تخريب الجزائر هدف إيران القادم
من المؤسف أنّ الكثير من يعتقد أن الخطر الإيراني يحدق فقط بالدول العربية المجاورة لإيران وهي دول الخليج العربي، والواقع أنّ هذا السرطان خطره يمتد إلى أبعد من ذلك، فمن الخليج العربي، إلى دول المغرب العربي مرورا بجمهورية مصر العربية، وهذا من خلال التحالفات الإيرانية الإستراتيجية السرية والعلنية مع الكيان الصهيوني من جهة، ومن خلال الحقد الفارسي الصفوي على العرب والمسلمين السنة من جهة أخرى.
والواضح أن الجزائر أصبحت مستهدفة من طرف إيران خاصة عندما تم تعيين "أمير موسوي" كملحق ثقافي بسفارتها بالجزائر.
وأمير موسوي هذا هو كاتب وإعلامي إيراني كان يشغل منصب مدير مركز الدراسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية بطهران، وله ظهور واسع عبر القنوات العربية وعلى الخصوص قناة الجزيرة الفضائية في برنامج الإتجاه المعاكس الذي يُعدُّه ويُقدمه الإعلامي القدير فيصل قاسم.
وظهوره في هذه البرامج يقتصر وينحصر حول الدفاع على الميليشيات الشيعية الموالية للنظام الإيراني والمؤتمرة بإمارة الولي الفقيه المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، كتنظيم حزب الله في لبنان وسورية، وجماعة الحوثي في اليمن، وفصائل الحشد الشعبي في العراق والنظام السوري.
وبتعيين أمير موسوي الذي من الواضح أنّه تم اختياره بعناية دقيقة مستغلين هذا التقارب الحاصل بين طهران والجزائر في العديد من الملفات والقضايا، يكون دور الجزائر قد حان ضمن سلسلة الدول العربية المستهدفة، ومن يُشكّك في ذلك عليه أن ينظر الى الأسباب الحقيقية التي أشعلت منطقة ميزاب بعيدا عن تلك الأسباب الوهمية التي يُراد تسويقها ووضعها لتضليل الرأي العام الجزائري.
فبمجرد وصول هذا الملحق الثقافي اندلعت أحداث غرداية الأليمة، التي لا يُستبعد وقوفه وراء هذه الفتنة التي كادت أن تحرق منطقة بني ميزاب الآمنة منذ سنين وعقود.
ولكي نوضح خطورة الأمر للذين يُشكّكون ويتهموننا على أنّنا نقوم بتهويل وتضخيم القضية وإعطائها أبعادا أكثر مما تستحق، ننقل لهم ما قامت به السلطات السودانية وعلى رأسها الرئيس عمر البشير، عندما أصدرت قرارا في بداية سبتمبر/أيلول 2014 قضى بإغلاق جميع المراكز الثقافية الإيرانية المتواجدة عبر المدن السودانية والتي فاقت أل 26 مركزا، كما تم طرد الملحق الثقافي، وكل العاملين الإيرانيين داخل هذه المراكز، وهذا لتجاوز مهامهم الدبلوماسية والتفويض الممنوح لهم والإختصاصات التي تحدد الأنشطة المسموح لهم بمزاولتها، فقد لاحظ المسؤول الأول في السودان أنّ معظم المسؤولين المحيطين به بدأت تظهر عليهم مظاهر التشيّع.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا القرار كان مفاجئا وغير متوقعا نظرا للتقارب الكبير بين الخرطوم وطهران والذي شهد قفزات لافتة أقلقت العديد من الدول العربية كالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، حيث تسبب هذا التقارب في نشوء التوتر بين الخرطوم وعواصم تلك البلدان، ومع كل هذه المعطيات جاء هذا القرار.
وقد كان رأيا صائبا يحسب للرئيس السوداني، فقد أصبح ما يقومون به هو تهديد حقيقي للأمن الفكري والعقدي والإجتماعي للمجتمع السوداني، وهذا من خلال نشر المذهب الشيعي والترويج له عبر تلك المراكز تحت إشراف الملحق الثقافي الإيراني ودعم واضح من سفارة إيران بالسودان.
ولمّا كان الأمر كذلك، وأصبح هذا الخطر يُهدد كيان المجتمع والأمن القومي الجزائري، جاءت حملة طرد الملحق الثقافي الإيراني بالجزائر أمير موسوي نهائيا من الجزائر، والذي بادر بها الكاتب والمفكر والمراقب الدولي الجزائري أنور مالك، حيث كنت من المنشِّطين والدّاعين والدّاعمين لها.
وقد تمّت عن طريق وسائل التواصل الإجتماعي (فايسبوك وتويتر)، عبر هاشتاك: (#اطرودوا_امير_موسوي)، وكان من بين الأكثر تداولا بين الجزائريين، حيث فاق المليون متابع في أيام الحملة الأولى.
وللأسف الشديد ورغم كل هذه الأدلة الملموسة من خلال أسباب القرار السوداني بطرد الملحق الثقافي الإيراني وغلق كل المراكز الثقافية التابعة للسفارة الإيرانية بالسودان،
وما قامت به مجموعة من شيعة نيجيريا بمهاجمة موكب رئيس أركان الجيش النيجيري، حيث كان رد الجيش النيجيري أن شنّ هجوما ضد مسلحين من الحركة الإسلامية النيجيرية (وهي حركة شيعية موالية لإيران)، بتهمة محاولة اغتيال قائد أركان الجيش النيجيري.
واللافت للإنتباه أن إيران تُدعّم وتُموّل الحركات التي تعمل على نشر التشيُّع في نيجيريا.
فرغم كل هذه الأدلة التي تثبت تجاوزات السفارات الإيرانية والملحقين الثقافيين التابعين لها، داخل هذه الدول، ورغم العدد الهائل للجزائريين المنادين والدّاعين لطرد الملحق الثقافي الإيراني بالجزائر والذي ثبت عنه أنّه ينشط بقوة في الترويج للتشيُّع وبتنسيقه السّري مع متشيّعين جزائريين الذي يعمل على تحويل هذه الفئة المتشيّعة إلى أقلية داخل المجتمع الجزائري وعلى أن تصبح لها حقوقا وحريات ضمن ما يُعرف في القانون الدولي بحماية الأقليات التي سيمنحها هذا القانون الحق في ممارسة شعائرها وبناء الحسينيات لها مستقبلا، يخرج علينا وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري بقوله أنّنا لم نلمس تجاوزات قامت بها السفارة الإيرانية بالجزائر، وكأن هذا العدد الهائل من الجزائريين كله يكذب على هذا الملحق الثقافي، مع أن القانون الجزائري واضح وصريح في هذه النقطة وهي تجريم كل الأعمال الترويجية والتبشيرية سواء للمذهب الشيعي أو لديانات أخرى.
ومن هنا نتوجه للسلطات الجزائرية على أن تتعامل مع هذا الموضوع بكل جدّية وحزم فالأمر خطير ويهدد الأمن القومي الجزائري، ولنأخذ العبرة من نيجيريا والسودان والعراق واليمن ولبنان وغيرها كثير، ففي هذه الدول في البداية تم السماح وغض البصر على ما تقوم به حركات التشيُّع داخلها حتى تشكّلت ميليشيات مدرّبة ومسلّحة تأتيها الأوامر مباشرة من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، فالعاقل من اتعظ بغيره، وقد أعذر من أنذر.
د. اسماعيل خلف الله
مركز أمية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية
وسوم: العدد 654