في ذكرى الوحدة

يحيى بشير حاج يحيى

يحيى بشير حاج يحيى

[email protected]

من هم الوحدويون الحقيقيون ؟ 

قبل أن يتفق عفلق والبيطار والأرسوزي على قيام حزبهم ، وقبل أن يرفع حزب البعث شعار الوحدة ، وقبل أن تقوم الوحدة  بين مصر وسورية ، وقبل أن يأتي جمال عبد الناصر بالا تحاد الاشتراكي ، فيقلب شعارات البعث من : وحدة ، حرية ،اشتراكية - إلى حرية ، اشتراكية ، وحدة !؟ 

وقبل أن يصادر حزب البعث بفرعيه السوري والعراقي الحكم في القطرين ، ليزيد التمزق تمزقاً ، ويكرس  انفصالهما ، ليصبح واقعاً ملموساً ، وينقل الجماهير من أمل طموح بتحقيق الوحدة ، إلى إحباط تعيشه ، وهي ترى الأحزاب التي رفعت شعار الوحدة والعروبة تمزق القطر الواحد بشعوبية وعشائرية وديكتاتورية وتسلط !؟ 

قبل هذا كله كنا نقرأ في كتاب الله جيلا ًبعد جيل ( إنّ هذه أمتكم أمة واحدة ، وأنا ربكم فاعبدون ) وفي حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم : يد الله على الجماعة

وقد قال حسن البنا الذي يمثل التوجه الإسلامي الوحدوي في وقت مبكر : وحدة العرب أمر لا بد منه لإعادة مجد الإسلام ، وإقامة دولته ، وإعزاز سلطانه ! ومن هنا وجب على كل مسلم أن يعمل لإحياء الوحدة العربية وتأييدها ومناصرتها !! 

ومن هذا المنطلق رضي الإسلاميون أن يحلوا أنفسهم في سورية لأن مصر تشترط عدم وجود أحزاب في دولة الوحدة ، بينما رفض الشيوعيون وهرب رأسهم بكداش معترضاً عليها ، وتظاهر البعثيون بحل الحزب ، وعملوا سراً لاستلام الحكم نيابة عن عبد الناصر ، وبقيت كوادرهم العسكرية تتجمع حتى وهي في مصر ، والمدنية تتلاعب بالدولة الجديدة تحت غطاء أنهم كانوا من الداعين لها والعاملين من أجلها !؟ 

وعندما وقع الانفصال اجتمع السياسيون لتأييده والتوقيع على وثيقته ، فوقّع البعثيون وغيرهم ، ورفض الأستاذ المجاهد عصام العطار وهو يمثل الموقف الإسلامي وتياره الكبير أن يوقع على الانفصال ، وذبح أمل طالما انتظرته الأمة ، مع الإقرار بوجود أخطاء ولكنها لاتبرر ماحصل ! وأشار الكاتب الإسلامي الأستاذ سعيد حوى في كتابه : هذه شهادتي وهذه تجربتي ، إلى خسارة الشعب السوري بوقوع الانفصال

أما الحزب الذي تشدق بشعار الوحدة وما يزال يرفع شعارها محنطاً لاروح فيه ، كرّس الانفصال،  بل استجلب المجوس الفرس لإذلال العرب والعروبة على أرض الشام !؟ 

وعلى الرغم من التخبط والتمزق الذي تمر به أمتنا فإن الوحدة كانت ومازالت هدفاً - لامجرد أمل -  يسعى الإسلاميون في مختلف أقطارهم إلى تحقيقه انسجاماً مع قناعتهم ، لأن في تحقيقها إعزازاً للإسلام وأهله

على بطاقة السفر ، وأنا أعبر بين قطرين عربيين

عبرتُ الحدودٓ كما يعبرون       وأدمى فؤادي اصطناعُ الحدودْ  !؟

ورحتُ أُحدّق  بالقائمين         عليها ، وبلّل دمعي الخدود !

أُخٓيّ - فديتُك - لا تُنكرنّي      فأرضُك أرضي وإرثُ الجدود !؟ 

فكيف تُصدّقُ  قولةٓ  سوء ٍ       بأني غريبٌ  ، وتُعلي  السدود  !؟