ثوار حلب في مواجهة الطوق الإيراني الروسي

أحمد أبازيد

تقدمت قوات التحالف الإيراني الروسي في ريف حلب الشمالي على مناطق سيطرة فصائل الثورة السورية، وتمكنت من الوصول إلى نبّل والزهراء، ووضع جبهة حلب أمام خارطة ميدانية جديدة ومتطورة مع استمرار المعارك ومحاولة التوسع لحصار مدينة حلب.

وبسبب تفوق الفصائل الثورية في الاشتباكات المباشرة، اعتمد التحالف الإيراني الروسي على التفوق الناري والكثافة الهائلة لعمليات القصف، وساعده على التقدم استنزاف الفصائل في معركة ريف حلب الجنوبي وتقنين الدعم عليها بعد التدخل الروسي وضعف التحصينات الهندسية للثوار، وهو ما يجعل أولوية الثوار السوريين الميدانية بناء خطوط دفاعية وتحصينات هندسية متينة، لإعاقة تقدم التحالف والمحافظة على طرق الإمداد والمساحات المتبقية. ومن جانب آخر يقدم الوضع الأخير زخماً مضاعفاً لمبادرات التوحد المطروحة بين الفصائل الثورية حيث تحظى مبادرة الجبهة الشمالية بالفرصة الأكبر للتطبيق فيما بينها.

وبانفصال ريف حلب الشمالي عن المدينة، يصبح وسط ثلاث جبهات مفتوحة عليه (التحالف الإيراني الروسي، تنظيم داعش، وحدات حماية الشعب الكردية)، ويهدد هجوم وحدات حماية الشعب بتقطيع المتبقي منه ما يضاعف من خطورة وضع الثوار في الريف الشمالي، ولكنه يقع ضمن استثناء كونه منطقة لا وجود فيها لتنظيم القاعدة، ما يوفر خيارات جديدة لاختبار سياسات جهات محلية ودولية انبنت على مواجهة أو تجنب تنظيم القاعدة.

ويواجه الحلف الإقليمي الداعم للثورة السورية، تحديات خطيرة أمام الوضع الجديد وتقدم التحالف الإيراني الروسي المستمر، مع استمرار غياب الدعم النوعي سياسياً وعسكرياً للثورة السورية، بينما يصعب الحسم تجاه جدية مشروع العملية البرية التي اقترحتها السعودية في سوريا لمواجهة تنظيم داعش، رغم إمكانية التكهن بمساراتها المحتملة، ومدى تأثيرها على الفصائل الثورية والمسألة السورية.

وتواجه الثورة السورية بعد التدخل الروسي وتقدم التحالف الإيراني الروسي مرحلة تحولات خطرة، ولكنها تحافظ على إمكانات عسكرية وطاقات بشرية وشرعية شعبية وأخلاقية متجذرة، ما يجعل إنهاءها مهمة شبه مستحيلة، ولكن ضعف الحلف الداعم للثورة في مواجهة تحديات النفوذ الإيراني الروسي الأخير يضاعف من التكلفة البشرية والتاريخية لهذه الحرب.