الاسْترَاتِيجيِّةُ.. وَ تَعْريبُ المُصْطَلحَاتِ

د. حامد بن أحمد الرفاعي

مُصطلحُ الاستراتيجيِّةِ مِنَ المُصطلحاتِ القَديمةِ.. ظهرت الكِتابةُ بشأنِه بلغات متعددة منذُ قرونٍ عديدة.. وتُولّدَ هذا المصطلح في الميادينِ العسكريِّة.. فالمكان الاستراتيجي عسكريَّاً هو المكانُ السرِّي الحصين المنيع الذي يَرى غيرَه ولا يُرى.. ويَصلُ إلى غيرِه ولا يُوصلُ إليه إلا ممن اختاروه وحددوا مواصفاته.. وهو مُشتقٌ من الكَلِمةِ الإغريقيِّة Strato)) وتَعني (الجيشُ أو الحشودُ العسكريِّةُ).. ومِنْها اشتقت اليُونانيِّةُ القَديمَةُ كَلِمةَ (stratēgos) وتَعني فنُ إدارةِ وقيادةِ الحروبِ.. وتوسّعَ النَّاسُ في استخدامِه حتى دخلَ لُغاتِ العالمِ بلا استثناءٍ.. وبالإنجليزيِّةَ(Strategy):. وعُرِّب فقيلَ (الاستراتيجيِّةُ)..وهي تَعني أصولُ فنِ القيادةِ و التخطيطِ العالي المستوى في كافةِ ميادينِ مناحي الحياةِ (العسكريِّة والسياسيِّة والاقتصاديِّة والاجتماعيِّة إلخ) وذلك لِتحقيقِ أهدافِ الإنسانِ وطموحاتهِ .. في مواجهةِ التحدياتِ الكبرى والأحداث العظمى من حولهِ.. وبِعبارةٍ أخرى.. الاستراتيجيِّةُ :هي عِلمُ وفَنُ التخطيطِ العميقِ والموضوعيِّ والعمليِّ والسريِّ بشأن أمرٍ ما.. وذلك لتحقيقِ الأفضلِ لمصلحةِ أمةٍ ما.. وقيلَ في تَعريفِ الاستراتيجيِّةِ الكثيرُ.. وقد تتبعت ذلك باهتمام.. ممّا يُمكنُ إجمالهُ باختصارِ شَديدٍ:(أنَّها فنُ اختيارِ الأدق والأحكمِ والأجدى لِتَحقيقِ الأفضلِ).. وأنَّه لفي غايةِ الأهميِّةِ أنْ نُفرِّقَ بينَ الهدفِ الاستراتيجيِّ.. وبينَ الخِطَطِ والإجراءاتِ المُساندةِ والمُمهدةِ لهُ.. فمن أهم مقومات الهدف الاستراتيجي الدقةُ والإحكَامُ والسريِّةُ.. فإذا افتقد الهدف الاستراتيجي الإحكام والسريَّة سقط وافتقد جدواه.. فالهدفُ الاستراتيجيُّ يُنبغي أنْ يُحاطَ بالسريِّة والكِتمانِ التام في سياقِ التنافُسِ ورُبّما المُغالبة معَ الآخرِ.. ورسولنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يقول: "استعينوا على قضاءِ حوائجِكم بالكتمانِ".. وللأسف فقد ابتُذلَت عِبارةُ الاستراتيجيِّةِ ابتِذالاً مُسرفاً وربّما مهيناً.. وقد نُقِلَ إليَّ أنِّ شاباً نَصحَ زميلَه بشراءِ حذاءٍ أعجبهُ قائلاً: أحرص ألا يفوتك إنَّه حذاءٌ استراتيجي"؟؟؟!!!

وسوم: العدد 815