أصنافُ الحكواتية ، في الظروف الطبيعية ، وفي الأزمات !

عبد الله عيسى السلامة

الحكواتي : هو مَن يروي للناس ، القصص والحكايات ، لأهداف مختلفة !

والحكواتي موجود ، في سائر الشعوب ، وفي العصور، كلها ! ولكلّ شعب طريقته، في الاستماع إلى الحكواتية ، بحسب بيئته وطبيعته وظروفه !

مِن الحكواتية ، مَن يتّخذ سرد الحكايات مهنة ، يأخذ عليها أجراً ، ويتّخذ مكاناً محدّداً ، لسرد حكاياته ، التي قد تكون قصصاً شعبية قديمة ، كقصص : الزير سالم، وعنترة بن شدّاد ، وتغريبة بني هلال .. وغيرها !  

وقد تقوم ، بدور الحكواتي الجَدّة ، التي تحكي لأحفادها ، حكايات تسلّيهم بها ، كي يناموا ، أو كي يستمتعوا ، و ينشغلوا عن عبثهم المزعج !

وقد ورد ، في السيرة النبوية ، أن أحد المشركين ، كان يسعى ، إلى صرف أنظارهم ، عن سماع القرآن وكلام النبيّ ، بسرد الحكايات ، عن بعض الأمم !

وروي ، عن أبي سفيان ، بعدما أسنّ ، وصار عاجزاً عن القتال ، أنه كان يرافق بعض جيوش المسلمين ، في الحروب ، ليروي للمقاتلين قصصاً ، تشجّعهم ، وترفع من معنوياتهم ، وتحفزهم للقتال !

وغنيّ عن البيان ، أن ثمّة فروقا كبيرة ، متعدّدة ، بين الحكواتية ، وبين العاملين في حرفة الكلام : كالأدباء والعلماء ، والمحامين والمدرّسين ، والإعلاميين ، وأمثالهم.. وإن كان بعض هؤلاء ، ينطبق على كلامهم ، من بعض الوجوه ، ماينطبق على كلام الحكواتية ، من حيث قلة الجدوى والتأثير ، في الأعمال التي يمارسونها !  

 ويمكن تصنيف الحكواتية ، أصنافاً مختلفة ، منها ، على سبيل المثال :

حكواتي مبادِر: وهو الذي يبادر، من تلقاء نفسه ، إلى سرد الحكايات !

حكواتي مكلّف: وهو الذي يُطلب منه ، سرد الحكايات والقصص، بأجرأو بلا أجر!

حكواتي ثرثار:  مجرّد ثرثار، وهو الذي يفرض ثرثرته ، على الناس ، وهم  كارهون لثرثرته ، أو لديهم أعمال تشغلهم عنها.. حكواتي يملك بلاغة مؤثّرة، بالكلام الشفهي أو المكتوب.. حكواتي يملك بلاغة ، وحُلماً ، يسمّيه مشروعاً.. حكواتي يملك بلاغة ومشروعاً ، وإرادة تغيير، ولا قدرة له ، على فهم الواقع .. حكواتي في موقع قرار، لايملك قراراً.. حكواتي يملك قراراً ، ولا يملك القدرة ، على تنفيذه ؛ لعجزه ، أوعجز مرؤوسيه !

بعض صفات الحكواتية :

حكواتي لطيف جذّاب الحديث .. حكواتي سَمج منفّر.. حكواتي صادق مستقيم..

حكواتي كذّاب .. حكواتي محتكِر، يزعم أنه أفهم من غيره ، وأصدق ، وأكثر وفاء وإخلاصاً وأمانة .. ويحتكر هذه الأمور، كلها ، ويجرّد الآخرين ، جميعاً ، منها !

حكواتي سفيه ، يسلق الناس ، جميعاً، بلسانه، بمن فيهم الحكواتيه أمثاله، ولايقدّم شيئاً، لأيّ أمر مهمّ ، سوى الحكي !

  والحكواتية ، قد تكون لهم تكليفات معيّنة ، سياسية أو إعلامية ، أوغيرها ؛ فمنهم حكواتي يَجذب الناس ، إلى أمر ما.. ومنهم حكواتي يَصرف الناس ، عن أمر ما .. وهكذا !

 وغالباً مايمارس هذه المهمّات ، بعض الإعلاميين ، في الصحف ، وأجهزة التلفزة، وغيرها !

وسوم: العدد 862