عودة المهاجر

محمد أحمد العلي

محمد أحمد العلي

أسير ما بين الازقة والشوارع الملم صدى كلمات تبعثرت

حروفها في الهواء و ضحكات لازال صداها في اذني

يرفض ان يسافر .أسال الابواب و الشرفات، اسأل الاحجار

و الطرقات عن امس كانت تملؤه البسمات وليال كانت

تحرسها السهرات. و تمضي خطاي الواهنة ،استرجع

رالذكريات ،أهمس للارض الظامئة لانسام الفرح والاشجار

الذابلة الخائفة و الياسمين الذي تدلى فوق الجدرانيتأرجح كعجوز أثقلت كاهله الايام و السنون. أطرق الابواب فلا أسمع إلا الاصداء .أنادي يا أبا فلان يا ابا فلان فتمضي كلماتي تجرجر اذيال الخيبة اذ لم تجد آذانا تسمعها ولا اجابات تؤنس وحدتها في هذا الصمت

الموحش . أعرج في طريقي على مسجد القرية الكبير

فإذا به شاحب الوجه أشعث أغبر وكأنه وصل للتو من سفر طويل. أدخل اليه ،أتلفت حولي في أرجائه الواسعة فلا أجد سوى ركام تكدس فوق سجاده وغبار يعلو نوافذه وأثاثه . أحدق حولي علي أرى من كانوا بالامس

رواد المسجد وحمائمه فلا أرى ولا أسمع أحدا .لقد خرت

اجزاء من السقف على الارض و هوت مئذنة كانت حتى

الامس القربب مصدر فخر واعتزاز لهذه القرية .كيف لا

وهي من أطول المساجد في محافظة ادلب. لقد هوت على الارض تشكو الى الله ظلم الطغاة واستبداد المجرمين. أتابع سيري في أزقة حارتنا العتيقة فأسمع صدى الحكايات و همس الجدران والابواب. أتطلع الى

باب بيتنا القديم علي أجد أمي أمامه تنتظر قدوم ابنها

الغائب،أرهف السمع لاسمع صدى كلمات أبي قبيل الفجروهو يتلو آيات من الذكر الحكيم.أقفوسط

الحارة، أبحث عن رفاق الامس و جيران اليوم فلا أرى

إلا بيوتا تهدم الكثير منها و قلة من الاشخاص يحاولون

التأقلم مع واقعهم المرير. اين الجيران؟ أين الاهل

والاصحاب؟ ............ . بالامس كانوا هنا و اليوم قد

رحلوا .............. تتلعثم الكلمات في جنجرتي و تصرخ

اللاهات في قلبي،يمر في مخيلتي شريط الذكريات

فأذكر الليالي الحالمات و السهرات الحافلات بالمرح و

الحب و الفرح . أتوقف صامتا تنتابني القشعريرة،تتغلغل

في جسمي،أشعر بالبرد في بيت كان يدثرني،ينتابني الوهن، تهرب مني الكلمات وتنهال العبرات فأتوقف ولسان حالي يقول :

يا ليل حارتنا العتيقة إنني

و اللهمحروم من التحنان .

يا ليل حارتنا ويعتصر الجوى شوقا الى أصوات خلاني

يا ليل حارتنا أتيت مؤملا

أن تستريحمن العنى أجفاني