برقيات80/الدكتور محمد موفق الأرناؤوط-صالح البوريني

أدباء الشام

برقيات 80

* صدرت عن دار عمار للنشر والتوزيع في عمّان، مجموعة قصص حقيقية للكاتب فاروق المناصير بعنوان (السماء لا تقبل الرشوة) في 123 صفحة من القطع العادي.

* صدر عن دار عمار للنشر والتوزيع في عمّان، كتاب: (رفع الحرج والآصار، عن المسلمين في هذه الأعصار) للأستاذ مراد شكرجي سويدان، في 68 صفحة من القطع الكبير.

* صدر عن منشورات المجمع العلمي في بغداد كتاب: (بحوث في المعجمية العربية: المعجم اللغوي) تأليف الأستاذ الدكتور عبد الله الجبوري، في 218 صفحة من القطع الكبير.

* صدر للأستاذ حميد المطبعي من سلسلة علماء بيت الحكمة، في بغداد الكتابان:

1 – ضياء شيت خطاب: الفقيه القاضي، في 154 صفحة من القطع العادي.

3 – الدكتور أكرم نشأت إبراهيم: أستاذ الفقه الجنائي العراقي، في 152 صفحة من القطع العادي.

وكانت صدرت عدة كتب في هذه السلسلة القيّمة، (تنفيذاً لرسالة بيت الحكمة المعاصر في تقدير وتشجيع العلماء وتكريم الشخصيات العلمية المعروفة بمساهماتها المتميزة في مختلف الأقسام العلمية، بمنحهم جائزة بيت الحكمة.

وتوثيقاً للسيرة الذاتية، وعطاء بيت الحكمة، تصدر هذه السلسة لتتناول ملفات توثيقية للعلماء الذين منحوا جائزة بيت الحكمة عام 2001 على وفق التسلسل الوارد في قرار منح الجائزة، وهم:

1 – الأستاذ الدكتور سعدون حمادي/ الدراسات الاقتصادية.

2 - الأستاذ الدكتور محمد صالح أحمد العلي/ الدراسات التاريخية.

3 - الأستاذ الدكتور عبد العزيز البسام/ الدراسات الفلسفية.

4 - الأستاذ الدكتور جميل الملائكة/ دراسات الترجمة.

5 - الأستاذ ضياء شيت خطاب/ الدراسات القانونية.

6 - الأستاذ الدكتور صادق الأسود/ الدراسات السياسية.

7 - الأستاذ الدكتور أكرم نشأت/ الدراسات الاجتماعية.

8 - الأستاذ الدكتور محسن عبد الحميد/ الدراسات الإسلامية.

* صدر عن دار الكتاب العربي في بيروت كتاب (مناقب معروف الكرخي وأخباره) تأليف عبد الرحمن بن علي بن الجوزي، وتحقيق الدكتور: عبد الله الجبّوري، وجاء الكتاب في 207 صفحة من القطع العادي.

        

من أدب المسلمين في البوسنة

للدكتور محمد موفق الأرناؤوط 

صالح أحمد البوريني/عمان

[email protected]

عضو رابطة الأدب الإسلامي

استضاف المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية في عمان مساء السبت 19/3/2005 الدكتور محمد موفق الأرناؤوط المتخصص في الأدب المقارن وأستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة آل البيت ومدير معهد بيت الحكمة في الجامعة نفسها , وهو باحث ومؤلف في التاريخ الحضاري للإسلام في منطقة البلقان ويقوم بدور ريادي ومتميز في هذا المجال ، وله مؤلفات وترجمات كثيرة ومتنوعة في الأدب والثقافـة والتاريخ منها ( الثقافة الألبانية في الأبجدية العربية ) و ( تاريخ بلغراد الإسلاميـة ) و ( ملامح عربية إسلاميـة فـي الأدب الألباني ) و ( دراسـات في التاريخ الحضاري للإسـلام في البلقـان ) و ( الإسلام في يوغوسلافيا من بلغراد إلى سراييفو ) و ( مختارات من الشعر الألباني المعاصر )  وللدكتور الأرناؤوط مساهمات في الكتابة في عدد من الصحف والمجلات العربية .

وفي تقديمه للباحث الضيف ؛ قال الدكتور مأمون فريز جرار رئيس مكتب الرابطة إن الدكتور الأرناؤوط يقف على ثغرة من تاريخ هذه الأمة وحضارتها ، ويتصدى بجهده العلمي وبحوثه ودراساته التاريخية لمسؤولية عظيمـة تحتـم وجود باحثيـن آخرين ليواصلـوا المسيرة المباركة التي يقوم بها .

بين مصطلح ( الأدب الإسلامي ) و ( أدب المسلمين ) :

في بداية محاضرته التي تميزت بالشمولية والدقة في تحديد المفاهيم والمصطلحات تحدث الدكتور محمد الأرناؤوط عن عنوان المحاضرة مؤكدا على ضرورة التفريق بين مصطلح الأدب الإسلامي وأدب المسلمين مشيرا إلى أن المصطلح الأول يتصف بالمعيارية والانتقائية بينما يتميز المصطلح الثاني بالشمولية والتنوع ويعين الدارس على أن يختار من أدب المسلمين ما يراه مناسبا للأدب الإسلامي وليس العكس ، وتساءل الدكتور الأرناؤوط عن المعايير التي يمكن للدارس أن يختار على أساسها الأدب الإسلامي من مجموع أدب المسلمين مشيرا إلى تجربة واقعية محبطة إلى حد ما خاضها حين طلبت منه إحدى الجامعات المعروفة والمعنية بالأدب الإسلامي خلال التسعينيات تأليف كتابين عن الأدب الإسلامي في البوسنة والأدب الإسلامي في ألبانيا ، وقام بإعداد  خطة منهجية يبين فيها أبواب وفصول أحد الكتابين وأرسلها إلى تلك الجامعة ولكنها لم توافق على خطة الكتاب لأن فيه فصلا بعنوان ( أدب الموالد ) يتحدث عن اهتمام الشعراء المسلمين في البلقان بمدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وكان أدب المولد النبوي قد تطور لدى المسلمين في البلقان إلى أن أصبح جزءا من التراث الثقافي والاجتماعي وتنافس الشعراء في كتابة المدائح النبوية وصياغة نماذج من الأشعار الرقيقة الجميلة التي عبروا فيها عن حبهم لنبيهم واعتزازهم بنبوته ورسالته . ولذلك فإن الدكتور محمد الأرناؤوط  ينحاز لمصطلح أدب المسلمين ويرى أنه وإن وجد في بعض ما هو مكتوب أو ممارس في هذه الموالد من بدع لا تقرها الشريعة فإنه ينبغي أن لا يحكم على كل ذلك التراث بالإعدام وخاصة في الدراسات التاريخية التي ينبغي أن لا تهمل تراثا يحتوي على كثير وكثير من العطاء الإبداعي المتميز .

 

أدب المسلمين في البوسنة مرتبط بانتشار الإسلام في البلقان :

وبين الدكتور المحاضر أن أدب المسلمين في البوسنة هو جزء من أدب المسلمين في البلقان ، وأن الحديث عنه يستدعي الحديث عن بدايات انتشار الإسلام في هذه المنطقة إذ يلزم التأكيد على حقيقة تاريخية في هذا المقام هي أن الإسلام انتشر مع الفتح العثماني ، وكان انتشاره ـ بخلاف ما قد يظن كثير من الناس ـ انتشارا تلقائيا تدريجيا وليس دفعة واحدة ولا بمرسوم فوقي ولا بقوة جبرية ، بل كان اعتناق الناس للإسلام في مناطق البلقان اختياريا تدريجيا ، واحتاجت صورة الشخصية الإسلامية إلى قرنين من الزمان بعد فتوح العثمانيين حتى تبلورت واتضحت ملامحها ، ولذلك فإن الباحثين المنصفين يعدون انتشار الإسلام في البلقان بهذه الكيفية شهادة بحق لهذا الدين العظيم ، الذي اختاره الناس طواعية وبصورة تلقائية حسب ما كانت ظروف المنطقة وقناعة شعوبها . ولذك فقد شكل الإسلام في بعض الشعوب أغلبية ساحقة كما في البوسنة وألبانيا على حين كان المعتنقون له أقلية في مناطق كرواتيا وصربيا وبلغاريا واليونان . وعليه فإن موضوع أدب المسلمين في البوسنة هو جزء من موضوع أدب المسلمين في البلقان والذي يحتاج إلى جهود أكثر وأكبر للإحاطة به إن أمكن ذلك . وكذلك فإن أدب المسلمين في البوسنة هو جزء من أدب البوسنة ؛ ذلك أن في البوسنة مسلمون وغير مسلمين.

 

محاولة النمسا طمس الهوية الإسلامية في البوسنة :

ومن الملاحظ  أن دراسة الأدب البوسنوي الغني والقيم والمتنوع عبر المائة سنة الماضية قد صارت كأنها واحدة من مهام المستشرقين  ، وكأنها صارت حكرا عليهم ، لأنه سواء بسبب الأبجدية اللاتينية التي حلت قسرا محل الحروف العربية أو بسبب اختلاف اللغات أصبحت هناك هوة شاسعة تفصل بين هذا الأدب وبين سكان البوسنة المسلمين الذين لعبت سياسة النمسا بعد احتلالها للبوسنة عام 1878 م دورا خطيرا في قطعهم عن امتدادهم الشرقي الإسلامي . وقد كان أدب المسلمين في البوسنة معروفا قبل ذلك لأهله أثناء الحكم العثماني ومكتوبا بالأبجدية العربية ولكن سياسة التذويب والتفتيت وتجفيف المنابع أدت إلى وجود هذه الهوة التي فسحت المجال لاستحواذ المستشرقين على الدراسات الأدبية والتاريخية لشعوب المنطقة .

 

معهد الاستشراق البوسنوي وإحياء التراث الإسلامي :

بعد عام 1950 تأسس في سراييفو معهد الإستشراق الذي كان في بدايته معدا لتأدية مهمة استشراقية بحتة ، ولكن مفهوم الاستشراق في البوسنة أخذ يتغير بعد فترة من الزمن ، وفي ظل إدارة مديره الجديد المستشرق سليمان غروزينيتش ، أصبح تراث البوسنة يدرس كتراث أصيل تعود إليه الأجيال الجديدة وليس باعتباره تراثا شرقيا أجنبيا عن أهل البوسنة . فأصبح المعهد يقوم بردم تلك الهوة التي فصلت الأجيال الجديدة عن تراثها الماضي زمنا طويلا وذلك بإصدار دراسات وإعادة نشر هذا التراث باللغة البوسنية الحالية وبترجمة المؤلفات الكلاسيكية التي كتبت بالعربية والفارسية والتركية إلى اللغة البشناقية ، ولذلك فإن أدب المسلمين في البوسنة أخذ يعود للحياة بعد عام 1970 حيث كثرت الإصدارات والمختارات التي تعيد تقديم هذا التراث  وتعريف الأجيال الجديدة بمحتواه الغني والمتنوع والذي امتد على مدار 450 سنة تقريبا .

 

أربع لغات تخدم تراث البوسنة :

وفي إجابته عن  تساؤل حول كتابة هذا الأدب بثلاث لغات غير البوسنوية وهي العربية والتركية والفارسية ، قال الدكتور محمد الأرناؤوط ، إن البوسنة بعد الفتح العثماني أصبحت جزءا من الدولة العثمانية ، وقد كان لهذه اللغات الثلاث وعلى رأسها اللغة العربية مكانتها الخاصة في بلاد المسلمين كلها ، مؤكدا أن اللغة العربية قد حظيت بالعناية من العثمانيين الذين نشروها في بلاد البلقان بعد فتحها ، وانتشرت المدارس التي تعلمها في تلك البلاد وكثرت الدراسات والمؤلفات التي كتبت بالعربية آنذاك باعتبارها لغة العلوم الشرعية والعلوم الدنيوية ، وقد كان كثير من العلماء والشعراء يتنافسون من باب إثبات الذات والاعتزاز بالقدرة على التأليف باللغة العربية  . أما التركية فقد كانت لغة الإدارة ، ومع ذلك فقد حافظ كل شعب على لغته الأم إلى جانب لغة الإدارة ، كما حافظت اللغة العربية على هويتها في بلاد العرب وحافظ البشانقة على لغتهم الأصلية وكتبوا بها تراثهم وأدبهم وعبروا بها عن ذاتهم . أما اللغة الفارسية فقد تمتعت بمكانة جيدة  إلى جانب التركية كلغة أدبية وشاعرية كتب بها أدباء وشعراء مسلمون من ألبانيا والبوسنة  من باب التحدي وإثبات القدرة .

 

الشاعر محمد الخانجي رائد إحياء التراث :

وقد كان الشاعر محمد الخانجي المتوفى عام 1944م نموذجا تناوله الدكتور الأرناؤوط  في محاضرته لسببين أولهما أن محمد الخانجي كان شاعرا مبدعا ينظم شعره حسب الأوزان العروضية العربية وثانيهما أنه دارس ومؤرخ ممتاز لأدب المسلمين في البوسنة ، وأنه في تقدير الدكتور المحاضر يعتبر رائدا في مجال حفظ التراث وتدوينه إذ خلف ما يزيد على ثلاثمائة وخمسين دراسة وبحثا وترجمة ومختارة تراثية مطبوعة ومخطوطة ، وقد كان عام 1930 يتلقى تعليمه في الأزهر في القاهرة ، ولا غنى لأي باحث يريد أن يكتب عن أدب المسلمين وتراثهم في البلقان والبوسنة عن مؤلفات محمد الخانجي التراثية ولا سيما كتابه المسمى ( الجوهر الأسنى في تراجم شعراء وعلماء البوسنة ) الذي صدر في القاهرة عام 1930 .

 

كتاب ( الجوهر الأسنى ) لمحمد الخانجي :

ثم تحدث الدكتور الأرناؤوط عن هذا الكتاب المرجعي الذي كتب له مؤلفه مقدمة طويلة تحدث فيها عن البوسنة وموقعها وسكانها والفتح العثماني وانتشار الإسلام في البوسنة وثقافة المسلمين فيها ثم كتب عن أكثر من مائتين من العلماء والشعراء اختارهم ورتب أسماءهم ترتيبا هجائيا ؟ ويرى الدكتور الأرناؤوط أن جهود محمد الخانجي الإحيائية قد وضعت اللبنة الأولى في الجسر الذي يربط تراث البوسنة بالأجيال الجديدة التي بدأت تنفض عن رؤيتها غبار التغريب وظلام التجهيل الذي تعرضت له عبر العقود الطويلة الماضية . ويقرر الدكتور الأرناؤوط أن جهود الخانجي وما ينضم إليها من جهود ثلة من الباحثين والدارسين والعلماء مثل حازم شعبانوفيتش وسليمان غروزنيتش وغيرهما أن الهوة الفاصلة بين التراث والأجيال الجديدة قد ردمت عبر العقود الثلاثة الماضية وصار في البوسنة تواصل قوي مع التراث عبر عدد كبير جدا من المؤلفات والإصدارات الأدبية والتراثية المتلاحقة باللغة البوسنوية الحالية ، وبذلك يمكن القول أن اللحمة ما بين أبناء البوسنة وتراثهم الغني قد عادت حية قوية وبخاصة بعد الاستقلال الذي سقطت على أثره  آخر العقبات إذ زالت كل الحساسيات والعراقيل التي كانت تقف في طريق الباحث وتعرقل مسيرة إحياء هذا التراث العريق .

ملامح الأدب الإسلامي تتضح في مرحلة الاستقلال :

وبين الدكتور الأرناؤوط أن حركة إحياء التراث البوسنوي قد مهدت لمرحلة ما بعد الاستقلال والتي بدأت تتضح فيها ملامح أدب إسلامي واعد يترسم معالم الطريق ويتحرك في إطار الرؤية والتصور والقيم الإسلامية العظيمة . واستشهد لذلك برواية ( الشهيد ) للروائي البوسنوي زلهات كوتشيني ؛ وهي من النماذج الأدبية الإسلامية التي ظهرت في التسعينيات لأدباء مسلمين يبدعون بوعي واضح أعمالا تنطبق عليها تسمية الأدب الإسلامي حسب المقياس والمعيار الذي يتفق عليه الدارسـون والنقاد الإسلاميون اليوم . ذلك أن هؤلاء الأدباء قد تحرروا من قيود البحث عن الهوية وتحقيق الانتماء الإسلامي في ظل الاستقلال مما فتح أمامهم آفاق التعبير الحر عن الهوية والانتماء والآمال والمشاعر التي تعتمل في نفوسهم .

 

مذكرات علي عزت بيغوفيتش :

وأما عن المرحوم علي عزت بيجوفيتش فقال الدكتور محمد الأرناؤوط إنه كتب في عدة مجالات ومنها في السيرة الذاتية ، وكتابته بالإضافة إلى طابعها الأدبي فإنها ذات قيمة تاريخية توثيقية إذ يتحدث في مذكراته عن تجربته الشخصية في التعرف على الإسلام وعلى الثقافة الإسلامية وعن مسألة الهوية وغيرها مما يعني أنه قدم إسهاما قيما في التعبير عن تجربة مثقف مسلم كان يبحث طويلا عن هويته إلى أن وجدها وعبر عنها .

 

ختام الأمسية :

وقد اتسع مجال الأمسية لكثير من المداخلات والتعليقات والأسئلة المطروحة من الحاضرين على الدكتور الضيف الذي تولى الإجابة عنها والتفصيل حول بعضها مما أثرى المحاضرة التي تعتبر فاتحة خير في طريق التعرف على آداب الشعوب المسلمة في منطقة البلقان ومقدمة عني المحاضر فيها بتسليط الضوء على عدد من المصطلحات والمفاهيم والمداخل الضرورية بين يدي تواصل معرفي مستقبلي يعد ـ إن شاء الله ـ  بالخير الكثير في قابل الأيام .

وفي نهاية الأمسية قام الدكتور مأمون فريز جرار بتقديم درع خاص يحمل مجسم القدس هدية تكريمية للدكتور الضيف تعبيرا عن شكر الرابطة له على جهده ومشاركته .