الملف السوريّ بعد انتخاب بايدن رئيسًا

د. محمد عادل شوك

صحيحٌ أن الشؤون الخارجية في أمريكا من نصيب إدارة البيت الأبيض، إلاَّ أنّه من غير المتوقّع أن تذهب الأمور بعيدًا في التعامل مع الملفات الخارجية، ومن ضمنها الملف السوريّ، في عهد إدارة الرئيس المنتخب (بايدن).

وذلك أنّ دوائر صنع القرار في أمريكا ليست محصورة في جهة واحدة، فهناك وزارة الخارجية، وهناك المخابرات، وهناك الكونغرس، وهناك البنتاغون، مثلما هناك البيت الأبيض.

ومن غير المقبول لدى هذه الدوائر أن يذهب الرئيس أو أية جهة بعيدًا عنها في التعاطي مع أيّ ملف من الملفات التي ينبغي أن يكون فيها حضور أمريكي.

تمامًا كما حصل مع الرئيس ترامب حينما أراد سحب القوات الأمريكية من منطقة الجزيرة السورية، فوقفت له الخارجية والبنتاغون بالمرصاد، وألزمتاه بالبقاء هناك، وكان أقصى ما حققه هو تقليص عديدها إلى ما يقرب من (550) جندي.

و بهذا فإنّه من غير المتوقع أن يقدم الرئيس المنتخب، على أية قرارات خلاف المتوقّع في هذا الملف، ولاسيّما أنّه قد صرح مرارًا بضرورة إبعاد الجنود الأمريكان عن الابتزاز الإيرانيّ في العراق، وجعلهم في ساحة أخرى أكثر أمنًا وأقلّ مخاطرة، حيث هي الآن في شمال شرق سورية، حيث داعش وقد انتهى ملفّها هناك، وحيث الإدارة الذاتية الكردية حليفتهم المحلية، وحتى تركيا التي لا تسمح لأية جهة محلية موالية لها، أو تعمل تحت نظرها، أن تجرؤ على التحرش بتلك القوات.

ولعلّ الشيء الذي كان لافتًا للنظر في مواقف بايدن من الملف السوريّ، تلك التصريحات التي أطلقها قبل أسبوع من الآن، حينما أكّد على متانة العلاقة مع تركيا، وشدّد على الوقوف إلى جانبها في سورية، وعلى وجه التحديد في إدلب، حيث يتموضع الآلاف من جنودها، والمئات من آلياتها.

ومعروف أنّ إدارة الديمقراطيين عادة ما تذكّر الآخرين بأنّها لا تصطف إلى جانب الحكومات الديكتاتورية، وقد صدرت عدة تصريحات من مستشاريّ بايدن بأنّهم لن يسلكوا ذات الطريق التي سلكها الرئيس ترامب.

مثلما هو معروف عن بايدن أنّه لايحبذ التماهي مع روسيا في معالجة الملفات التي لأمريكا صلة بها، وفي المقدمة منها الملف السوريّ، وهو أميل في الذهاب نحو الصين من روسيا فيما هو مصالح خارجية لأمريكا.

وغير بعيد أن يعمل الرئيس المنتخب، على تعديل النظرة تجاه الديمقراطيين في الملف السوريّ، في أعقاب استعمال الكيماويّ في الغوطة، في عهد أوباما، حينما كان نائبًا له، ولم يستمع أوباما أو الوزير كيري لرأيه في اتخاذ مواقف أبعد من التخلّص من البرنامج الكيماويّ السوريّ.

قد يبدو الرهان لدى طرفي الأزمة السورية، على السياسات التي يمكن أن يتبعها الرئيس المنتخب مبكرًا، غير أنّه من غير المتوقع أن يخرج عن جملة القرارات المصادق عليها في دوائر صنع القرار الأمريكية، وفي المقدمة منها مجلس النواب، الذي ماتزال فيه الأغلبية لحزبه.

وفي المقدمة منها قانون قيصر، والانتقال السياسيّ بموجب القرار( 2254)، الذي يتماشى مع رؤية الديمقراطيين في التغيير والبقاء في سدة الحكم، عن طريق المجيء عبر صناديق الاقتراع، كما عبّر بايدن عن رغبته في أن يتمّ ذلك في تركيا، والبعد عن العسف والقهر بحق الخصوم السياسيين، على غرار ما كان من أوباما الذي اشترط أن يفرج عن المعارض أيمن نور، قبل زيارته مصر في أيام مبارك.

وسوم: العدد 903