطة.

يا أيها الأدباء والفنانون

ينتظركم الكثير من العمل.. عشرات بل مئات القنوات الفضائية، والمحطات الإذاعية وخشبات المسارح، ودور النشر العربية والأجنبية تنتظر إبداعاتكم يا رجال الحاضر والمستقبل.

بشار وعصاباته إلى اندثار.. فشمروا عن سواعدكم، وتفرغوا لكتابة المسلسلات التي تؤرخ لهذه الثورة العظيمة التي قضت على مافيات العائلة الأسدية الغريبة عن العروبة والإسلام وعن الوطن السوري، إنها أسرة شنيعة من الأغراب جاؤوا من سرانيك، من يهود الدونمة، وقيل إنهم من مجوس فارس.. وانظروا إلى أعمالهم إن لم تدلكم سحنهم.

ورحم الله أستاذ الأجيال: محب الدين الخطيب – من رواد النهضة- فقد كان يكرر علينا قوله:

"كل المصائب والكوارث المادية والفكرية التي نزلت بالعرب والمسلمين عبر التاريخ كان وراءها: اليهود، أو المجوس الفرس، أو كلاهما".

نشكركم .. و جزاكم الله كل خير

وسوم: العدد 792