هل تم توقيف خطيب مسجد حمزة بسلا بسبب خطبة الزلزال أم أنه كان مستهدفا بالتوقيف من قبل ؟

محمد شركي

أنهيت مقالي السابق المتعلق بموضوع خطيب مسجد حمزة بالعبارة التالية : " لئن استجابت الوزارة الوصية على الشأن الديني لطلب منع خطيب مسجد حمزة بسلا  من الخطابة ،فإنها ستتحول إلى مجرد أداة أو لعبة بيد أهل الأهواء ، وتفقد بذلك مصداقيتها " ولقد حصل ما حذرت منه وما توقعته حيث أقدمت الوزارة الوصية عن الشأن الديني على توقيف هذا الخطيب استجابة لقرار" وزارة الفيسبوك" دون روية ودون عرض قضيته على أهل الاختصاص للحكم على ما خالف الشرع في خطبته . وعلى افتراض أن الخطيب أخطأ بالقول إن الزلزال عقوبة سببها معصية زراعة الحشيش ،علما بأنه مخدر يدخل ضمن ما حرم شرعا ، فهل يستحق بذلك التوقيف  بهذا الشكل المستعجل ؟ ألم يكن بالإمكان إعطاؤه فرصة خصوصا وأن بعض مواقع التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية ذكرت اعتذاره لأهل الريف لأنه لم يقصدهم ، وإنما قصد زراع الكيف تحديدا ؟ إن هذا الخطيب  لم تلتمس له الوزارة عذرا خصوصا إذا كانت هذه هي المرة الأولى التي  تصدر عنه هذه الهفوة ـ إن صحت الهفوة وثبتت عند أهل الاختصاص ـ علما بأنه لكل عالم هفوة ، ولكل فرس كبوة ، ولكل سيف نبوة كما يقال . ولماذا لم تتدرج الوزارة في معاقبة هذا الخطيب كما يفعل حكام لعبة كرة القدم الذين يوجهون الإنذار الشفوي ثم يخرجون البطاقة الصفراء قبل إخراج البطاقة الحمراء ما لم يكن الخطأ مستحقا لإخراج البطاقة الحمراء. وقياسا على قانون العقوبة في لعبة كرة القدم يبدو أن الوزارة الوصية على الشأن الديني اعتبرت خطأ خطيب مسجد حمزة بسلا جسيما يقتضي استعمال بطاقة حمراء مباشرة ، وهذا احتمال أول ، أما الاحتمال الثاني فهو أن الوزارة ربما  سبق لها أن أنذرت هذا الخطيب ، وأشهرت في وجهه بطاقة صفراء من قبل . ولربما كان كأس هذا الخطيب قد طفح ، فكانت خطبة الزلزال  مجرد قطرة أفاضته ، ومن يدري قد يعود أمر توقيفه إلى خلاف مع المجلس العلمي لمدينة سلا أو مع مندوبيتها أو حتى من الوزير أو مع الجميع،  لهذا جاءت العقوبة قاسية ،وهي عقوبة التوقيف أو الطرد . وربما يكون انتماء هذا الخطيب لجماعة ما هو السر وراء توقيفه خصوصا وأن بعض رموز السلفية استنكروا توقيفه كما ورد ذلك في بعض مواقع التواصل الاجتماعي . ولئن كان الخطيب سلفي التوجه باعتبار تعاطف السلفيين معه ، فإنه  بذلك ضحية تياره السلفي الذي ينتقد التيارات الأخرى  بشدة ،ومنها التيار الطرقي الذي ينتمي إليه الوزير . فهل يكون الوزير على سبيل  الافتراض فقط  قد اغتنم فرصة تصفية الحساب مع هذا الخطيب ؟ وهل يعتبر قراره شططا في استعمال السلطة ؟ وهل دأبت الوزارة الوصية على الشأن الديني على معاقبة الخطباء للسبب ذاته الشيء الذي يطرح موضوع طبيعة انتماء من تسند إليه وزارة الشأن الديني، ومن تسند إليه مهمة الخطابة  . فهل يمكن أن  يسلم وزير له انتماء أو ميل لتيار ديني  أو حزبي من التعصب لانتمائه ، فيصفي الحساب مع خصومه بسبب ذلك  ؟ الشيء الذي يقتضي  تعيين  وزير محايد أو تكنوقراطي في منصب وزارة الشأن الديني كما هو الشأن بالنسبة لبعض الوزارات ؟ ومما يؤكد قضية تصفية الحساب مع هذا الخطيب السلفي التوجه أو الهوى ما طلعت به علينا بعض مواقع التواصل الاجتماعي التي أشارت إلى الشماتة به من طرف تيارات دينية كالتيار الشيعي أو لا دينية كالتيار العلماني واستحسان قرار توقيفه . وقد لا تخلو القضية من أبعاد سياسية وحزبية ونحن على موعد مع انتخابات مقبلة حيث يخشى من تأثير خطابة الجمعة في توجيه الرأي العام والتأثير على اختياراته الانتخابية خصوصا وأن بعض المصادر تحدثت عن وزن هذا الخطيب في مدينة سلا حيث يهيمن التيار السلفي . وقد  تكون القضية أبعد من ذلك ولها علاقة بموضوع محاربة التطرف الذي  يعتبر مسؤولا عن العنف والإرهاب . وعلى كل حال ليس خطيب مسجد حمزة بسلا أول ولا آخر خطيب يتم توقيفه أو سيتم توقيفه مستقبلا لأسباب مختلفة ، الشيء الذي يعني أن  كل خطباء الجمعة مستهدفون بالعزل أو التوقيف . وقد يكون التوقيف مجرد استجابة لما يروج  على مواقع التواصل الاجتماع إرضاء لها أو خوفا من نقدها . وعلى الوزارة الوصية على الشأن الديني أن تراجع تعاملها مع خطباء الجمعة على أساس بث أهل العلم والاختصاص فيما يرد في خطبهم وتقويمها شرعا عوض  مجاراة آراء العامة فيهم أو مجاراة خصومهم لسبب أو لآخر ، كما أنه يتعين عليها صيانة كرامة الخطباء التي تستبيحها مواقع التواصل الاجتماعي و تستغل ذلك  للدعاية الحزبية والطائفية  بشكل مكشوف . ويتعين على الخطباء أن يصونوا كرامتهم بأنفسهم من خلال تنكب كل ما يمكن استغلاله وسوء تأويله  مما يرد في خطبهم وتوظيفه للنيل منهم دون التخلي عن وظيفة الأمر بالمعروف  والنهي عن المنكر . وأخيرا نتمنى أن توقف الجهات المسؤولة زراعة القنب بشمال البلاد كما أوقفت الوزارة الوصية على الشأن الديني خطيب مسجد حمزة الذي فتح على نفسه جبهات منها جبهة أباطرة المخدرات وهي أخطر جبهة عليه ، وقد تكون وراء إقامة الضجة الإعلامية التي تسببت في عزله وتوقيفه .