محمد حسن بريغش

محمد صالح حمزة

أجراها : محمد صالح حمزة   

إذا أردت أن أصف ضيفنا لهذا العدد بكلمة واحدة لاخترت –دون تردّد- كلمة "الرّفق"، فهو، لا نزكّي على الله أحداً، من الذين يَألَفُون ويُؤْلَفُون بسرعة قياسية... رفيق في حواراته، يتكلّم بتلقائيّة آسرة لا يملك محاوره إزاءها إلاّ أن يقتنع بما يقول.. أو على أقل تقدير أن يحترم آراءه إلى أبعد حد..

بإنصافه المميّز ينظر الأستاذ "محمد حسن" علي بريغش إلى الأمة العربية والإسلاميّة محدداً واقعها وما تُعانيه.. وسبل النّهوض بها.. فلا يُحمّل الأعداء وحدهم تبعة هذا الواقع على طريقة الذين يؤثرون السّهولة في الحكم على الأشياء.. بل يضع يده على موطن الوجع ويقول: هنا يجب أن نُعالج..

نترك القارئ مع الأستاذ يسمع منه:

هل لكم أن تُقدّموا للقرّاء بطاقتكم الشّخصيّة؟

محمد حسن بن علي بريغش من مواليد بلدة التّل التي تُبعد 15كم شمال دمشق عام 1942م.

نلت شهادة الليسانس باللغة العربية عام 1966، والدّبلوم العامة في التربية عام 1968.

أحببت القراءة والكتابة منذ الصّغر وبدأت الكتابة منذ بداية المرحلة المتوسّطة.

إنتاجكم، والصّحف التي نشرتم بها

نشرت عشرات المقالات والبحوث والدّراسات في عشرات الصّحف والمجلات منها: مجلة الشّرطة ومجلّة جيش الشّعب "سورية" الإصلاح "الإمارات" الشّرق الأوسط والمسلمون، المشكاة والدّفاع الأدبي "المغرب". البعث الإسلامي "الهند"...

أما الكّتب فإنّها تزيد على 14 كتاباً إضافة إلى العديد من الكتب المدرسية في المملكة العربية السّعوديّة.

ومن الكتب المطبوعة: مصعب بن عمير ـ أبو بصير ـ ظاهرة الرّدة ـ ذات النّطاقين ـ المرأة المسلمة الدّاعية ـ في الأدب الإسلامي المعاصر ـ الأدب الإسلامي أصوله وسماته ـ الشّعر الإسلامي الحديث ـ أدب الأطفال ـ في القصّة الإسلامية المعاصرة...

الإنتاج الذي تعتزّون به أكثر من غيره، ولماذا؟

الكاتب يُحبّ إنتاجه، لأنّ هذا الحبّ رمز للصدق وصورة من صوره ولكنّني أحُبّ مصعب بن عمير الذي كان أوّل إنتاجي لأنّه حقق ما كنتٌ أريده منه، في إعطاء صورة عن الشّاب الدّاعية الذي يهجر دنياه ومغرياتها ويُفضّل مرضاة الله عزّ وجل.

وكذلك كتاب "الأدب الإسلامي: أصوله وسماته" وكتاب "أدب الأطفال" لأنّه –من وجهة نظري- أوّل دراسة جادّة لأدب الأطفال من التّصوّر الإسلامي.

العمل الحالي

أعمل الآن في التّطوير التربوي –قسم المناهج في المملكة العربية السّعوديّة بالرئاسة العامة لتعليم البنات.

آمال عزمتم على تحقيقها: ماذا تحقّق منها وما الذي لم يتحقّق بعد..؟

الآمال كثيرة، وتحقّق بعضها، وبعضها لم يتحقّق..

وأهمّها: الكتابة في مجال التربية لتوضيح أصول التربية الإسلامية بعيداً عن منعكسات الفلسفة التربوية الغربية.

وكذلك موضوعات خاصّة بتربية الأطفال على أسس إسلامية.

وكتابة تاريخ الأدب الإسلامي –عن طريق إعادة كتابة تاريخ الأدب العربي على أسس إسلامية.

السّاحة الأدبية تعجّ بأدعياء الأدب، ورافعي راية الحداثة، كيف تنظرون إلى هذا الواقع.. وماذا تقولون لهؤلاء؟

نعم الساحة الأدبية تعجّ برافعي راية الحداثة، ولا شكّ أن بعضهم يمتلك الموهبة الأدبية ويتسلّح بالثقافة العصرية ولكنّه منحرف في عقيدته وتفكيره، لذا يوظف موهبته ضد الإسلام وكل القيم المرتبطة به.

وهذا التّيار –الحداثي العلماني- يتمتّع بدعم كبير من الحكومات وتوضع تحت تصرّفه وسائل الإعلام المختلفة، وتُتاح له الفرص في مختلف المناسبات، فضلاً عن الدّعم الغربي بجميع صوره..

وهذا الواقع صورة طبيعية للوضع العام الذي تقوده القوى الغربية وتعمل على محاربة الإسلام وطمس معالمه.

وهناك عامل مهم في الواقع وهو "فشل الحركات الإسلاميّة وعجزها عن حمل الدعوة بصورة صحيحة، ووقوع بعض أبنائها في أخطاء قاتلة، وانحرافات كثيرة، وتوزّع ولاءاتهم بعيداً عن منهج الدّعوة.

وليس غريباً أن يفعل الحداثيون ما فعلوا، ولكنّ الغريب ألاّ يكون للإسلاميين أهداف واضحة، ومناهج واضحة في خدمة دينهم، ومغازلة الكثيرين من حملة الأدب للحداثة، ووقوع بعضهم في خدمة أهداف خاصّة، أو ولاءات رسمية.

أعداء الإسلام يتّهمون الإسلاميين باحتكار الحقيقة. وبالتالي نفي الآخر.. كيف تردّون على هذه الفرية، وما هو حكم الإسلام تجاه الرّأي الآخر؟

الإسلاميون لا يحتكرون الحقيقة. هكذا أتصوّر أمر الدّعوة. ولكنّ بعض الأساليب الخاطئة من الإسلاميين يوحي بمثل هذه الفكرة التي يستغلّها أعداء الإسلام، ويضخّمونها، ويُهاجمون الإسلام والمسلمين عن طريقها.

وفي نظري أن الحركات الإسلامية حصرت عملها في جانب واحد –رغم الادعاءات المغايرة- وهو الجانب السياسي والحزبي وقصّرت في حمل الدّعوة.

الدعوة توجّه لكل الناس، وتطرح الإسلام بشموله وتكامله، وتدعو فئات الناس جميعاً، تدعو الحاكم ومن يُحيطونه عن طريق دعاة مختصّين بهذا المجال، وتدعو الطّبقة السياسية، وتدعو الطبقة الاقتصادية، وتدعو العمال، وتدعو الأطفال، وتدعو النّساء، وتدعو جميع فئات المجتمع.

نحن بحاجة إلى دعاة مؤّهلين، يعرفون الإسلام أوّلاً، لا كما يعرفه الحركيون الحزبيون، فكر ونظرات قائمة على العقل فقط – بل يعرف الإسلام من مصدره، ويدرسه دراسة متأصّلة.. والواقع محزن، فأكثر قادة الحركات الإسلامية لا يعرفون دينهم، بل يتحدّثون به عن جهل.

ينبغي أن يبيّن الدعاة أنّ الإسلام ليس بديلاً عن مصلحة الناس ومنافعهم، بل هو الذي يُحقّق لهم الخير، والمنفعة بالطرق السليمة التي تحفظ للفرد قيمته وكرامته، وللمجتمع طمأنينته، وسلامته، وتوازنه.

إنّ الأمر يحتاج إلى تصوّر واضح للدّعوة، وإن الحركة وسيلة لحمل الدّعوة وليست بديلاً عنها.

الأمّة العربية والإسلامية تمرّ بمرحلة غاية في الدّقة والخطورة.. كيف تنظرون إلى ذلك.. وما هو في رأيكم الدّاء.. وما هو الدّواء؟

تمرّ الأمة العربية، والمسلمون جميعاً بمرحلة خطيرة، إنّهم أشبه ما يكونون بالرّجل الغائب عمّا يجري في العالم، أمريكا والغرب، ومن ورائهم يهود العالم ينفّذون مخطّطاً رهيباً لإفقار المسلمين وتجويعهم.

إنّها أخطر هجمة، وأكبر مخطّط يُجابه المسلمين، وفي الوقت ذاته المسلمون غائبون، إنّهم يتجرّعون الآلام، والإذلال، والقتل، والتّجويع، والمخاوف ويسكتون.

أفترض أن المسلمين بأعدادهم الكثيرة، لو أرادوا الوقوف موقف الرافض لهذه المخطّطات، والمقاوم مقاومة سلمية لأثاروا في أمريكا والغرب كثيراً من المخاوف.

تصوّر لو أن الناس قالوا بأفعالهم لهؤلاء: إنّنا نستطيع أن نعيش بدونكم، وإننا نستطيع أن نتعامل مع غيركم، فماذا يحصل بهذا العالم الذي يعبد المادة، ويرسم خططه على أساس استهلاكنا لما يُنتجون. الدّاء أن المسلم صيغ –في هذا العصر- على أساس الحياة المادية صياغة غربية –رغم ادعاءاتنا- فالأمور المادية هي الأساس في حياتنا وهي المحرك لتفكيرنا، والمكوّنة لعلاقاتنا، والمحدّدة لأهدافنا. لذا أصبحت مصائرنا وحياتنا بيد الغرب لأنّه يملك المادة.

أما لو أعدنا صياغة حياتنا على أسس جديدة، على أساس الإيمان ووضعنا الحاجات المادية موضعها، فأصبحت الضّرورات فقط هي التي نحتاجها وليس الكماليات ووسائل التّرف والراحة الشّخصيّة.

الدّاء فينا الرّكون إلى الدّنيا نعم هذا بالنسبة للدّعاة فكيف حال بقية المسلمين.

إننا نتلهى بألعاب لفظية تحت اسم المعاصرة ونخدع أنفسنا ونزداد غرقاً فيما نحن فيه.

ماذا يجول في الخاطر وتودّون أن تقولوه للقارئ؟

أُريد أن أقول للقارئ المسلم: إذا أحسنت قراءة كتاب الله عزّ وجل فسوف تحسن بعدها قراءة ما يكتب في مختلف شؤون الفكر قراءة إسلامية. أما إذا عجزتَ أو قصّرتَ عن قراءة كتاب الله قراءة صحيحة فلن تستطيع قراءة غيره إلاّ كما يُريد أعداء الإسلام.