رجل المعجزة التركية

محمد فاروق الإمام

نعم لن نبالغ إذا قلنا إن الرئيس رجب طيب أردوغان هو رجل المعجزة التركية، الذي حول تركيا من دولة من دول العالم الثالث، إلى دولة تقف على قدميها بثبات وقوة بين دول العشرين الكبار، سياسيا واقتصادياً وعسكرياً خلال مسيرته في قيادة تركيا رئيساً للوزراء ورئيساً للجمهورية، وحتى إذا لم يحالفه الحظ بالفوز بالرئاسة من المرحلة الأولى في الانتخابات الأخيرة، إلا أن الأتراك لن يخذلوه في انتخابات الإعادة، وسيذكرون بكل تقدير وإكبار كيف كانوا أيام حكم الحزب الجمهوري لأكثر من سبعين عام، وكيف أصبحوا في عهد رجب طيب أردوغان في عهد حكمه وحكم حزبه العدالة والتنمية لنحو اثنين وعشرين عاما، إلا أنه حقق في الجولة الأولى من الانتخابات فوزاً برلمانياً كبيراً، ليقطع الطريق على المعارضة في التفكير بإلغاء النظام الرئاسي والعودة إلى النظام البرلماني الذي بشرت به.

فإذا تحدثنا عن مسيرته خلال فترة حكمه السابقة فإننا سنقف بكل احترام وإجلال أمام هذا الرجل المعجزة الذي أدهش العالم بقفزاته الرائعة والثابتة بتركيا إلى العلى والتقدم والتطور والرفاهية.

اكتشافات النفط والغاز

لقد تضمنت مسيرته الاكتشافات في مجال الطاقة كحقول نفط وغاز طبيعي، وافتتاح "أق قويو" أول محطة نووية تركية، وإطلاق "إيمجه" أول قمر صناعي محلي الصنع، وظهور "توغ" أول سيارة كهربائية تركية، بالإضافة إلى إنجازات غير مسبوقة في تاريخ تركيا في مجال الصناعات الدفاعية.

وتعد اكتشافات الطاقة ذات أهمية في تركيا، نظرا لندرتها واعتمادها لسنوات طويلة على الاستيراد في مجال الطاقة، وهو أمر طالما كان يشكل عبئا ماديا على المواطن التركي، خاصة في موسم الشتاء نظرا للاعتماد على الغاز الطبيعي في تدفئة المنازل.

ومن أحدث الإنجازات التركية هو كشف نفطي بولاية شرناق (جنوب شرق)، الذي يعد الحقل الأكبر في تاريخ تركيا بقدرة إنتاجية تبلغ نحو 100 ألف برميل يوميا.

سوق الطاقة

دشن في إسطنبول خط "السيل التركي"، لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر الأراضي التركية.

وسيحول المشروع-الذي يؤَمِّن لتركيا نصف احتياجاتها من الغاز الطبيعي-البلاد من مستورد للغاز إلى مركز تجاري له.

أول محطة طاقة نووية

دخلت تركيا نادي دول الطاقة النووية رسمياً عبر محطة "أق قويو" بالوقود النووي، وهي المحطة الكائنة بولاية مرسين والتي ستعمل بشكل كامل بحلول عام 2028، ومن المتوقع أن توفر 10% من متطلبات السوق المحلي للكهرباء.

أول قمر صناعي محلي الصنع

أطلقت تركيا في منتصف أبريل/نيسان الماضي أول قمر صناعي محلي الصنع اسمه "إيمجه" (İMECE) من كاليفورنيا.

والغرض من القمر الصناعي المراقبة، كما سيوفر حاجة تركيا من صور ذات دقة عالية بطول ألف كيلومتر، ويعمل في مدار على ارتفاع 680 كيلومترا.

كما يمكن للقمر الصناعي تزويد تركيا بصور من مختلف أنحاء العالم، وسيستخدم في العديد من المجالات منها تشخيص الأهداف والكوارث الطبيعية والمجالات الزراعية.

أول سيارة كهربائية تركية

في مطلع أبريل/نيسان الماضي تسلّم الرئيس التركي مفتاح أول سيارة كهربائية تم إنتاجها في البلاد بأيد تركية ماهرة.

الصناعات الدفاعية

برزت تركيا في عهد أردوغان كقوة إقليمية تصنع سلاحها الوطني وتصدّره، وكشف الرئيس التركي النقاب عن اسم الطائرة المقاتلة "قان" (KAAN)، وهي من مقاتلات الجيل الخامس، وتم تجهيزها لأولى طلعاتها الجوية التدريبية.

كما كشف أردوغان مؤخرا عن أول طائرة نفاثة مأهولة محلية الصنع "حر جيت"، ونجحت أيضا تجارب المسيرة "قيزيل إلما"، وهي من الإضافات المميزة من نماذج المسيّرات، حيث يضاهي حجمها وتصميمها الطائرات المقاتلة المأهولة.

هذا بالإضافة إلى إنتاج الجيل الثاني من الدبابة التركية "ألطاي"، وإنتاج نماذج أخرى في مجال المروحيات والصواريخ والمحركات.

وفي المجال البحري أصبحت السفينة "تي سي جي أناضول" محط الأنظار، وهي بارجة قادرة على استيعاب 19 مروحية أو 30 مسيرة هجومية على سطحها، كما يمكنها حمل 94 مركبة بطاقم قوامه 1223 فردا.

سوق السلاح

أما في سوق السلاح فحدث ولا حرج، فقد حققت تركيا في هذا المجال قفزات هائلة نقلتها من خانة المستورد إلى دائرة التصنيع الذاتي، وصولا إلى الدولة المصدرة، بعدما بلغ حجم صادراتها 18.3 مليار دولار بين عامي 2002 و2018، في حين وصلت المبيعات الكلية في الفترة ذاتها 64.9 مليار دولار.

قناة البسفور

القناة المائية الجديدة الموازية لقناة البوسفور في إسطنبول، وهي قوةً اقتصاديةً كبيرةً إلى العقد الذي تحقق فيه رؤية 2023.

وتمثل القناة أحد المشاريع العملاقة الكثيرة التي تخرج إلى النور خلال العقد الأخير، والتي تبحث تركيا من خلالها عن مكان بين مجموعة الدول العشر الكبار "جي 10" على مستوى العالم، إضافة إلى خط "السيل التركي" لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر الأراضي التركية.

ثورة المواصلات

يعد قطاع النقل والمواصلات الميدان الأكثر ازدحاما بالإنجازات المتعلقة بالمشاريع الكبيرة في تركيا، فخلال عام 2013، افتتحت خط قطار "مرمراي" العابر من تحت البوسفور، لينقل 1.5 مليون مسافر يوميا، قبل أن تنشئ جسر ياووز سليم المعلق عام 2016، الذي تعبره 135 ألف سيارة يوميا.

وفي العام ذاته جرى افتتاح نفق "أوراسيا" بطول يمتد إلى 14.6 كيلومترا، ليقلص زمن انتقال السيارات بين الشطرين الآسيوي والأوروبي لإسطنبول في ساعات الذروة من مئة دقيقة إلى 15 دقيقة فقط.

ويمثل مطار إسطنبول الذي افتتح أواخر عام 2018 واحدا من المصادر الجديدة للدخل الهائل في تركيا، فمنذ أن بدأ العمل بطاقته الكاملة في أبريل/نيسان من عام 2019 استخدمه 52.5 مليون مسافر، وهم نصف عدد مستخدمي مطارات تركيا في 2019 والبالغ نحو 104.2 ملايين مسافر.

الثورة الصناعية

من دون نفط ولا غاز طبيعي أو حتى معادن ثمينة، حققت تركيا في العام الماضي رقما قياسيا في قيمة صادراتها التي زادت على 180 مليار دولار، وتخطط إلى رفعها إلى 190 مليارا مع نهاية 2020.

ويمثل الإنتاج الصناعي المورد الأهم للعملة الصعبة، حيث بدأت تركيا فعليا إنتاج سيارتها القومية بتقنية محلية بنسبة 100% مطلع هذا العام، فيما بلغت عائدات صناعة وتصدير السيارات وقِطَعها خلال عام 2019 قرابة 32 مليار دولار.

وتمثل صناعة الملابس قوة اقتصادية لافتة في تركيا، حيث زادت قيمة صادراتها في العام الماضي على 17 مليار دولار.

المجالات التكنولوجية

وفي مجالات التكنولوجيا، ارتفع عدد مراكز "تكنوباركس" التي تضم شركات التقنية التركية من مركزين في عام 2001 إلى 84 مركزا عام 2019 موزعة على 56 مدينة تركية.

وتعمل تركيا حاليا على تنفيذ برامج "أتمتة الإنتاج" التي ستمكنها من زيادة قيمة صادرات الصناعات التحويلية إلى 210 مليارات دولار في عام 2023، كما تسعى إلى زيادة حصة نفقات البحث والتطوير إلى 1.8% من موازنة الدولة.

أما الصناعات الدوائي، فقد بلغت صادراتها 1.17 مليار دولار في عام 2018، في حين تبلغ القيمة الإجمالية للسياحة العلاجية في تركيا نحو خمسمئة مليار دولار، حيث يتطلع القطاع الطبي إلى توفير عشرين مليار دولار من عائدات هذه السياحة بحلول عام 2023.

استثمار طاقتي الشمس والرياح

وتولد تركيا اليوم نحو 46% من احتياجاتها للطاقة من مشاريع الطاقة المتجددة لاستثمار طاقتي الشمس والرياح، وتتطلع إلى رفعها إلى 56% بحلول عام 2023، كما أسست مشاريع طموحة في ولايتي أدرنة وفتحية لإنتاج الطاقة من تدوير النفايات، فضلا عن محطة آق قويو النووية التي تم وضع حجر الأساس لها في مرسين عام 2018.

الصناعات الاستهلاكية

شهدت العشرية الأخيرة ثورة عملاقة في الصناعات الاستهلاكية، خاصة فيما يتعلق بالمنتجات الغذائية والأدوات، وفي مجالات الصناعات البحرية وتصدير المعادن والصلب والأثاث والمفروشات وغيرها.

السوق السياحية

أما سوق السياحة التركية الشهير، فبلغ من النمو حدا عكسته القدرة التشغيلية العملاقة للمطارات ووسائل النقل والمواصلات، حيث بلغ عدد السياح عام 2018 وحده أكثر من 43 مليون سائح، وفي 2019 بلغ 51 مليونا، مع تطلعات لبلوغ رقم 58 مليونا العام الجاري.

وانعكس حجم السياحة والزيارات الخارجية على ناتج قطاعات استثمارية كبرى في البلاد، مثل الفندقة وتجارة العقارات التي بيع منها للأجانب مليون و375 ألفا و398 شقة سكنية خلال عام 2018 وحده.

التعليم الجامعي

وخلال العقد الأخير، نمت الجامعات التركية بشكل كبير، فقد ارتفع عددها من 76 جامعة عام 2002 إلى 202 جامعة حاليا، يضاف لها 15 جامعة أخرى تحت التأسيس.

كما ارتفعت موازنة التعليم الجامعي في الفترة ذاتها من 11 مليار ليرة (1.87 مليار دولار) إلى 134 مليار ليرة (22.8 مليار دولار)، إضافة إلى 150 مليار ليرة من مساهمات الوزارات التركية والمتبرعين الأتراك.

أردوغان والموقف من المهاجرين السوريين

لقد تسابق المعارضون في برامجهم الانتخابية في التفنن في تخويف المهاجرين السوريين في تركيا، وتهديدهم بإخراجهم من تركيا وإعادتهم إلى سورية، حيث تنتظرهم آلة الموت الأسدية التي ذاقوا مرارتها قتلاً وتشريداً ونزوحاً لأكثر من اثني عشر عاما، ليُطمئنهم الرئيس الطيب أردوغان عقب انتهاء المرحلة الأولى من الانتخابات قائلاً:

"إخواننا السوريين هم أمانة في أعناقنا وهاجروا إلى بلد الأمن والسلام ولن نتركهم لوحوش المعارضة".

المصدر

*الجزيرة-5/5/2023-و13/4/2023و16/1/2020

*العربية-27/4/2023-و1/5/2023

*تي أر تي عربي-15/4/2023-و3/5/2023

*وكالة الأناضول-9/5/2022

وسوم: العدد 1032