أحمد شوقي القادم على ظهر ميكروباص أمن الدولة… ماذا تقول تظاهرات السويداء… والـ «أو تي في» عار الإعلام اللبناني

أروع ما في فيديوهات المظاهرات الآتية هذه الأيام من مدينة السويداء (جنوب سوريا) أنها تأتي طبق الأصل لهتافات 2011، عند انطلاقة الثورة السورية.

وإن زادت عليها شيئاً فهتافها بالتحية لذكرى عبدالباسط الساروت، أحد أبرز أبطالها. لكن لا يمكن لحدث سوري أن يمرّ من دون جدل ونقاش محتدم، إذ إن هناك من سخر من كونها متأخرة تسع سنوات، أو أنها ثورة جوع لا ثورة كرامة! وهو نقاش يغفل نضالات وتظاهرات موثقة بالصوت والصورة لجبل العرب، ويتجاهل شهداء سقطوا تحت التعذيب، ومعتقلين يقبع بعضهم حتى الآن في أقبية النظام، من دون أي خبر عنهم. كما يتجاهل شغل النظام الرهيب والمخصص لمدينة السويداء، وبلدة جرمانا (على أطراف دمشق)، ترهيباً وترغيباً ومؤامرات.

تظاهرات السويداء جزء أصيل من ثورة السوريين، من يؤمن بهذه الثورة يعرف جيداً أنها ستظل تتجدد وتبني على شرارة الـ 2011 ربما إلى المئتي عام المقبلة.

السويداء «تنطق»، والسوريون يبحثون عن إشارات إضافية تدل على أن الثورة، التي ماتت في مكان هي ذاتها التي تولد فيها، في السويداء، من جديد.

«لا تعتذر عمّا فعلت»!

في أزمنة الانحطاط يبطل العجب، ألا يكفي أن بلداً عظيماً كمصر يحكمه سيسيّ كي نتوقف عن العجب! لا غرابة إذاً في أن يتولى شاب، هو تقريباً بلا اسم، لا نحسبه يذكر حين يأتي ذكر النقاد الكبار.. محسوب على النقد السينمائي، منصبَ المدير الفني لـ»مهرجان القاهرة السينمائي».

الخبر أحدث ضجة مصرية كبيرة، ليس لأن أحمد شوقي، الشاب الأربعيني، يملك أو لا يملك المكانة السينمائية اللائقة بهكذا منصب، وإنما بالنظر إلى عدد من تصريحات ومواقف أطلقها على مدى سنوات لا تليق بأي كان، فما بالك بناقد!

الخبر جاء بمثابة فضيحة، بل إن المستنكرين استعادوا مواقفه في إطار هاشتاغات مثل: «#فضيحة_مهرجان_القاهرة» و«#مدير_فني_المهرجان_المتطرف». استعادوا خصوصاً موقفه من مجزرة بورسعيد، واصفاً ضحاياها بـ «النافقين»!

ثم «نظريته» بخصوص «تجديد الخطاب الديني» عندما كتب: «الطريق المثلى لتجديد الخطاب الديني هي ميكروباص أمن الدولة، أي تصورات تانية مجرد وهم»!

كما اعتبر البعض أن صفحته (على فيسبوك) تعجّ بـ «التعصب الكروي والسياسي»، وأنها «تتضمن عنفًا واضحًا ضد المرأة، إذ سخر من الاغتصاب الحقيقي الذي تعرضت له الممثلة ماريا شنايدر، خلال أحداث فيلم «آخر تانغو في باريس»، 1972، قائلاً: «بعدين هي مكنتش بتلعب دور الشيخة نادية»..»، مسوِّغاً ما لم يستطع أحد سواه تسويغه.

شوقي كان أيضاً قد شنّ هجوماً على الأفلام السورية، التي رشحت للأوسكار، لم يقدم الشاب، وهو الناقد السينمائي، قراءة نقدية في تلك الأفلام، إنما سخر منها باعتبارها تحتذي وصفة «اللاجئين والعنف والبيوت المهدمة والعيون المفقوعة»! لكن بات سرّ الهجوم مفهوماً حين نشرت له «المؤسسة العامة للسينما» في سوريا، ضمن سلسلة «الفن السابع» كتاباً بعنوان «سينما ما بعد الحراك»، الأمر الذي يستعصي على نقاد سوريين لم يتح لهم نشر كتبهم وأبحاثهم في بلدهم.هذه الطريقة هي رشوة صريحة لتمرير أفلام النظام، وسينمائييه إلى «مهرجان القاهرة السينمائي».

شوقي، وأمام الهجوم والانتقاد الواسع لتعيينه اضطر إلى إصدار بيان اعتذاري، تناول فقط تصريحه بخصوص مجزرة بور سعيد: «أعترف أنني استخدمت في بعض الكتابات الشخصية التي ترجع لعام 2014 كلمات جارحة تخص جمهور النادي الأهلي وضحايا بورسعيد، وهي كلمات أعتذر بالطبع إن كانت قد سببت ألمًا للراحلين وأهلهم. لكن عزائي أن هذه الكتابات مر عليها أكثر من ست سنوات، وهي فترة كافية لأن يراجع الإنسان مواقفه بل ويغيرها كليًا، كما أنها كانت في إطار المناوشات الكروية مع الأصدقاء في حسابي الشخصي، والمناوشات الكروية بطابعها تحمل بعض التجاوز».

الاعتذار، قبل أن ينقذ شوقي، أنقذ محبيه و«ماسحي الجوخ»، الذين صمتوا إزاء كل التصريحات والتصريحات المضادة ليتناقلوا فقط بيان الاعتذار، ولا يخفى أن أولئك إنما يجهدون لحجز كراسيهم في صالات النسخة المقبلة من المهرجان (الغريب أن من بينهم كثراً من مؤيدي الثورات والربيع العربي!).

لكن هل يفيد الاعتذار عن عبارة فقط حين يكون كل تاريخ المرء وسلوكه وربما تكوينه غارقاً في خدمة الطغيان، ولا يخفى أن منصباً مثل إدارة المهرجان السينمائي العربي الأول، يصعب في زمن السيسي خصوصاً، أن يأتي من خارج «ميكروباص أمن الدولة»، أو من خارج رضاها الكامل.

لذلك، ربما من الأفضل أن يكون الهاشتاغ المقبل في حرب «مهرجان القاهرة»: «لا تعتذر عمّا فعلت»!

أمراض العيون

لا يمكن لعين، إن كانت معافاة، أن تشاهد فيديو أحطّ ممّا بثّته قناة «أو تي في» المحسوبة على تيار الرئيس اللبناني ميشيل عون، في ردّها الردّاح على الإعلامية ديما صادق. حتى أن كلمة «الردح» تقصر هذه المرة في وصف حالة القناة، التي سخرت من صادق لغة وإيماءً (هذه وحدها تتفوق على أكثر الهزليات ابتذالاً).

لقد تناوب مذيع وزميلته على تناول صادق بأقذع الكلام، بل إن المذيعة تتفوق على زميلها حين تغمز بعينها وتغمز من أخلاق صادق.

ليس في الوسع القول أكثر، ولا استعادة الكلام الهابط، فالفيديو ليس عاراً على القناة وحدها، فمن المؤسف أن يحسب، وأن تحسب القناة، على الإعلام اللبناني، أو حتى على الإعلام.

وفي الواقع لا ننصح العين المعافاة بمشاهدة هكذا فيديوهات، وهكذا قنوات من الأساس، فالعين قد تمرض بمجرد المشاهدة.

وسوم: العدد 880