فقلت ادعي وأدعوَ إن أندى … لصوت أن ينادي داعيان

وأظل أكتب إليكم ، وأعلم أن عود ثقابي ، لا يضيء في حضرة شموسكم ، أكتب إليكم لأونس بالكتابة إليكم وحدتي ، وأدفع عن سمائي غيوم وحشتي ، وأشد بكم عضدي ، وأعلم أنني أويت حين اخترتكم ، على الأهل والعشيرة والدار والوطن، قد أويت منكم ، بعد ركن ربي ، إلى ركن شديد ..

أظل أكتب لأونس ، وحدة وحيد ، وأدفع وحشة مستوحش ، وأعلم من ظن وخال وحسب أن المسلم للمسلم - في كل الظروف - كالبنيان المرصوص ..وأن الله معنا ولن يترنا أعمالنا ..

وكان سيدنا داود ، عليه السلام ، إذا سبح فترنم ، أوّبت الجبال معه : سبحت بتسبيحه ، ورجّعت بترجيعه ، وتمايلت مع مزامير حكمته مثل حلبي استخفه الطرب ..

ويلوموننا ... وقال سيدنا معاوية لسيدنا عمرو ، وقد طرب حتى خفق برجليه : إن الكريم طروب ..

والفارس المُعْلم - أيها المعلمون - هو الذي يضع يوم الكريهة على رأسه ما يشار به إليه ، من عصابة كعصابة أبي دجانة ، رضي الله عن أبي دجانة ، أو ريشة كريشة سيد الشهداء حمزة ، رضي الله عن حمزة ..

ووقع حديث بعض العبّاد على قلوب بعض العِباد ، لو سمعوه بترشيد وتثبيت ، كوقع حديث القطر يسمعه راعي سنين تتابعت جدبا ..

فأصاخ يرجو أن يكون حيا ..ويقول من فرح هيا رباه ..

أو كقول من قال :

كلامك هندا ، وهي مصغية ، يشفيك .. قلت صحيح ذاك لو كانا ..

وأقول :

ألا حبذا هند وأرض بها هندُ .. وهندٌ أتى من دونها النأي والبعدُ

فقلت ادعي وادعو ..

أيعجز أحد الذين يُعلم في الناس مكانهم ، أن يسعف الناس بتسجيل فيه دعاء يتذلل به بين يدي مولاه ..ويثبّت به المستوحشين والخائفين ..ينادي فيه لكل الناس كما نادى فيهم نبيهم من قبل : لن تُراعو .. لن تُراعوا ..

وقالوا : عن الرجل يعلم مكانه : يجاهر بطاعته وبصدقته ليقتدى به . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يخطر الخيلاء بين الصفين : إنها لمشية يكرهها الله ورسوله إلا في مثل هذا الموطن ..مشية تثبت الصديق وترهب العدو ..

فلا مكان في مثل هذه المواطن لخوف رياء ولا لحب الخمول ..وفقه الساعة وفقه الساحة : نضّر الله رجلا أراهم من نفسه قوة ..وإذا كنت بين العلمين الأخضرين فهرول فإن وراء الأفق من يراك !!

أو ردد مع سيدنا علي على أبواب خيبر

أنا الذي سمتني أمي حيدرة .. أكيل للأعداء كيل السندرة

إطلاق الصوت اليوم بالترشيد والتبشير والتثبيت وشد الأزر واجب وقت ، وهو دعوة

وجهاد وصلة ... موحش هذا الصمت الذي يسود فضاء السوريين ..فمزقزا سجفاته بجهير الاستغفار والتسبيح والترشيد والتثبيت

وقد كان الصيام بالصمت نسك من قبلنا ، أبطلته شريعتنا ، فلا نسك في دين الإسلام بصمت ، فانطقوا أيها الصامتون..

فقلت ادعي وأدعوَ إن أندى … لصوت أن ينادي داعيان

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 870