جلالة الملك يتفهم إحجام عدد من المواطنين عن التصويت

محمد شركي

جلالته يلقن المتهافتين على الترشح  طمعا في المنصب درسا لا ينسى في خطابه الأخير

كالعادة جاء خطاب جلالة الملك بمناسبة ثورة الملك والشعب ملامسا لمشاغل واهتمامات شعبه، وركز على الاستحقاقات الانتخابية المقبلة . ولقد عكس الخطاب الملكي ثورة ملك  على الغش والتهاون وقد ندب نفسه للنهوض ببلده وشعبه كما شارك أسلافه هذا الشعب في مختلف ثوراته . ولقد تفهم جلالة الملك إحجام عدد من الموطنين عن المشاركة في التصويت  لأن بعض المنتخبين ـ بفتح الخاء ـ لا يقومون بواجبهم على الوجه المطلوب ، ولهذا يكون الموقف الوطني الصادق والصحيح هو عدم تمكين هؤلاء من المناصب من خلال إعطائهم الأصوات التي تمكنهم من تلك المناصب . وتفهم الملك لموقف الإحجام عن التصويت لدى شريحة من المواطنين يعد ردا مفحما لمن يشككون في هذا الموقف ، ويستغلون شعار :" التصويت واجب  وحق " لاستدراج المواطنين للتصويت عليهم ، وهو شعار وضعه الملك في موضعه الصحيح خلال خطابه وأضاف إليه عبارة : " أمانة ثقيلة " ونصح المواطنين بتحكيم ضمائرهم أثناء التصويت وأن يحسنوا الاختيار ، كما حذرهم من أن يشتكوا من سوء التدبير وضعف الخدمات إذا كان تصويتهم على من لا يرعى الأمانة ولا يقوم بواجبه على الوجه المطلوب.ولقد نبه جلالته المواطنين إلى كيفية تحديد المسؤوليات فبين حدود مسؤولية الحكومة  ووزاراتها  ومسؤولية البرلمانيين ومسؤولية المنتخبين  ومسوؤلية الناخبين،  فالكل راع  وكل مسؤول عما استرعي عليه كما هو شعار ديننا الحنيف .ولقد لقن جلالة الملك المترشحين للانتخابات من كل الأحزاب والتيارات السياسية درسا لا ينسى أبدا حين فضح الذين يظنون أن دورهم يقتصر على الترشح بدون عمل، والذين يختفون بعد فوزهم ويحتجبون عن المواطنين لخمس أو ست سنوات ولا يظهرون إلا مع حلول انتخابات جديدة .  وحدد جلالته مواصفات من يستحق التصويت عليه وأقصى أصحاب الجعجعة بلا طحن من الذين يكثرون الكلام ويرفعون أصواتهم أكثر من غيرهم من المترشحين بشعارات فارغة ووعود كاذبة . وصحح جلالته الغاية من الانتخابات وهي خدمة المواطنين وليس الحرص على المنصب .

وعلى كل الذين تهافتوا على الترشح من الوصوليين والانتهازيين بعد هذا الخطاب الحاسم أن يسحبوا ترشيحهم فورا لأن الخطاب الملكي تضمن تحذيرا من المتابعة القانونية للمتاجرين باللانتخابات وبأصوات المنتخبين المستخفين بالمواطنين  الناخبين وبالوطن على حد سواء .

وعندما نتأمل لوائح المتهافتين على الترشح نجد فيها من تناولهم الخطاب الملكي  من الذين اختفوا طيلة مدة انتخابهم  وقد عادوا اليوم للظهور من جديد، فمثل هؤلاء لا حق لهم في الترشح، كما نجد فيها من سبق للمواطنين أن جربوهم فلم يروا منهم خيرا  ولم يقدموا لهم خدمة بل كانوا سببا في تأزم الأوضاع وتردي الخدمات وسوء التدبير، وهؤلاء أيضا لا حق لهم في الترشح بموجب المعايير الواردة في الخطاب الملكي . ونجد في لوائح الترشيح أيضا الذين يبدلون جلودهم الحزبية كل مرة وينتقلون من حزب إلى آخر، وهو ما يدل  بوضوح على غياب تمسكهم بالمبادىء  والحرص على المنصب  مهما كانت القناعة الحزبية المفضية إليه ، وهؤلاء شأنهم شأن بائعات الهوى من المومسات اللواتي ينتقلن بين أحضان طلاب الهوى رغبة في الأجر ، وهؤلاء لا يمكن أن توضع فيهم الثقة  ويصوت عليهم لأنهم لو كانوا صادقين لاختاروا الانتماء الحزبي الصحيح المؤسس على مبادىء راسخة لا  تتزعزع  من أول وهلة . والأحزاب التي جربت من قبل  ولم تقم بواجبها على الوجه المطلوب في انتخابات سابقة لا يمكن أيضا الثقة فيها  والتصويت على مرشحيها لأنها تعودت الكذب على الشعب ، والمثل المغربي العامي يقول : " ما لم يأت مع العروس لا يأتي مع أمها " فالعادة أن العروس حين تلتحق ببيت الزوجية تصحب معها أثاثا، وبعد ذلك تزورها أمها وقد تحضر معها بعض الأثاث ولكنه لا يمكن أن يكون في حجم وقيمة ما تحضره العروس عادة . وهكذا لا يمكن للأحزاب التي خدعت الشعب من قبل أن تحظى بالثقة  اليوم ،والشعب المغربي شعب مسلم والمسلم لا يلدغ من جحر مرتين ، والمسلم لا يكون أبدا خبا والخب لا يخدعه . فهل  سيستفيد الشعب المغربي  من الخطاب الملكي  وهل سيكون في مستوى ثورة ملكه على التهاون والغش  فيقصي المتهاونين والوصوليين والانتهازيين  واللقطاء حزبيا؟ وهل سيقدر ما سماه جلالة الملك  أمانة ثقيلة ،وهي أمانة التصويت أم أنه سيبيع صوته بثمن بخس  أو بلوازم مدرسية أو أضحية عيد لأبنائه... كما يروج  بين المواطنين في بعض الجهات ؟ أيضا