مع زغلول عبدالحليم وذكريات مع عمه محمد عبدالحليم عبدالله

أبو الحسن الجمّال

clip_image002_53c5e.jpg

clip_image004_cc17a.jpg

clip_image005_20934.jpg

 تعرفت إلى الأستاذ "زغلول عبدالحليم" لأول مرة منذ نحو عقدين من الزمان عندما قرأت كتابه الرائع "الوتر المشدود" الذى كتبه عن عمه الراحل الأديب الروائى محمد عبدالحليم عبدالله (1913- 1970) وتوالت قراءاتى له فى الدوريات والصحف، ومنها "مجلة المختار الإسلامى" التى يواظب على الكتابة فيها بصفة منتظمة، وذات أصيل وجدت من يتصل بى، ويقول "أنا زغلول عبدالحليم ..اشكرك لإنصافك صديقنا العلامة الأستاذ الدكتور محمد يحيى" وكان قد توفى قبل عام ونصف، وكتبت عنه مقالا شاملاً نشر فى عدة صحف ومجلات.. فأراد الرجل شكرى وتحيتى وذكرها فى مقال له أيضاًً عن د.محمد يحيى ..وقد توطدت بيننا الصلة، والتقيته وتجاذبنا أطراف الحديث فى موضوعات كثيرة وذكريات عطرة عن عمه الراحل محمد عبدالحليم عبدالله، وعن أعلام آخرين كانت بينه وبينهم ذكريات، وفى كل مرة اتصل به أخرج منه بالجديد الممتع.    

 "التقيناه" وأجرينا معه حديثاً شاملاً عبرنا فيه محطات عدة أهمها ذكرياته عن عمه الأديب الروائى محمد عبدالحليم عبدالله، ونشأته فى بيته وقد خصه بالحنان الزائد وكان نعم الأب والمربى له بعد رحيل أبيه محمود عبدالحليم عبدالله عام 1960، وكان زغلول لا يزال فى الثانية عشر من عمره..وتحدثنا أيضاً عن الأيام الأخيرة فى حياته والدوافع التى جعلته يؤلف كتاب "الوتر المشدود" عن حياة عمه بمناسبة مهرجان تكريمه بالثقافة الجماهيرية، وتحدث الأستاذ زغلول أيضاً عن علاقته بأعلام عصره مثل ثروت أباظة، ومحمد جلال كشك، ومحمود محمد شاكر، كما تحدث عن الواقع الأدبى فى مصر وكيفية استفادتنا من تراثنا العظيم وموضوعات  أخرى شيقة سوف نطالعها من خلال الحوار التالى:

1-   نشأت فى بيئة أدبية خالصة، وكيف كانت لهذه النشأة أثرها الكبير على حياتك الأدبية فيما بعد؟

 نعم، نشأت فى بيئة أدبية أدبية خالصة من عام 1954 وحتى 1970 فى رعاية عمى الروائى محمد عبدالحليم عبدالله، وكانت حجرة مكتبه هى الحجرة التى أقضى بها وقت مذاكرتى وأيضاً حجرة نومى، وكان لا يفصلنى عن حجرته إلا الحائط وكثيراً ما رآنى عبر نقرات خفيفة على الحائط فأقوم إليه مسرعاً، وكانت طلباته لا تخرج عن طلب تجهيز العشاء أو تخفيض الصوت الذى يصل إليه من سير أولاده على الأرض أو الصوت الصاعد إليه من محل النجارة أسفل العمارة التى كان يسكنها مع أنه فى الدور الرابع!

كنت حينها لا أزال فى المدرسة الابتدائية ولم تتضح لى ملامح سلوكيات واهتمامات الرجل ..فقط يقولون: "اسكتوا عمكم بيكتب!".

 وكانت ساعات الكتابة بعد ظهر اليوم إلى ما قبل العاشرة بقليل أو بعدها فى أوقات نادرة ثم يقوم إلى العشاء ويقضى وقتاً طويلاً معنا على المائدة يتحدث فى جميع شئونه بكل وضوح وبكل ثقة وكان يعلمنا وكان فعلاً يعلمنا لأنه يسألنا بعد ذلك عما قال!!

2-   علاقتكم بعمكم الراحل محمد عبدالحليم عبدالله وأهم الذكريات معه؟

كنت لا أحب الدراسة مطلقاً، وكان الرجل قلقاً على جداً..لا أميل لأى نوع من القراءة أو حتى الصنعة..شعر الرجل بأن أمامه مسئولية كبيرة.. ماذا أقول لأبيه؟ توفى أبى محمود عبدالحليم عبدالله عام 1960 وأنا فى السنة السادسة (كانوا يسمونها القبول) حصلت على نسبة نجاح أقل من المطلوب لدخول المرحلة الإعدادية..احتار الرجل وألحقنى بمدرسة خاصة (كانت عيب فى زماننا) قضيت بها سنة ثم التحقت بمدرسة أحمد ماهر الإعدادية، ولا تزال الخيبة تلازمنى والرجل فى حيرة وزادت حيرته بعد وفاة والدى وتضاعفت همومه ثم نجحت وبصعوبة بالغة والتحقت بمدرسة الفسطاط الثانوية إلا أن الخيبة كانت تلازمنى ورسبت فى السنة الأولى فى كل المواد، ولما كنت فاشلاً على نحو غير مسبوق قال لى السعاة: "أنت ناجح!" ونقلت النجاح الفاشل إلى الأسرة ففرحوا جداً!!

إلا أن البريد حمل إليهم الشهادة بعدها معلناً رسوبى فى كل المواد وجاء بالشهادة عمى الأستاذ محمد عبدالحليم عبدالله ودق الجرس وفى ميعاده، ففتحت له الباب وأخذنى من يدى وأغلق باب حجرته علينا (وهذه للمرة الأولى آراها) وقال الرجل:

- أنت نجحت يا زغلول؟

- نعم ياعمى.

- أمال دى إيه يا ابنى؟؟

لم أرد وشملنى وإياه صمت أقرب إلى صمت القبور.

وقال الرجل: قم إلى غرفتك.. (خروج ذليل لا مثيل له).

حبست نفسى ولم يحبسنى أحد أو يؤذينى بكلمة إلا من نظرات حزينة تشفق على هذا الولد الضائع..

 كانت حجرة مكتب الأستاذ محمد هى سجنى الاختيارى لم أبارحها مطلقاً لشهور إلا لقضاء الحاجة فى وقت لا يرانى فيه أحد..كنت أخاف من نظرات كل من ينظر إلىّ..حتى جاءت نقرات على الحائط عرفتها. انتظرت ثم عادت النقرات بقوة فقمت ودخلت فى ذلى على عمى محمد قال الرجل بهدوء:

-         اجلس..كان دقيقاً أنيقاً منظماً خجولاً – رحمه الله ووسع مدخله- عايزك تشوف رواية لتولستوى اسمها اسمها ولم تسعفه الذاكرة..

-         قلت: "أنا كارنينا".

-         قال:لا!

-         قلت لعلها "البعث"!

-         قال: نعم. أنا سعيد بك يا زغلول ستنجح إن شاء الله ..

وفعلاً وفقنى الله فى السنة الأولى للمرة الثانية وأصبحت فى السنة الثانية وادخلونى القسم العلمى وكانت كارثة بالنسبة لى!!

دخلت على عمى غرفته وقلت له مباشرة:

-         عايزين يدخلونى علمى يا عمى وكانت حالتى مؤسفة للغاية ..فنادى الرجل بأعلى صوته:

-         فيه إيه؟ ونادى على من أمر من أهلى بدخولى علمى ووبخه توبيخاً شديداً.. ذهب الرجل إلى المدرسة الثانوية وقابل ناظرها ونقلنى إلى القسم الأدبى وكانت فرحتى عظيمة، تمتعت بالقسم الأدبى وتفوقت وأثنى على الأساتذة جميعهم وكنت معروفاً لدى ناظر المدرسة بالاسم حتى صار ينادينى ويسألنى ويقربنى منه ولا أزال اذكر اسمه هو الأستاذ الكبير "حسن أحمد التاجى" ومن الغريب أننى اسكن الآن فى عمارة ابنته! وكان فى زيارة لها وسلمت عليه وقبلت يديه، رحمه الله رحمة واسعة...تفوقت فى الثانوية العامة..كان الخبر مفاجأة كبيرة..كنت الأول على الصف الثالث الأدبى بمدرسة الفسطاط.. واشترك معى فى الأولية الأستاذ عبدالمعطى والأستاذ شوقى - متعهما الله بالعمر الطويل والعمل الصالح- تفوقت فى اللغة العربية ومادة المجتمع العربى وكانت رغبتى إلى الالتحاق بكلية الآداب شديدة إلا أن العم رفض وادخلنى كلية التجارة خوفاً علىّ من التيارات الماركسية التى غزت الوطن بشكل لافت للنظر منذ أوائل 1952 وكان هو شخصياً من ضحاياها وأحسست بألم عظيم فكان حبى له قد ملك على أقطار نفسى.. كنت فاشلاً فى الدراسة الجامعية إلى أبعد الحدود! لولا أننى كنت معجباً بالأستاذ الدكتور سيد محمد الهوارى أستاذ الإدارة وصارت بيننا صداقة متينة عززها الجهد الذى بذلته فى تعريفه بعمى محمد فتوثقفت عرى الصداقة بينهما لمدة قصيرة من عام 1967 وحتى رحيل العم فى عام 1970، فكتب نعياً فى الأهرام يقول فيه: (مات فقيد الإنسانية)، وحزن عليه حزناً شديداًُ.

 تخرجت فى كلية التجارة جامعة عين شمس 1972(بكل روح ضاقت الموت الموت) كما يقولون، ولولا صديقى الأستاذ الدكتور فتحى أبوالفضل – متعه الله بالصحة والعافي- ما كان لى أن أخرج من السنة الرابعة !!

شاب كاره للأرقام كيف يدفع به إلى كلية التجارة؟!!

أمقت الأرقام! ولا استوعب العلوم ولا أهضم الهندسة مطلقاً وأخاف منها، ولا أدرى لماذا كنت أحب مادة الجبر وأحصل على الدرجة النهائية فيها!!(محتاجة تفسير).

تخرجت فى كلية التجارة (بالعافية)!

تم تعيينى بوزارة الحربية (الدفاع حالياً) بالقسم المالى بإدارة العاملين المدنيين عن طريق رجل فاضل يسكن نفس العمارة بعد تخرجى بشهر واحد (كلام لا يصدقه عقل!) ولكنه الواقع .رحم الله الأستاذ محمود صادق مراقب شئون الأفراد بهيئة الإمداد والتموين بوزارة الحربية عام 1972وبارك الله فى ولده. انتقلت بعدها إلى وزارة المالية بالتعيين الحكومى المباشر، وتم ضم مدة الخدمة!! (لا تتعجب!!).

3-   الأيام الأخيرة فى حياة محمد عبدالحليم عبدالله وشهادتك عليها؟

توفى عمى الأستاذ محمد عبدالحليم عبدالله عن عمر يناهز 57عاماً وقد أصيب بنزيف فى المخ وهو فى طريقه إلى دمنهور من بلدته "كفر بولين".انتقل إلى المستشفى وأسلم الروح مساء يوم 30 يونيو 1970الساعة السادسة مساء.

قال لى وقد جمعتنا الفراندة المطلة على النيل:

"لو مرت السنة دى على عمك سأعيش طويلاً" .. كان هذا فى صيف 1970، ولم تمر السنة وانتقل إلى جوار ربه..أحسست باليتم الحقيقى بوفاة الرجل..

 مر الرجل بأزمات عدة أشهرها تزوير كتبه فى لبنان والذى أثر على دخله تأثيراً شديداً، بالإضافة إلى كارثة الحكم بالسماع ذكرها الأستاذ الدكتور يوسف حسن نوفل فى رسالة "الدكتوراه" عن الراحل عام 1973، وكذا ذكرها الدكتور حلمى محمد القاعود أشهر نقاد الأستاذ محمد عبدالحليم عبدالله وأكثرهم معرفة بأدبه.

 كتب قصة سليمان الفارسى "الباحث عن الحقيقة"، وقد أمده بالمادة صديقه الكبير الأستاذ خالد محمد خالد والذى كنت أتردد عليه بشأن استيفاء بعض الحوادث، وكانت صدمة قاسية على اليسار وخاصة الأستاذ يوسف الشارونى والذى كان يحاول ان يصبغ أدب الرجل – واستطاع لحين- بالمفاهيم المضللة وقد تخلص الرجل منها نهائياً بكتابه "الباحث عن الحقيقة"، وكتب قصة "للزمن بقية"، وهى تعتبر الجزء الثانى من رواية الأرض "الجنة العذراء"، واعتبرها الجزء الثالث بعد أن يضم اليهما "بعد الغروب"..وقد ترك الرجل مئات المقالات جمعتها فى عدة كتب بعد رحيله.     

4-   الدوافع التى جعلتك تؤلف عنه كتاب "الوتر المشدود" ولماذا سميته هكذا؟

الفضل فيه يرجع إلى أستاذى العظيم يحيى حقى، إنه صاحب ولست أنا.

"الوتر المشدود" هو مقال نشره الكاتب العظيم يحيى حقى بجريدة المساء القاهرية عقب وفاة الأستاذ محمد عبدالحليم عبدالله. إنه مقال عبقرى لكاتب عبقرى أهملته أمته حتى نساه الناس إلا من فيلم "قنديل أم هاشم"!!

والحقيقة أن جمع وإعداد كتاب "الوتر المشدود" جاء مصادفة، فقد اتصل بى الأستاذ الدكتور رئيس هيئة قصور الثقافة وقتها، وتابع معى الأستاذ مسئول النشر، وذلك بخصوص مهرجان عن الأستاذ محمد عبدالحليم عبدالله، وطلب منى أن أعد كتاباً عنه على عجل فكان "الوتر المشدود" الذى حذف منه النصف تقريباً، وبمقدمة الأستاذ يوسف القعيد الذى رفض آرائى أو معظمها!

المهم نشر الكتاب وعمل المهرجان وكان سيئاً للغاية!! وهكذا نحتفل بالأعلام ولولا إنسانية المحافظ لفشل المهرجان فشلاً ذريعاً!!

و"الوتر المشدود" بقيته عندى جعلتها فى كتاب آخر سميته "هجوم الصمت" وهو حبيس الأدراج حتى يأذن الله بالفرج.     

5-   كيف تعرفت إلى الأديب ثروت أباظة؟

قضيت سنوات قليلة خارج الوطن، وعدت إليه لأعمل بوزارة الكهرباء والطاقة عن طريق النبيل الكاتب ثروت أباظة - رحمه الله رحمة واسعة- الذى اتصل بالوزير ماهر أباظة وزير الكهرباء والطاقة الذى عينى فى الحال، وكنت على صلة بثروت أباظة من أواخر الستينيات حتى رحيله..كان مثالاً للنبل والأخلاق الفاضلة وروائياً كبيراً، كان شوكة فى حلق اليسار المهيمن على كل منابر الفكر فى بلادنا، لذا أهملوه كثيراً مثل غيره من الأدباء الكبار الذين كانوا يختلفون مع توجهاتهم السقيمة، وتعتبر رواية "شىء من الخوف" أعظم رواية فى العصر الحديث ، هكذا سمعت عمى الأستاذ محمد رحمه الله، وكتبت عنها مقالاً فى يناير 1976، بعنوان "حق الله بين جان أنوى وثروت أباظة" قدمته لسيادته يوم كان مديراً عاماً لمجلة الإذاعة والتليفزيون بعد رحيل عبدالناصر فأشار الرجل إلى سكرتيره قائلاً: "سلم هذا لعبدالله خيرت"، وكان مديراً لـ"مجلة الجديد" التى كان يرأس تحريرها الأستاذ الدكتور رشاد رشدى، ففرحت أسرتى بالمقال فرحاً شديداً وبطريقة العرض، وقد أعدت نشره مع بعض التعديل فى "رابطة أدباء الشام". 

6-   قراءاتك وأهم روافد فكرك؟

تنقلت من قراءاتى الأولى فى الأدب الروائى الخالص إلى الفكر النقدى الخالص عندما وقعت عيناى فى المكتبة على كتاب "مفاهيم ثقافية" للراحل مالك بن نبى ترجمة عبدالصبور شاهين ..كنت خائفاً منه! حاولت الاقتراب من الكتاب مراراً ..كان صعباً جداً ..حاولت كثيراً حتى تمكنت من القراءة، فكان الكتاب الآخر "الغزو الفكرى" لمحمد جلال كشك، وحدث الذى حدث مع كتاب مالك بن نبى حتى وقعت عيناى على كتاب "أباطيل وأسمار" للعلامة محمود محمد شاكر وكنت لا أعرف شيئاً عنه مطلقاً إلا من خلال مجلة "الرسالة" التى كنت أقرأها مرة وأتركها مرات!! شدنى الكتاب وأصبحت لا أترك للعلامة محمود شاكر شيئاً إلا قرأته وبالذات فى الهم الثقافى العام، وكانت مقدمته لكتاب "الظاهرة القرآنية" لمالك بن نبى تحفة أدبية رائعة ودراسة حضارية نادرة..كما قرأت بعد لأعلام الفكر الإسلامى الحديث مثل كتب:" أنور الجندى، وعبدالرحمن بدوى، ومحمد عمارة، وعماد الدين خليل، وغيرهم...  

7-    كيف ترى الواقع الثقافى فى مصر فى الوقت الراهن؟

أما عن الواقع الثقافى فى مصر الآن فلا نقول إلا ما يرضى ربنا لا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون.

8-   كيف السبيل إلى توحيد الثقافة العربية والإسلامية والارتقاء بها وجعلها تؤثر فى المشهد العالمى؟

يا سيدى الكريم لا سبيل لتوحيد الثقافة العربية والإسلامية لأنها موحدة أصلاً.. ثقافتنا العربية الإسلامية هى واحدة لأنها مستمدة من الدين ولا يمكن لثقافة أن تعيش بغير أن تستمد خصائها من دينها مهما كان هذا الدين..ثقافتك هى دينك دون شك، وقد تناول هذا المفهوم العلامة محمود محمد شاكر فى كتابه "أباطيل وأسمار" وهو الكتاب العلامة فى تاريخنا الحديث، وثقافتنا مؤثرة لاشك فى المشهد العالمى وتشهد "زيجريد هونكه" على ذلك، كما تشهد "أنا مارى شميل" أيضاً على ذلك ولكن المفتون بضلالات الغرب يعمل معاول الهدم باستمرار حتى يتم نزع كل قيمة من قيمنا من نفوسنا ونضع القيم البديلة ..مأساة متكاملة نحن نصنعها، ويشهد أيضاً محمد أسد، ومراد هوفمان، وروجيه جارودى، ومريم جميلة، وعبدالهادى هوفمان ألخ...ولكن إصرار البعض منا على تقديم "نيتشه"، و"هيدجر"، و"سارتر" على أنهم رواد الفكر أساء لعقيدتنا أيما إساءة كما أساء لكل قيمة من منظومات قيمنا خاصة منظومة القيم الإسلامية العليا وانظر ما قاله أستاذنا عبدالرحمن بدوى بعد إيابه الفكرى: "إن العقل الغربى لم يقدم شيئاً يستحق الإشادة به!".   

9-    كيف نستفيد من تراثنا العظيم؟

وعن قضية الاستفادة من التراث، أقول إنه لا إرث لنا إلا إرث - محمد صلى الله عليه وسلم – ولا إرث غيره، ومن أعظم الإبتلاءات التى ابتلينا بها ضم القرآن الكريم والسنة النبوية إلى التراث!!! ولا أدرى كيف يكون هذا؟ إنه المنطق الأعوج والتفكير السقيم والأعوجاج الفكرى .القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة هما معاً دين الله الذى أنزله على قلب سيدنا -محمد صلى الله عليه وسلم، وخطاب الله تعاظم وارتفع إلى البشرية وقد أكمل الله دينه ورضيه لعباده، أما حكاية التراث هذه فهى خارجة تماماً عن كتاب الله وسنة نبيه، نراها فى ضوء الكتاب والسنة نقبل منه ما يتوافق معهما ونرفض فيه ما يتعارض معهما. وقد حقق كبار العلماء الآلاف المؤلفة من الكتب طبقاً لهذا المفهوم الذى لم يقبل العلماء الكبار غيره مهما كان قائله، فلا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق..ودع عنك ما نراه من انفلات فكرى وشذوذ قد يذهب بصاحبه إلى جهنم والعياذ بالله.  

10-          كيف ترى مستقبل الأدب الإسلامى؟

مصطلح الأدب الإسلامى يشوبه بعض الغموض .. فكل الآداب التى تعلى من الغرائز وتمجد لحظات الهبوط ليست لها علاقة بالأدب مطلقاً ومكانها معروف..كذلك الأعمال الأدبية التى تمجد التسامى مكانها معروف والعمل الأدبى الرفيع هو الذى يحيا أبطاله بين لحظتين هما الهبوط والتسامى والأديب النابغة هو الذى يحقق نقطة التوازن بين اللحظتين! مجرد رأى ..هذا هو الأدب الإسلامى من وجهة نظرى ولعلى اكون قد أصبت...

إن الأدب الذى يخلو من تصوير الكون والخلائق على خلاف منهج الله لا علاقة له بالأدب وأن الآداب الحقيقية هى التى تنبع من التصور الحقيقى عن العلاقة بين (الله، والكون، والحياة) وقد ذكرها ربنا سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم، وبينها نبيه صلى الله عليه وسلم فى سنته الشريفة التى هى وحى من الله سبحانه وتعالى ...   

وسوم: العدد 648