مع فضيلة المراقب العام الدكتور محمد حكمت وليد

إخوان سورية

د. محمد حكمت وليد: نظام الأسد مزّق النسيج المجتمعي السوري.. ولم تعد تُجدي معه التغيرات التجميلية

فضيلة المراقب العام: جماعة الإخوان السوريين ضد تغول المشروع الإيراني المذهبي وعدوانه في سورية

clip_image002_07262.jpg

هاجم فضيلة المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية د. محمد حكمت وليد الدور الإيراني في سورية، قائلاً إنّ إيران تساعد طاغية الشام وتمدّه بالرجال والسلاح والمال بحجة المقاومة والممانعة.

وأكّد الدكتور وليد، في حوار خاص مع المكتب الإعلامي للجماعة، أنّ تنظيم الإخوان المسلمين في سورية تنظيم سوري، قيادة وقراراً، وإن كانت منطلقاته تنبع من الفهم الإسلامي الوسطي المعتدل لجماعة الإخوان المسلمين.

وبيّن أنّ مواقف الجماعة السياسية قد تتقاطع مع حركة الإخوان في الأقطار الأخرى، وقد تتفارق، وأنّ أي موقف يتخذه أيّ تنظيم إخواني آخر يختلف عن الموقف الذي عبّرت عن الجماعة مراراً بشأن الدور الإيراني في سورية والمنطقة، لا يمثّل الإخوان السوريين ولا يعبر عن وجهة نظرهم.

وفيما يلي النص الكامل للحوار:

س١:

فضيلة المراقب العام يتساءل كثيرون عن دور الجماعة في ظل الظروف الراهنة والصعبة التي وصلت لها الثورة، فما هي المساحة التي تتحرك فيها الجماعة الآن؟ وما هي أهم الأدوار التي تقوم بها؟

ج١: أيدت الجماعة ثورة الشعب السوري على نظام الاستبداد والطائفية منذ البداية وما زالت على هذا الموقف المشرف الذي يعبر عن ضمير الجماهير المسحوقة والمهمشة، وهي أذ تقوم بأعباء الدعم والإغاثة والدعوة فإنها تقوم بواجبها تجاه أمتها وشعبها وتساهم في تخفيف الويلات التي يسببها القصف الروسي وبراميل النظام.

صحيح أن الثورة قامت لتعبر عن تطلع الشعب السوري للحرية والعدالة والكرامة ولكن هذا لا يمنع أن تطالب هذه الجماهير بالحرية وتعبر بنفس الوقت عن هويتها الإسلامية، هذه الهوية الوسطية المتسامحة التي طبعت بلاد الشام وعلماء الشام ولم تأتِ لوثة الإرهاب إلا بشكل متأخر بعد أن تم تصنيعه في أقبية التعذيب والمخابرات لحرف الثورة عن أهدافها.

س٢: وصل الحل السياسي الى محطة اللجنة الدستورية، وبدأت بالفعل اجتماعات هذه اللجنة التي تحظى بقبول ودعم دولي، وأيضا دعم ومشاركة المؤسسات الرسمية للمعارضة التي أنتم جزء منها، فما حقيقة موقف الجماعة من الحل السياسي واللجنة الدستورية؟ وما موقفكم من مخرجاته؟

ج٢: كانت وما زالت قناعتنا أن الحل السياسي المطروح هو حل عسكري يُفرض بالإكراه على الشعب السوري – ومشكلة سورية بالأساس ليست مشكلة دستور وإنها مشكلة نظام دكتاتوري طائفي مجرم يدوس على المفاهيم الدستورية، ولا يقيم احتراماً للإنسان ولا حقوق الإنسان.

إن القفز عن مفهوم “هيئة الحكم الانتقالي الواردة في مؤتمر جنيف مباشرة الى اللجنة الدستورية بشكلها الحالي تعني مشاركة – نظام القتلة والسفاحين الذين قتلوا مليون انسان وهدموا المدارس والمستشفيات وشردوا عشرة ملايين – في صياغة مستقبل سورية.

س٣: صدر لكم بيان رسمي يؤيد عملية (نبع السلام) في شرق الفرات والتي قام بها الجيش السوري والوطني والجيش التركي، فهل ترون أن هذه العملية حققت أهدافها؟ وما هو موقفكم من قسد؟ وهل يمكن القبول بهم؟ في العملية السياسية إذا تم عرض ذلك دوليا؟

ج٣: تركيا هي احدى الدول القليلة التي بقيت من أصدقاء الشعب السوري، وقد تقاطعت مصالح الدولة التركية مع مصلحة الثورة السورية في كثير من القضايا واهمها المحافظة على وحدة البلاد وعدم انفصال أي مكون من المكونات العرقية أو الدينية عن جسد الوطن.

وقد تمت عملية نبع السلام وسط ظروف دولية وإقليمية بالغة التعقيد والخطورة وقد حققت السيطرة على جزء من الشريط الحدودي الذي تعتبره حيوياً لأمنها القومي بأقل قدر ممكن من الخسائر البشرية والمادية، أما بقية الشريط فهو رهن لاتفاقات تركية روسية أمريكية.

ونحن كما ذكرنا مراراً وتكراراً ننظر للأخوة الكرد في سوريا على أنهم مكون أصيل من مكونات هذا الوطن لهم ما لبقية المواطنين وعليهم ما عليهم، ولكننا ضد أي مكون انفصالي سواء كان قسد أو غيرها، ويجب الا يمكنوا من المشاركة في مستقبل سورية إلا إذا تخلوا عن مبادئهم الانفصالية.

س٤: معظم حديث الفاعلين الدوليين في هذه الآونة يدور حول عودة اللاجئين إلى سورية، فما هي رؤيتكم لعودة اللاجئين إلى الداخل السوري؟ هل تشجعون عودتهم؟ وهل ترون ذلك يصب ف مصلحة الثورة؟

ج٤: حق عودة اللاجئين إلى ديارهم حق أصيل من حقوق الإنسان، وهو أمر أساسي جداً لإعادة التوازن الديموغرافي لسورية الذي تلاعب به النظام بمعرفة الإيراني والروسي.

ولا يمكن أن تتم هذه الصورة ما لم يكن هناك ضمانات بالسلامة وعدم الملاحقة الأمنية والانتقام في السجون والمعتقلات.

مع الأسف إن التجارب القليلة التي عاد فيها المهجرون إلى مناطق النظام كانت تجارب مريرة ورادعة للكثيرين عن التفكير بالعودة..

س٥: من أكثر التهم التي توجه للجماعة هي علاقتها بإيران، وخاصة بعد التسريبات الأخيرة لوثائق تتحدث عن لقاءات بين الإيرانيين والاخوان في تركيا، هل أنتم جزء منها؟ وما هو موقفكم من إيران؟ وهل هناك نقاط التقاء بين المشروع الإيراني والمشروع الإخواني كما يتحدث البعض؟

ج٥: إيران دولة إقليمية كبرى ذات نفوذ على الساحة السورية، ومع الأسف فهي صاحبة مشروع توسعي مذهبي في المنطقة – ونحن لسنا ضد إيران ولكننا ضد التغول الإيراني في بلادنا – تقوم الميليشيات الشيعية بقتل شبابنا ونسائنا وأطفالنا وبمسحة طائفية بغيضة.

كما أن إيران تساعد طاغية الشام وتمده بالرجال والسلاح والمال بحجة المقاومة والممانعة، وأحب أن أقول هنا عندما كان الشعب السوري يدفع دمه وروحه وماله ثمناً للقضية الفلسطينية لم تكن الجمهورية الإيرانية قد ولدت بعد.

وما قدمه شعب سورية لفلسطين لم يقدمه شعب آخر، ومن الظلم الفادح مساعدة الطغاة والمجرمين على قتل هذا الشعب بالبراميل المتفجرة وبالطائرات التي ما زالت تستهدف مخيمات اللاجئين ومناطقهم المكتظة بالنساء والأطفال الآمنين.

س٦: الكثير يعتبر أن علاقة حماس أو إخوان مصر بإيران يعني بالتالي وجود علاقة مع اخوان سوريا بإيران كون الجميع ينطلق من نفس المدرسة، فكيف تفرقون بين مواقفكم وبين مواقف بقية الإخوان؟

ج٦: تنظيم الإخوان المسلمين في سورية هو تنظيم سوري، قيادته سورية وقراره سوري، وإن كانت منطلقاته تنبع من الفهم الإسلامي الوسطي المعتدل لجماعة الإخوان المسلمين.

مواقفنا السياسية قد تتقاطع مع حركة الإخوان في الأقطار الأخرى. وقد تتفارق، وكما ذكرت سابقاً فنحن نعتبر أن تَغَوَّلَ المشروع الإيراني المذهبي وعدوانه على الأراضي السورية والشعب السوري له آثاره المدمرة اليوم وفي المستقبل، ولن يكون في صالح إيران على المدى البعيد.

وقد عبّرنا عن موقفنا هذا مراراً، وأي موقف آخر يتخذه أي تنظيم إخواني آخر فإنه لا يمثلنا ولا يعبر عن وجهة نظرنا.

س٧: على مستوى العلاقات الدولية، أين تقف علاقاتكم مع دول الخليج العربي بالذات؟ ومع بقية دول المنطقة بشكل عام؟

ج٧: علاقاتنا مع الدول تنبع من مواقف هذه الدول تجاه القضايا الوطنية والإسلامية وتجاه الجماعة، ونحن نسعى لأن تكون هذه العلاقات حسنة مع الجميع، وإن كان لدى البعض مواقفهم الإيديولوجية المسبقة.

علاقتنا مع دول الخليج عموما – خاصة السعودية – حسنة ونأمل أن تتطور للأحسن، وخارج نطاق الشأن السياسي السوري نحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية للدول المضيفة.

س٨:

يتحدث المجتمع الدولي عن أن تدخله في سورية كان لحماية الأقليات، وأن هذه الأقليات مهددة من الثورة ومن المشروع الإسلامي بالذات، فما هي رؤيتكم حول هذا الموضوع؟

ج٨: كانت ثقافة بلاد الشام على مرِّ العصور ثقافة تسامح وتعايش بين مختلف الأعراق والأديان، والنسيج المجتمعي السوري بتنوعه العرقي والديني هو خير دليل على التعايش الذي تمتعت به هذه المنطقة من العالم لقرون.

والفكر المتطرف هو فكر طارئ على بلادنا، وهو فكر الأزمة الذي ولَّدته الأنظمة الحاكمة بممارساتها المخابراتية القمعية على شعوب المنطقة وقد رسب هذا الفكر في الامتحان رسوباً مدوياً بما لديه من تعصب وضيق أفق وممارسات وحشية متخلفة.

أما المجتمع الدولي فهو لا يتدخل في شؤون الدول الضعيفة – بذريعة حماية الأقليات – إلا حفاظاً على نفوذه ومصالحه، وتجربتنا في سورية مع الظلم الذي يمارسه المجتمع الدولي على شعبنا هي تجربة مريرة.

س٩: هل تقبل الجماعة الدخول في عملية انتخابية أو ترتيبات سياسية يكون النظام الحالي جزء منها؟

ج٩: سلوك النظام الحالي على مدى نصف قرن يوحي أنه غير قابل للإصلاح، وسلوكه الحالي مع اللجنة الدستورية يوحي أنه لا يقبل الشريك إلا خاضعاً ومنافقاً له، وإذا تم ترتيب مستقبل سورية دون تغيرات جذرية ومنهجية في بنية النظام تُقَلّمُ مخالبهُ المخابراتية المتوحشة وتبني جيشاً للشعب السوري وليس ضده، ورئيساً يعمل لصالح بلده وليس لصالح طائفته وعصابته، فلا أمل بالتغيير.

لقد مَزقَّ النظام النسيج المجتمعي السوري، وارتفعت جدران الدم حتى أغرقت الجميع ولم تعد تُجدي التغيرات التجميلية هنا وهناك.

لا بد من تغيير جذري ينقل سورية من الدكتاتورية المزمنة الى الحرية والديموقراطية، ومن تعصب الطوائف الى تسامح الأديان.

وسوم: العدد 853