تركية المسلمة... تمد يدها

سالم الزائدي

تركية المسلمة... تمد يدها

سالم الزائدي

[email protected]

إن إعادة إسقاط الماضي كما وقع، عملية مجحفة في حق الأجيال الحاضرة، وإن ما حدث من هيمنة الإمبرطورية العثمانية على الوطن العربي لأربعة قرون، لا يجب أن يكون المحور في تحديد علاقتنا مع دولة إسلامية قوية تشهد نمواً نموذجياً ولها علاقات استراتيجية قوية مع معظم الدول العربية مثل تركية ورئيسها الحالي " اردوغان ".

 فما حدث في السابق نعتبره ظاهرة، تحدث مرة واحدة في زمانها ومكانها وظروفها .. لا يمكن أن تتكرر ولا يمكن أن تعيد نفسها، ونعلم جميعا ًأن الماضي ماضِ، والحاضر حاضرِ ، والمستقبل مستقبل.. ولكل مجتهد نصيب.

علينا أن نأخذ بعين الإعتبار تفاعل الإنسان ببيئته واستجابته لحاجاته وتجاربه مع متطلبات عصره ، وحتى نبعد عن أنفسنا صفة الثبات والجمود التي تجعل من الأحداث التاريخية مجرد منظر لصورة سلبية ساكنة أو مشهد جامد. علينا أن نذّكر ونتذكر الفعل الإنساني بصفته نبضا ًحيا ً لسلوك الأفراد وحياة الشعوب في تفاعلهم مع كل ما حولهم وما يجد من ظروف محيطة من خلال عناصر ثلاثة : 1 الإنسان : صانع الحدث والمؤثر فيه.

2 البيئة أو الوسط التي يتحقق عليها الفعل أو الحادثة التاريخية بشروطها و مواصفاتها.

3 الزمان: وهو الحيز الذي تتحقق فيه الحوادث أو الظواهر التاريخية وتخضع أثناءه للتغير والتحول.

تركيا اليوم تعود إلى الجذور العثمانية ، أي أنها تعيد الارتباط بالعالم العربي الذي هو أساس العالم الإسلامي ، بحيث تكون الدول العربية هي المجال الحيوي لتركيا اردوغان، وهو ما كان عليه العهد السابق أيام الدولة العثمانية.

تركيا ..ها هي تكتشف الحقيقة ، وتعرف أنها منا وبنا وليست علينا، يدرك أهلها أن العرب إخوتهم، وأنه مهما حاول المغرضون فصلهم فهم مسلمون يجمعهم تاريخ وبطولات وأمجاد.

 تعود تركيا المسلمة ، وصوت المؤذن يهز أرجاء اسطنبول من جديد، ويعانق مثقـفوها وعلماؤها ورجال فكرها إخوتهم العرب، تركيا المسلمة تمد يدها وتنتظر أن نمد لها نحن أيدينـا بالحب والإخاء .

آن الآوان لكي تشكل وحدة الأمة الاسلامية تقاربا ً يصنع عصر جديد من الرخاء والتماسك والإخاء والتلاحم ..آن الآوان لكي ترتفع الغشاوة عن الأبصار ليدركوا أن لا قيام للعرب إلا بالإسلام، ولا قيام للإسلام في الأمم الأخرى إلا بالعرب ..آن الآوان للبناء ونهضة الإقتصاد وتنمية الإدارة المعرفية والتكنولوجية.

أن تعاد الجسور بيننا وبين بلد إسلامي عظيم كتركيا هو ضرورة تاريخية ، تركيا اليوم غير تركيا الأمس، تركيا اليوم قوة سياسية، عسكرية، اقتصادية، علمية إجتماعية، إسلامية عن حق و حقيقة ولا جدال في ذلك في ظل رئاسة أردوغان وحكومة دواد أوغلو.

إن موقفنا من الأحداث بالضرورة متأثر بل ملون بالنظرة الشخصية، فمن المسلم به أن أي إنسان لا يستطيع الحكم على أشخاص أو نظم أو سياسات أو إنجازات إلا بمقدار رأيه هو وإلى حد ما بمقدار آراء الآخرين فيها ، وإن مسألة الأخذ بالعلية أو السببية والدوافع في تغير الأحداث هي مسألة اقتناع داخلي أكثر من كونها استنتاجا ً منطقيا ً قائما ًعلى الدليل المباشر المسلم به.

إننا ندرك أن الدول العربية لم تستطع إلى الآن تحقيق وحدة عربية شاملة ولو حتى جزء منها ولن تحقق ذلك في المنظور القريب ولكن يمكن لها أن تكون جزء من قوة إقليمية فاعلة تعيد تحقق لها الكثير من المكاسب السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

تيقضوا قبل أن يعمكم السيل فتذهبوا مع زبده مزقا ًمشتته يبتلعها اليـم فى نهاية المصب. دعونا نرى في كل مجال مضرب الأمثال، وفي كل ميدان تقدم الأسوة الحسنة، في السياسة ، والفكر ، والاقتصاد ، والاجتماع ، والثقافة ، والفن ، والصناعة ، والعلم. 

هذا ما نصبوا إليه ... هذا ما نحلم به ....التلاحم الإسلامي ...التحالف الاسترتيجي الذي يبني الأمة العظيمة في عصرها ... هكذا

بالعلم نمضي والطريق أمامنــــا... نورُ على هَديٍ من التنزيــلِ

فنضيىءُ ليل العالمين و نرتقي ... ونجملُ الدنيا بكل جميلِ

ونعيدُ للزمن الجميلِ بريقهُ ... ونسيرُ للمستقبلِ المأمولِ

نبني و نزرع في الحقول ونرتوي... ونعيش في وطنِ بلا تضليل