مشكلتنا ليست مع بشار الأسد

م. عبد الله زيزان

م. عبد الله زيزان

[email protected]

موازين القوى في سورية

مع كثرة الحديث في الآونة الأخيرة، بقرب القيام بعمل ما تجاه سورية، يكثر الجدل حول ماهية هذه العملية والمستهدفون فيها، خاصة مع توارد التسريبات والتلميحات من السياسيين الغربيين، باتجاهات مختلفة حول مستقبل النظام السوري وزعيمه الأسد...

وقد جاءت "عاصفة الحزم" لتعيد ترتيب أوراق المنطقة مرة أخرى وبما لا يشتهيه الفرس، ولا حلفاؤهم في المنطقة برمتها، حيث أنّ موازين القوى قد اختلّت تماماً، والصمت العربي الذي كانوا يعولون عليه قد تحول إلى عاصفة بدأت تطيح بعملائهم في اليمن، وسط تلميحات متكررة بأنّ هذه العاصفة لن تهدأ إلا باقتلاع المشروع الفارسي من بلاد الشام أيضاً..

إلا أنّه ووسط حالة التفاؤل التي يشعر بها السوريون فإن ثمة حالة من القلق تنتاب الشعب حيال التصريحات الغربية، وبعض التصريحات العربية التي تحصر القضية السورية بشخص بشار الأسد، حيث يتم التركيز في وسائل الإعلام على مستقبل الأسد، الذي لن يكون له أي دور في سورية المستقبل، دون الحديث عن منظومته الأمنية كاملة...

القضية السورية أكبر من بشار

إنّ تركيز الساسة الغربيين ومعهم بعض العرب على ضرورة تنحي بشار الأسد عن سدة الحكم دون الحديث عن مصير باقي أفراد نظامه، لا سيما العسكريين والأمنيين منهم، هو اجتزاء للصورة الكلية في سورية، وتقزيم للقضية السورية، واختزال مخلٌ لمحاور الأزمة في البلاد، وبالوقت ذاته فإنّ هذا الحديث يحوي الكثير من الاستخفاف بعقول السوريين، واستهتار بتضحياتهم ودمائهم التي بذلوها على مذبح الحرية المنشودة في البلاد...

فالقضية السورية أكبر من مجرد لاعب تافه مثل بشار الأسد، الذي لا يملك من أمره شيء، فهو ليس أكثر من دمية يحركها الفرس كما يشاؤون، ويحتاج ربما إلى تصريح خاص للتنقل من مكان لآخر في دمشق، لذا فإنّ حصر مشاكل البلاد في شخص بشار الأسد لا يخلو من مؤامرة جديدة تحاك على الثورة السورية، وعلى تضحياتها..

هل يتجاوز الحلف العربي الإسلامي الفخ؟

وفي ظل انعدام الثقة تماماً بمعظم من يدعون صداقة الشعب السوري، يعلّق السوريون بريق أمل بالإخوة العرب والمسلمين، خاصة مع تحرك الغضب العربي تجاه التمدد الفارسي بدءاً باليمن، والتلميحات المتكررة عن حلف تركي عربي مرتقب للقيام بعمل ما تجاه سورية، وهذا يضع ملف بشار الأسد على المحك، فهل سيكون هدف التحالف الجديد الإطاحة ببشار الأسد فحسب؟

لا يُخفي السوريون ارتيابهم إزاء هذه القضية تحديداً فبعد أعوام الثورة الأربع بات الحديث عن المفاوضات مع النظام السوري خيانة عظمى، وهو يدخل عندهم ضمن منظومة المؤامرة الكونية على الشعب السوري، حتى لو ضرب الغربيون على الوتر الحساس الذي يحرك مشاعر السوريين وهو الحديث عن انعدام مستقبل الأسد في البلاد...

وعليه فإنّ أي تبسيط للمسألة السورية وتقزيمها بشخص أو حتى مجموعة أشخاص تنتهي القضية السورية بإخراجهم من المعادلة، ستقابل برفض شعبي عارم، والحديث عن حجج واهية كحماية الدولة السورية من الانهيار أو الخشية من تحول سورية إلى دولة فاشلة، لن تمرّ على الشعب ولن يقبلها، فالكفاءات السورية كافية لحمل الدولة السورية إلى برّ الأمان، إذا ما قُدّر لها أن تعمل بعيداً عن العبث الفارسي والتدخلات الخارجية..

وعلى الأصدقاء الحقيقيين للشعب السوري، لا سيّما التحالف قيد التشكيل أن يعي تماماً هذه المعاني، فالشعب بات حساساً جداً لأي تصريح أو تلميح تجاه بقاء أي ركن من أركان النظام، صغيراً كان أم كبيراً، فالكل شريك في الدم السوري، ولن يكون لسورية مستقبل مزهر ما لم يتم اقتلاع المنظومة الأمنية الأسدية الفارسية بالكامل، واستبدالها بالوطنيين المخلصين من غير أصحاب الأجندات، والمشاريع المشبوهة..