همسات القمر 136

خديجة وليد قاسم (إكليل الغار)

*حين اخترت حب الله على حب الغير..

وحين قررت إرضاء الله على إرضاء نفسي أو الغير

كنت على يقين أن طريقي لن يكون سهلا

لن يكون معبّدا تتناثر على جنباته زهور الجمال

لن يكون مخمليا ناعما تسترخي عليه النفس منتشية بعبير الدرب وفرحة القلب ..

كنت أدرك أن الصخر لا بد سيعترضني، وأن العثرات سترافقني، وأن الشوك سيخزني

كنت على يقين، أن اختياري لن يمرّ دون اختباري

دون إحساس مضطرب وقلب ملتهب 

دون مشقة وعناء

دون قحط وجدْب

دون سهد ودموع

دون فؤاد معنّى وروح لحظةَ خلاصها تتمنى ..

ورغم القلب الذي بلغ حنجرة الشدة والبلاء

ورغم العتمة التي لا زالت تغتال بقتامها كل وليد ضياء ..

أدرك بيقينٍ لا نقطةَ سوادٍ في بياضه

وثقةٍ لا زعزعة فيها ولا التواء ..

من أرضى الله وتخلى لأجله عما يحب ويهوى 

سيرضيه الله ولو بعد حين 

وفي الله وفضله، يقين، كل اليقين.

*بعض البوح شفاء

وبعضه شقاء

والبعض الآخر، زفرات تشخّص داء يعزّ دونه الدواء

*كيف لي أن ألجم قلبي وأكتم ثرثرته التي تستبيح هدوء ليلي وسكونه

وتتحدّى صخب نهاري وشجونه؟

كيف لي إقناعه بالصمت ومنعه من الحديث على لساني، ونثر بذور فوضاه في كياني؟

متى أتصالح وإياه، أرنّم لحنه فيرد بنبض فرح ينساب كما نسمات الربيع الحالمة.

متى؟

*أحيانا أكاد أصرخ في نفسي وأقول لها : كفّي عن أحلامك البلهاء

وأحيانا، ألومني وأقرّع قسوتي عليها ، أربت على قلبها، أبتسم مشجعة وأمد معها يد الرجاء والدعاء..

كيف لي أن أطلب منها اليأس والصمت ما دامت روحها تطرق أبواب السماء؟!

*"إخوانا على سرر متقابلين"

تبث الراحة في نفسي وتجعلني أهيم في صور وخيالات عذبة رقيقة

في الجنة، لا غل، لا بغض، لا عتب، لا وصب

حتى من أساؤوا لنا، سيصافح قلبهم قلبنا

حتى من ظنوا بنا سوءا ولم يمنحونا فرصة فهمنا كما ينبغي، ستتشابك أيدينا بأيديهم 

حتى من حسبوا أننا ظلمناهم ونعتونا بأسوأ الصفات وأشدها إيلاما للنفس، سيدركون أنهم تسرّعوا في الحكم علينا، ولن يجدوا غير أفئدة خضراء يانعة تظللهم بأغصانها وتسعدهم بعذب أريجها..

وكأني بنا يوم نلتقي بين يدي خالقنا، ينشر صحيفة قلوبنا نطالعها وأحبتنا سوية، فلا نملك في نهاية قراءتها غير البسمة والرضى وسعادة القلب..

غير المسامحة وصفاء النفس وإن اقترفنا في غفلة منا بعض هفوة أو ثلْب

لن يكون غير الحب، غير الفرح، غير المناجاة تفرد جناحها لمناجاة، غير همسة ندية تزهق كدرا ومعاناة

أترانا نعجز أن نعيش في جنة الدنيا بصفائها ونقائها، قبل أن نعيشها حياة خالدة في جنة الآخرة؟

يا الله، ما أجمل جنتك 

كم أتوق للقاء أحبتي فيها، حيث لا بعد لا جزع لا شقاء

اللهم بلغنيها وإياهم وامسح عن قلوبنا كل شدة وعناء.

وسوم: العدد 710