القدس عاصمة السّياحة العربيّة الإسلامية **

صالح محمّد جرّار

لكِ اللهُ , أيّتُها النّفوسُ والقلوبُ المتْعَبَة !! فكم تلاقين في درب الحياة مِن همٍّ وغمٍّ

لكنّ اللهَ الرّحيمَ الّذي فطركِ , أيّتها القلوبُ , جعل لكِ متنفَّساً ومتنزَّهاً , تستجمّين به وتستروحين , فقد أمرنا الله - سبحانه وتعالى - بالسّير في الأرض , متدبّرين متذكّرين ,

فتنْشطُ أنفسُنا , وتنشرحُ صدورُنا , ويزدادُ إيماننا .( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ...) وقال الشّافعيُّ :

تغرّبْ عن الأوطان في طلب العلا وسافر ففي الأسفار خمسُ فوائدِ

تفرُّجُ همٍّ , واكتسابُ معيشةٍ وعلمٌ وآدابٌ وصحبةُ ماجدِ

فإذا كان المكانُ الّذي نشّدُّ الرّحالَ إليه , مكاناً مباركاً , يغذّي الرّوحَ , ويُذكّرُ بالماضي المجيد , ويُسمعُنا آهاتِ وزفراتِ الأسير ,وقعقعةَ قيودِ العدوان الصّارخ - أقول : إذا كان ذلك المكانُ متّسِماً بتلك الصّفات , وجب أن يكون ذلك المكانُ محورَ تفكيرنا , وحجَّ قلوبنا وأرواحِنا , وسياحةَ عيوننا ومشاعِرنا وأجسامنا , بل ونجعله عاصمة سياحتنا , ومستراحَ قلوبنا !! واستمع لأغنية ( فيروز) الشّجيّة الأسيفة , لعلّك تطير فوراً بجناحيك شوقاً إلى القدس ومعالمها التّاريخية المجيدة التّي تحدّثك بكلّ ما يثير الوجدان !!

وأيّ مكانٍ أجدر بذلك كلّه سوى القدس المباركة التي تحتضن المسجد الأقصى الذي أسري إليه خاتمُ الرّسل والأنبياء محمّد - صلّى الله عليه وسلّم - ومن هناك عرج به إلى السماوات العلا : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا , إنه هو السّميع البصير )

ويضيق بنا المقام لو أردنا أن نسرد أسماء تلك المواقع والأماكن المقدسية التّي تعانقك بأنوارها , وتحدّثك بلسانها المبين , فقد اهتمّ بها الصّحابة والخلفاء إلى نهاية العهد العثماني وجعلوا القدس مدينة الحضارة والفكر والعمران , وأقاموا فيها المساجد والمعاهد والمؤسسات الحضارية العديدة , وعلى سبيل المثال فهناك أوّلا المسجد الأقصى المبارك ومسجد قبة الصّخرة المشرّفة التي شهدت معراج الرّسول الكريم - صلّى الله عليه وسلّم - وهناك حائط البراق والمسجد المرواني وهناك كنيسة القيامة التّي تذكرنا بالمسيح - عليه السّلام - كما تذكرنا بسماحة الإسلام حين رفض الخليفة عمر بن الخطّاب أن يصلي فيها لئلا يتخذها المسلمون من بعده مسجدا !

وكم وكم في القدس من أماكن تنطق بالمجد الإسلامي والمجد العربي والجهاد المقدس قديماً وحديثاً من أجل تحرير القدس المباركة !

فإليك يا قدس تحجّ الجموع من مشارق الأرض ومغاربها لترى مجد السّابقين وظلم المعتدين الآثمين ! فأنتِ أنتِ يا قدس عاصمتنا السيّاحية والسّياسية التي تروي للسّائحين قصتها المجيدة !!

وسوم: العدد 625