بلاد الشام وأحوالها في نهاية العصر المملوكي

أدهم مسعود القاق

بلاد الشام وأحوالها

في نهاية العصر المملوكي

أدهم مسعود القاق

منذ حضارات الشرق  القديمة لعبت تضاريس بلاد الشام دوراً هامّاً في تقسيمها إلى ممالك متعددة، لوجود جبال وهضاب عالية في جميع أنحائها، تحجز سهولها ومنخفضاتها، ولما فيها من أنهار أهمها: الفرات والعاصي والأردن، عدا عن بادية الشام التي تقسم هذه البلاد  إلى قسمين رئيسين، إضافة إلى ساحلها على البحر المتوسط الذي فيه الكثير من الثغور البحرية، وبذلك فيحدّ بلاد الشام البحر المتوسط غرباً، والبادية شرقاً، وآسيا الصغرى (تركيا) أي حدّ الروم شمالاً، ومصر جنوباً.

تعدد لغات الشام:

وقد تعاقب على سكن الشام الكثير من الشعوب منذ فجر التاريخ الإنساني، ولعلّ الكشوفات الأثرية تثبت ذلك لما انتشر من لغات على أرضها وبين قاطنيها، فمنذ قبل الإسلام بزمن طويل كتب اهل الشام باللغات البابلية والكلدانية القديمة والكنعانية، ثمّ استخدموا اللغة الحثية في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، كما انتشرت اللغة السريانية منذ القرن الثاني الميلادي، وقبلها كانت العبرانية والفينيقية، وعلى زمن السلوقيين استعملوا الآرامية الممزوجة بالفينيقية، واليونانية وهي اللغة الرسمية في عهد الروم والرومان، ثمّ بدأت اللغةة الآرامية العربية بالانتشار، وهي اللغة التي تكلم بها العرب قبل الإسلام عند الغسانيين والتنوخيين والنبطيين والسبأيين وغيرهم"[1]، ثمّ انتشرت اللغة العربية بعد الإسلام، و" نقلت الدواوين زمن عبد الملك من اليونانية إلى العربية، ونازعت العربية اللغة السريانية قبلها على صورة مدهشة، وتغلبت العربية لغناها وسلاستها وضبط قواعدها وشدة احتياج الناس إليها في مصالحهم"[2]، ثمّ يلاحظ عدم ترسّخ اللغتين اليونانية واللاتينية في بلاد الشام، كما ترسخت السريانية، ثمّ العربية لأن اليونان والرومان كانوا فيها مستعمرين، ولم يكونوا من أهلها كما كان السريان والعرب. وفي خضم الصراعات بين الشعوب الإسلامية في سيرورة الحضارة العربية الإسلامية وتطورها، انتشرت لغات من لهم الغلبة، فكان للفارسية نصيب في بلاد العراق، وللتركية انتشار في بلاد الشام، لاسيما الحدود الشمالية منها.

وانقسم العرب في بلاد الشام إلى حضر وبدو، والحضر هم أهالي المدن والقرى الشامية الذين عملوا بالزراعة والصناعة والتجارة، ولكن كلا الفريقين يتحدرون من العشائر والقبائل العربية، التي تنتشر  في بلاد الشام، ومنها آل الفضل، وربيعة ، وبنو طىء، وبنو كلب، في  دمشق العاصمة، وسط الشام، وآل علي، وآل زبيد في غوطة دمشق، وبنو خالد في حماه، وبنو كلاب في حلب، وفي جنوب الشام بنو جذام بن عدي، وعرب ثعلبة وجرم وآل مرّا في الجولان، ويذكر أيضاً التنوخيون وهم من أصل قحطاني، سكنوا شمالي الشام قبل الإسلام، ومنهم بني بحتر الذين سكنوا حلب زمن الفتح العربي ثمّ انتقل الكثير منهم إلى لبنان الوسطي، والساحل الشامي، غربي بيروت، ومنهم كرامة بن بحتر بن علي التنوخي الذي تقرّب من نور الدين محمود الأيوبي، فأقطعه عام 556هـ / 1160م الغرب وما يتبعه من قرى من غربي بيروت، متضمناً طرابلس، فسميّ منذ ذلك الوقت أمير الغرب، و"في أيام صلاح الدين الأيوبي الذي فتح بيروت سنة 583هـ / 1187م أقطع ابنه حجّي بن كرامة بن بحتر أملاكاً مكافأة له من اجل خدمته ومناهضته للفرنجة"[3] وبعد حجّي جاء جمال الدين حجّي فتوجّه إلى دمشق حيث يقيم كتبغا نائب هولاكو في الشام، واجنمع به، وأظهر الطاعة للتار فكتبوا له منشوراً عام 658هـ / 1260م بإقراره على مابيده من اقطاعات[4]، إلى جانب التنوخيين كان الشهابيون في  وادي التيم، وقد شاركوا في قتال الصليبين، والتتار أيضاً، ثمّ نجد المعنيين الذين تواجدوا في جبل الشوف بيم بيروت وصيدا المطلّ على السهل الساحلي، وقد تواصل الأمير معن بالأمير بحتر التنوخي أمير الغرب وتقاربا، وتوادّا، ثمّ حاربوا الصليبين سوية.   

وقد تصارع التنوخيون والشهابيون والمعنيون مع الجراجمة أوالمردة الذين كانوا يقفون تارة مع العرب وتارة مع الروم، وقد ذكر محمد كرد علي " صراعهم مع ابن عامر الأرسلاني، أمير الغرب، الذي يضمّ بيروت وصيدا وجبلهما، وتمّ هزيمتهم"[5] ثمّ اختفت تسمية الجراجمة والمردة، وأصبحوا يعرفون بالموارنة، وقد ذكر في تاريخ بيروت: "أسكن المماليك قبائل عربية (التنوخيون  والمعنيون والشهابيون) على سواحل لبنان ليكونوا حاجزاً بين نصارى لبنان أو الموارنة وبين الفرنج إذا عادوا إلى الشام"[6]، ويذكر أن جمال الدين عبد الله التنوخي موضوع دراستنا ينتمي إلى التنوخيين، الذين، كما أسلفنا، كانوا قد حصلوا على سيادتهم على الأراضي التي كانت بحوزتهم بصفتهم أمراء الغرب منذ كرامة بن بحتر بن علي التنوخي عام 556هـ/ 1160م  ثم حجي ابن كرامة، ثم جمال الدين حجي زمن التتار كما مرّ معنا، واستمروا أيام الدولة المملوكية على ماهم عليه، أمراء الغرب.

ومن الشعوب التي استوطنت بلاد الشام الأرمن الذين تزايد عددهم عندما فتح المسلمون بلادهم، والتركمان:" أعظم الشعوب التي اشتهرت بالشجاعة والفروسية"[7]. ومن سكان بلاد الشام الأكراد، وهم من الشعوب الهندو أوروبية الذين سكنوا جبال كردستان منذ عام 650 ق.م، وغالبيتهم أهل بادية وخشونة، يتصفون بالشجاعة والنجدة. ثمّ سكن قسم منهم  في شمال حلب، وفي الجهات الساحلية من لبنان، و: "كان لهم كيانهم اللغوي الجنسي، ويطمحون منذ وجودهم في قيام كيان خاصّ لهم"[8]، كما شارك الأكراد في الدفاع عن الشام ضد التتار، والصليبيين من قبلهم، وكان لهم دورٌ في ثورة جان بردي الغزالي، نائب الشام على العثمانيين، في عام 926هـ/ 1520م ولكن الأتراك أحبطوا محاولته الوصول إلى مصر لتولّي عرش السلطنة فيها. وبشكل عام يتكون سكان الشام من عرب الجنوب، ومن نسل عرب الشمال، من القبائل العربية التي هاجرت إلى الشام طلباً للرزق. ومن العصبيات العنصرية الأخرىالموارنة والأتراك والسريان.

وأغلبية أهل الشام سنّة على مذهب مالك، وقد كانوا قريبين من مذهب الأوزاعي (توفيّ، 157هـ/ 754م) الذي نشأ في البقاع وعاش في بيروت، وهو" الإمام الأكبر للمدرسة الشامية القديمة في الشريعة"[9] إلى جانب الأقليات الطائفية، ومنهم:

الشيعة: الاسماعيلية المنتشرة في أماكن عديدة من الشام، ومنهم الحشاشون الذين احتلوا حصون جبلة في الشام، ثمّ يذكر لهم نجاحهم في إقامة الدولة الفاطمية في المغرب ومصر، وقد ذكر محمود الحويري: "أخذ نشاط الباطنية الهدّام يمتدّ إلى بلاد الشام منذ بداية القرن الثاني عشر"[10].

النصيرية: سكنوا شرق جبال لبنان حتّى سهل حماه وحمص وحلب، وشمالاً حتّى أنطاكية وامتدوا حتّى حدود الأناضول، مؤسسها الفقيه الشيعي محمد بن نصير،  ويبدو أنهم كانوا على خلاف مع أئمة الدروز، إذ نجد من ضمن رسائل حمزة بن علي إمام الدروز إبان حكم الحاكم بأمر الله،  رسالة تحت عنوان" الرسالة النصيرية" وفيها اتهامات للنصيريين باتباعهم تعاليم منافية للأخلاق، وفيها شتائم لعلي بن أبي طالب، ومن الجدير بالذكر أن النصيريين غيّروا اسمهم بـ" العلويين" في القرن العشرين.

والدروز: "مبعثرون في أماكن مختلفة في بلاد الشام، وخاصة جبال لبنان وحوران في جنوب دمشق، وعملهم الأصلي الزراعة وإقتناء الأراضي"[11] ويتصف الدروز بصفات تميزوا بها هيّ: "الولاء للجماعة وحبّ الحرية والاستقلال والصبر على تحمّل المكاره والشدائد"[12] وقد "شارك الدروز في الدفاع عن بلاد الشام"[13] كما انضم قبائل عربية مثل التنوخيين إلى الدروز"[14] وقد ذكر أحمد الشرباصي "أنّ شكيب أرسلان تغنّى بعروبته وعروبة الطائفة التي ينتسب إليها، وهي طائفة الدروز، وقد ردّ على مقالة ألمانية تطعن بنسب الدروز العربي في مجلة الشورى، ع1، 1925م  على "أن هذا تخاليط الإفرنج إذا شرعوا في الكتابة عن الشرقيين، فالدروز في النسب عرب أقحاح" ويختم شكيب: " ... فأبناء بني معروف لا يخرجون عن الجامعة العربية، ولا من الجامعة الإسلامية، ولن يقدر أحد أن يخلّ بهذه القاعدة:( فمن ينكث فإنما ينكث على نفسه)[15]. إلا أن محمود الحويري ذكر ان الدروز عاشوا حياة شبه مستقلة، منعزلين في معاقل جبل لبنان، وذكر أنّه: "لاتوجد لدى الدروز وثائق واضحة تتعلق بأصلهم كشعب وطائفة، ولا يقل أصلهم الأنثروبولجي عن معتقداتهم الدينية وطقوسهم غموضاً وإبهاماً"[16] ثمّ يدّعي محمودالحويري أنّ: " الدروز يكفّرون المسلمين عامة، ويسمونهم الكفار أو المشركين، في  الوقت الذي يطلقون على أنفسهم الموحدين"[17] على الرغم أنّه يقرّ: "حارب الدروز خلال الحروب الصليبية إلى جانب المسلمين ضد الفرنجة"[18]، ومن المعروف ان الدروز حريصون على عدم الكشف عن مبادىء طائفتهم، ولكن بعد حملة ابراهيم باشا إلى سوريا: "نهب من خلوات شبعا، أماكن عبادة الدروز، كتب الدروز عام 1834م، فكانت المرة الأولى التي تعرّف فيها العالم إلى كتبهم"[19]

وإلى جانب المسلمين تواجد في لبنان أقليات مسيحية، ومنهم المردة والجراجمة والروم، وقد ذكر كرد علي: "هاجرت مئات من الأسر المسيحية في القرن الرابع عشر وبعده من حوران وما إليها إلى لبنان، واعتصمت في معاقله ولاسيما بعد الفتح العثماني"[20]

أمّا الموارنة: فكان هواهم من جهة الدين، مع الصليبيين، حتّى أنّ فرنسا هي التي عملت على قيام إمارة لبنانية مستقلّة عن سوريا عام 1278هـ/ 1861م.

والسريان: سكنوا جبل لبنان، وأظهروا العداء للماليك، أمّا الذين كانوا في الشام فاتسموا بالموادعة والتعاون مع المماليك.

والأرمن خدموا الخلفاء، وفي منتصف القرن العاشر الميلادي قاموا بتعمير شمالي الشام بعد غزوّ الروم لها.

وبعض الأقليات المسيحية من بقايا الصليبيين منهم الروم الأرثوذكس، والروم والكاثوليك والبروتستانت، وهم موزعون في أنحاء لبنان وسوريا.

وقد لخص محمد كرد علي المشهد في القرن السادس الهجري على الشكل التالي: " وكان آل تنوخ وآل معن، حجازاً في أعالي سواحل لبنان، بين أملاك الصليبيين وأملام صاحب دمشق، ولهم الأثر المذكور في ذلك، ولذلك كان يتنازعهم المستولي على دمشق والمتولون على الساحل، ولكن خدمتهم للمسلمين أكثربالطبع وهواهم مع أبناء دينهم، وعلى نحو ذلككان الدروز وقد قاتلوا في صفوف المسلمين فأظهروا من الشجاعة والنجدة ما تقرّ له العيون. ومن الغريب أنّ شيعة جبل عامل على إخوانهم المسلمين إلّا قليلاً كانت مع الصليبيين، وكأنّهم اضطروا إلى ذلك اضطراراً لأنّ أرضهم كانت بيد الصليبيين، كما كان هوى الموارنة لمكان الدين مع الصليبيين، ومن الموارنو ادلّاء لهؤلاء وعمّال وتراجمة، وكان بطاركة أهل الصليب يتنقلون في قرى لبنان الساحلية ولهم السلطان الأكبر على الإفرنج"[21]

واليهود عاشوا في القدس وحلب وبيروت ودمشق، أيام دولة المماليك حيث أضحى للمماليك الذين تمّ شرائهم شأناً عظيماً وصاروا الأداة الحربية الوحيدة لدى سلاطين المماليك، ومن رؤساء اليهود في  مصر والشام في  العصر المملوكي، ابن موفق بن شموئيل، الطبيب المعروف منذ عهد قلاوون عام 684هـ / 1285م، وقد: "اشتغل اليهود بتجارة الرقيق التي يرجع إليها استقرار جاليات يهودية كبيرة في سكسونيا"[22]

ومن الجدير بالذكر أنّ تغيرات ديموغرافية كثيرة حصلت نتيجة الاتصال بين شعوب وأقوام وأديان المنطقة، ويكفي أن نذكر مثلاً "إنّ نصف صعيد مصر قد تحوّل من النصرانية إلى الإسلام في عهد الناصر محمد بن قلاوون، وحلّت الجوامع والمساجد مكان الأديرة والكنائس"[23]، وكما قال كرد علي: " يتعذر الآن الحكم على أجيال العرب التي نزلت الشام لما طرأ على القطر من ضروب البلاء كالوباء والجدب والزلازل، والظلم والجلاء"[24] ولكن لم يمنع هذا من أن بعض الطوائف" احتفظت بأنسابها العربية، ولم يدخلها دم جديد كسكان الشوف ووادي التيم وجبل حوران وجبال الكلبية"[25] ويلمّح كرد علي هنا، إلى الدروز المحتفظين بأنسابهم العربية، لاسيما أنهم لايتزاوجون إلّا من داخل طائفتهم.

إزاء هذا التنوّع الجغرافي والتاريخي والديني والإثني فقد قسمت بلاد الشام في عهد المماليك إلى ستة أقسام إدارية، سميت بالنيابات، وهي: دمشق وحلب وحماه وطرابلس وصفد والكرك، وكانت نيابة دمشق وحلب قد نشأتا بداية، عقب انتصار المماليك على التتار في عين جالوت عام 659هـ، 1260م، حيث توحدت الشام ومصر من جديد على أيديهم. كما أنّ نيابة دمشق كانت الأكبر إذ ضمّت دمشق وصيدا وبيروت وبعلبك والبقاع.

لعبت العلوم الدينية دوراً في حياة المجتمع زمن الدولة المملوكية، وكان العلماء والفقهاء الذين يطلعون بالعلوم الدينية يرتدون على رؤوسهم عمامات ، وقد اصطلح على تسميتهم بأهل العمامة الذين لعبوا "دوراً بارزاً في مساندة السلطة الحاكمة وأكّدوا على ولائهم للسلطان، فقد كان في المعتاد في ذلك العصر أن يصعد كبار القضاة والفقهاء من أهل العمامة مع بداية كلّ شهر إلى القلعة لتهنئة السلطان بالشهر الجديد"[26]، ومن الجدير بالذكر أن "حجم العمامة يتناسب طردياً مع مكانة الشخص الاجتماعية"[27] وقد ادى التدهور العام في أواخر عصر المماليك ترك آثاره السلبية على مكانة كبار المتعممين، فكان المتعممون يتعرضون من ىن لآخر لمظاهر الامتهان.

نهاية عهد المماليك:  

انهار اقتصاد الدولة المملوكية، وتدهورت أحوالها، وكثر أعداد المماليك وتزايدت رواتبهم، وتفشّت الرشوة والفساد في دوائر الدولة، ولم تعد الدولة قادرة على الوفاء ودفع مستلزماتها، لاسيما رواتب المماليك، التي تضاعفت في عهد السلطان قايتباي( 827هـ / 901م) و: "نتيجة لهذه الأوضاع فقد جمع السلطان قايتباي مجلساً بالقلعة حضره قضاة وشيوخ العلماء، وأخذ السلطان يدعو على نفسه بالموت، ويتبرم من السلطة نظراً لانّ الخزانة خاوية ومطالب المماليك كثيرة..."[28] وبعد تأخر رواتب المماليك فرض السلطان قانصوه الغوري ضرائب باهظة على الناس، ولكن حوادث المماليك الجلبان توالت بكثرة حتى نهاية عصر المماليك.

وبشكل عام ففي الفترة الأخيرة من تاريخ دولة المماليك البرجية( 824 – 923هـ / 1421 – 1517م) ازداد الانحلال الاجتماعي، وانعزل المماليك عن باقي فئات المجتمع، و "كوّنوا مجتمعاً مغلقاً خاصّاً بهم، واحتفظوا بجنسهم وعاداتهم"[29]، وازدادت ثوراتهم مع ظهور عجز السلاطين عن ردعهم، وردع الفتن ومظاهر الفساد الشديد الذي انتشر، مع كثرة عزل وتولية سلاطين، كل ذلك ترافق مع اوضاع عالمية جديدة ومستجدات بدأت تظهر لدى الغرب.

المرأة في عهد المماليك:

لم يكن الموقف من المرأة بعيداً عن التصورات الإسلامية، وهي تعكس واقع مجتمع أبوي بطريركي، الذي يعامل المرأة كسلعة بيد الرجال، وكعورة يتوجب تجنبها، ولذلك نجد ان المماليك لم يتمكنوا من قبول تحرر المراة ف: "في عام 824هـ / 1421م نودي بمنع النساء من الخروج إلى الترب"[30]

 على الرغم أن نشاط النساء في شوارع المدن المملوكية وأسواقها ومنتزهاتها كان لافتاً في ذاك العصر، كما أن مجالس الخلاعة بالقاهرة زخرت بالنساء إلى جانب الرجال، واعترفت الدولة بالبغايا، "وفرضت عليهن ضرائب مقررة، وجمعت من هذه الضرائب جملة مستكثرة، و جعلت للبغايا ضامنة عرفت باسم ضامنة المغاني"[31] وقد استخدمت النساء الزينة واقتنت المكامل والمرايا، واتخذت الخلاخيل زينة لإرجلهن، وأقبلن على الحليّ، ثم نجد توسعاً في نفوذ النساء تمتعت به النساء في عصر سلاطين المماليك فكان هذا سبباً في "إثارة بعض الفقهاء وعلى رأسهم ابن يتيمه الذي كثيراً ما كتب محذّراً من طاعة النساء لأنّ أكثر مايفسد الملك والدولة طاعتهن"[32]، امّا عن نساء اهل الذمّة فقد كان لزاماً عليهن ارتداء أزر ذات ألوان متميّزة، فكانت المسيحيات تلبسن أزر ذات لون أزرق، واليهوديات ذات اللون الأصفر، والسامريات ذات اللون الأحمر.

               

 [1] - محمد كرد علي، خطط الشام (مكتبة النوري: دمشق، ط3، 1983م) ج1، ص41 وماقبلها وبعدها

[2] - --------------،ج1، م. س، ص41

[3] - المقريزي، الخطط ، ج2( .......) ص170

[4] - صالح بن يحيى، تاريخ بيروت ( ....) ص56

[5] - محمد كرد علي، خطط الشام، ج1 (مكتبة النوري: دمشق، ط3، 1983م) ص 203

[6] - محمود السيد، العرب في أخطر المعارك الحربية في تاريخ العالم( منشأة المفكرين: اسكندرية، 1995م) ص61 نقلا عن صالح بن يحيى، تاريخ بيروت، سنة 1898م، ص44

[7] - محمد كرد علي، خطط الشام، م.س، 1، ص

[8] - محمود السيد، م.س، ص67

[9] - ابراهيم خورشيد، دائرة المعارف الإسلامية، مجلد 5، ص206

[10] - محمود محمد الحويري، الأوضاع الحضارية في بلاد الشام في القرنين الثاني عشر والثالث عشر من المسيلاد(دار المعارف: القاهرة، 1979م) ص34

[11] - محمود السيد، م.س ج1،، ص84

[12] - ------------------، ج1، ص86

[13] - محمد كرد علي، خطط الشام، ج2، م.س، ص14

[14] - فيليب حتّي، تاريخ لبنان، ص320

[15] -أحمد الشرباصي، شكيب أرسلان (المؤسسة المصرية العامة: أعلام العرب، القاهرة، 1963م) ص78 و79

[16] - محمود محمد الحويري، الأوضاع الحضارية في بلاد الشام في القرنين الثاني عشر والثالث عشر من الميلاد(دار المعارف: القاهرة، 1979م) ص39

[17] - --------------------، م.س، ص41

[18] - --------------------، م.س، ص41

[19] - فيليب حتّي، تاريخ لبنان، ترجمة أنيس فريحة ونقولا زيادة ( دار الثقافة: بيروت، لبنان، ط2، 1972م) ص319

[20] - محمد كرد علي، خطط الشام، ج1، م.س،ص32

[21] - محمد كرد علي، خطط الشام، ج2، م.س،ص14

[22] - أحمد مختار العبادي، قيام دولة المماليك الأولى في مصر والشام( دار النهضة العربية: بيروت، 1986م) ص11

[23] - حياة ناصر الحجّي، صور من الحضارة العربية الظغسلامية في سلطنة المماليك ( دار القلم: الكويت، ط1، 1992م) ص13

[24] - محمد كرد علي، خطط الشام، ج1، م.س، ص29

[25] - --------------، م.س، ص34

[26] - ابن إياس، بدائع الزهور، ج3، ص24

[27] - قاسم عبده قاسم، من تاريخ الأيوبيين والمماليك (عين للدراسات: القاهرة: ط عام 2010م) ص174

[28] - قاسم عبده قاسم، من تاريخ الأيوبيين والمماليك (عين للدراسات: القاهرة: ط عام 2010م) ص298 ، نقلا عن ابن إياس، بدائع الزهور ج3 ،   ص29 وج4 ص16  و  ابن تغري ، النجوم الزاهرة، ج16 ص98

[29] - محمد سهيل طقّوش، تاريخ المماليك في مصر وبلاد الشام ( دار النفائس: بيروت، ط1، 1997م) ص558

[30] - أحمد عبد الرزاق، المرأة في مصر المملوكية ( الهيئة المصرية العامة للكتاب: القاهرة، 1999م) ص50

[31] - أحمد عبد الرزاق، المرأة في مصر المملوكية، م.س، ص40 نقلا عن ابت تغري بردي

[32] - ------------------------------------------،م.س، ص61