خبير لـ"عربي21": السيسي يحمل أجندة خفية لتدمير مصر

طه العيسوي

- حصة الجيش من الاقتصاد لم تزد قبل عام 2011 عن 5% لكنها اليوم تصل إلى 40%

- مصر تحت قيادة السيسي أصبحت "دولة متسولة" وهو لا يمتلك أي رؤية حقيقية للإصلاح

- البرنامج الحقيقي للسيسي يتمثل في بيع ما تبقى من مصر ورهنها للسماسرة والأجانب

- هناك صناديق وحسابات خاصة داخل الجيش بها مئات المليارات والشعب لا يعلم عنها أي شيء

- صناديق وحسابات القوات المسلحة تُدار بمعرفة السيسي ومجموعة من الجنرالات الفاسدين

- السيسي استولى على 700 مليون متر مربع لبناء العاصمة الجديدة في واحدة من أكبر عمليات الفساد

- ندعو لإنقاذ مصر من سياسات السيسي الذي أوصلنا لحافة الخطر وربما يأخذنا نحو الإفلاس

قال الخبير الاقتصادي المصري والمتخصص في إعداد موازنات الدول النامية، الدكتور عبد الخالق فاروق، إن رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، يحمل "أجندة شيطانية خفية لتدمير وتحطيم مصر، وتقويض أركانها، وتحويلها إلى بلد يستولي عليه الأجانب، وبصفة خاصة الخليجيون، ويبدو أن ذلك كان اتفاقا ضمنيا منذ كان السيسي مُلحقا عسكريا في السعودية".

وأضاف فاروق، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "مصر تحت قيادة السيسي أصبحت دولة متسولة، وهو لا يخجل من تكرار هذا التسول"، مُشدّدا على أن "السيسي بكل سياساته لا يمتلك أي رؤية حقيقية للإصلاح، بل إن برنامجه الحقيقي يتمثل في بيع ما تبقى من مصر".

ولفت إلى أن سياسات السيسي الاقتصادية "أسفرت عن زيادة غير مسبوقة في معدلات الفقر، والتضخم، والديون الداخلية والخارجية، وهو الأمر الذي أوصل بلادنا إلى حافة الخطر الذي قد يأخذنا لحافة الإفلاس مع الأسف الشديد"، مطالبا المصريين بإنقاذ بلادهم من تلك السياسات التي وصفها بـ "التخريبية".

وأردف فاروق: "هذا الرجل يسير منذ اللحظة الأولى نحو خطة جهنمية، وكل ما يتبدى من قرارات الآن هي وليدة تفكير مُسبق لجماعة تحيط بهذا الرجل، وأجندة لا نعرف مصدرها حقيقة من أجل بيع مصر، ورهنها للأجانب، وللسماسرة سواء كانوا عربا من الخليج أو أجانب".

ورأى الخبير الاقتصادي البارز أن "حصة الجيش المصري من الاقتصاد لم تزد قبل عام 2011 عن 5% من مجمل الناتج القومي في مصر، لكني أستطيع القول الآن إن تلك النسبة تتراوح ما بين 30% إلى 40% من الناتج المحلي المصري، ومن الأنشطة الاقتصادية بصفة عامة".

وكشف فاروق أن "هناك صناديق وحسابات خاصة داخل الجيش تجمع فيها الآن مئات المليارات من الجنيهات، سواء بالعملة المصرية، أو بالعملة الأجنبية، ولا يعلم عنها الشعب المصري أي شيء، وإنما تُدار بمعرفة السيسي ومجموعة جنرالات فاسدين محيطين به".

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

عبد الفتاح السيسي قال إن شركة العاصمة الإدارية تطلب حاليا من الحكومة 4 مليارات جنيه سنويا كحق انتفاع لاستخدام الحي الحكومي في العاصمة الجديدة.. كيف استقبلتم تلك التصريحات التي أثارت جدلا واسعا؟ وما دلالتها؟

أرى ذلك نوعا من أنواع "الاحتيال" الكاشف من جديد لعقلية هذا الرجل، التي تعتبر الأقرب لـ "عقلية لصوصية" وليست عقلية رجل دولة، أو حتى عقلية مدير شركة تتسم بقدر ما من النزاهة والأمانة؛ فالرئيس عبد الفتاح السيسي استولى بقرار جمهوري رقم 57 لسنة 2016 على 700 مليون متر مربع لبناء العاصمة الإدارية الجديدة وتجمع الشيخ محمد بن زايد، وأدخل هذه الأراضي – وفقا للقرار الجمهوري – لحصة شركة "لقيطة" تابعة لجهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة، وأدخلوا فيها هيئة المجتمعات العمرانية كطرف أو شريك، لكن في الحقيقة هي مجرد غطاء قانوني. وتتولى هذه الشركة بيع الأرض، والبناء عليها، وبيع الوحدات السكنية، دون أن يدخل الخزانة العامة للدولة جنيه واحد؛ فكانت هذه واحدة من أكبر عمليات الفساد ونهب المال العام لصالح شركة تابعة للقوات المسلحة، ولجماعة جنرالات عبد الفتاح السيسي، خاصة أن الخزانة العامة تعاني من عجز دائم وفاضح.

وبالتالي فمطالبة هذه الشركة "اللقيطة" بـ 4 مليارات جنيه إيجارا سنويا يُعدّ نوعا من أنواع النصب والاحتيال - بالمعنى القانوني والسياسي – على الشعب المصري، وعلى الحكومة المصرية التي تأتمر بأمره.

أيضا قال السيسي إن مصر دولة بلا "ثروات"، وإنه سأل من وصفه بـ "شيخ البحث والتنقيب" (لم يسمّه) فأخبره بأن مصر لديها 3 أشياء فقط، وهي رمل ورخام وحجر جيري.. فما دقة تصريحات السيسي؟

ما قاله الجنرال السيسي - الذي لا أصفه برئيس لجمهورية مصر بعد بيعه جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، ومنها بالطبع لإسرائيل التي أصبحت لها الكلمة الفصل في مضيق تيران بعد هذا البيع - إن مصر ليست لها ثروات، هو تعبير ينم أولا عن جهل كبير، ثم عن رغبة أكيدة في تحطيم معنويات الشعب المصري، مثلما قال إن مصر بلد فقير، و"فقير قوي" وكررها عدة مرات، وقد رددت عليه في كتاب كامل بعنوان: "هل مصر بلد فقير حقا؟"، والذي بسببه جرى اعتقالي لعشرة أيام، واعتقال صاحب المطبعة، ومُصادرة الكتاب دون أي سند قانوني، وحتى اليوم لم يصدر أي قرار قضائي، أو قرار من النيابة العامة بمُصادرة الكتاب، وبالتالي هي جزء من عقلية هذا الرجل التي ترغب بشكل جوهري في إيذاء معنويات الشعب المصري، ليس فقط بسبب عدم كفاءته وجهله بحقائق الأمور، وإنما هناك رغبة دفينة لديه في إضعاف معنويات المصريين بشكل غريب، من خلال التكرار المُمل والمستمر حول أن مصر لا تمتلك موارد، وأنها بلد فقير، لتبرير حالة "التسول" التي وصلت إليها مصر تحت قيادته خلال السنوات الثماني الماضية.

المستشار السابق بوزارة الخارجية الأمريكية، البروفيسور روبرت سبرينجبورج، وصف مصر مؤخرا بأنها أصبحت "دولة متسولة".. ما تعقيبكم؟

عندما يقول مستشار وزارة الخارجية الأمريكية إن مصر أصبحت بلدا متسولا، هي ليست مقولته وحده، بل - مع الأسف الشديد -أصبحت مقولة يرددها كل حكام الخليج الذين يتسول منهم، وكل شعوب الخليج، وربما كل شعوب العالم التي تتابع الشأن المصري؛ فبالفعل مصر تحت قيادة السيسي أصبحت بلدا متسولا، وهو لا يخجل من تكرار هذا التسول؛ فهذا الرجل يحمل أجندة شيطانية لتدمير ما بقي في مصر من كبرياء وطني، وكرامة وطنية.

ما تقييمكم لمجمل السياسات الاقتصادية في عهد السيسي؟ وإلى أين تتجه تلك السياسات؟

هذا الرجل بكل سياساته لا يمتلك أي رؤية حقيقية للإصلاح، ومنذ اللحظة الأولى لظهوره على المشهد السياسي وترشحه لانتخابات الرئاسة، ولقائه التلفزيوني الشهير مع الإعلاميين لميس الحديدي وإبراهيم عيسى، تبين أنه لا يمتلك برنامجا، وإنما أجندة شيطانية خفية؛ لتحطيم مصر، وتقويض أركانها، وتحويلها إلى بلد يستولي عليه الأجانب، وبصفة خاصة الخليجيون، ويبدو أن هذا كان اتفاقا ضمنيا منذ كان ملحقا عسكريا في السعودية، وعقب عودته للقاهرة وترقيه لسلم القيادة العسكرية المصرية تحت قيادة المشير طنطاوي؛ فيبدو أنه كان هناك اتفاق سري بأنه سيمنحهم كل ما يرغبون فيه من أصول مصرية، وهذا هو برنامجه الحقيقي الذي يتمثل في بيع مصر أو ما تبقى من مصر، بعد أن باع سلفه الرئيس المخلوع حسني مبارك وأولاده جزءا آخر من ثروات مصر، وأصولها.

وبرنامج السيسي للإصلاح الاقتصادي المزعوم لم يكن إصلاحا بقدر ما كان تخريبا ممنهجا، وقد أسفر عن زيادة غير مسبوقة في معدلات الفقر، والتضخم، والديون الداخلية والخارجية، وهو الأمر الذي أوصل بلادنا إلى حافة الخطر الذي قد يأخذنا لحافة الإفلاس مع الأسف الشديد، ولذلك نحن ندعو لضرورة إنقاذ مصر من سياسات السيسي.

ما الدوافع الحقيقية التي جعلت الحكومة المصرية تسارع في بيع أصول تبلغ قيمتها حوالي 40 مليار دولار على مدة 4 سنوات؟ وهل ترى أن هناك "منافسة خليجية شرسة" على شراء تلك الأصول المصرية؟

الدوافع الحقيقية لعرض خطة بيع أصول مصرية على مدار أربع سنوات بقيمة أربعين مليار دولار هي دوافع مُضمرة في إصدار القانون اللقيط رقم 177 لسنة 2017 الذي أنشأ ما سُمي "الصندوق السيادي لمصر"، وجرت عدة تعديلات لهذا القانون في عام 2019 جعلت كل الأصول المملوكة للدولة المصرية، وشركاتها، وهيئاتها، ومصالحها المختلفة داخل هذا الصندوق، الذي يأتمر مباشرة بأمر الجنرال عبد الفتاح السيسي؛ فهو الآمر الناهي في هذا المجال، ولا مُعقب عليه، وقد سبق ونشرت مقالة تحليلية طويلة كتحليل قانوني وسياسي حول المخاطر الاستراتيجية للصندوق السيادي لمصر، وكل بند من هذا القانون يشير إلى أن هذا الرجل يريد أن يستجمع كل الأصول المصرية المملوكة للحكومة تمهيدا إما للاقتراض بضمانها، أو رهنها، أو بيعها، أو تأجيرها دون مُعقّب عليه على الإطلاق، وبالتالي هذا الرجل يسير منذ اللحظة الأولى نحو "خطة جهنمية" وكل ما يتبدى من قرارات الآن هي وليدة تفكير مُسبق لجماعة تحيط بهذا الرجل، وأجندة لا نعرف مصدرها حقيقة من أجل بيع مصر، ورهنها للأجانب، وللسماسرة سواء كانوا عربا من الخليج أو أجانب.

في تقديركم، ما نسبة سيطرة الجيش على الاقتصاد المصري حاليا؟

في تقديري أن حجم أو حصة الجيش من الاقتصاد المصري لم تزد قبل عام 2011 عن 5% من مجمل الناتج القومي في مصر، والأنشطة الاقتصادية، لكني أستطيع القول الآن - ولدي دراسة في هذا المجال – إن تلك النسبة تتراوح ما بين 30% إلى 40% من الناتج المحلي المصري، ومن الأنشطة الاقتصادية بصفة عامة، وهناك صناديق، وحسابات خاصة داخل الجيش تجمع فيها الآن – بشكل صريح وواضح - مئات المليارات من الجنيهات، سواء بالعملة المصرية، أو بالعملة الأجنبية، ولا يعلم عنها الشعب المصري أي شيء، وإنما تُدار بمعرفة هذا الشخص، وبمعرفة مجموعة جنرالات فاسدين محيطين به.

وسيطرة الجيش على الاقتصاد المصري بشكل مكثف جعلته شريكا رئيسيا في كعكة الأرباح دون أن يدفع باتجاه تخفيض الأسعار.

ما دلالة تصريحات السيسي التي طالب فيها مؤخرا بتحويل الودائع الخليجية إلى استثمارات؟

هذه المطالبة تحمل عدة حقائق خطيرة أهمها أنه يعرض عليهم تحويل أموالهم لشراء أصول مصرية معروضة للبيع سواء شركات أو أراضي أو بنوكا أو غيرها، وهذا مزاد علني لبيع ما بقي من أصول وإمكانيات وقدرات مصرية، فضلا عن أنه يعلن بوضوح صعوبة وخطورة الموقف المصري في رد هذه الودائع لأصحابها الخليجيين، وهو مؤشر من مؤشرات الاقتراب فعليا من إفلاس الدولة المصرية.

وسوم: العدد 988