الثورة الجزائرية.. تهميش وقطع رؤوس

معمر حبار

حضرت يوما دراسيا، بتاريخ الخميس 05 ذو القعدة 1436 الموافق لـ 20 أوت 2015 ، حول الشهيد الجيلالي بونعامة، وقد تمّ إنجاز مقال في ذات الشأن، تم نقل أقوال وآراء الحضور، واليوم سيتطرق صاحب الأسطر إلى ملاحظتين لفتت الانتباه، ورأى أنها تستوجب التركيز عليه، منها..

الثورة الجزائرية تهمش الشلف.. المنطقة الثالثة من الولاية الرابعة، تعرّضت للتهميش من طرف قادة الثورة الجزائرية الذين حكموا البلاد، ويكفي أن جريدة "المجاهد"، الناطقة باسم الدولة الجزائرية يومها لم تشر لخبر إستشهاد الجيلالي بونعامة إلا بعد شهر من إستشهاده وضمن العناوين الداخلية للجريدة، التي تدل على التهميش وعدم الاهتمام. فقد تعرّض الجيلالي بونعامة للتهميش لمدة 30 سنة، ولم تقام له ذكرى إلا سنة 1991. وكان يعتبر التطرق إلى حياته من المحرمات.

صاحب الورقة لايتطرق للأسباب المتضاربة، فهذا شأن المؤرخين والذين عايشوا المرحلة باختلاف توجهاتهم، إنما يتعرّض لحقيقة يعيشها باستمرار، مفادها أن الظلم والتهميش الذي تعرضت له المنطقة الثالثة من الولاية الرابعة في عهد الثورة ، مازالت تعيش اليوم نفس التهميش والاضطهاد.

ومهما كانت الأسباب، فإنه لايحق تهميش وعزل منطقة بأكملها لأجل شخص إرتكب خطأ، إذا إفترضنا أنه خطأ، ويستمر العقاب لغاية اليوم.

إن الثورة الجزائرية ليست حكرا لمنطقة دون أخرى، ولا شخص دون آخر، والإعلام الذي ساهم في بروز أشخاص ومناطق كالعاصمة مثلا، ساهم في طمس معالم الجزائر، حين تنكّر لأشخاص ومناطق.

الثوار لايقطعون الرؤوس.. أثيرت مسألة قطع رأس أحد عملاء الثورة الجزائرية في حادثة كوبيس من طرف الجيلالي بونعامة، وقدم رأسه للعقيد بوقرة، وحمله بيديه وأخبرهم أن كوبيس كان معلمه ومدربه.

 نقول ونحن على بعد 61 سنة من إندلاع الثورة الجزائرية، لايحق بحال من الأحوال قطع الرؤوس ولو كان خائنا عميلا. وما كان للشهيد الجيلالي بونعامة رحمة الله عليه، أن يقطع رأس الخائن، وما كان للشهيد بوقرة رحمة الله عليه، أن يقبل بقطع الرأس، ناهيك عن أن يوضع بين يديه.

إن إحترامنا لقادة الثورة الجزائرية الأحياء منهم والأموات، وتقديرنا لمجهوداتهم من أجل جزائرنا الحبيبة ، يفرض علينا أن نستنكر عليهم قطع الرؤوس، ونعتبرها من الأخطاء التي إرتكبوها ولطخت سمعتهم وأساءت لمشوارهم.

إننا نستنكر على الاستدمار الفرنسي قطع الرؤوس، ونستنكر على داعش قطع الرؤوس، ونستنكر قطع الرؤوس في الممر الخاص بالراجلين، ولو زعم فاعله أنه تطبيق للشريعة الإسلامية. وكذلك نستنكر على قادة الثورة الجزائرية قطع رؤوس الخونة والمستدمرين مهما كانت الأسباب، لأنه لايوجد سبب لارتكاب جريمة قطع الرؤوس، لأن الثورة الجزائرية أسمى من أن يتبناها قاطع الرؤوس، وأعظم من أن ينسب لها قطع الرؤوس.

إن ظروف الثورة الجزائرية القاسية والعنيفة جدا، لايمكنها بحال أن تبرر قطع الرؤوس ولو لخائن عميل. وقطع فرنسا الاستدمارية للرؤوس الجزائريين الأبرياء، لايبرر أبدا قطع الرؤوس من طرف قادة الثورة الجزائرية، لأن فرنسا الاستدمارية ليست قدوة للثورة الجزائرية وقد إتخذتها عدوا تحاربه.