حكاية صَبِيغ بن عسل التميمي ... وانعكاسها على واقعنا

زهير سالم*

أرويها للعبرة .. لكل الذين يشغلون السوريين عن قضيتهم ( يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا )

وترى صفحات عامرة لسوريين يُغمضون أعينهم عن أخوات لهم وإخوة معلقين بكلاليب بشار الأسد ويتجادلون في جنس الملائكة ، وفي دم البراغيث ، وفي حكاية سخيفة عنوانها " إصلاح الدستور "

وترى رجالا منهم يحسبون أنفسهم على الإسلام وعلى سورية وعلى السوريين ، يطالبون بحق السجان في الطعام والدواء وينسون حق السجين!! هل سمعتم أحدا من صبغاء القرن الحادي والعشرين ، يجعل الإفراج عن المعتقلات والمعتقلين في سجون الأسد شرطا لأي حل سياسي ، شرطا وليس ركنا ، ولعلهم يميزون بين الشرط والركن في هذا الزمن البئيس!! ..

حكاية صبيغ بن عسل التميمي منتشرة في كتب الحديث وفي كتب التفسير وفي كتب التاريخ ، بروايات متقاطعة ، متكاملة ، واحدة في روحها وعبرتها ، قامعة في دلالتها ، وسأختار روايتها كما سمعتها من أفواه مشايخ حلب مؤثرا الرواية بما سمعت ...

 صبيغ على وزن فعيل بن عسل التميمي، وعسل جده الأعلى . كان صبيغ على ما رووا رجلا من المسلمين ، مولعا بمتشابه القرآن الكريم ، ولعا بطرح الدقيق منها حسبما يتلاعب به الشيطان . فكان يدور على أجناد المسلمين ، من جنود الفتح القائمين على ثغرة الجهاد ، فيسأل أحدهم : ما معنى والنازعات غرقا ..؟ ما معنى والذاريات ذروا ؟ ما معنى ..؟! ما معنى ..؟ فإذا أشكل الجواب على المجاهد شككه فيما هو فيه ، وقال له : تجاهد وأنت لا تعرف تفسير كتاب الله ..!!

قالوا : وقد رفع أحد أمراء الأمصار أمره إلى عمر ، فكتب إليه عمر أن سيّره إليّ ، فلما وصل صبيغ إلى عمر ، وعرفه على نفسه ، قام عمر رضي الله عنه إلى عرجون من عراجين النخل ، فأوسع صبيغا به ضربا ..ثم قال له اغرب عن وجهي ، فغاب صبيغ عن عمر أياما ، ثم عاد يذكره بنفسه ، فصاح عمر : أصبيغ ثم قام عمر إلى عرجون من عراجين النخل ثانيا فأوسع صبيغ ضربا ...، ثم ثالثا ، فقال صبيغ : والله يا أمير المؤمنين لقد كان في رأسي شيطان والآن قد خرج . فسيره عمر إلى الكوفة أو البصرة . وقال لأميرها لا تسمح لأحد بمجالسته أبدا .

قالوا فكان إذا أوى إلى حلقة فيها مائة إنسان تفرقوا عنه بالحال ، حتى ضاقت به الدنيا ، وشكا إلى الأمير حاله ، وجدد توبته فكتب الأمير إلى عمر بتوبته فسمح بمجالسته ..

أخواتنا وإخواننا في سجون الظالمين ..

وطننا غارق في الاستبداد والفساد في الجوع والمرض وتحت نير الاحتلال .. ونحن نتجادل : ما كان اسم زوجة إبليس !!

وسئل الإمام الشعبي الملقب بأمير المؤمنين في الحديث الشريف ، منذ 1400 سنة عن اسم زوجة إبليس ، فقال : ذلك عرس لم أشهده !!

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 892