ابتهالات

إيمان قاسم

ها أنا من جديد ألجأ إليك وحدك كـما دوما أفعل ...

تعبت يارب .. وأرهقتني الحياة التي أعيش فيها ،  وأحمدك على نصيبي فيها تارة سعاده وأخرى شقاء .. وأظنها سنة الحياة .. لكني الآن بدأت أكبر أكثر وصرت أشعر ببوادر الكبر التي ارتسمت على ملامحي وسلوكي .. نضجت أكثر فبعد مرور كل تلك السنوات ، وبعد أن قطعت مراحل عدة .. وبعد كل صفعة أتلقاها كنت أبكي وأضعف وأنهار .. لكني أقف من جديد في صباح اليوم التالي ، لعلمي أنك قريب مني ومن كل مَن يلجأ إليك ... وأقول سأفعل ما عجزت عن فعله بالأمس .. لكن الحياة تضيق أكثر ، تعتصرني .. وأنا أشعر يارب أن الابتلاء يزيد  ، فأُريه صبري ، وقوة احتمالي  ، لست قويه كما يبدو لي ولا جَلِدَة ، ضعيفة أنا كإنسانة من بنات حواء ، ولكني لم أستسلم ، فأنت معي سبحانك  ... تلك الجدارن التي تحيط بي والتي أوهم نفسي أنها تحميني .. أشعر بها تطبق على أنفاسي , وهذا السقف الذي فوق رأسي كم مرة شعرت بأنه يسقط فوقي فقد ملّ نظراتي إليه .. ملّ تلك الصور والخطوط التي أرسمها لمستقبل آمل قربه ..كما أريد ؟! ماعاد يخيفني صوتُ المجهول المحلق طيلة الوقت فوق سمائي ، ولا حتى أصوات الانفجارات التي كانت تفزع سكوني .. أنا أعيش سلاما مع نفسي وتسليما مختلفا .. أقضي الكثير من وقتي معك وهذا جيد فوحدك مَن يشعرني أني بخير ، وأن الغد سيكون أفضل .. تلك الطمأنينة التي تبعثها بصدري تجعلني أرى كل ماحولي مختلفا عما يراه سواي .. و أدري أن ذلك جيدٌ  ،  فرؤية من حولي تبعث بنفسي طاقة سلبيه .. وتخميناتهم بالغد تزيد من سوء الأمور . أحاول أن لا أحتكم كثيرا إلى آرائهم ــــ وأنت بهم عليم خبير . ماعدت أطيق حديثهم المزور .. وصمتهم الجائر .. لا لست أظلمهم هم أسوأ من ذلك بكثير ! ــ هكذا خبرتهم ــ لكني سأكتفي بهذا القدر من الوصف ! مؤخرا وكأنني ماعدت أسمع أو أرى وربما لا أشعر .. وهذا يجعلني ا مرتاحة طوال الوقت .. وان عكّروا مزاجي حين ألتقيهم - رغما عني- فقطعة شوكولا بعد رحيلهم كفيلة بإصلاح ما أفسدوه .. أنا أدعوك دائما وأستودعك نفسي وعائلتي فأرجوك يارب : احفظهم لي فهم فقط مايهمني بهذه الحياة التي ماعادت تروقني .. لاشيء يهمني بها ويؤسفني أني لم أستطع إنجاز أي عمل ذي فائده ليخلّد بعد موتي . ولست أدري إن كانت عائلتي فخورة بي ! لكنّي أرجو ذلك. يبدو أني سأرحل دون أن أترك بصمه ، لكن هناك مَن يرحل وبعد رحيله يكتشف أنه كان وكان .. أيعقل أن أكون من هذه الفئه ! لا أعرف!

يارب كثيرا ما تراودني تخيلات لحياتي بالآخره ، أجدني بالجنَّة وأملك كل ما حرمت منه في دنياي ... أعيش مع كل من أحب وأسعد برؤية من أحببتهم سعداء من حولي .. يارب هذا ظني بك .. أنا لم أكن مثالية في الدنيا ولكني لم أكن بذاك السوء . تبتُ إليك . وناجاك قلبي في الليالي المظلمات قبل أن أموت ، وأنا على علم بمعنى الخلود في رحاب رضوانك . وحلفت أن لاأكون إلاّ كما تريدني أن أكون . يارب لست أطمح لتحقيق الكثير بهذه الحياة ، فالمعطيات لدي شحيحة ، وأعيش مكبلة اليدين .. لكني أدعوك دائما فأنت تعلم أنك ملجئي وملاذي .. أحيانا أبحث عن أمي لأختبئ بين يديها الحانيتين  حيث لا أحد يراني ولا أرى أحدا ! أحتاج للصمت والهدوء والوحدة .. وأحتاج للثرثرة والضجيج .. أحيانا أجدني شخصا لايحتمل .. بهذا الكم من المتناقضات .. مزيج غريب من كل شيء وضده .

لديّ رغبة ملحة بأن أخرج من هذا العالم المخيف ، وأعيش بعيدا عنه لبعض الوقت ، أريد اختبار ما إن كنت سأشتاق للعودة إليه ! تباً لقد اعتدته وبعض العادات ليس من السهل التخلص منها  .

من عادتي أن أكتب قبل أن أنام ، وحين أصحو من نومي وبعد اللقاءات الاجتماعيه .. أنا أكتب كثيرا وأظنها عادة سيئه .. فقد تركني سابقا الكثير من الأصدقاء فقط لأنهم يجدونني ثرثاره ! وأنا سعيده أكثر بعد رحيلهم .. فقد كانوا يقيدوني .. ويكثرون من وضع المسموح والممنوع في مسارات حياتي .. وكأن متسعا في حياتي لقيودهم !! أنا الآن معك يارب وحالي أفضل من حالي وأنا معهم ، أعرف أنك من سيحاسبني وبيدك الأمر كله ، وأعلم أنك أرحم الراحمين ، فأسألك يارب أن تصفح عني وتجاوز عن أخطائي  .ومَن يغفر الذنوب إلا الله .