تعالوا لا نكذب على أنفسنا...!! وليكن لنا في تجربتينا درس، وأي درس!!؟؟
درس واقعي عملي، نقتنص منه العظة والعبرة، ونستخلص القانون.. لعل من يلينا لا يُبتلى كما ابتلينا!!
ولقد عشنا نحن هذا الجيل من السوريين تجربتنا في إطارين..
الأول: في إطار أضيق امتد نحو نصف قرن.. وأرى أن من حق الشعب السوري، بل والمسلمين أجمع أن يسمعوا ممن خاضوا تلك التجربة، تقويما عمليا علميا واقعيا، قويما متكاملا لتلك التجربة بأبعادها.. من غير ادعاء ولا ختل ولا تدليس…
صحيح أن جمهورا من السوريين الأوفياء، قد صبروا على تلك المحنة المتمادية صبر الكرام، ولكن يجب أن لا يَغفلوا أو يُغفلوا أنهم فعلوا بذلك بحبال وليس بحبل واحد، من الناس، ولعل كثيرا منهم ما زالوا في فيء ذاك الود يتدارون!!
وأنهم كانوا في إطار تجربتهم يعيشون في ظروف دولية وإقليمية، إن لم نقل أعانتهم، فلا أقل من أن نقول حضنتهم!! وأحاطتهم، وما تزال…
ثم عاش السوريون منذ 2011 تجربة أخرى، لعلها أوسع دائرة من الأولى، وأوسع مدى، وأبلغ أثرا في حياة الناس…
كانت تجربة مرة وقاسية
سُفكت فيها الدماء، وانتُهكت فيها الأعراض، وختم الله للسوريين بخير بفضله ومنّه وكرمه، ثم بشجاعتهم وبصبرهم وبإصرارهم، وجميل فَعالهم؛…
ومع كل ذلك، يحتاج السوريون اليوم، بل يحتاج المسلمون أجمع اليوم، أن يقفوا وقفة المعتبر، أمام ما جرى وكيف جرى، وما هي العوامل الرئيسة الفاعلة فيه!!
في المختبر العملي تستطيع أن تعرف العوامل العملية لكل التجارب، وكيف تمضي وكيف تستعاد!!
لن أقول إن تجربة نصف قرن في سورية كانت سهلة، وأعلم أن ثمن الحرية والعيش بكرامة ليس سهلا..
ولكن أعود فأشهر الدعوة إلى الحاجة إلى عملية التقويم… بأبعادها..
في كل موضع دعا القرآن فيه إلى التدبر، فإنه كان يدعو إلى النظر إلى المآلات، إلى الذين كان، وكيف كان، وكيف يمكن أن يكون؟؟
ورب رجال متكئين على أرائكهم ما زالوا يهومون، أو يدّعون…
شعوب كثيرة كانت تقرع بالطناجر لئلا يبتلع القمرَ الحوت… وبعضهم كانوا يعتقدون أنهم بأصوات طناجرهم قد هزموه!!
أنا أحمد الله على ما قدّر، أحمد الله على التثبيت، والثبات…
وأنا فرح بما تحقق، فرح بالنصر، وفرح بالخلاص..
وأنا واحد من الناس الذين يقاربون الأمر بحقيقة ما جرى، وكيف جرى؟؟…
وفي يقيني تتوحد الحقيقة الشرعية بالحقيقة العقلية الواقعية..
ومن هذا الإدراك أدعو حكماء السوريين، وعلماء السوريين، وعقلاء السوريين؛ إلى أن يتدبروا، أن يقتنصوا العبر والعظات مما جرى وأن يعلموا كل ذلك للناس..
وأتلو: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)
ومرة أخرى..
(وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ)
وكل الذي أدعو إليه أن نحرر قوانين التدافع والدفع… فنكون أقرب إليه في الواقع الذي نعيش..
ليس بمعنى أن قرقعة الطناجر لم تهزم الحوت، بل بحقيقة أنه لم يكن هناك حوت أصلا..
بالعزم والتصميم والثبات كان النصر، وبالبصيرة وحسن التأتي أيضا، وبقي أن نعلم وأين كان ذاك!!
وسوم: العدد 1124