شخصيات روائية تركت أثرا... "هيثكليف"

زهير سالم*

شخصية "هيثكليف" من رواية "مرتفعات ويذرنينج" للكاتبة الانكليزية أيميلي برونتي، ومن منتصف القرن التاسع عشر.

الرواية الوحيدة للكاتبة والشاعرة ابنة الريف الانكليزي. والشخصية المحورية الأكثر تغقيدا في الرواية هي شخصية هيثكليف. اليتيم المشرد الذي يحنو عليه رب الأسرة فيلتقطه من الشارع ويلحقه بأسرته، ثم تتطور العلاقة بينه وبين أفراد هذه الأسرة ، حبا وكراهية ولاسيما بعد أن يموت الأب، فيكرهه صبي الأسرة هنري، وتعطف عليه ثم تحبه بعض بناتها...

ثم يحدث الانقلاب الفعلي، ويصيب هيثكليف بعضا من المال، فينقلب بدوافع شديدة التعقيد الحب الانتقام الغيرة الحسد حب إثبات الذات إلى شيطان مريد يصب كل نار حقده وكراهيته على الأسرة التي آوته وتعهدته ويفعل بها وبأبنائها عبر جيلين الأفاعيل..

منذ قرأت الرواية من عشرات السنين، كان اسم "هيثكليف" بجرسه الغريب يثير في ّشعورا غامضا، أبسط وصف له أنه غير مريح. كثيرون من النقاد رأو في هيثكليف محبا عاشقا، يدافع عن حبه، وعن كرامته وعن أشياء أخرى، ولكن إمعان هيثكليف في إذلال الأسرة التي نكبت به، حتى في جيلها الثاني لا يسوغ نظرية الدفاع عن المحب الغيور..

قال النقاد كثيرا في شخصيات شكسبير، وكانت شخصية هملت صاحب "أكون أو لا أكون" أكثرها تعقيدا، وشخصية "شايلوك" أكثرها بساطة، ولكن شخصية "هيثكليف" التي صنعها خيال امرأة كانت أقرب إلى شغل بإبرة نسائية أكثر تعقيدا كما نقول...

"هيثكليف" اللقيط المعقد المزدرَى موضع الشفقة حينا من الدهر ثم يتمكن...يذكرني باسمه غير المؤلف بنماذج من البشر، كنت أظن أن لا أحد مثله، وأنه لا يمكن أن يكون مثل أحد، حتى رأيت من فاقوه خسة ووضاعة ولؤما وانتقاما ...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1006