الصهيوني والأسدي وقواعد الاشتباك الجديدة، من أقوالهم

زهير سالم*

كتبت منذ خمسة أيام عن القصف الصهيوني لسيارة الجيب الحزبلاوية في جديدة يابوس السورية . استنكرت القصف ، وتوقفت عند قولة الناطق باسم الجيش الصهيوني إن الهجوم وقع بحسب " قواعد الاشتباك" ، وكانت كلمة مريبة ، وتسريبا خطيرا، يقتضي من السوريين جميعا وقفة وتأملا وتتبعا للخيوط ..

ثم بعد يومين من القصف المذكور تجدد القصف الصهيوني مرة أخرى على الأرض السورية ، ووقع القصف هذه المرة يوم الاثنين الماضي ، على الأرض السورية ، في منطقة تدمر شرق حمص ، شجبنا وسنظل نشجب ونستنكر وندين كلما تجرأ المحتل الصهيوني على عدوان جديد على أرضنا السورية. وسنظل نستنكر العدوان سواء وقع بالطائرات أو بالصواريخ أو بأي أداة من الأدوات ، وسنظل نشجب العدوان الصهيوني على الأرض السورية مهما كانت طبيعة الأهداف التي يستهدفها هذا العدوان..

سنظل نستنكر العدوان ونحمل بشار الأسد وزمرته مسئولية الشراكة فيه ، وتسهيله ، وغض البصر عنه ، والتقاعس عن التصدي له ، باعتبار بشار الأسد الجهة التي تضع اليد على مقدرات الدولة السورية ، وتملك مفاتيح القرار السوري الرسمي ، بحكم الأمر الواقع ، والمؤامرة الدولية المصرة على الاعتراف به ..

وخلال الأيام الخمسة الماضية ، ما بين العدوان على جديدة يابوس ثم العدوان على مدينة حمص بعد يومين ؛ ظهر من أمر العدوان ما يستحق المزيد من الشجب والاستنكار والتحذير ويستحق المزيد من الحذر والتنبه والتنبيه وكاتب هذه السطور مجرد سوري ينادي بعد العشي : يا قطان احترق قطنك . ولا يبالي ..

وإليكم

كشفت المصادر العسكرية الصهيونية عن بند جديد في صفقة التفاهمات ، قواعد الاشتباك الجديدة ، التي أومى إليها المتحدث العسكري يوم قصفت الصواريخ الصهيونية سيارة الجيب الحزبلاوية فقال : إن القصف وقع بمقتضى " قواعد الاشتباك" وزادونا هذه المرة من الشعر بيتا : فقالت مصادر عسكرية إسرائيلية تعليقا على قصف منطقة تدمر ، واقرأ وتمعن وتدبر " إن إسرائيل - في عدواناتها - لا تحاول أن توقع خسائر في الأرواح بين الإيرانيين وحزب الله . فقط تستهدف المعدات والممتلكات "!!

نتذكر أنه عندما قصفت سيارة الجيب الحزبلاوية ، التي كانت تحمل " هوامير من حزب الله " أطلقت في البداية طلقة تحذيرية على السيارة ، فهرب كل من فيها ، ثم جاء الصاروخ الثاني فدمر السيارة ، ولم يصب أحد من الركاب !! وكان ذاك قول الناطق العسكري يومها " إن القصف تم حسب قواعد الاشتباك " أما غير المطلعين على الخفايا ، فقالوا : إن الصاروخ الصهيوني الأول أخطأ الهدف ، ووقع أمام السيارة بخمسة عشر مترا !!

وفي ثنايا الخبر الذي تحدث عن القصف على تدمر ادعت وكالة سانا أن الدفاعات الجوية السورية ردت على الصواريخ الصهيونية فأسقطتها . وكذب هذا الخبر المتحدث العسكري الصهيوني حسب صحيفة " ايديعوت أحرنوت " وقال إن الدفاعات الجوية السورية لم تشغل بطارياتها إلا بعد قضت القوات الصهيونية وطرها ، وأشبعت إربها ، ونالت غايتها ، وقضت ومضت ؛ فكان تشغيل البطاريات الأسدية المتأخر عملا استعراضيا محضا ...

نقول ولعل هذا هو البند الثاني من بنود قواعد الاشتباك الجديدة ، ليس من حقهم " أسديون وإيرانيون وحزبلاويون ، أن يردوا على الصفعة " وبإمكانهم فقط أن يتحسسوا موضعها ..!!

ويتأكد هذا من متابعتنا لردة فعل " شيخ المكاومة والمعايعة " على استهداف سيارة تابعة له ، فيها نخبة من قادته ، بعدوان مباشر قالت فيه القوات الصهيونية : نحن قادرون ولكن لا نريد . قالت ذلك من خلال طلقة التحذير المذكورة ...فكيف رد شيخ المكاومة على هذه العملية ، يقول المعلق الصهيوني في " إيديعوت أحرنوت " إن الرد كان في إحداث أضرار في السياج الأمني ، الذي يفصل لبنان الذي يحتله حزب الله عن لبنان الذي تحتله ,,

تندرج التفاهمات الجديدة بين الكيان الصهيوني وبين الكيان الأسدي والمحتلين الإيراني والحزبلاوي ، وربما بإشراف روسي ...في إطار التفاهمات التي وقعها حافظ الأسد مع المحتل الصهيوني 1974 وبإشراف هنري كيسنجر ، والتي ما تزال صامدة كما عبر عنها رامي مخلوف حتى اليوم ، يستمتع الطرف الأول بكل ما وقع تحت يده من أرض الجولان ومياهه ، ويستمتع الطرف الثاني بالانفراد بحكم سورية ، ويوكل إليه أن يكون جزارها ، كما وصفه بالأمس وزير خارجية الولايات المتحدة بومبيو ، ولعلكم سمعتم الوصف ..

كما تندرج في إطار التفاهمات التي وقعها حسن نصر الله وحزبه مع الكيان الصهيوني بعد الحرب التجميلية في 2006 والتي تقضي بأن تلحق ولاية لبنان بدولة الولي الفقيه في طهران ، وأن يكون حسن نصر الله " قائممقام " عليها ، مقابل أن يقوم هذا القائممقام ومقاومته ، بدور جيش "أنطون لحد "الذي انتهت صلاحيته منذ ذلك اليوم . وأن تكون حراسة الحدود مهمته الحقيقية و الرئيسية .

ومما اقتضته تلك التفاهمات أن يكون الرد على أي عدوان صهيوني ، على المستوى الأسدي ، بتشغيل بطاريات الدفاع الجوي ، بعد انتهاء العدوان وانسحاب المعتدين . وعلى المستوى الحزبلاوي بإلحاق بعض الأضرار بالسياج الأمني الفاصل بين المعسكرين و ..

وتذكرت حكاية صاحب الطبنجة ...!!

تنص قواعد الاشتباك الجديدة التي أمضاها الشركاء الثلاثة مع العدو الصهيوني على :

أن يكون العدوان على الأرض السورية حقا مكتسبا للعدو الصهيوني بشرط ، والشرط مهم جدا ، بشرط أن لايتسبب القصف بخسائر بشرية في صفوف الإيرانيين والحزبلاويين ، ولو سألتني : وماذا عن السوريين ...؟؟؟ فسأقول لك لم يرد ذكر للسوريين في مضبطة العسكري الصهيوني ، فأمر هؤلاء جميعا مثل أمر الدجاجة المخلاة ..

ومقابل هذا الحق الذي مُنح للعدو الصهيوني ، يستمتع الإيراني والحزبلاوي بالانتشار والتحرك والتمركز على الأرض السورية ، وأن يفعل عليها كل ما يشاء ..

لا أستطيع أن أزعم أن هذا كل ما في قواعد الاشتباك الجديدة التي أمضاها بشار الأسد مع شركائه ، بل أستطيع أن أؤكد فقط أن هذا " ما ظهر منها " بل ما ظهر حتى الآن منها ، وهو أكثر من كحل وخاتم .. بل هو عورة ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 874