من رصيد الهدى في شهر الصوم

هذا الرصيد الوفيرمن قيم الصوم في الإسلام ، يجدِّدُ غِنى هذه الأمة بريانيتها ، وبقدرتها على إعادة بناء مكانتها ، وهي تستلهم نفحات الوحي ، ونسائم الرضوان . هذا الرصيد جعلها تتفرد بين الأمم بسمتها الخاص ،  وببنيتها المحكمة ، رغم كل ما يحاك لها من المكر السَّيئ ورغم مانزل بها من نكبات ، وما اعترى بعضَ أبنائها من مآثمَ وهم يغشون مناعم العيش ، فجرَّتهم من محيط سؤددهم إلى الانفلات والتَّرهل حول موائد الشيطان ، وإلى حَمْلِ الإساءات البغيضة ، ومجافاة دين الله تبارك وتعالى . ففي هذا الشهر المبارك نداءات ونداءات ونداءات ... من الله ربِّ الخلقِ تدعو للإنابة وللتعرف على مافي شهر رمضان من خير ومن بشريات تستوقف مَنْ يصغي إليها لتنقله إلى عوالم أخرى تلح عليه لتصحيح مسار حياته ، للاستعداد للحياة الأبدية في ظل عرش الرحمن عزَّ وجلَّ ، وتمنحه الشوق والقدرة على مغالبة المعوقات وتخطِّيها ، لتسلسَ عليه قيادة نفسه . إنها صور حيَّةٌ رائعة يتملاها المؤمنون الصَّائمون ، إنها في عالم الغيب ، العالم الذي من أجله كانت هذه الحياة الدنيا التي ستفنى . الآن : الجنَّةُ تتزيَّن لاستقبال الصائمين ، في الغد القريب ... القريب ... مهما بدا نائيا أو هكذا يُخَيَّل لغير المؤمنين . إنه نداءٌ عذبٌ رقيقٌ يخرج مَنْ يلبيه إبى مشارف السعادة الأبدية ، ويجعله من عتقاء الرحمن في زمر الناجين .  عن أبي أُمامةَ رضي اللهُ عنه قال : قال رسولُ اللهِ r : ( لِلهِ عندَ كلِّ فِطرٍ عُتقاءُ )  رواه أحمد والطبراني . وعن أبي سعيد رضي اللهُ عنه قال : قال رسولُ اللهِ r : ( إنَّ للهِ تبارك وتعالى عُتقاءَ في كلِّ يومٍ وليلةٍ ( يعني في شهر رمضان ) وإنَّ لكلِّ مسلمٍ في كلِّ يوم وليلةٍ دعوةٌ مستجابةٌ ) رواه البزَّار . فهذا هو شهر الكرمِ الرباني ، شهرُ المغفرةِ ،الذي وعدَ اللهُ فيه الصَّائمين بالجنَّةِ والرضوان . وليس في غيرِه من الشهورِ مثلُ مافيه ، فعن ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه قال : سمعتُ رسولَ اللهِ r  ذاتَ يومٍ وقد أهلَّ رمضانُ ، يقولُ : ( لو يعلمُ العبادُ مارمضانُ لتمَّنت أمتي أن يكونَ السنةَ كلَّها ) . فقال رجلٌ من خُزاعة : يانبيَّ اللهِ حدِّثنا . فقال r : ( إنَّ الجنَّةَ لَتُزيَّنُ لرمضانَ من رأسِ الحولِ إلى الحولِ ، فإذا كان أولُ يومٍ من رمضانَ ، هبَّتْ ريحٌ من تحتِ العرشِ فصفَّقَتْ ورقَ أشجارِ الجنةِ ، فتنظُرُ الحورُ العينُ إلى ذلك ، فيقُلْنَ : يارب اجعلْ لنا من عبادِك في هذا الشهرِ أزواجا تقرُّ بهم أعيُنُنا ، وتقرُّ أعينُهم بنا ، قال : فما من عبدٍ يصومُ يوما من رمضانَ إلا زُوِّجَ زوجةً من الحورِ العينِ  في خيمةٍ من دُرَّةٍ ، كما قال الله عزَّ وجلّ: ( حورٌ مقصوراتٌ في الخيام )  ، ومن حديثِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما ... يقول النبيُّ r  : ( للهِ في كلِّ يومٍ من شهرِ رمضانَ عندَ الإفطارِ ألفُ ألفِ عتيقٍ من النار كلُّهم قد استوجبوا النارَ ، فإذا كان آخر  يوم من شهرِ رمضانَ أعتقَ اللهُ في ذلك اليوم بقدرِ ما أعتقَ من أول الشهرِ إلى آخره ، وإذا كانت ليلةُ القدرِ يأمرُ اللهُ عزَّ وجلَّ جبريلَ عليه السلام  فيهبطُ في كبكبةٍ ( جمع من الملائكة متراصين )  ومعهم لواءٌ أخضرُ فيركِزوا اللواءَ على ظهرِ الكعبةِ ، ولجبريلُ مائة جناحٍ منها جناحان لاينشرُهما إلا في تلك الليلة  فينشُرُهما في تلك الليلة فيجاوزُ المشرقَ إلى المغربِ  ، فيحُثُّ الملائكةَ في هذه الليلة فيسلمون على كلِّ قائمٍ وقاعدٍ ومصلٍّ و ذاكرٍ ويصافحونهم ويؤمِّنون على دعائهم حتى يطلُعَ الفجرُ  ، فإذا طلعَ الفجرُ ينادي جبريلُ عليه السلام : يامعاشرَ الملائكة الرحيلَ الرحيلَ  فيقولون ياجبريلُ فما صنعَ ربُّنا في حوائجِ المؤمنين من أمَّـةِ محمَّد r ؟ فيقولُ : نظرَ إليهم في هذه الليلة فعفا عنهم إلا أربعةً ، فقلنا : يارسولَ اللهِ مَنْ هم ؟ فقال : مُدمنُ خَمرٍ ، و عاقٌّ لوالديه ، وقاطعُ رحِمٍ ، ومُشاحنٍ . قلنا : يارسولَ اللهِ ما المشاحنُ ؟ قال : هو المُصارمُ ( يعني هو صاحبُ الشحناء والقطيعة ) . فإذا كانت ليلةُ الفِطرِ سُمِّيتْ تلك الليلة ليلةُ الجائزة ( وفي رواية الجابرة ) ، فإذا كانت غداةُ الفِطرِ  بعثَ اللهُ عزَّ وجلَّ الملائكةَ في كلِّ بلادٍ فيهبِطون إلى الأرضِ ، فيقومون على أفواه السكك فيُنادون بصوتٍ يسمعُ مَن خلقَ اللهُ عزَّ وجلَّ إلا الجنَّ والإنسَ ، فيقولون : يا أمةَ محمَّد اخرجوا إلى ربٍّ كريم  يُعطي الجزيلَ ويعفو عن العظيم ، فإذا برزوا إلى مُصلاَّهم  يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ للملائكةِ : ما جزاءُ الأجيرِ إذا عملَ عملَه ؟ قال : فتقولُ الملائكةُ : إلهنا وسيدنا جزاؤُه أن توفيَه أجرَه . قال : فيقولُ : فإني أُشهدثكم يا ملائكتي أني قد جعلْتُ ثوابَهم من صيامهم شهرَ رمضانَ وقيامِهم : رِضائي ومغفرتي . ويقول : ياعبادي سلوني فوعزَّتي  وجلالي لاتسألوني اليومَ شيئا في جمعِكم  لآخرتِكم إلا أعطيتُكم ولا لدنياكم إلا نظرْتُ لكم ، فوعزتي لأستُرنَّ عليكم عثراتِكم ما راقبتموني ، وعزَّتي لاأُخزيكم ولا أفضحكم بين أصحابِ الحدود ( أي الحقوق ) . انصرفوا مغفورا لكم قد أرضيتموني ، و رضيتُ عنكم ، فتفرحُ الملائكةُ وتستبشرُ بما يعطي اللهُ عزَّ وجلَّ هذه الأمةَ إذا أفطروا من شهرِ رمضان ) .

       فهل من كرم أعظمُ من هذا ؟ وهل مكانةٌ للأمةِ أجلُّ وأسمى من هذه المكانة ؟ وهل من اهتمام أكرمُ من هذا الاهتمام بهذه الأمة  ؟ فما بالُ المسلمين في هذه الغفلة !! وما شأنُهم مع هذه الدنيا الزائلة ؟ ما للمسلمين لاينتهزون هذه الفرصة ، فربما لن تعود على بعضِهم مرَّةً أخرى ؟ لماذا هذا الانكبابُ على متاعِ الدنيا الزائل ؟ عن أُمِّ المؤمنين عاشة رضي الله عنها قالت : قال لي رسولُ الله r : ( إنْ أردتِ اللًّـحوقَ بي فيكفيك من الدنيا كزادِ الراكب ... ) رواه الترمذي والبيهقي والحاكم . فجدير بالمسلم أن لايكونَ همُّــه بهذه الدنيا ، وإنما يجعلُ همَّه للهِ ، للآخرةِ الباقية . وعند ذلك تأتيه الدنيا صاغرة . عن عمران بن الحصين رضي الله عنه قال : قال رسولُ الله r : ( من انقطعَ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ كفاه اللهُ كلَّ مؤونةٍ ، و رزقه من حيثُ لايحتسب ، ومن انقطعَ إلى الدنيا وكَلَه اللهُ إليها ) رواه ابنُ حِبَّان .وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبيِّ r أنه قال : ( ما طلعت الشمسُ قـطُّ إلا بُعثَ  بجَنْبَتَيْها ملَكانِ إنهما يُسمعانِ أهلَ الأرضِ  إلا الثقلين ( يعني الجن والإنس ) : يا أيها الناسُ هَلُمُّـوا إلى ربِّكم ، فإنَّ ما قلَّ وكفى خيرٌ ممَّـا كثُرَ وألهى ، ولا غربتْ شمسٌ قـطُّ إلا و بُعِثَ بِجَـنْـبَتَـيْها مَلَكانِ يناديان : اللهم عجِّلْ لمنفقٍ خَلَفا ، و عجِّلْ  لممسكٍ تلفا ) رواه أحمد  وابنُ حبان والحاكم .. فللغافل أن يستيقظ قبل فوات الأوان ، ويتوب إلى الله القائل : ( وتوبوا إلى اللهِ جميعا أيها المؤمنون  لعلكم تفلحون ) 31/ النور . ويقول سبحانه : ( فإنه كان للأوابين غفورا ) 35/ الإسراء ، وبالإنابة يندفعُ المسلمُ لأداء الطاعات والقيام بالصالحات ، وبها يمحو الله الذنوب والمآثمَ ، يقول تبارك وتعالى : ( إنَّ الحسناتِ يُذهبْنَ السيئات ( 141/ هود . ولْيكن المسلمُ مشفقا من عذاب الله ، متضرعا إليه سبحانه ليقبَله ويكفيه ما أهمَّه من أمر دنياه ، يقول تعالى على لسان المؤمنين الفائزين بالجنة : ( إنا كُنَّـا قبلُ في أهلِنا مشفقين فمنَّ اللهُ علينا و وقانا عذابَ السموم ، إنا كنا  ندعوه  إنه هو البَرُّ الرحيم ) 26/27/28/الطور .

       إنّ الله يفرحُ بتوبةِ العبدِ إذا تاب ، وباب التوبة والقبول مفتوحٌ ــ برحمة الله ــ إلى يوم القيامة ، وفي الحديثِ عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسولُ الله r : ( إن اللهَ تعالى يبسطُ يدَه بالليلِ ليتوبَ مسيءُ النهار ،  ويبسطُ يدَه بالنهار ليتوبَ مسيءُ الليلِ  حتى تطلعَ الشمسُ من مغربِها ) رواه مسلم . وعن صفوان بن عسال رضي الله عنه قال : قال رسولُ الله r : ( إنَّ مِنْ قِبَلِ المغربِ لَبابًا مسيرةُ عرضِه أربعون أو سبعون عاما ، فتحه اللهُ عزَّ وجلَّ للتوبةِ يوم خلقَ السماواتِ والأرضَ  ، فلا يُغلقُه حتى تطلعَ الشمسُ منه )  رواه الترمذي . وهذا من كرم الله للناس جميعا ، وهذه خصوصيَّةٌ لهذه الأمة في هذا الشهر المبارك  . روى الإمامُ أحمدفي إسنادٍ صحيح عن النبيِّ  r : ( يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ : يابنَ آدمَ قُـمْ إليَّ أمشِ إليكَ ، وامشِ إليَّ أُهرول إليك ) . بل إنّ من حُبِّ الله لعباده ورحمتِه بهم أنه يبتليهم في الدنيا ليغفرَ لهم ، فعن عائشة رضي اللهُ عنها قالت : قال رسولُ الله r : ( إذا كثرتْ ذنوبُ العبدِ ولم يكنْ له مايكفِّرُها ابتلاه اللهُ بالحزنِ ليكفِّرَها عنه ) رواه أحمد  . ولقد جاء عن وهب بن منبه رحمه اللهُ إنَّ في حكمة آلِ داود : حقَّ على العاقلِ أن لايغفلَ عن أربعِ ساعات . ساعة يناجي فيها ربَّه عزَّ وجلَّ ، وساعة يحاسبُ فيها نفسَه ، وساعة يقضي فيها إلى إخوانِه الذين يخبرونه بعيوبِه ، ويُصدقونه عن نفسِه ، وساعة يخلِّي بين نفسِه وبين لذَّاتِها  فيما يحلُّ ويحمل فإن هذه الساعة عونٌ على هذه الساعات ، وإجمامٌ للقلوب ، وحقٌّ على العاقل أن يعرفَ زمانه ، ويحفظَ لسانَه ، ويقبلَ على شأنِه .  لقد وهبَ اللهُ للإنسان القدرة والعقلَ ، فعلم الحقَّ والباطلَ ، والطاعةَ والمعصيةَ ، فجدير بالمسلم المؤمن الصَّائم أن يتحرَّى نسمات الرحمة ، وأن يكونَ دائمَ الخوفِ من جبَّار السماوات والأرض ، فإنه يظفرُ برحمةِ الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسولُ الله r : ( كان رجلٌ يسرفُ على نفسِه ، ولما حضره الموتُ قال لبنيه :إذا أنا مِتُّ فاحرقوني ثمَّ اطحنوني ثمَّ ذَرُّوني  في الريح ، فواللهِ لَئِنْ قدرَ اللهُ عليَّ ليُعذِّبَني عذابا ما عذَّبه أحدًا . فلما مات فُعِلَ به ذلك ، فأمرَ اللهُ الأرضَ فقال : اجمعي ما فيك . ففعلتْ ، فإذا هو قائمٌ فقال ( له اللهُ ) : ما حملك على ماصنعْتَ ؟ . قال : خشيتُكَ  ياربِّ أو قال : ( مخافتُك يارب ) . فغفر الله تعالى له ) رواه البخاري ومسلم .

       هذا الإيمان وهذا اليقين يؤكدان تفضيل الآخرة الباقية على الدنيا الفانية التي يعيشها الخلقُ . رغم ما للدنيا من حق على الإنسان ، وما أسمى قول الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه ــ في هذا المقام ــ حين دعا الله عزَّ وجلَِّ فقال : ( اللهم لاتكثر لي من الدنيا فأطغى ، ولا تقلل لي منها فأنسى ، فإن ما قلَّ وكفى ، خيرٌ  ممَّا كثر وألهى  ) وما ينطبق على الفرد في هذا المجال ينسحب على الأمم والدول . فالأمة إذا كثرت أموالُها وزادت قوتها ، ولم يكن لها رصيد من هدى الله ، فإنها تطغى وتظلم ، وما نراه ــ في هذا العصر من أمريكا الظالمة لنفسها وللناس ، ومن الدول الأخرى الباغية إلا برهان على صحة هذا القانون القديم الجديد في عالم البشرية التي تعاني من الويلات لبعدها عن دين الله الحق ، وصدق الله القائل : } فأما من أعطى واتقى ، وصدَّقً بالحسنى ، فنيسره لليسرى ، وأما من بخل واستغنى ، وكذب بالحسنى ، فسنيسره للعسرى { 5/10 الليل . هاهنا موقفان : موقف الخير ورصيده من الهدى الذي لانجده إلا في الإسلام ، وموقف الشر وما فيه من العنت والأذى ، والذي يتجلَّى في كل نُظُمِ الضلال والفساد والاستكبار ،إنَّ سيرة الصَّائم بيِّنةٌ في بعده عن المحرمات التي تجلب الشرَّ ، وبعيد عن الظلم والاعتداء ، لأنه اهتدى بقيم الصَّوم ،  فعاش نظيف النفس ، نظيف الرؤى ، نظيف السلوك . وأما الآخر الذي أدبر عن نور تلك القيم ، فقد أباح لنفسه ما حرَّم الله عليها من الموبقات والضلالات ، فلا تأتي نفسُه إلا بالشر والأذى ، فهو لايصدق ولا يعدل إذا قال ، ولا يرحم إذا قدر ، ولا يصون إذا ملك ، فبئس العبدُ الموالي لإبليس الذي أعلن الحرب على قيم الصوم والخير . ففي صحيح الإمام مسلم رحمه الله يقول رسولُ الله r : ( إنَّ المقسطين عند الله على منابر من نور ، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وُلُّوا ) ... يعدلون في حكمهم على أنفسهم فلا يجدونها إلا في أفياء الهدى والخير ، ليتيحوا لها المكانة والرصيد من الثواب الجزيل . عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله r : ( أظلكم شهرُكم هذا ــ بمحلوف رسول الله r ــ ما مرَّ بالمسلمين شهرٌ خيرٌ منه ، ولا مرَّ بالمنافقين شهرٌ شرٌّ لهم منه ، ــ بمحلوف رسول الله r ــ إنَّ الله لَيكتبُ أجرَه ونوافله قبل أن يدخله ، ويكتب إصرَه وشقاءَه قبل أن يدخله ، وذلك أن المؤمن يعد فيه القوة من النفقة للعبادة ، ويعدُّ فيه المنافق اتباعَ غفلات المؤمنين ،واتباع عوراتهم ) رواه ابن خزيمة .

وسوم: العدد 877