ليس شخصي.. وإنما فكري

د. موفق السباعي

إن من أبجديات، أو أساسيات، أو مبادئ النقد الفكري، أو النقد العلمي، أو النقد الأدبي، أو النقد السياسي، أو النقد الاجتماعي، لأي مقال، أو أي منشور، أو أي كتاب، أو أي عمل، أو أي حدث.. أن يقرأ الناقدُ، المقالَ، أو القصة، أو الكتابَ.. بشكل كامل، وبتؤدة، وتدبر، وإمعان نظر في كل كلمة وردت في المقال، وأن يحيط به إحاطة كاملة، وأن يعرف معرفة كاملة النواحي الإيجابية، والنواحي السلبية الواردة فيه، وأن يوازن بينهما، فلا يغلب واحدة على الأخرى.

ثم بعد ذلك، يبدأ عملية التشريح لهذا العمل المراد نقده – سواءً كان مكتوباً، أو كان معروضاً عرضاً سينمائياً على شكل فيديو، أو على شكل رسالة صوتية، أو تمثيلية، أو مسرحية – ليستكشف جميع النقاط والخطوط الواردة في هذا العمل.. كما يفعل بالضبط الطبيب الشرعي في تشريح جثة المتوفى؛ ليكتشف أسباب الوفاة. أو كما يفعل طالب الطب في المشرحة، حينما يبدأ يشرح الجثة؛ ليعرف الأوردة من الشرايين، ويعرف الأعصاب من الغدد والعضلات وغيرها.

فالقراءة المتأنية، والمتروية، والهادئة للمقال، ومعرفة مقصد، وهدف الكاتب من هذا المقال.. ضرورات أساسية، ومتطلبات حتمية، وواجبات رئيسية، لكي يُلِمَ الناقدُ بكل تفاصيل المقال.. فلا يغادر صغيرة، ولا كبيرة، إلا أحاط بها، واطلع عليها.

ثم يبدأ بتحديد الأدلة، والبراهين، والحجج، التي اعتمد عليها الكاتب؛ لإثبات ما يدعيه من الحقائق.. فيدرسها دراسة كاملة، ومستفيضة؛ ليعرف هل هي صحيحة، وهل هي حقيقية، أم مجرد ادعاءات كاذبة.

شروط النقد الأساسية

 

أما آداب النقد، فقد وجدت في إحدى المدونات على الشبكة بحثاً في هذا الخصوص، فسأقتبس منه هذه الآداب. وإن كان العنوان يتحدث عن آداب النقد العلمي.. ففي الحقيقة الآداب واحدة - سواءً كان نقداً علمياً، أو فكرياً، أو سياسياً، أو اجتماعياً - فلا فرق بينها على الإطلاق.

     آداب النقد العلمي

( يجب أن يتوفر في الناقد مجموعة من الآداب لكي تكون عملية النقد العلمي صحيحة ، وفيما يلي سوف نذكر أهم هذه الآداب :

  

غير أن بعض الناس، الذين ليس لهم خلق، ولا دين، ولا يتمتعون بأي قيم سامقة ، رفيعة ، فإنهم حينما يقرؤون أي مقال، أو أي منشور، ولا يعجبهم، ولا ينسجمون مع أفكاره، ولا يؤيدون الكاتب في توجهاته، ولا يقرون بكتابته.. فإنهم مباشرة يلجؤون إلى الطعن، والتجريح، والإساءة، والتشهير، والتشريح بالكاتب.

ولا شك أن هذا عمل غير صالح، وتصرف غير كريم، وسلوك غير أخلاقي، ولا أدبي، ويتنافى مع الأخلاق العامة.

أسباب الطعن في الكاتب

 

قلنا آنفاً: أن بعض الناس، قد يفعلون العكس.. ينتقدون الكاتب، ويشنعون مقاله، وكتابته، ويطعنون في شخصه، ويذمونه.. وربما يسخرون منه، ويستهزئون به، ويتركون المقال، فلا يقتربون منه قيد أنملة.

لماذا – يا ترى – يفعلون ذلك؟!

من أجل ذلك! فالمفروض في الناقد، أو من يريد أن ينقد أي مقال، أن يكون حصيفاً، لبيباً، يركز كل اهتمامه على موضوع المقال فقط ، دون المس ولو من بعيد، أو بشكل غير مباشر بشخص الكاتب.

فشخص الكاتب، خط أحمر، لا يجوز - بأي حال من الأحوال - الاقتراب منه أبداً.

وسوم: العدد 973