أم اللغات هي الباقية وغيرها يضمحل

أ. عباس المناصرة

أكد علماء اللغات أن اللغة العربية هي (أم اللغات )حيث انتشرت شرقاً وغرباً وأصبح لها تأثيرها على ثقافة الأمم و الشعوب ، وأخذت عنها كثيراً من المفردات ،وكتبت لغاتها بحروف العربية ،وبخاصة اللغات التي تتكلمها الشعوب الإسلامية .

وقالت العلماء أن مقام اللغة العربية تاريخاً و مضموناً لا يمكن اختصاره ببعض الصفحات ، لما لها من أصالة وقدم ٍ يمتد في أعماق التاريخ منذ آلاف السنين قبل الكتابة و التدوين .

ويؤكد الدكتور(جاسر أبو صفية) مستنداً إلى الأدلة والبراهين : أن اللغة العربية هي سابقة على جميع لغات العالم ،حيث أنها تعني جميع كلام العرب على اختلاف شعوبهم وقبائلهم القديمة قبل الإسلام : كالأنباط والأحباش و الأقباط والسريان و الكنعانيين و الأكديين والبابليين والأشوريين و السومريين ، وغيرهم التي خرجت من الجزيرة العربية قبل كتابة التاريخ بقرون طويلة ، و كان آخرها خروج العرب في الفتح الإسلامي وهم يحملون الإسلام ولغة القرآن الكريم إلى الناس كافة .

وإن العديد من لغويي العالم العالم أدركوا أن اللغة العربية كلغة أصيلة معتبرين أنها أم اللغات ،فهذا الباحث الفرنسي (بيير روسي) ذكر بصراحة أن اللغة العربية هي أم اللغات و دون منازع ، وكذلك الباحث الهندي (كرامت حسين الكنتوري)   أكد بأدلة كثيرة أن اللغة العربية هي الأصل ، وقال الباحث الباكستاني (محمد احمد مظهر) إن العربية هي التي تقدم للدارسين أوجه التشابه والاختلاف بين السنسكرية واليونانية والاتينية ، أما الباحث الألماني (ماكس موللر ) فقد أشار إلى أن أقدم اللغات تلك التي تكون أغنى من غيرها بالترادف والمشترك اللفظي وقدم أمثلة من العربية على ذلك .

وقال (يسبيرس) :  إن أفضل لغة تلك تستطيع التعبير عن المعاني الكثيرة بألفاظ قليلة ، ولم تتوفر هذه الصفة في لغة من اللغات كما توافرت في اللغة العربية ، وهو ما يعرف بجوامع الكلم ،ويكفي أن ترى الدليل العملي من خلال وصفة دواء أو أي ترجمة لكتاب أو أي إعلان تجاري مكتوبة بعدة لغات ، لترى الفارق بين اختصار العربية وغيرها ، وقال (أرنست رينان) في كتاب تاريخ اللغات السامية انه لم يمض على فتح الأندلس أكثر من خمسين عاما ، حتى اضطرت الكنيسة أن تترجم صلواتها بالعربية ، أما الأستاذ بجامعة اوكسفورد (دافيد صموئيل مرجليوث ) قال : إن اللغة العربية أقدم من كل تاريخ ،  وكذلك المستشرق الأمريكي (وليم ورل) قال أن اللغة العربية لم تتقهقر فيما مضى أمام أي لغة أخرى من اللغات التي احتكت بها .

ويقول أستاذ اللغة العربية واللغات المقارنة الدكتور( نبيل الجنابي ) :إن اللغة العربية عاصرت البشرية وتعايشت معها منذ أن تكلم الإنسان حتى اليوم ، وكان لمفرداتها التي ادخلها الانجليز إلى لغتهم الفضل الأكبر في إنقاذ اللغة الإنجليزية من الانقراض الذي حصل للغة اللاتينية ويشهد (البروفسور وليام بدويك)(1361-1430 ) في مقدمة معجمه الذي وضعه على هدى المفردات في المعاجم العربية بعد أن درس العربية في طليطلة ، أن العربية هي اللغة الوحيدة التي تصلح للدين والدبلوماسية والسياسة والتجارة ، وأضاف أن الرواد الانجليز أخذوا اللغة العربية عن طريق المتضلعين بها أمثال الفيلسوف إبراهيم الأندلسي ، الذي وفد إلى لندن وقام بتدريس العربية وآدابها ما بين عامي (1148م- 1159 م) وحذا حذوه القاضي براون وميخائيل سكوت وروجر بيكون وغيرهم ، وقال الجنابي : لقد تقفيت اللغات الأوروبية واللاتينية القديمة بعمق واستفاضة جعلني امسك بالحبل الذي يربط تلك اللغات بلغتنا بعد أن سلكت أُسلوب التحليل العلمي والمقارنة ، واستخلصت أن المفردات الانجليزية ما هي إلا مفردات عربية حصل عليها بعض التحريف سواء بسبب الزمن أو التحريف المقصود ، لأغراض تتعارض مع ألفاظ انجليزية فحصل على تلك الألفاظ حذف أو إضافة ، وتناول الدكتور (سليمان أبو غوش ) - رحمه الله - في كتابه (عشرة آلاف كلمة انجليزية من أصل عربي ) ووضع خمسة قوانين وقواعد ثابتة لمقارنة أي كلمة انجليزية بما يشابها بالأصل العربي لفظاً ومن هذه القواعد :حذف حروف العلة من الكلمتين المراد المقارنة بينهما لمعرفة الحرف الزائد من المبدول من حرف آخر ويؤكد ذلك الباحث عبد الرحمن البوريني في كتابه (العربية أصل اللغات) حيث الحق به فصلا كاملا للتعرف على الكلمات و ما حدث لها من القلب و التغيير ،وهناك من يرى أن العربية التي نزل بها القرآن الكريم أزلية قبل أن تتواجد اللغات واللهجات قال تعالى (أنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) .

فالقول المشهور والشائع أن العربية أم اللغات , هو قول علمي نابع من الحقائق العلمية التي تملكها العربية في ذاتها وصفاتها وتاريخها وشهادات العلماء في فضل هذه اللغة العظيمة التي يحقد عليها الحاقدون لأسباب ( سياسية أو ثقافية أو دينية )يحركها الحسد والمصالح والحقد التاريخي و حتى تتعرف على سبب هذه المواقف المعادية اقرأ ما يقوله الناقد إدوارد سعيد إنهم يكرهون الإسلام و القرآن ولذلك يكرهون العربية فيحاربونها ويكيدون لها مع أنها من أجمل لغات الأرض ، لكن الأمر المحزن هو أن الذي يساعدهم في ذلك جهّال الأمه وأعوان الاستعمار الثقافي .

وفي النهاية نقول العربية باقيةٌ باقيةٌ باقيةٌ ، ومحفوظةٌ من الله سبحانه وتعالى حيث اختارها  لتكون لغة الإسلام الذي تخاطب به البشرية , لأنه الدين الخاتم و العربية هي وعاء الإسلام و حضارته و مهما حاولوا محاربتها فكيدهم مردود إلى نحورهم قال تعالى : ( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم و الله متم نوره و لو كره الكافرون ) .             

المراجع :

1.       اللغة العربية أصل اللغات / عبد الرحمن البوريني 2.       مقالة العربية وعاء الحضارة /عباس المناصرة 3.       تقرير محمد أبو علبة /جريدة الدستور 28/10/20054.       العربية وتحديات العصر /ندوة ملحق جريدة السبيل "2"

وسوم: العدد 872