مقعد شاغر ونورس حائر وأنت

د. سامي الكيلاني

(1)

الشمس الساطعة كاذبة لا تدفئ المقعد الفارغ

لا تغني أضلاعه عن دفء الجالسين

يفتقد المقعد المشتاق جلسة المحبين

يبحث عن بقايا لمساتهم

وعن صدى أنفساهم وأصواتهم

كمفلسٍ يبحث في جيوبه عن بقايا عملة

يفتش مرة بعد أخرى

من زرقة السماء يستقي أملاً جديداً

أو من علامة تأتي من الغيب دون انتظار

ولا ينكسر من خيبة الرجاء

يحنّ دون بكاء لأيام التعب

جلسات المحبين لم تثقل يوماً كاهله

كزارع يحصد الزرع غير عابئ بوهن الجسد

كحالم لم يملَّ الانتظار

يواصل الانتظار

كقلب شاغر غارق في وحدة

تشتعل في حناياه كل يوم نيران وجدٍ وأمل

يشعل شمعة لقديس قادر على اجتراح المعجزات

يقتات خبز الأمل

يغفو لحظة

يصحو ليجدد الرجاء

لا يملّ الانتظار

(2)

لأي الجهات ستطلق الجناح يا صاحبي؟
أي دروب تخلو من حاجز ظاهرٍ

يفضي لحاجزٍ خفيٍّ،

لحاجزٍ ينتظرك صيداً ثمين؟

أي جهات تخلو من رقيب يفتش الريش في الجناح والصدر
يفتش العيون وما خلف العيون،
أي الجهات تأمن الروح فيها شِباك العسس،
أي الجهات تخلو من مراقبٍ

يمحّص اللحن ورقصات الهواء، 
أي الجهات تخلو من عيون لئيمة

تدقق في وقفة، أو لفتة منك، أو أنين؟

أي الجهات مفتوحة الدروب،
أي الجهات تفتح الصدر في استقبال هواكَ،
أي الجهات تقول أهلاً لتغريدك الحر الأصيل،
أي الساحات مفتوحة

للرقص دون سهمٍ غادرٍ،

أي ساحة تمهدّ الأرض لرقص الحر،

تدقّ فيها الطبول،

في فضائها تصدح أبواق الفرح؟

أي دروب مفتوحة دون سطوة الأسلاك والجدار،

أي فضاءٍ رحبٍ نقيٍّ من السموم ودخان البنادق،

أي ديرة تقول أهلاً للقياك،

أهلاً بحبك الفوّار الذي

لا يستكين؟

أي أفقٍ مشرعٍ للنور

صالحٍ لتغريد لحن جميل؟

أي الجهات تقول "أهلاً" دون فخٍّ مموّهٍ بزينة الإغواء

أي الجهات مأمونة العواقب

أي الجهات تختار يا حادي النضال،

يا مهيض الجناح، يا مُجْهَض الآمال،

يا دائم الرعب من عتم الزنازين

أي الجهات تختار يا مدمن الصبر

يا معتق الحزن

أيها تختار يا حزين؟

وسوم: العدد 977