التَعَـــــــاقُدِيَّةُ

د. حامد بن أحمد الرفاعي

لِكُلِّ عَصْرٍ أُنْشُودَتُه الفِكْريَّةِ والثَقَافيَّةِ والفَلْسَفِيَّةِ وَالسيَّاسيَّةِ.. تَغَنَّى اليُونانيون بِالِليبِرَاليَّةِ, وتَرنَّمَ الفِرنْسيون بِالعلمَانِيَّةِ.. وَقَرَعَت المَارِكسيَّةُ طُبولَها تُبشَّرُ بالاشتراكيَّةِ.. وتَرَاقَصَ كثيِرُون علَى تَرَانِيمِ النَّازيَّةِ, والفَاشِيَّةِ ,وَالْمِيكَافِيليَّةِ, والصْهيُونِيَّةِ.. وَاعتَنَقَت أمَرِيكَا الدِيمُقْرَاطيَّةَ دِيناً لَها, تُحَارِبُ وتُسَالِمُ مِنْ أجلِها.. وفُتِنَ كثيِرٌ مِنَ المُسْلِمين بِالدِيمُقْرَاطِيَّةِ, وأخَذُوا يُبشِّرُون بِها فِي مُجْتَمَعَاتِهم.. بَلْ ذَهَبَ بَعْضُهم إلى أكْثَرَ مِنْ ذَلِك فَقَالوا:(بِدِيمُقْرَاطيَّةِ الإسْلامِ).وَشَطَح أحدُ طَلَبَةِ العِلمِ شَطْحَةً مُنْكَرَةً فوَصَفَ رِسُولَنَا سَيْدَنا محمد  صلى الله عليه وسلم قائلاً:" النَبِيُّ الدِيمُقْراطِيُّ". وحَدَثَت انْقِلَابَاتٌ عَسْكَرِيَّةٌ باسم هّذِه الشِعَاراتِ وَوعُودِها.. فَتَنَقْلت المُجْتَمَعَاتُ مِنْ فَسَادٍ إلى فَسَادٍ  أشَد , وجاء الإسْلَامُ مِنْ بِالتَعاقُدِيَّةِ (البَيّْعَةُ). وَشرَّعَ رَسُولُ الهُدَى الرَبَّانيِّ صلى الله عليه وسلم سَبْعَةَ أعْمِدَةٍ لِتَكُونَ مُرْتَكَزاتٍ لِقِيَامِ مِيثَاقٍ عَالَمِيًا عَادِلٍ رَاشِدٍ, فَأعْلَنَ فِي العَالَمِين يَقولُ:

يَا أيُهَا النَّاسُ إنَّ رَبَّكُم واحِدٌ. مُؤكِداً وِحْدَةِ مَصْدَرِيَّة الإيِمَانِ.

يَا أيُهَا النَّاسُ إنَّ أبَاكُم وَاحِدٌ. مُؤِكِدًا وِحْدَة الأخُوَةِ الإنْسَانيَّةِ.

يَا أيُهَا النَّاسُ إنَّ دِمَاءَكُم وأمْوَالكُم عَليكُم حَرامٌ. مُؤَكِداً قُدْسِيَّةَ حَيَاةِ الإنْسَانِ وَمُمْتَلكَاتِه.

يَا أيُهَا النَّاسُ إنَّ لِلنِسَاءِ عَلَيْكُم حَقًا, وَلَكُم عَليِّهُن حَقًا, فَاسْتوصوا بِهِنَ خَيْراً. مُؤكِداً أهمِيَّةَ التَرَابُطِ بَيْنَ الرَجُلِ والمَرَأةِ في المُجْتَمَعِ.

يَا أيُهَا النَّاسُ إنَّ اللهَ قَدْ قَضَى ألاَّ رِبَا. لإقَامَةِ نِظَامٍ اقتِصَادِيٍّ آمِنٍ.

يَا أيُهَا النَّاسُ إنَّ عِدَةَ الشُهورِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً مِنْهَا أرْبَعَةٌ حُرُمٌ .مُؤَكِداً ثَقَافَةَ السْلَامِ وسَلَامَةَ البِيئَةِ.

يَا أيُهَا النَّاسُ إنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ الظُلْمَ علَى نَفْسِهِ وجَعَلَهُ بَيْنَكُم مُحَرَّماً. مُؤكِداً أنَّ الظُلْمَ مَصْدَرُ كُلِّ مَفْسَدَةٍ.

أجل: فَهَذهِ الأعْمِدَةُ السَبْعَةُ أعلَنَها رَسُولُ رَبِ العَالَمين للعَالَمين سَيِدِنَا محمد صلى الله عليه وسلم  مِنْ أجْلِ إجْلَالِ:(قُدسيَّةِ حَيَاةِ الإنْسَانِ, وكَرَامَتِهِ, وحُرِيَّتهِ, وَأمْنِهِ, وَمَصَالِحِهِ, والتَعَايُشِ العَادِلِ والآمِنِ بَيْنَ المُجْتَمَعاتِ. وَبَعْدُ.. أمَا آنَ لِلبَشَرِيَّةِ أنْ تَصْحو مِن غَفْلَتِها فَتَنْهَل مِنْ مَعِينِ قِيَمِ الإسْلاَمِ الخَالِدَةِ الْعَادِلَةِ الرَشِدَةِ....؟؟؟!!!

وسوم: العدد 886