الشهيد الدكتور محمد سعيد بن رمضان البوطي يرحمه الله تعالى

سيد أحمد بن محمد السيد

دمعة وفاء ورثاء على:

الإمام العلامة والمفكر الإسلامي الكبير المجدد والأديب الأريب الكبير

الشهيد الدكتور محمد سعيد بن رمضان البوطي يرحمه الله تعالى

(1348- 1434هـ = 1929- 2013م)

1- ماذا   أقُولُ عَنِ الإمَامِ   البُوطِيّ       فِي حَقِّهِ ، و بِوَصْفِهِ   المَبْسُوطِ

2- حارَ الجَنَانُ مَعَ اللِّسَانُ بِنَعْتِ مَن     قد كانَ حَبْرًا   مُدْهِشَ التَّخْطِيطِ

*********

3- نَجْلُ الفَقِيهِ   الشَّافِعِيِّ ،   بِشَامِنَا       رِبِّيُّهُمْ ؛ رَمَضَانُ مُلَّا البُوطِيّ

4- الزَّاهِدُ الوَرِعُ المُعَمَّرُ مَنْ   لَهُ       شَهِدَ الجَمِيعُ ؛ بِسَبْقِهِ و شُحُوطِ

*********

5- ماذا أقُولُ بِمَنْ قدَ اضْحَى ذِكرُهُ     في الشَّامِ ، إفْرِيقيَا ، إلَى شِنْقِيطِ

6- بِرُبُوعِ   آسْيَانَا ،  و أمْرِيكَا إلَى      بُلدانِ   أورُبَّا ،   إلى مَجْرِيطِ

7- ماذا أدَوِّنُ   عن غَزَاليّْ عَصْرِهِ     حَامِي التَسَنُّنِ مِن أذًى وسُقُوطِ

                                   *********

8- حَبْرُ الأصُولِ، كَذَا العَقِيدَةُ ؛ فَحْلُهَا       و لِسَنَّةِ المُخْتَارِ  خَيرُ خَلِيطِ

9- مُحْيٍ   لِسُنَّةِ أحْمَدٍ ، و مُحَارِبٌ      لِلبِدْعَةِ   الشَّنْعَاءِ ، و التَّخْبِيطِ

                                   *********

10- هُوَ قامِعُ الإلْحَادِ كَاسِرُ عَظْمِهِ     فِي "نَقْضِ أوْهَامٍ"   و في تَخْلِيطِ

11- هو هَازِمُ الإلحادِ ؛ هَادِمُ رُكْنِهِ    بِالعِلْمِ ، مَعْ بُرْهانِهِ المَضْبُوطِ

1

12- هو   هادِمٌ "شُيُعِيَّةً"   خّدَّاعَةً      لّعِبَتْ بِعَقْلِ البَعْضِ مَعْ تَشْطِيطِ

13- سَلْ عَنهُ"تِيزِينِي" وأضْرَابًا لَهُ     يُنْبُوكَ   عَنْ حُجَجٍ   لَهُ   بنُبُوطِ

14- يُنْبُونَ   عَن   تِبْيَانِهِ     بِأدِلَّةٍ     بَيْضاءَ ، عن شُبَهٍ   لهُمْ بِسُقُوطِ

                                   *********

15- هو هازِمُ "المُتَسَلِّفِينَ" بِشَامِنَا     بِحِجَاجِهِ الْعِلمِيِّ ، لا الأُغْلُوطِي

16- سَلْ شَيْخَهُمْ نَجْلَ النَّجَاتِيْ عِنْدَمَا     ذاقَ الهَزِيمَةَ مُفْحَمًا ، بِوُبُوطِ

17- مِنْ بَعْدِهَا تَرَكَ الشَّآمَ مُطَهَّرًا     مِن دُونِ أيَّةِ عَوْدَةٍ ، و هُبُوطِ

                                   *********

18- لَمْ تُغْرِهِ الدُّنْيَا   بِزَهْرِ مَتَاعِهَا       بل عَاشَ فِيهَا عَيْشَ أيِّ بَسِيطِ

19- مَنْ     قَلبُهُ     بِإلَهِهِ     مُتَعَلِّقٌ         لَنْ يُزْدَهَى بِمَتَاعِهَا   المَبْسُوطِ

                                   *********

20- يا داعِيًا   لِلَّهِ   فِيهِ   مُجَاهِدًا          بِالعِلمِ والتَّدْريسِ رَغْمَ ضُغُوطِ

21- لِلَّهِ دَرُّكَ صابِرًا   و مُرَابِطًا!       فِي الشَّامِ؛ لم تَرْحَلْ لِأَيِّ مُحِيطِ

22- بَلْ ظَلتَ فيهَا صامِدًا رَغْمَ الأذَى     مِنْ حِزْبِ بَعْثٍ كافِرٍ وضَرُوطِ

23- و ظَلِلْتَ فِيهَا ثابِتًا رَغْمَ العَنَا       تُعْنَى   بِنَشْرِ العِلْمِ ،   بِالتَّبْسِيطِ

24- "كُبْرَى اليَقِينِيَّاتَ"ابَنْتَ بِشرْحِكُمْ      

"تاريخ تشريع" انتهى   بِنُبُوطِ

25- أمَّا"رِيَاضُ الصَّالِحِينَ" فَأبْهَرَتْ       فِي شَرْحِهَا المُتَفَرِّدِ المَضْبُوطِ

26- "حِكَمُ العَطَاءِ"أتَتْ كَعِقْدِ جَوَاهِرٍ     "تَفْسِيرُ قُرْآنٍ"   أتَى  كَسُمُوطِ

                                 *********

2

27- للهِ   دَرُّكَ ! مِن خَطِيبٍ مِصْقَعٍ       يَذَرُ القُلُوبَ - بِوَعْظِهِ - بِغَطِيطِ

28- ودُرُوسُكُمْ كَمْ أثَّرَتْ فِي جَامِعِ "الـ       إيمانِ، سِنْجِقْدَارَ"؛ مِنْ مَغبُوطِ!

29- ومَسَاجدُ"الأُمَوِيّْ، الرِّفَاعِيْ، تِنْكِزٍ"     لَشَوَاهِدٌ      بِفَذاذَةٍ     لِلبُوطِي

                                   *********

30- للهِ   دركَ ! واعِظًا   و مُدَرِّسًا       و مُحَاضِرًا   لِتَلَامِذٍ   و مُحِيطِ

31- في ظِلِّ "كُلِّيَة الشَّرِيعَةِ" ظَلْتُمُو       رَدْحًا   تُفِيدُ العِلمَ   جِدَّ نَشِيطِ

32- و"المُلْتَقَى السَّنَوِيّْ"بِأَرْضِ جَزَائِرٍ     كُنتَ   المُبَرِّزَ     فِيهِ   بِالتَّنْبِيطِ

                                   *********            

33- لِلَّهِ   دَرُّكَ !   مُبْدِعًا   و مُؤلِّفًا       بِرَوَائِعٍ ؛   كَلَآلِئٍ       بِقُرُوطِ

34- بِمُصَنَّفَاتٍ جَمَّةٍ ؛   قَدْ نُوِّعَتْ

           بِالعُمْقِ مِيزَتْ، بِالحِجَى المَضْبُوطِ

35- في"فِقهِ سِيرَةِ" أحْمَدٍ كَمْ بِدْعَةٍ!     و"رَوَائِعُ القُرآنِ"   مِثْلُ   سُمُوطِ

36- و"ضَوَابِطٌ لِلْمَصْلَحَةْ" كَمْ رَائِعٌ     "فِقهُ المُقارَنِ" كانَ   خَيرَ وَسِيطِ

37- و "العَوْدُ لِلإسْلامِ" ؛ مَنْهَجُ أُمَّةٍ     تَاقَتْ إلَيهِ ، غِبَّ شِبْهِ   قُنُوطِ

38- و "يُغَالِطُونَكَ" جاءَ رَدًّا مُفْحِمًا     "سَلَفِيَّةٌ"   جَاءَتْ   بِلَا تَشْطِيطِ

39- و"المُشكِلَاتُ لَنَا، لَهُمْ" قَدْ أُوضِحَتْ   بِهِمَا   الحَقِيقَةُ     دُونَمَا تَفْرِيطِ

40- "لَا مَذْهَبِيَّةُ" قد شَفَا، "ذا والِدِي"     أحْيَا النُّفُوسَ بِعَرْضِهِ المَبْسُوطِ

41- و"حَضَارَةُ الإنْسَانِ" في قُرآنِنا     هِيَ   مَنْهَجٌ     بيَّنْتَهُ   بِخُطُوطِ

42- و"مَعَ الأنَاسِيّْ" و"الفَتَاوَى"جَوْهَرٌ   حَلَّتْ   مَشَاكِلَ   جَمَّةً ،   بِنُبُوطِ

3

43- و"مِنَ الفُؤَادِ وفِكْرِكُمْ" كَمْ رَوْعَةَ       أُسْلُوبُهُ ،   بِجَمَالِهِ   المَغْبُوطِ

44- وكِتابُ "شَخْصِيَّاتِكُم"هُوَ مُنْصِفٌ       فِي عَرْضِهِ لِمَواقِفٍ و خُطُوطِ

45- وكَذَا مَقَالَاتٌ لَكُمْ بـِ "حَضَارَةٍ"،     وبـِ "نَهْجِ إسْلَامٍ"؛ سَمَتْ بِفُرُوطِ

                                   *********

46- يا سَيِّدِي! طُوبَى لَكُمْ   بِشَهَادَةٍ         قَدْ   نِلْتَهَا   بِسَعَادَةٍ   و فُرُوطِ

47- في ظِلِّ بَيْتِ اللهِ وَقْتَ تَدَارُسٍ       و تَنَزُّلٍ     لِمَلَائِكٍ ،     كَخَلِيطِ

48- في مَسْجِدٍ ، في جَلْسَةٍ عِلْمِيَّةٍ       بِسَكِينَةٍ   مِن رَبِّنَا ،   بِمُرُوطِ

49- و لْيَخْسَ قاتِلُكَ الغَدُورُ وحِزْبُهُ       حِزْبُ الخِيَانَةِ و الخَنَا و قُنُوطِ

                                   *********

50- يا رَبِّ فارحَمْ شَيْخَنا و تَوَلَّهُ       في قَبْرهِ ؛ بِمَراحِمٍ   و حَنُوطِ

51- و كَذَا   مُحِبُّوهُ ، و قُرَّا كُتْبِهِ        و الناشِرُونَ   لِعِلْمِهِ   المَنْبُوطِ

52- مَا رَفَّ طَيْرٌ أو تَألَّقَ كَوْكَبٌ       أو نَاحَ   قُمْرِيٌّ   بِقُرْبِ شُطُوطِ

53- أدخِلهُمُ الفِرْدَوسَ   يَوْمَ تَغَابُنٍ       كَيْ يَسْعَدُوا   بِنَعِيمِهَا   المَبْسُوطِ

                                  *********

fsgfgsnsfg10281.jpg

الشيخ محمد سعيد البوطي في شبابه

*شرح غريب القصيدة:

(1) في حقه: أي في حق الشيخ محمد سعيد البوطي من مدح وثناء يليق به.

*المبسوط: المشروح، المُفَصَّل.

(2) الجنان: القلب.                     *نعت: وصف.

*حبرا: عالما كبيرا.       *مدهش التخطيط: أي خبيرا، يُدهِش في تحليله وتخطيطه للأمور والأحداث.

(3) نجل: ابْن. *الفقيه الشافعي بشامنا: العالم بفقه الإمام الشافعي المشهور في مدينتنا مدينة دمشق عاصمة سورية.

*رِبِّيُّهُمْ: أي رِبِّيُّ علماء الشام. والرِّبِّيُّ: هو العالم التقِيُّ الصابِر.

*المعجم الوسيط 321، قال الله تعالى: (وكَأيِّنْ مِنْ نَبِيٌّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ). آل عمران 146.

5

fsgfgsnsfg10282.jpg

العلامة الزاهد مُلَّا رَمَضَانُ البُوطِيُّ

*هو العالم الرباني والفقيه الشافعي الزاهد: ملا رمضان بن عمر بن مراد الكُرْدِيّ البوطي، ثم الدمشقي.

*اشتُهر بـ "مُلَّا رَمَضَان"، و"مُلَّا" هذا ليس اسمًا له كما يظن البعض؛ بل هي كلمة كردية بمعنى كلمة "الشيخ" العربية.

*وهو والد الشيخ د. محمد سعيد البوطي.

*ولد من أبوين كرديين بقرية "جيلكا" الصغيرة، بتركيا، وهي الواقعة في "جزيرة ابن عمر؛ جزيرة بوطان"، مقابل بلدة "عين ديوار" السورية.

*نشأ في "جيلكا" مع جده أبي أبيه الفَلَّاح "مُرَاد"؛ يعمل معه ويُساعده في الحقول وأعمال الزراعة وأسبابها.

*كانت والدته كثيرة الصلاح والتقوى؛ فأقنعت زوجها على توجيه ابنهما نحو الدراسة وطلب العلم.

*ترك العمل الزراعي مع جده وأبيه، وتعلم القراءة والكتابة وقراءة القرآن، ثم التحق بإحدى المدارس الكُردية التقليدية المُلحقة بأحد المساجد، وتنقل في قرى ومدارس عِدَّة، وتتلمذ على شيوخ عدة.

6

*من أهم وأشهر شيوخه الذين تتلمذ عليهم:

1- الشيخ محمد سعيد سِيدَا "شِيخ سِيدا".

2- سَيِّد محمد الفندكي. العالم المُتواضع.

3- المُلَّا عبد السلام: وهو الذي كان يدعوه تلميذه "سِيداي ملا عبد السلام"؛ أي أستاذي ملا عبد السلام.

*درس على هؤلاء الشيوخ وغيرهم علوم الآلة "علوم اللغة العربية"؛ من نحو وصرف وبلاغة، ومنطق، وعلم الوَضْع، والمَقُولات العَشْر ... .

*كما حفظ المتون العلمية المُعتمدة، ودرَسَ بعض الكتب المُقَرَّرة.

*بدأ - كشأن غيره- فتعلم تصريف الأفعال، ومسائل صرفية أخرى، ثم تعلم علم النحو من سلسلة كتب مُعَقَّدَة -"كما هو شأن أغلب طلاب العَجَم في تعلمهم العربية"-، وكان آخر ما قرأه منها كتاب "الجامي على الكافية لابن الحاجب ت 646هـ"، وهي لنور الدين عبد الرحمن بن أحمد الجامي "المُلَّا جامي" ت 898هـ.

*تعلم من علوم الشريعة "العقائد النسفية"، ثم "تفسير القاضي البيضاوي عبد الله بن عمر ت 685هـ.

*ثم تعلم الفقه الشافعي فقرأ فيما قرأ كتاب "تُحفة المُحتاج في شرح المنهاج للنووي" للإمام ابن حجر الهيتمي المكي أحمد بن علي ت 974هـ.

*ثم قرأ في "أصول الفقه" كتاب "شرح الجلال المَحَلِّي على جمع الجوامع لابن السُّبْكِيّ".

*مع اهتمامه بحفظ المتون العلمية والمعتمدة والكتب المقررة، جعل أكثر اهتمامه بترتيل القرآن الكريم وتجويد تلاوته.

*اهتم من علم الفقه بعباداته وأحكامه السلوكية العملية، واستهوته كتب التصوف، ومن أهمها كتاب "إحياء علوم الدين" للإمام الغزالي؛ فاقتناه وعكف على قراءته.

*كما شُغف بدراسة سيرة سيدنا المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأكثر من نوافل الطاعات والعبادات.

*كانت أمنيته الكبيرة أن يقتني ساعة يستعين بها في القيام لصلاة الليل، ولما تحقَّقت له فرح بها فرحا غامِرًا عارِمًا.

*في حين كان رفاقه وزملاؤه يضون جل وقتهم في حفظ المتون وتكرارها، وإعداد الدروسوحلّ المعضلات من المسائل والرموز، وفك الألغاز المُستعصية، كان الشيخ رمضان يُمضي أكثر وقته في قراءة القرآن وتجويده، والإكثار من النوافل والطاعات وقيام الليل؛ فكان زملاؤه يسخرون منه، ويتهمونه بالتقَعُّر والتكلف وتقليد كبار الشيوخ، وأن فعله هذا إنما هو عجز عن مُجاراتهم في حفظ المتون والمسائل المُستعصية؟!

*ساعة الامتحان (إن تتقوا الله يجعل لكم فُرقانًا):

لقد كان الشيخ رمضان بالنسبة لزملائه مُتخلِّفًا في حِفظ المتون، مَحدودَ المَلَكَة والقُدُرَات، وفي يوم من الأيام جاء الشيخ ليمتحن الطلابَ والشيخَ رمضان؛ فشَرَعَ يسألهم الواحِدَ تِلْوَ الآخَر، ولمَّا جاء دور الشيخ رمضان كان مُفاجِئًا ومُدْهِشًا؛ فسأله ووجَّه إليه ما شاء من الأسئلة في مُعضلات المسائل والنصوص، فألهمه الله السَّدَاد في الإجابة؛ فنظر إليه قائلًا في دَهْشَة: "الحَقُّ أنَّكَ لم تكن عالِمًا، ولكنَّ اللهَ قال لكَ: كُن عالِمًا، فكُنتَ؟!!

*ليلة الجمعة ويومها عند الشيخ رمضان وزملائه "طلاب الشريعة":

كان أولئك الطلاب زملاء الشيخ رمضان إذا جاءت ليلة الجمعة يقضونها في اللعب والرقص والمرح والأهازيج؛ إذ كانت هذه الليلة ويومها للإجازة والراحة من عناء الدراسة والحفظ طيلة أيام الأسبوع الأخرى؛ فكانوا يسهرون تلك الليلة حتى آخرها فيبلغ التعب منهم مَبْلَغَه فينامون ويَغُطُّون في سُبات عميق يستمر حتى وقت متأخر من الضحى؛ فتفوتهم صلاة صبح الجُمُعَة في وقتها بسبب اللهو واللعب، وهي أفضل ليالي الأسبوع مع كونهم طلابًا للشريعة؟!

8

*في نحو عام 1914م عمل الشيخ رمضان بعد تخرجه إماما في "مسجد جيلكا" قريته، ومدرسا للعلوم الشرعية في المدرسة المُلحقة به.

*شارك في الحرب العالمية الأولى ضد روسيا؛ فتطوع للدفاع عن بلاده الإسلامية والخلافة العثمانية التي كانت مريضة في أواخر عهدها، وكانت أكثر مشاركته فيها على حسابه الخاص، بعد تدريب سريع وسطحي في معسكرات قريبة من حدود روسيا قرب "وان" و"بِتْليس" ومناطق البحر الأسود، وكانت مشاركته في الحرب تجربة فاشلة وقاسية، كما أخبر، والسبب هو منع الصلاة، ومعاصي كثير من الجنود والضباط، مع قُرِّ الشتاء وبرده القارس، وثلوجه وصقيعه المتجمد المتراكم من كثرة تلك الثلوج، كما سيأتي حالًا.

*صورة قبيحة عن الجنود والضباط "العُثمانيين" في الحرب ضد الروس:

يذكر الشيخ رمضان رحمه الله سبب إخفاق مشاركتهم في الحرب العالمية الأولى ضد روسية وقسوة تلك التجربة؛ فيذكر أن الضابط المسؤول عنهم كان يتضايق من أدائه للصلاة؟!

وحاول منعه من الصلاة أكثر من مرة فقال له مُلَّا رمضان: "إنني لستُ جُنديا مُوظَّفًا في مُعسكركَ، إنني مُتطوع للقيام بواجبي الجهادي هذا، ومُتحمِّل تكاليفَ ذلكَ، دُونَ أيِّ مِنَّةٍ منكم، ابتِغَاءَ مرضاة الله عزوجلّ؛ فبأيِّ حقٍّ تمنعني من أن أؤدِّيَ أوامِرَ الله الذي لم أشترك معكم في المجيء إلى هذا المكان إلَّا لِمَرضاته؟!

كما وصف أخلاق كثير من الجنود والضباط بالابتعاد عن الاستقامة، والانهماك في المعاصي، وربَّما الفَواحِش؟؟!!

وربما سألتَ أحدهم عن اسم رسوله المُرسَلِ إليه من الله تعالى فلا يعلم الجواب؟!! كما يقول مُلَّا رمضان البوطي.

هذا إلى شدة برد الشتاء، وكثرة ثُلوجه؛ التي سببت له رَثْيَة الأعصاب "الروماتيزم" التي لازمَته، بسبب غوص قدميه في الثلوج لساعات طويلة خلال مسيرهم في تلك الحرب.

*زواج ملا رمضان:

ثم تزوج الشيخ رمضان "مَنْجِي" إحدى قريباته الكُردِيَّات، وهي والدة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، رحم الله الجميع.

*حج إلى بيت الله الحرام أول مرة سنة 1930م وكان عمر ابنه ووحيده محمد سعيد لم يتجاوز السنة، وكان حجه بالبحر، وعلى ظهور الجِمَال، واستغرق حجه نحو خمسة أشهر من وطنه جزيرة بوطان إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة ذهابا وإيابا؟!

*ثم تكرر حجه واعتماره مرات، أغلبها كانت على حسابه، وكان يذهب في رمضان للعمرة فيعتمر ويجاور ثمة، ولا يعود إلا بعد أن يحج ويزور المصطفى عليه الصلاة والسلام؛ أي يبقى ثمة نحو 4 أشهر.

*هجرته إلى الشام سنة 1933م لِظلم "أتاتُورك" وتضييقه على المسلمين:

في هذه السنة فكر الشيخ رمضان بالهجرة إلى بلاد الشام بعدما كثرت الإساءات المتغمَّدة من مصطفى كمال إلى الإسلام بالعُدْوَان عليه، وتضييقه على المسلمين الصالحين؛ بعدة إجراءات وتخريبات خطيرة، وأهمها:

1- إلغاء الخلافة الإسلامية. 2- ثم إلغاء الأذان بالعربية.

3- ثم استبدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية.

4- ثم منع تلاوة القرآن في الأماكن العامَّة بالعربية، وإحلال القرآن المُتَرجَم إلى اللغة التركية مَحَلَّه.

5- ثم إجبار الرجال على لبس القُبَّعة الغَرْبِيَّة بَدَلَ العِمَامة والطربوش والقَلَنْسُوَة ومنعها عليهم.

6- إجبار النساء على خلع النقاب والزي الإسلامي "الحِجاب".

7- منع الحج إلى بيت الله الحرام.

10

وأضحت الدوريات - المُكَثَّفة للجنود والشرطة المُدَجَّجة بالأسلحة، والمُتَهَيِّئة

لِلقتال- تجوب القرى والمدن التُّرْكِيَّة، ومنها قرية ملا رمضان "جيلكا" وتدهمها على حين غِرَّة، وتطأ مساجدها بالأحذية؟!

وعندئذ يجب اختفاء أصوات الأذان العربي، وجب خُلُوُّ المساجد من المصاحف وسائر الكتب العربية والدينية، ويجب تفرق طلاب العِلم الشرعي إلى دورهم وقُراهم؟؟!!

كما يجب على الرجال وضع القبعات "البِرْنِيطات" على الرؤوس بدل العمائم والقلانس والطرابيش؟!

وكان أولئك الجنود والشُّرَط يحتلون ما يشاؤون من البيوت مُدَّة بقائهم في القرية، وكانوا يتعقَّبُون المُخالِفين للتعليمات الجائرة بأشرس أنواع العقوبات الكيفية، كما يقول د. محمد سعيد البوطي.

*ومن المظاهر السيئة التي انتشرت تلك الفترة خروج نساء القرية إلى ظاهرها إلى الأنهار والينابيع لجلب الماء إلى بيوتهن، فيغسلن الثياب، ثم يتغسَّلْنَ، ويُمضين نهارهن ثَمَّة بالعمل المُجْهِد واللهو الصاخب، ويمتزج الجِدُّ بالعبَث، مع وجود بعض الشُّبَّان المُراقِبين لهن من قريب أو بعيد؟!

*كل تلك الأسباب حملت الشيخ رمضان على الهجرة من قريته إلى الشام؛ فقد تأكَّدت هجرته إليها بعد قراءته لآية من كتاب الله تعالى؛ فبينما كان يتلو القرآن ذات يوم، إذ به يصل إلى آية استوقفتْه كثيرا، وبَدَّدَت سائر مخاوفه من الهجرة، وزادته رغبة فيها بسرعة، وهي قول الله تعالى:

(ومن يُهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مُراغما كثيرا وسعة، ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما*). سورة النساء 100.

*أخبر الشيخ رمضان زَوجَه بعزمه على الهجرة فوافقت، وشرح الله صدرها لها، واستعجلتْه في تنفيذها.

11

*أخذ العهود والمواثيق على الزوجة قبل الهجرة؟!

لكن الشيخ رمضان خاف من تغيير زوجه رأيها، وعمل مشاكل له؛ فقال لها: "الأمر أصعب مِمَّا تتصوَّرين، يجب أن تفترضي أننا قد نقع بين براثن العُدْم والفقر، وأنَّ كل نعمة مما نتمتع به هنا قد تتحوَّل إلى حِرمان؛ لذا فلن أكتفي بموافقتك هذه حتى تُعطيني العُهودَ والمواثيقَ بأنَّكِ ستظلينَ راضيةً صابرةً، ولن تُواجهيني بأيِّ ضَجَرٍ أو نَدَامَةٍ".

قالت له: "إن الله يرزق الفاسِقَ والكافِرَ، أفلَا يرزقُكَ أنتَ"؟!

قال لها: "قد يبلنا الله بما شاء من المصائب، ولا ضمانة لِمَا تقولين .. وعلينا أن نفرض أسوأ الاحتمالات.

وتعاهد الزوجان -"رمضان ومَنْجِي"- على الهجرة إلى الشام -"دمشق"- راضِيَينِ ومُستعِدَّينِ لقبول كل ما قد يواجههما من خير وشر.

ومن حينها بدأ يُعِدُّ العُدَّة للهجرة، بنفس راضية مطمئنَّة.

*وخرج مُلَّا رمضان من "جيلكا" سنة 1933م سِرًّا ليلا خشية إدراك الدَّرَكِ له فيكون مصيره الإعدام شنقا، وكان معه زوجه، وابنه محمد سعيد ذي الأربع سنوات، وأختاه الكبرى زينب والصغيرة رُقيَّة، وترك بُستانه وحديقته وبيوته لإخوته وأقاربه، ولم يكن معه سوى 8 ليرات ذهبية، ومضوا إلى "نهر دجلة" إلى الحدود التركية السورية، ليركبوا قاربًا "كَلَك" للبضائع والأشخاص؛ فعَبَرُوا بها دجلة، في حين كان يردد أوراده التي لم يكن يغفل عنها، واجتازوا الخطر بفضل الله تعالى، ووصلوا إلى قرية "عين ديوار" من الأراضي السورية.

ونزلت أسرة ملا رمضان القرية المذكورة؛ فأكرمهم أهلها مُختارُها وشُرطتها، واحتفَوا بهم مع أنهم لا يعرفونهم، وسُجِّلت أسماؤهم فيها مواطنين سُورِيِّي المَولِد والإقامة، وأعطوا الوثائق الرسميَّة بذلك؟!

12

وكان نزولهم يومئذ ضُيوفا على ملا أحمد عين ديواري، والذي أصبح فيما بعد مُفتيًا لمدينة "القامِشْلي".

*تمت الهجرة، ونزلا في "حي الأكراد" بدمشق.

*عاش الشيخ رمضان في دمشق 57 سنة، وعمل فيها أولا بتجارة الكتب العلمية الشرعية فكان يبيعها لطلاب العلم الأكراد في محافظة الحسكة، وربح ربحا جيدا، مع عدم خبرته بالتجارة، كما عمل ببيع المواد الغذائية.

*ثم عمل إماما وخطيبا في "مسجد الرفاعي" في "ركن الدين" قرب "ساحة شمدين" بدمشق، وكان يعطي بعض الدروس فيه.

*من دروسه التي كان يعطيها في "جامع الرفاعي" شرح "إحياء علوم الدين" للإمام الغزالي، وقد حضرت بعضها، بفضل الله تعالى.

*وأضحى يدرس الطلاب العلوم العربية والفقه الشافعي.

*توفيت زوجه سنة 1942م، فتزوج أخرى من أسرة تُركية فاضلة، أنجبت منه بنتين سمَّى الكبرى زينب، والصغرى خديجة.

*حج من دمشق مرات عديدة إلى بيت الله الحرام.

*تشييع الشيخ رمضان ودفنه في "مقبرة باب الصغير" بدمشق:

هذا وقد حُمل الشيخ على الأعناق، وقد شاركت في تشييعه بفضل الله تعالى ضمن طلاب كلية الدعوة الإسلامية بدمشق، وقد شيعته عشرات الآلاف من أبناء دمشق من محبيه وإخوانه وطلابه وعارفي فضله ونبله، إلى مثواه الأخير في الباب الصغير، في جنازة مهيبة، وقد استغرقت نحو 3 ساعات تحت حر الشمس.

13

*ولا أنسى ما كتب على تابوته في لوحة في مقدمته كتب عليها بوصية من صاحب النعش ملا رمضان:

أتيتُكَ بِالفَقْر يا ذا الغِنَى!                 و أنتَ الَّذِي لمْ تَزَلْ مُحْسٍنَا

*وصيته: ترك الشيخ رمضان هذه الوصيَّة القصيرة، والمُؤثِّرَة:

"الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه الكرام، وكل من اتبع سنته.

أما بعد؛ فأوصي أولادي وكُلَّ من يسمع كلامي، أن لا يتَّخِذُوا مِن دُون الله وَلِيًّا ولا نصيرًا، ولا حاكِمًا أو قديرا.

وأسأل الله تعالى أن يُفهمهم معنى كلامي، وأن يُدبِّر أمرهم تدبيرا".

*من أقوال العلماء فيه:    *قال فيه الشيخ محمد خير رمضان يوسف:

"عالم رباني زاهد ...، وهو العالم والمعلم والفقيه، أشربت روحه حقيقة التصوف، وعاش يحارب البدع ويمقتها، وقد رأيته، وسمعت كل خير". *"تتمة الأعلام" 3/252.

*وقال عنه د. نزار أباظة: "داعية من زهاد العلماء الأكراد ...، عاش على الكفاف. شارك خلال حقبة من الزمن مع "رابطة العلماء" في الأنشطة الإسلامية، لكنه آثر العزلة، وكان يستغرق في التعبد، عرف بالتقوى والورع والديانة. كان له شأنه العلمي والاجتماعي في حي ركن الدين (حي الأكراد) بدمشق". *"إتمام الأعلام" 1/276.

*وقال فيه ولده الشيخ الشهيد د. محمد سعيد رمضان البوطي:

"كان مُتعبدًا من خلال الصلوات المتنوعة وإكثاره منها، وكان مُتعبدًا بتلاوة القرآن والمداومة عليها، ومن خلال مناسك العمرة والحج وما تميز به من أعمال وأحوال فيهما.

وكان متعبدا من خلال خلواته في غرفته الصغيرة مفكرا ومتأملاً في العمر الذي قطعه، والهجرة التي وفقه الله لها والنعم التي أكرمه بها.

14

وكان متعبدا من خلال أوراده وأذكاره الكثيرة التي كان ملازماً لها، وكان متعبداً من خلال زياراته للصالحين سواء منهم الأحياء والأموات. وكان متعبدا من خلال دروسه المتميزة للناس الذين كانوا يغشون مجالسه.

كان رحمه الله يأخذ على كثير من طلاب العلم، والإسلاميين الذين يرون أنهم يشتغلون بالدعوة، انهم لا يقبلون من الصلاة إلا على وظائف عضوية يؤدونها، وألفاظ محفوظة يرددونها، ثم إن أحدهم يقف حتى في صلاته التي هو فيها مع الله، وقفة المعتز بشأنه المتباهي بنفسه، يميل رأسه إلى الأعلى، ويمدّ ساقًا ويعدل أخرى، وكم كان يحذرني بشدّة من أن أركن إلى عادة هؤلاء الناس فأبتلى بمثل هذا الصلف. في وقت لن يكون الإنسان أكثر مهانة وذلاً منه في هذا الوقت.

كان رحمه الله شديد الورع في علاقاته ومعاملاته، كثير الرقابة على لسانه وعلى ما يجري في مجالسه. فلم يكن يحرك لسانه بغيبة أحد، ولم يكن يأذن لأيٍّ من مُجالسيه أن يغتاب أحدا، سواء كانوا ضيوفاً عنده، أو كان هو ضفاً في دار أحدهم، وأياً كانت مرتبة الذي تورط فاغتاب.

ولم يكن يسكت على أي منكر يراه مهما دق أو صغر، ولكنه كان يستعمل في إنكاره أقصى درجات الحكمة واللطف. فإذا رأى من يقابل حكمته ولطفه بالمخاتلة والخداع، أخذ منه الغضب ولم يعد يبالي أحد أو بشيء.

كان رحمه الله يجزم بأن التصوف النقي هو جوهر الإسلام ولُبابه.

وكان يؤكد أن المسلم إذا لم يكن قد تشرب حقيقة التصوف، فقد حبس نفسه في معاني الإسلام، ولم يرق صعدا إلى حقيقة الإيمان.

وكان يُلحّ على أن التصوف ليس كلمات تُورث أو تنقل ولا معارف تحفظ، ولكنه حال يتلبس بكيان المسلم يرقى به إلى مستوى شهود الله عز وجل. وإذا لم يرتفع المسلم إلى مستوى هذا الشهود، فهيهات أن تكون نصوص الأحكام وحدها، بكل ما يحف بها من مُؤيِّدات الجزاء، حافزًا كافيًا للانضباط الحقيقي بمدلولاتها وأوامرها.

عُرف رحمه الله بالبراعة في فقه الإمام الشافعي، وبالاطلاع الواسع على فقه الحنفية، وقد درّس كثيراً في كليهما، كما كان واسع الاطلاع على كثير من علوم الآلة كالمنطق وعلوم النحو والصرف. والأهم من ذلك تحقيقه في المسائل العلمية، لا سيما الفقهية قد كان يسبر غورها ويتتبعها في مراجعاته وتأمله، وكثيرا ما كان يبقى في تحقيق مسألة فقهية واحدة يومين وثلاثة أيام، وكانت تصبح شغله الشاغل حتى ينتهي إلى قرار جازم بها.

وكان يأخذ على كثير من طلاب العلم وأساتذتهم سطحية النظر والبحث، وعدم التنقيب والتحقيق في النصوص ومدلولاتها.

ولم يكن يردّ طالب علم جاء ينبغي أن يأخذ عليه درساً في فن من الفنون".

*آثاره: لم يترك الشيخ رمضان مؤلفات أو كتبا مصنفة سوى كتاب، وبعض المقالات العلمية، والوصايا والنصائح، وهي:

1- كتاب فيه نصائح ووصايا.

2- مقالة: "الاجتهاد من الرسول الكريم سيدنا محمد عليه وعلى آله أزكى الصلاة والتسليم". نشرت في مجلة "نهج الإسلام" الدمشقية ع 26 في/جمادى الآخرة/1407هـ- شباط/1987م. في 4 ص، وهو في كتاب "هذا والدي" ص 175- 178.

3- مقالة: "مبحث نجاة والِدَيْ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والصلاة عليهما". نشرت في كتاب هذا والدي ص 179- 183، كما نشرت من قبل في مجلة "نهج الإسلام" الدمشقية بعد أشهر من نشر المقالة الأولى عن اجتهاد النبي عليه الصلاة والسلام.

4- خلاصة وصيته التي كتبها في شبابه لطفله الوحيد محمد سعيد. وقد كتب هذه الوصية بعد مرض عُضال كان قد أصابه في شبابه خشي على نفسه الموت منه فكتب هذه الوصية زادا تربويا يبقى لابنه بعد وفاته، وهي في 10 ص، منشورة في كتاب "هذا والدي" 184- 193.

5- قدم في صفحة واحدة لكتاب: "ضوء الشمس في قوله صلى الله عليه وآله وسلم بني الإسلام على خمس" للشيخ محمد أبي الهدى الصيادي ت 1328هـ. ومقدمته جاءت في ص: 8 منه.

*ألف عنه ابنه د. محمد سعيد رمضان البوطي كتاب: "هذا والدي: القصة الكاملة لحياة الشيخ ملا رمضان البوطي من ولادته إلى وفاته" في 200ص، وقد طُبع غيرَ مَرَّة.

16

fsgfgsnsfg10283.jpg

الشيخ رمضان البوطي في أواخر حياته

--------------------------------------------------------------------

نَمُوذج لدرسٍ من دُروس العلامة الشيخ ملا رمضان البوطي؛ حضرتُه عنده في دمشق قبل 36 سنة

بعد عصر الجمعة مباشرة، في "مسجد الرفاعي" من حي "ركن الدين" في: 29/6/1407هـ - 27/2/1987م، س: 3،55 دقيقة.

*ومن الدروس التي حَضَرتُها عند شيخنا الشيخ رمضان البوطي رحمه الله، أيام دراستي الجامعية في "كلية الدعوة الإسلامية" بدمشق، درس كان حول الرفق، وقد شرح فيه حديث "الأعرابي الذي بال في المسجد النبوي وكان مما كتبته ودونته في دفتري من ذلك الدرس، ما يلي:

17

عن الرفق

*حديث بول الأعرابي يعلمنا كيفية الرفق مع الأهل والأولاد، وجميع الناس.   *وفي رواية: "لا تزربوه" أي: لا تجعلوا بوله ينزل.

قال العلماء: بناء على هذا الحديث إذا أردنا أن ننكر على شخص المنكر وعرفنا أنه سيحصل منه منكر آخر وربما أكبر من هذا المنكر عند ذلك نسكت عليه، وليس عل كل الناس، وفي كل الأحوال.

*إذا كنا في سفَر، وكان عندنا ماء قليل للشرب، أو لحيوان؛ فيجوز أن نتيمَّم، ونترك الماء للشرب، وليس لكلب عقور، أو تارك صلاة؟!

*نُهِيَ عن مُجالسة الفُسَّاق والتسَلِّي معهم، إلا إذا كُنَّا نعلم أن الفاسق سيرجع إلى الله.      *الرفق سنة، وربما يكون واجبا. *مُجالسة الرجل الفاسق تُؤثر في قلب المُؤمن.      *عرفنا من الحديث الرفق بالعباد.

*قال سري السقطي عند وفاته لابن أخته: "لا تُجالس الأشرار، ولا يشغلنَّك عن الله صُحبةُ الآخرين".

*وعرفنا من الحديث كيفية تطهير النجاسة؛ وذلك بوضع دلو كبير على مكان النجاسة، إن كان ترابا.

ولم يكتف بقليل من الماء لأن المكان ربما يكون عميقا.

*دين الإسلام مبني على الرفق، ولكن بطريق الشرع.

لكن إذا كان ابني لا يصلي لا أتركه وأقول: هذا من الرفق؛ بل آمره وأكلمه برفق، وأعطيه هدية.

*كان أحد الصالحين يُنفق نقوده على بعض الناس -"العصاة"- لهدايتهم؛ وذاك بالإتيان بهم إلى بيته يومين أو ثلاثة؛ فيقول ذلك الشخص: هذا يُحسن إليَّ؛ فلِمَ لا أصلي، لِمَ لا ...، لم لا ... .

18

*في الحديث الشريف عن أنس رضي الله عنه: "يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا". *من الأمثلة على عدم الرفق "حديث قاتل المئة رجل".

*الرفق من الله تعالى في قوله في الحديث القدسي: "يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لغفرتها لك ولا أبالي ...". فهذا الحديث يدل على رفق الله بعباده.

*يقول العلماء: المجاز قنطرة الحقيقة. والدنيا كلها مجاز.

*في الحديث الشريف: "شبر من الجنة خير من الدنيا كلها"؛ لأن هذا الشبر دائم.          *حرام الدنيا عقاب وعذاب، وحلالها حساب.

*الرسول يقول لنا: بأن لا ننفر الناس؛ بل نبشرهم بالتوبة النصوح، ولا نفتي لهم. *انتهى الدرس الساعة: 4،50 دقيقة تقريبا، نفس التاريخ أعلاه.

مراجع الترجمة

1- "هذا والدي: القصة الكاملة لحياة الشيخ ملا رمضان البوطي من ولادته إلى وفاته". للشيخ د. محمد سعيد رمضان البوطي ط 2، دار الفكر- دمشق، 1415هـ - 1995م.

2- "تتمة الأعلام". لمحمد خير رمضان يوسف، ط 3 موسعة، دار الوفاق، الجمهورية اليمنية - عدن، 1436هـ - 2015م.

3- "إتمام الأعلام". د. نزار أباظة، ط3، دار الفكر - دمشق، 1440هـ- 2019م.

4- كُنَّاش مُنوعات علمية وأدبية، كتبت فيه الدرس السابق، ونقلته عنه.

5- موقع "نسيم الشام" مقالة عنه وترجمة له بعنوان: "العارف بالله ملا رمضان البوطي" كلها، أو جلها مأخوذة من كتاب "هذا والدي".

6- معلوماتي الشخصية.

19

(4) الزاهد: من تكون الدنيا في يديه لا قلبه، وإن كان غنيا. *الورع: شديد التقوى. *المُعَمَّر: من عاش طويلا أكثر من 80 - 90 سنة فأكثر. *شهد الجميع: أي جل العلماء والمعارف. *بسبقه: أي بفضله وصلاحه وتقواه. *شُحُوط: سَبْق في الفَضل والمنزلة؛ جاء في معجم النفائس ص 944: "شَحَطَ الرجلُ غَيرَه: سبَقَه، يقال: شَحَطت بنو هاشم العَرَبَ أي: فاتوهم فضلا وسبقوهم".

(5) أضحى: أصبح، صار. *ذكره: صيته وسُمْعته وشُهْرته. *شِنقيط: بكسر الشين، وفتحها وخطأ شائع، عاصمة موريتانيا، وكانت تطلق على كل موريتانيا بلد العلم والشعر والمَحَاضِر.

(6) ربوع: ج ربع، المكان. *آسيانا: قارَّتنا قارة آسيا. *مَجْريط: الاسم العربي لـ "مدريد" عاصمة مملكة إسبانيا، كانت مدينة أندلسية، وينسب إليها بعض العلماء "المجريطي".

(7) أدون: أكتب، أُسَجِّل، أُقَيِّد. *غزالي عصره: أطلِق على الشيخ د. محمد سعيد رمضان البوطي المَرْثِيِّ لقبَ: "الغزالي" تشبيها له بحُجَّة الإسلام أبي حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي ت 505هـ؛ لتضلعه في العقيدة الإسلامية وعلم أصول الدين، ورده على المُلحدين "الشيوعيين" والعلمانيين بأسلوبهم الفلسفي، في كتابه الشهير: "نقض أوهام المادية الجدلية"، وكمناظرته لكبير المفكرين الشيوعيين في سورية في زمنه "د. الطيب تيزيني" ومحاجته له في حلقات وتغلبه عليه، وكذلك في كتابه الفذ والشهير: "كبرى اليقينيات الكونية"، وكتابه الرائع: "يُغالطونك إذ يقولون"، وغيرهما، من كتبه العلمية والفكرية الإسلامية الأخرى التي لم يؤلف مثلها في بابها.

*حامي التسنن: أي المدافع عن مذهب أهل السنة والجماعة "الأشاعرة والماتريدية"، وهم أغلبية مسلمي العالم الإسلامي، ضد الهجوم عليهم من الرافضة، ومُدَّعِي السلفية "الوهابية". *أذى: ضَرَر. *سُقوط: ذهاب.

(8) حبر الأصول: العالم الأصولي الكبير، والمُبرِّز في أصول الفقه، وأكبر دليل على ذلك رسالته للأستاذية "الدكتوراه" وهي بعنوان: "ضوابط

المصلحة في الشريعة الإسلامية" والتي نالها من "جامعة الأزهر" بمصر، بمرتبة الشرف الأولى.

*كذا العقيدة: أي العالم الكبير في علم التوحيد والعقيدة الإسلامية. *فَحْلُها: عالمها الكبير. *لسنة المختار خير خليط: لسنة النبي وحديثه الشريف صلى الله عليه وآله وسلم، خير مُعاشر ومُطبِّق في حياته وسلوكه.

(9) مُحْيٍ لسنة أحمد: مجدد لسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام في أقواله وأفعاله. *محارب للبدعة: بنهيه عن كثير من البدع وإنكارها؛ كـ : 1- بدعة قراءة القرآن على الأموات في مجالس التعازي. 2- بدعة الرقص والتمايل والتثني في ذكر الله تعالى. 3- بدعة الرابطة عند النقشبندية بمعنى تصور المريد لشيخه وهو يذكر الله تعالى؟!

*الشنعاء: القبيحة والمُنْكَرة. *التخبيط: التهويش والتشويش، بعدم السير على السنة واتباع البدع والمُحدثات.

(10) قامع الإلحاد: أي مُهين ومُذِل عقيدة الإلحاد، وهي إنكار وجود الله تعالى "الشيوعية"، والقاضي عليها؛ "كاسر عظمها". وفي البيت تورية وتلميح بكتاب العلامة الشيخ عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني رحمه الله الفذ "صراع مع الملاحدة حتى العظم"؛ يقصد الكاتب والمفكر الملحد الخبيث المسموم "جلال صادق العظم" صاحب كتاب "نقد الفكر الديني". *نقض أوهام: المقصود كتاب الشيخ البوطي الرائع والفذ في بابه: "نقض أوهام المادية الجدلية" الذي فند فيه شبه الإلحاد والشيوعية بمنطقهم، وهدم نظريتهم المادية الجدلية "الديالكتيكية"، وأثبت وجود الله تعالى، وصدق دينه ونبيه ووحيه، ولم يورد فيه آية واحدة ولا حديثا شريفا؛ "- كما سمعت منه في أحد دروسه"- رحمه الله تعالى.

*تخليط: مزج للحق بالباطل كما يفعل الكفرة أهل الشبهات والملحدين.

(11) هازم الإلحاد: جاعل الإلحاد وأهله يفرون بالحجج والبراهين العلمية الساطعة في كتبه ومناظراته ومناقشاته لهم. *هادم ركنه: ناقض بنائه من القواعد بالأدلة والحجج العلمية الواضحة.

*البرهان: الشمس، ومنه سميت الحجة الواضحة والدليل الساطع بـ "البرهان". *المضبوط: المَوْزُون الدقيق.

(12) هو هادم شيعية: أي هو هادم بناء الشيوعية الماركسية اللينينية الملحدة، وناقض نظريتهم التاريخية المادية الجدلية "الديالكتيكية" في كتابه المهم والرائع المذكور سابقا.   *خداعة: خادعة، مُلَبِّسة على الناس الباطل بالحق، ومشوشة عليهم دينهم الحق. *لعبت بعقل البعض: أي أثرت في عقول بعض البسطاء من الناس غير العالمين بدينهم وحججه العقلية. *تشطيط: بعد عن الحق والصواب.

(13) سل عنه تيزيني: اسأل عن الشيخ البوطي د. طيب التيزيني المفكر الحمصي الملحد الشهير ومناظرته له، وهزيمته إياه، في جلسات كانت على الهواء في أواخر الثمانينات الميلادية في مدينة دمشق، وقد بثت على الهواء مباشرة عبر الإذاعة وتابعها ملايين الناس، ونحن منهم طلاب "كلية الدعوة الإسلامية" بدمشق.

*أضرابا له: أمثالا له؛ الضَّرب: المِثل والشَّكْل. *ينبوك: ينبئونك، يُخبرونك. *حجج: ج حجة، الدليل الواضح. *نبوط: ظهور الشيء بعد خفائه، استخراج واستدلال. وأصله مصدر من: نبط الماء من البئر ينبطه نبطا ونبوطا: استخرجه، ومنه استنباط العالم المُجتهد الحُكمَ الفقهي من الدليل الشرعي. "المعجم الوسيط 797- 798"، بتصرف.

(14) تبيانه: توضيحه. *أدلة: ج دليل. بيضاء: واضحة؛ الحجة البيضاء: الواضحة. *شبه: ج شُبْهة، شك، وهي ما يُشبه الحق وليس حقا. بسقوط: أي: بزوال، وإذهاب تلك الشبه بالمناقشات العلمية وأدلتها البَيِّنَة.

(15) هازم المُتسلفين: أي الشيخ سعيد البوطي هو هازم مُدعي السلفية "الوهابية" المُحاربين لأهل السنة أهل المذاهب الأربعة، وللصوفية أتباع الإمام الجُنيد البغدادي، وبِشر الحافي، ومعروف الكرخي، وإبراهيم بن أدهم، وغيرهم من أئمة التصوف والتزكية ومنهج الإحسان السُّنِّي كالأئمة أحمد الرفاعي وعبد القادر الجيلاني وأبي الحسن الشاذلي ... .

*بِحِجاجه العلمي: بنقاشه ومجادلته العلمية. *الأغلوطي: نسبة إلى الأغلوطة، وهي مثل الشُبهة، الدليل الذي يؤتى به، والمقصود به التلبيس على الناس وإبطال الحق.

(16) شيخهم نجل النجاتي: نجل: ابن، والمقصود به الشيخ محمد ناصر الألباني في مناظرة الشيخ سعيد البوطي الشهيرة له في بداية السبعينات الميلادية تقريبا. *النجاتي: هو الشيخ نجاتي الأرناؤوط الألباني، وهو والد الشيخ ناصر الألباني واسمه الحقيقي: نوح بن نجاتي". وكان الشيخ نجاتي رحمه الله رجلا صالحا ورعا، وفقيها حنفيا، وكان ساخطا على ابنه نوح "ناصر الدين الألباني"؛ كما يعرف ذلك علماء الشام المعاصرون له، وقد غضب على ابنه وأخرجه من بيته، بعد أن لم يعد الابن يصلي وراء أبيه لاعتقاده بضلالته، وفساد عقيدته، كما ذكر ذلك الشيخ شعيب الأرناؤوط. "ينظر كتاب: الشيخ شعيب الأرناؤوط" للأستاذ إبراهيم الزيبق.

*ذاق الهزيمة: أي كيف هُزم الشيخ ناصر الأباني على يدي الشيخ محمد سعيد البوطي في تلك المناظرة العلمية الشهيرة، والتي تمخض عنها كتاب الشيخ البوطي الفذ في بابه: "اللامذهبية أخطر بدعة تهدد الشريعة الإسلامية"، والذي أثبت فيه بالأدلة العلمية وجوب اتباع المسلم غير المجتهد لأحد المذاهب الأربعة، وأن التمذهب نشأ منذ عهد رسول الله والصحابة، وليس كما يشيع الوهابية زورا وبهتانا أنه نشأ بعد أئمة المذاهب الأربعة المتبوعة؟!

*مُفحَما: أي مهزوما، مَدحُورا بالحجج العلمية من الشيخ البوطي. *وُبُوط: ضَعف؛ من: وَبَطَ يبِطُ وبْطًا ووُبُوطًا: ضعف، في الجسم، والرأي. "المعجم الوسيط 1008"، بتصرف.

(17) من بعدها: بعد هذه الحادثة "مناظرة الشيخ البوطي له". ترك الشآم: في نحو سنة 1980م؟ ترك سورية وذهب واستقر في الأردن؛ كما هو معروف. *مطهرا: أي نظيفا من هذا الفكر المتطرف وهذه الفتنة الكبرى التي كان الشيخ ناصر الألباني وجماعته يدعون إليها، ويهوشون على الناس

23

ويشوشون عليهم دينهم، ويضللونهم ويفرقونهم؛ بسبب المسائل التي يثيرونها بين الناس مثل: عدم جواز التمذهب بأحد المذاهب الأربعة وأنه بدعة ضلالة. مثل: الإنكار على عمل المولد النبوي والاحتفال به، وكذلك الاحتفال بليلة النصف من شعبان، وذكرى الإسراء والمعراج، وبدعية التوسل بالنبي وبجاهه وبالصالحين، وبدخولهم بنعالهم للصلاة في المساجد المفروشة بالسجاجيد والبُسط؟! وبقولهم: بأن الله في جهة السماء؟َ! ... ، وبأن المذاهب الأربعة كالأصنام، وبأن عيسى سينزل في آخر الزمان فيحكم بالكتاب والسنة، لا بمذهب أبي حنيفة والمذاهب الأخرى؟؟!! ... .

*من دون عودة: من غير رجوع إلى سورية. *هبوط: نزول إليها.

(18) لم تغره الدنيا: لم تَغُرَّ الدنيا الشيخ سعيد البوطي ولم تفتنه. *بزهر متاعها: بزيتنها ومفاتنها ومُغْرياتها؛ من نساء وأموال وأولاد.

*عاش: حَيِيَ؛ حَيَّ. *عيش: حياة. *بسيط: متواضع، زاهد.

(19) يُزدهى: يُغَرُّ ويُعجب. *متاعها: متاع الدنيا؛ من أموال ونساء وجاه ومنصب، وأملاك ... . *المبسوط: المُمْتَدّ، المُتَاح.

(20) يا داعيا لله: يا داعيا لأجل الله رضا الله وفي سبيل دينه الحنيف. *رغم ضغوط: بالرغم من مضايقات وتشديد نظام البعث المجرم الحاكم في سورية على العلماء والدعاة إلى الله تعالى. *ضغوط: ج ضغط.

(21) لله درك: أي كم عجيب شأنك؟! *مرابطا: مُجاهدا بنشر العلم في الشام بدروسك ومحاضراتك في كلية الشريعة بجامعة دمشق وفي المؤتمرات الإسلامية، والندوات العلمية داخل سورية وخارجها. *لم ترحل لأي محيط: فيها إشارة إلى بقاء الشيخ في سورية وعدم قبوله الإغراءات المادية للخروج للتعليم والتدريس خارج سورية لأي بلد؛ بل كان يعد بقاءه في سورية للدعوة ونشر العلم الشرعي جهادا في سبيل الله.

(22) ظلت: ظللتَ؛ بقيتَ. *فيها صامدا: في الشام ثابتا صابرا. *رغم الأذى: الضرَر والمُضايقات من عناصر الأمن ومخابرات الحكومة السورية الجائرة المُتَعَسِّفة. *حزب بعث كافر: هو حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم الكافر الفاجر القومي العنصري الذي من شعاراته الكاذبة: "أمة عربية واحدة، ذات رسالة خالدة، وحدة حرية اشتراكية". ولم يحقق ولا واحدة منها؛ فلا وحدة ولا اتحاد، ولا حرية؛ فهو لم يستطع أن يتحد مع مثيله البعثي وجاره القُطر العراق الشقيق؟!

لا حرية؛ بل قمع وكبت للحريات، ولا اشتراكية في سلطة ولا مال ... ؛ بل استئثار واستبداد بكل شيء. والرسالة الخالدة ليست رسالة الإسلام، وإنما رسالة حزب البعث القومية العنصرية المعادية للإسلام والعروبة الحقة؛ ففي أدبيات حزب البعث التصدي للتخلف والرجعية والمقصود بهما: دين الإسلام الحنيف مبادئه وتحكيمه.

ومِن كُفرحزب البعث البواح: ما كنتَ تراه مكتوبا على بعض دوائره ومَقارِّه:

آمنتُ بالبعث ربا لا شريكَ له           و بالعُروبة دينا ما له ثاني؟!

*ومِن عُنصُرِيَّته المقيتة قول بعض شعرائهم النازيين الشوفينيين:

أنا بعث و ليمُت أعداؤه                 عربي عربي عربي؟؟!!

*ومن كُفْريَّاته الموجودة في أدبيَّاته وكُتبه قول "قديس الوحدة العربية" رشيد سليم الخوري "الشاعر القروي" اللبناني ت 1983؟

هَبُونِيَ دينا يمنح العُربَ وَحدة       وسيروا بجثماني على دين بَرْهَمِ

سلامٌ   على كفر   يُوحِّدُ   بيننا         و أهلًا وسهلًا - بعده - بِجَهَنَّمِ؟!

*هذا بعضُ ما في بعث سورية، وفي العراق بلغت الجُرأة والقِحة بنظام صَدَّام المُجرم أن يقول: "لو امتدَّت إلينا يدُ الله لقطعناها"؟؟!!!

*ضَرُوط: كثير الضُّرَاط؛ ضَرَّاط، فارغ؛ يقول ولا يفعل، كذاب أشِر.

والضُّرَاطُ: -"لِمَن لا يعرفه مِن غَير العرب"- هو إخراج الرِّيح من الدُّبُر بِصَوت، بعكس الفُسَاء. وهو من نواقض الوضوء؛ فقد سأل أعرابي سيدنا أبا هريرة رضي الله عنه ما الحَدَث يا أبا هريرة؟ فقال: فُساء أو ضُراط.

25

(23) العنا: هو العناء، وهو التَّعَب. *تُعنَى: تهتم وتعتني. وهذا الفعل: عُني الماضي، ومضارعه: يُعنى: مِمَّا يلزم البناء للمجهول مثل: زُكم، وهُرع، اشتُهر، اضطُرَّ، زُهِيَ، تُوُفِّيَ، ... . *بالتبسيط: بتسهيل العلم وشرحه وتقريبه وتيسيره للطلبة.

(24) كبرى اليقينيات: هو كتاب "كبرى اليقينيات الكونية" أشهر كتب الشيخ البوطي في العقيدة الإسلامية، ولأهميته فهو يدرس في كثير من المعاهد والجامعات، وقد درسناه بفضل الله تعالى في سورية في معهد "دار الأرقم الثانوي الشرعي بمنبج"، وفي "كلية الدعوة الإسلامية بدمشق.

وهو يتناول العقيدة الإسلامية بأسلوب معاصر لا قديم؛ فهو مع بيانه لأركان الإيمان وشرحه التام لها، يبين النظريات "العلمية" الحديثة الإلحادية كالمادية الجدلية التاريخية الديالكتيكية الشيوعية الماركسية، ونظرية النشوء والارتقاء لداروين، واللاماركية القديمة والجديدة، ويرد عليها بالحجج والبراهين العلمية.

*أبَنتَ: بشرحكم: وضحتَ أمور العقيدة الإسلامية بالأدلة والبراهين الكونية الكبرى في دروسك للناس في مسجد السنجقدار بدمشق. *تاريخ تشريع: وكذلك دروس "تاريخ التشريع الإسلامي" أنهاها الشيخ البوطي في "جامع السنجقدار بدمشق، وقد حضرت بعضها بفضل الله تعالى حوالي سنة 1987م، وكان يقام بعد مغرب كل خميس من الأسبوع. *ينبوط: باستنباط للأحكام من الأدلة الشرعية.

(25) رياض الصالحين: شرح الشيخ البوطي لكتاب "رياض الصالحين" العزيم للإمام النووي رحمه الله، وقد شرحه الشيخ شرحا كاملا في مئات الدروس في جامعي السنجقدار"، و"جامع تنكز" بدمشق، وقد حضرت كثيرا منها بفضل الله تعالى. وقد كان يقام بعد مغرب كل اثنين وخميس. *أبهرت: أعجبت كثيرا؛ بل أدهشت دروس شرح رياض الصالحين. *المتفرد: مُنقطع النظير. *المضبوط: بشرحك المقيد بالكتاب والسنة وأقول العلماء.

26

(26) "حكم العطاء" ... : شرحكم لـ "حكم ابن عطاء الله السكندري" في دروسكم المسجدية أكثرَ من مرَّة، ثم إخراجها في كتاب جاءت مثل عِقد لآلئ جميل. *جواهر: ج جوهر، الشيء النفيس. *تفسير قرآن: تفسيرك للقرآن الكريم في "جامع الرفاعي" بدمشق بعد خطبة الجمعة. *أتى: جاء. *كسموط: مثل سموط؛ مثل خيوط العقد الجميل من الجواهر. وسموط: ج سِمْط: وهو خيط حبات اللؤلؤ ما دُمْنَ فيه.

(27) خطيب مصقع: خطيب مؤثر في سامعيه جميل الأسلوب عذبه، فصيح اللسان، بليغ البيان؛ لأنه يتكلم من القلب. وقصدي بكلمة "مصقع" مؤثر، وإلا فالشيخ البوطي رحمه الله كان رقيق القلب، لين الكلام، ولم يكن ذا صوت عال، ونبرة مرتفعة.   *يذر القلوب: يتركها. *بغطيط: ببكاء مع صوت من شدة تأثيره في سامعيه وحاضري خطبه.

(28) أثرت في جامع ... : أي دروسكم كم أثرت في الناس الحاضرين في هذه المساجد. *جامع الإيمان: بدمشق كان الفقيد البوطي يدرس فيه، لكن بعد سنة 1990م؛ أي بعد تخرجي في الجامعة. *جامع السنجقدار: بدمشق مقابل "قلعة دمشق" تقريبا، وجنوب ساحة المرجة، ظل الشيخ البوطي يدرس فيه لسنوات، وقد انتقل منه إلى "جامع تنكز" حوالي عام 1988- 1989م. *مغبوط: سعيد، محظوظ.

(29) المسجد الأموي: أو "الجامع الأموي، أو جامع دمشق الكبير، أو جامع بني أمية": أشهر جوامع دمشق، وأعظمها، وأقدمها، ويقع وسطها، جنوبي قلعتها، وبعد "سوق الحميدية" فيها، شرقِيَّه. وهو جامع عظيم كبير واسع، يتسع لمئات المصلين، ويقال: إن فيه رأس يحيى عليه السلام، وهو بناء شامخ ومُطرز بالفُسَيْفِسَاء، وأصله كنيسة قديمة اشترى بعضها الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك ثم بناه عليها في أواخر القرن الهجري الأول.

*"جامع الرفاعي: بدمشق في حي "ركن الدين" قرب "ساحة شمدين"، وكان الشيخ البوطي يخطب فيه وظل سنوات كذلك، حتى نقل إلى "الجامع الأموي. وكنت طيلة أربع سنوات -بفضل الله تعالى- أحضر فيه خطب الشيخ إلا في الصيف، أو إن كان مسافرا.

*جامع تنكز: جامع معروف في دمشق غربي الجامع الأموي، وقرب "محطة الحجاز، وقبل مكتبة "دار الفكر"، وشركة الطيران السورية، ومديرية أوقاف دمشق. وقد انتقل إليه الشيخ ليدرس فيه نحو عام 1989م؟

*لشواهد: هذه المساجد شاهدة ودالة على براعة وتفرد في التدريس فيها للشيخ سعيد البوطي. *فذاذة: تفرُّد وتميُّز.

(30) واعظ: خطيب ومدرس مؤثر. *محاضر: مدرس في الجامعة أو غيرها. *تلامذ: تلاميذ، ج تلميذ، طالب. *محيط: لأناس حاضرين لك.

(31) في ظل كلية الشريعة: بقيت تدرس في "كلية الشريعة" بدمشق زمانا طويلا، وسنوات كثيرة. *الردح: الزمان الطويل. *تفيد العلم: تنشره وتبثه للطلاب والقاصدين لدروسكم. *جد نشيط: كثير النشاط والعمل.

(32) المُلتقى السنوي في الجزائر: هو مؤتمر سنوي للفكر الإسلامي كان يعقد في الجزائر لثمانية أيام، وكل سنة في مدينة جزائرية مختلفة، وكان يجتمع فيه كبار العلماء والمفكرين من البلاد العربية والإسلامية وغيرها للبحث في بعض القضايا الفكرية للأمة الإسلامية، كان يعقد منذ أواخر الستينات حتى 1990م على ما أظن، وممن كان يحضره: العلامة الشيخ محمد أبو زهرة، والعلامة الشيخ محمد الغزالي، والعلامة القرضاوي، والعلامة د. محمد سعيد البوطي، ود. مولود قاسم، ود. محمد عبد يماني، ود. عبد العزيز كامل، والأستاذة زينب الغزالي الجبيلي، ود. عبد الرحمن الصابوني، والعلامة الشيخ أحمد سحنون، ود. صبحي الصالح، والفقيه العلامة الشيخ مصطفى الزرقا، والأستاذ علال الفاسي، ود. الحبيب بلخوجة، ود. احمد الحوفي، ود. علي عبد الواحد وافي، ومحمد المكي الناصري، وبعض العلمانيين والمستشرقين مثل د. زيغريد هونكه، ود. عبد الله العروي ود. محمد آركون ... .". من كتابي "خلاصة عن الشيخ العلامة د. يوسف القرضاوي 14- 15".     *المُبَرِّز: السابق، أحد المُؤثِّرين المُبدِعين والمُشاركين فيه. *التنبيط: إظهار العلم واستخراجه.

28

(33) مبدعا: متقنا للعلم ومجددا فيه، لا تقليديا وجامدا وناقلا فحسب. *مؤلفا: مصنفا للكتب. *بروائع: بكتب رائعة ومهمة ومفيدة جدا. *لآلئ: ج لؤلؤ، الجوهر النفيس. *قروط: ج قُرْط، ما يعلق في أذن النساء من الذهب والجواهر النفيسة للزينة.

(34) مصنفات: مؤلفات وكتب. *جمة: كثيرة، وقد ناهزت مؤلفات الشيخ البوطي السبعين كتابا. *نوعت: كانت في مجالات مختلفة في العقيدة، والسيرة، وعلوم القرآن، والفقه المُوَازَن "المُقارَن"، وأصول الفقه الإسلامي، وتاريخ التشريع الإسلامي، والتصوف الإسلامي، والفكر الإسلامي، والفلسفة، والحضارة، والفتاوى، والأدب ... .

*بالعمق: أي أن كتبه عميقة وليست سطحية. *ميزت: امتازت. *الحجى المضبوط: العقل الراجح الرزين.

(35) في فقه سيرة أحمد: في كتاب "فقه السيرة النبوية" للشيخ البوطي المشهور جدا، والذي طبع كثيرا، ودُرِّس في كثير من المعاهد والجامعات، والذي يعد من خير ما كتب في فقه السيرة إن لم يكن خيرها على الإطلاق مع كتابي الشيخين محمد الغزالي ومحمد منير الغضبان. *كم بدعة: كم في كتاب فقه السيرة من جمال ومتعة وأشياء مُبتكرة لم يسبق إليها الشيخ البوطي عليه رحمات الله تعالى. *روائع القرآن: كتابه الشهير "من روائع القرآن" في علوم القرآن، والذي طبع كثيرا، ودرس في عدد من جامعات ومعاهد البلدان الإسلامية. هذا الكتاب في جماله وأهميته مثل خيوط العقود الجميلة التي يُتزيَّن بها.

(36) ضوابط للمصلحة: كتابه الشهير وأطروحته للأستاذية "الدكتوراه" المسمى "ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية" والذي نال بها درجة الأستاذية "الدكتوراه" من جامعة الأزهر بمرتبة الشرف الأولى عام 1965م؟ هو رائع ومهم جدا. *فقه المقارن: كتابه "الفقه المقارن" والذي تناول مسائل فقهية عدة موازنة بين المذاهب، وهو الذي درس في "كلية الشريعة - جامعة دمشق" بدمشق لسنوات، كان خير مؤلَّف له متوسط الحجم في هذا الموضوع.

(37) العود للإسلام: كتابه "منهج العودة إلى الإسلام"، أو "طريق العودة إلى الإسلام"، فيه رسم للطريق الواضح الأمة الإسلامية للرجوع إليه. *منهج: طريق واضح. *تاقت: اشتاقت وتشَوَّفت إليه سنين طويلة. *غب: بعد. *شبه قنوط: مثل اليأس من ذلك.

(38) يغالطونك: كتابه "يغالطونك إذ يقولون" والذي كان في أصله برنامجا أعده وقدمه لرائي الشارقة الفضائي، ثم طبعه في كتاب كبير في نحو 400 ص، وهو رائع ومهم في بابه يتحدث عن بعض شبهات أعداء الإسلام حول الإسلام والرد عليها وتفنيدها علميا. *ردا مفحما: أي جاء جوابا مُسكتا لأعداء الإسلام ببيانه الشافي الوافي الكافي.

*سَلفيَّة ... : كتابه "السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي" هذا الكتاب جاء معتدلا في كلامه عن السلفية ومبينا لحقيقتها، ومنصفا لها، من غير زيادة في القول عنها.

(39) المشكلات لنا: كتابه "وهذه مشكلاتنا"؛ أي: نحن المسلمين. *لهم: كتابه: "هذه مشكلاتهم". أي: مشكلات الغربيين. *تفريط: تقصير.

(40) "لا مذهبية": كتابه الشهير "اللامذهبية أخطر بدعة تهدد الشريعة الإسلامية" والذي تمَخَّض عن مناظراته مع الشيخ ناصر الألباني في دمشق نهاية الستينات، وبداية السبعينات الميلادية، وكانت حول اتباع المسلم العادي لمذهب من المذاهب الأربعة هل هو مشروع وواجب أم لا؟ *قد شفا: أي كتابه اللامذهبية قد شفا صدور قوم مؤمنين، وبين لهم حقيقة مسألة التمذهب بمذهب معين للمسلم غير المجتهد وضرورته بيانا شافيا وافيا بالمُراد والمقصود بلا مزيدَ عليه.

وبفضل الله تعالى ثم بكتاب الشيخ محمد سعيد البوطي هذا قُبرت هذه المسألة وقُضي عليها وعلى فتنتها؛ التي كان يثيرها مُدَّعو السلفية في سورية وغيرها من بلدان العالم الإسلامي.

30

*ذا والدي: كتابه "هذا والدي" الذي تحدث فيه عن والده العلامة الرباني والفقيه الشافعي الجليل الشيخ رمضان البوطي الذي عُمِّر نحو 105 سنوات، والذي ولد في "جزيرة بوطان؛ جزيرة ابن عمر" ثم هاجر من تركيا إلى دمشق سورية عام 1933م بسبب ظلم وطغيان مصطفى كمال أتاتورك، وظل فيها حتى وفاته سنة 1990م. *أحيا النفوس ... : هذا الكتاب الجميل في سيرة والده أنعش النفوس لكونه سيرة رجل صالح.

(41) حضارة الإنسان: كتابه "منهج الحضارة الإنسانية في القرآن" في هذا الكتاب أوضح طريقة حضارة الإنسان كما جاء في كتاب الله تعالى. *بخطوط: في نقاط واضحة ومحددة.

(42) مع الأناسي: كتابه "مع الناس" وهو فتاوى صدر في جزأين على ما أظن. *الفتاوى: كتابه "فتاوى معاصرة" في جزأين. *جوهر: هما كالجوهر. *حلت مشاكل: كتاباه مع الناس وفتاوى معاصرة أنهيا مشاكل كثيرة للناس. *بنبوط: باستنباط أحكام كثيرة من نصوص شرعية.

(43) من الفؤاد وفكركم: الفؤاد: القلب. والمقصود كتابه الشهير "من الفكر والقلب". *كم روعة: كم هو جميل؟! *جماله: حسنه. *المغبوط: المحظوظ.

(44) شخصياتكم: كتابه المعروف "شخصيات استوقفتني". *منصف: عادل. *عرضه: بيانه وبسطه لتلك الشخصيات. *مواقف: آراء تلك الشخصيات. *خطوط: ج خط، والمقصود به التيارات والمذاهب السياسية.

(45) مقالات: ج مقالة، وهي الكلمة والكتابة في موضوع ما، ونشره في مجلة أو صحيفة أو كتاب. *حضارة: مجلة "حضارة الإسلام" الشهيرة الإسلامية الشهرية التي كانت تصدر في سورية، والتي أسسها حوالي منتصف الخمسينات الميلادية، ورأس تحريرها الشيخ د. مصطفى السباعي رحمه الله لسنوات حتى وفاته، ثم تسلم تحريرها بعده د. محمد أديب الصالح رحمه الله، وتوقفت سنة 1982م، وكان يكتب فيها كبار العلماء والمفكرين الإسلاميين والأدباء والشعراء، وكان منهم الفقيد الشيخ سعيد البوطي.

31

*نهج الإسلام: مجلة "نهج الإسلام" التي كانت تصدرها "وزارة الأوقاف" السورية بدءا من سنة 1982م، وكان الفقيد البوطي من كُتَّابها.

*سمت: ارنقت وعلت مقالاته. *بفروط: بسبق وتجديد.

(46) طوبى لكم: هنيئا لكم. *بشهادة: بنيل شهادة -"دنيوية"- في سبيل الله. *نلتها: حصلت عليها. *فروط: سبق.

*ملاحظة بفائدة: ذكر الشيخ يوسف النبهاني رحمه الله -"أظن في ديوانه العقود اللؤلؤية في المدائح المحمدية"- أن اختلاف الحرف حرف الجر أو العطف مع الكلمة المكررة في الضرب من بيت الشعر جائز إذا تكررت في أقل من 7 أبيات؛ إذ القاعدة المعروفة: "لا يجوز أن تتكرر الكلمة نفسها في الضرب من قصيدة في أقل من 7 أبيات".

فهنا كلمة "فروط" نفسها تكررت في بيتين متواليين، وهو عيب في الشعر إلا إن اختلف الحرف معهما، وهنا اختلف الحرف؛ فهو مع الأولى باء الجَرِّ، ومع الثانية واو العطف، والله أعلم.

(47) في ظل بيت الله: في كنف بيت الله ومسجده نلت الشهادة أيها الشيخ البوطي! هو "جامع الإيمان" في "حي المزرعة" بدمشق. *وقت تدارس: في حين تدارسكم لكتاب الله تعالى ونشر العلم الشريف مع المسلمين الحاضرين درسكم. *تنزل لملائك: أي استُشْهِدْتَ في سبيل الله في المسجد، وأنت تعطي درسا في العلم الشرعي وقت نزول الملائكة الكرام البررة. في كلامي هذا إشارة إلى الحديث النبوي الصحيح الذي رواه مسلم: "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله تعالى، ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده".   *كخليط: الملائكة في حضورهم في المسجد مثل الخليط؛ مثل المخالطين لكم؛ أي الملائكة في حضورهم مجالس العلم والذكر مع الناس مختلطين بهم.

32

(48) بسكينة: في طمأنينة. *بمروط: أنتم في ألبسة من هذه السكينة والطمأنينة. والمروط ج مِرْط: "الكساء من خز أو صوف أوكتان، يؤتزر به، وتتلفع به المرأة". المعجم الوسيط 864.

(49) ليخس: ليخسأ، لِيَبْعُدْ. وكلمة: "اِخْسَأْ" كلمة احتقار وزجْر تقال للكلب واللئيم والخسيس. *قاتلك: نظام البعث المجرم السفاح. *الغدور: كثير الغدر والخيانة. والغَدْر: هو أخذ الإنسان فجأة بطعنه أو قتله ... .

*حزبه: جماعته؛ جماعة حزب البعث العربي الاشتراكي الفاجر. *الخنا: الفُحش والزنا. *القنوط: اليأس؛ ضد الأمل.

(50) توله: اشْمَلْهُ، ارعَهُ. *مراحم: ج مرحمة، رحمة. *حَنُوط: الحَنُوط والحِنَاط: كل ما يُخلَط من الطِّيب لأكفان الموتى وأجسامهم خاصَّةً؛ من مِسْكٍ وذَرِيرَة وصَنْدَل وعَنْبَر وكافور، وغير ذلك. المعجم الوسيط 202.

(51) كذا: مثل هذا. *محبوه: أحبابه، ج مُحِبّ. *قُرَّا: قُرَّاء ج قارئ. *الناشرون: من ينشرون علمه ويبثونه بين الناس. *المَنبُوط: المُستَخْرَج.

(52) ما رَفَّ: حرَّكَ جَناحَيه لِلطَّيَرَان. *طير: ج طائر، وقد يكون للمُفرد. *تَألَّقَ: لَمَعَ وأضاءَ. *الكوكب: "في علم الفلك": جِرْمٌ سَمَاوِيٌّ يدور حَولَ الشمس ويستضيء بضوئها. وأشهر الكواكب مُرَتَّبَةً على حَسب قُربها من الشمس: عُطارد، الزُّهْرَة، الأرض، المِرِّيخ، المُشْتَري، زُحَل، يُورانُس، نِبْتُون، بْلُوتُون. المعجم الوسيط 793. *ناحَت الحمامة: سَجَعَتْ. المعجم الوسيط 961. *قُمْرِيٌّ: حَمَامَةٌ، والقُمْرِيُّ: ضَرْبٌ من الحَمَام مُطَوَّق حَسَنُ الصَّوت، ج قُمْر، والأنثى: قُمْرِيَّة ج قَمَارِيُّ. المعجم الوسيط 758. *بقرب: بجانب. *شُطُوط: ج شَطٍّ، شاطِئ، وهو جانب النهر. المعجم الوسيط 483.

(53) الفردوس: أعلى درجة في الجنة. *يوم التغابُن: من أسماء يوم القيامة. *نعيمها: نعيم الجنة، والنعيم كل ما يُتَمَتَّع به في الجنة من نظر إلى وجه الله الكريم، ورضوانه، وأشجار وأنهار وحُور عِين، وأطعِمة وأشربة وأكسِية ... . *المبسوط: الممدود والمُتَاح.

وسوم: العدد 1028