العدلُ.. السلامُ.. التنميةُ

د. حامد بن أحمد الرفاعي

العدلُ.. السلامُ.. التنميةُ

د. حامد بن أحمد الرفاعي

"إِنَّ اللَّه يَأْمُر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان"النحل/90

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً"البقرة/208

"فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ"الملك/15

العدلُ والسلامُ والتنميةُ منظومةٌ قيميةٌ متكاملةٌ متلازمةٌ..السلامُ لا يكونُ مع غيابِ العدلِ بحالٍ من الأحوالِ..والعدلُ والسلامُ صنوانٌ..هما معاً منبتُ الاستقرارِ الراسخِ والدائمِ..والاستقرارُ في ظلِّ العدلِ والسلامِ هو حاضنةُ التنميةِ الراشدةِ في حياةِ الناسِ..وتنميةُ الأمنِ والأمان والكفاية لحياةِ المجتمعاتِ هي الثمرةُ اليانعةُ الطيبةُ لكلِّ أنواعِ التنميةِ الماديةٍ والمعنوية لقولِ سيدِنا ورسولِنا محمد صلى الله عليه وسلم "مَنْ بات مِنْكُمْ آمِنًا فِى سِرْبِهِ مُعَافًى فِى جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا"والعدلُ طمأنينةٌ للنفوس وأمنٌ للأفرادِ والمجتمعاتِ والحكّامِ سواء بسواء"حكمتَ فعدلتَ فأمنتَ فنمتَ"فالعدلُ أكبرُ وأقوى وأخلصُ وأوفى حارسٍ للأمنِ والأمان والسلام والاستقرار بكلِّ أنواعِه ومستوياتِه لقوله تعالى:"الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ"وبالعدلِ يتحررُ الحاكمُ من العوزِ والحاجةِ إلى كلِّ أنواعِ الحراسةِ المسجونِ خلفها مُعظمُ حُكّامِ هذا الزمان"حكمتَ فعدلتَ فأمنتَ فنمتَ"فالعدلُ يُحررُ الجميعَ من الجميع لقول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه:"متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار"العدل يُحررُ الأفرادَ والمجتمعات من رقابةِ الحُاكّمِ..ويُحررُ الحُكّامَ منْ مُساءلات وخصومة المحكُومين..العدلُ يُقيمُ روحَ المودةِ والاطمئنانِ والتعاونِ والتناصحِ الراشدِ بينَ ولاةِ الأمرِ والشعوبِ لقولِه صلى الله عليه وسلم "المؤمنُ للمؤمنِ كالبنيانِ يشدُ بعضُه بعضاً وشبّكَ بينَ أصابعه"بالعدل والإصلاح تحفظ المجتمعات وتعيش بسلام لقوله تعالى:"وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ" وبالعدل تدوم الدول وترتقي النظم وتنصر لقول ابن تيمية وغيره من أعلام الأمة وفقهائها يرحمهم الله تعالى:"إن الله لينصر الدولة الكافرة العادلة على الدولة المؤمنة الظالمة"فالله جلّ وعلا ينتصر للعدل ويؤيده اياً كان مصدره..ويمقت الظلم ويقهره اياً كان فاعله.